أرشيف شهر: يوليو 2021

المعتقلين بين الثبات وسيكولوجيا الانحراف

المعتقلين بين الثبات وسيكولوجيا الانحراف

في ظل محنة الاعتقال والتعذيب وفي خضم التعرض لشتى ألوان ووسائل التعذيب الجسدي والنفسي والذي سبق ووضحاً معالمه يأتي دور المساومة للتنازل عن الثوابت والانحراف عن العقائد والمبادئ عبر دراسة نفسية متعمقة من قبل الجلادين يتحينون فيها زمان ومكان المساومة ويتدرجون فيها بزحف كزحف الأفاعي ومكراً كمكر الذئاب.

كانت المساومات تاتى بعد سنوات التعذيب والقهر التي لا يحتملها بشر لتكون التوبة او الإرشاد أو المبادرات التي فيها تذبح الثوابت والعقائد والمبادئ على مذبح تخفيف المعاناة أو انتهائها.

فإذا أردت أن تنهي معاناتك فما عليك سوى ان تضغط زر الإنهاء ولكن عليك حينها أن تدفع الثمن من دينك وثوابتك ومبادئك.

لن أقوم بالتكلم في هذا الموضوع بالتفصيل ولن أسقط على واقع التوبة والإرشاد والمبادرات لان ذلك يحتاج الى كتاب منفصل قائم بذاته لعلى اسطره قريبا ان شاء الله ، ولكن سنطرح القضية في إطار عام ومن أفضل من سمعت له فى موضوع مشابه  الدكتور/ إياد قنيبي حين كان يتحدث عن الحركات الإسلامية بين الثبات وسيكولوجيا الانحراف.

فوجدت طرحه أنسب لما يكون من واقع داخل أسوار المعتقل إذ تتشابه المنهجية التي يتعامل بها من يحاربون الإسلام داخل وخارج المعتقل

الالتزام والتوافق”

قصتنا تبدأ مع الأسرى الأمريكيين العائدين من معسكرات الاعتقال في الصين الشيوعية بعد الحرب الكورية التي اشتركت فيها الدولتان في الخمسينات من القرن الماضي، حيث تفاجأت القيادة الحربية الأمريكية بنجاح مقلق للمستجوبين الصينيين في تطويع الجنود الأمريكيين واستخراج المعلومات منهم بدون استخدام الأساليب الوحشية و التعذيب! فقد كان الأسرى متعاونين إلى أقصى الحدود في الإبلاغ عن محاولات الهروب لزملائهم، وكانوا يقدمون هذه المعلومات دون إكراه وبمجرد أن تُعرض عليهم مكافأة لا قيمة لها ككيس من الأرز

على إثر ذلك شكلت القيادة الحربية الأمريكية فريق التقييم النفسي و العصبي بقيادة الدكتور هنري سيغال الذي قام باستجواب أسرى الحرب العائدين بشكل مكثف للوقوف على طرق الصينيين في استمالتهم للتعاون معهم وتغيير قناعاتهم. فتبين أن الصينيين يعتمدون طريقةَ “انتزع تنازلا صغيرا ثم ابنِ عليه”، بحيث ينتزعون من الأسير الأمريكي أي تنازل يسير، ثم يوثقون هذا التنازل، ثم يستدرجون الأسير إلى الاعتراف بتبعات ولوازم هذا التنازل، فيلتزم الأسير هذه التبعات ويقرُّ بها، إلى أن يجد نفسه يغير نفسيته ليصبح منسجما مع موقفه الجديد، ومن ثم تتفاقم تنازلاته إلى أن يصبح في النهاية عميلا من حيث لا يشعر. هذه هي خلاصة أسلوب الالتزام والتوافق

(Commitment and Consistency).

بداية كان الصينييون يطلبون من الأسرى الأمريكيين أن يعطوا تصريحات تبدو في غاية البساطة وبدون أية تبعات تذكر، مثل: “الولايات المتحدة الأمريكية ليست كاملة” أو: “لا توجد مشكلة البطالة في الدولة الشيوعية”.ولكن ما أن تتم تلبية هذه الطلبات “البسيطة” حتى يطالب الأسرى باتخاذ موقف آخر يبدو نتيجة تلقائية للتصريح الأول، لكنه يمثل تنازلا أكبر وتلبية أقرب لمطالب العدو.

فمثلا الأسير الذي يوافق مع المستجوب الصيني على أن الولايات المتحدة ليست كاملة يطلب منه كتابة قائمة بالمشاكل في أمريكا التي تجعلها غير كاملة، ثم يوقع باسمه على القائمة. ثم بعد فترة يُطلب منه قراءة هذه القائمة في مجموعة نقاش مع الأسرى الآخرين. وقد يطلب منه بعدها أن يكتب مقالا يتوسع فيه بشرح تفصيلي للنقاط التي كتبها في قائمته و جوانب تلك المشاكل. ويقال له في ذلك كله: (أليس هذا ما تعتقده أنت بنفسك دون إجبار أحد؟ لا نطالبك بأكثر من أن تصرح بمعتقدك. إن كنت واثقا من معتقدك فأنت على استعداد أن تلتزم به. أليس كذلك؟)

وهذا ما نقصده بالالتزام (Commitment): صَرَّح الأسير تصريحا بسيطا لكنه التزم بتبعاته.

وكان الصينيون يُجرون مسابقات بين الأسرى الأمريكيين لأحسن مقال عن مقارنة نظام أمريكا بالشيوعية، وأحيانا يفوز مقال يمدح في عمومه الولايات المتحدة لكن يلين لوجهة النظر الصينية الشيوعية في موضع أو موضعين. المهم انتزاع أي تنازل بسيط

ثم إذا بالصينيين يبثون مقال الأسير الأمريكي مع اسمه على الراديو الموجه للقوات الأمريكية المقاتلة وكذلك في كل معسكرات الاعتقال، بحيث يسمعه الأسير نفسه. وفجأة يجد الأسير الأمريكي نفسه قد قام بتصرفات تخدم العدو، أي أنه أصبح بطريقة أو بأخرى “متعاونا مع العدو“.

والمهم جدا في الأمر أن الأسير يدرك في نفسه أنه قد كتب مقاله واتخذ مواقفه طواعية بدون تهديدات شديدة أو إكراه. فلو تم الأمر بالإكراه لوجد الأسير لنفسه عذرا لمواقفه هذه وكذلك الناس حوله، بل سيؤدي الإكراه إلى نفوره من المواقف التي اتخذها ورفضها وتبرؤه الداخلي منها. لكنه، في الواقع، فعل ما فعل دون إكراه.

فينتهي الأمر بالأسير إلى تغيير نظرته إلى نفسه حتى يصبح متوافقا و منسجما (consistent) مع الفعل الذي قام به ومع التعريف الجديد لنفسه كــ (متعاون مع العدو). بدأ الأمر بتصريحات تبدو تافهة و عديمة القيمة، لكن الأسير التزم بهذه التصريحات ثم استُدرج لخطوات أخرى غيرت من نفسيته، وهذا التغيير بدوره سمح له بتقديم تنازلات أكبر، وهكذا دواليك على مبدأ الحلقة الخبيثة (vicious cycle) إلى أن يكتب مقالا موسعا ينتقد فيه نظام الدولة التي كان يحارب من أجلها بل ويتعاون مع عدوها.

هذه خلاصة أسلوب الالتزام والتوافق

ضرورة أن يوثق الأسير الأمريكي موقفه أو تصريحه، حيث أن هذا التوثيق أقوى في تغيير انطباعه عن نفسه وانطباع زملائه عنه.

فالشخص يستحضر لاشعوريا مواقفه السابقة، وخاصة الموثقة منها، وكأنها المصدر الرئيسي لمعلوماته عن نفسه و تحديد شخصيته. وعليه فقد كان الصينيون حريصين على انتزاع موقف موثق منسجم مع رغباتهم، إلى درجة أن الأسير إذا رفض أن يكتب العبارات المذكورة أعلاه مثل”أمريكا ليست كاملة” أو “لا بطالة في الشيوعية” فإنه كان يُطلب منه نسخ سؤال وجواب مكتوبين له مسبقا فيهما هذه المعاني. فهذه الكتابة بخطه –كدليل ملموس- تستدرج الأسير إلى التغيير النفسي ولو بدأ قليلا، كما أن الصينيين كانوا يطلعون الأسرى الآخرين عليها لتتغير نظرتهم إلى زميلهم. والغريب في الأمر أن الآخرين، حتى وإن علموا بأن الكاتب لم يختر كتابة تلك السطور بدافعية ذاتية، إلا أنهم سيشعرون بأن تلك الكتابات تمثل حقيقة اعتقاد الأسير وإحساسه طالما أن صياغتها لا تُشعر بأنه كتبها مكرها. وهذه خلاصة دراسة لعالمي النفس إدوارد جونز وجيمس هاريس

الالتزام العلني:

فالذي يتخذ موقفا معلنا يكون أكثر التزاما به ودفاعا عنه ممن لا يعلن موقفه على الملأ.

لذا فقد كان الصينيون في المسابقات المذكورة يأتون بالمقال الذي يلين ولو قليلا للشيوعية وسط مديح كثير لنظام أمريكا، فيعلقونه في معسكر الاعتقال ويبثونه بالراديو، ليجد صاحب المقال نفسه مدفوعا إلى المحافظة على الموقف الذي اتخذه، مبررا للتصريح الذي صرح به، ليبدو كإنسان لديه مبدأ ثابت، كإنسان منسجم مع ذاته ومتوافق مع أفعاله. وهنا حبكة الموضوع

فالشخص الذي يتصرف بأشكال متناقضة يبدو في عيون الناس متقلبا غير واثق، مشتت الفكر, غير جدير بالثقة. و هذه الخصائص كلها مكروهة من المجتمع و من الشخص نفسه. بينما يبدو الشخص المتوافق الثابت في تصرفاته بأنه واثق سديد الرأي. ولذلك فإنك تجد الناس يسعون دائما لأن يكونوا متوافقين في تصرفاتهم و يتجنبوا كل ما يمكن اعتباره تضاربا في مواقفهم

3) الجهد الإضافي المبذول: فهو يؤدي إلى التزام أعلى.

في عام 1959 قام الباحثان إليوت أرونسون و جدسون ميلز بدراسة بينت أن الشخص الذي يخوض ألماً و عناءا شديدين في سبيل الحصول على شيء ما فإنه يعطي هذا الشيء أهمية أكبر بكثير ممن حصل على الشيء نفسه بجهد قليل. وفي حالة الأسرى الأمريكيين فإن كتابة مقال موسع سعيا للفوز في المسابقة لم تكن أمرا سهلا

العامل الرابع لنجاح استدراج الأسير بأسلوب التوافق والالتزام هو:

الاختيار الذاتي:

و هو العامل الأكثر أهمية!

ففي تجربة الأسرى الأمريكيين فإنه يتبادر إلى الذهن أنه حتى يتم تحفيز الأسير للفوز في مسابقة بكتابة مقال يلين للشيوعية فإن الجوائز مقابل ذلك يجب أن تكون ذات قيمة عالية. ولكننا نجد أن الجوائز كانت ذات قيمة قليلة، فمن بعض السجائر إلى القليل من الفواكه الطازجة، وليس جائزة كبيرة مثل ملابس دافئة في البرد القارص أو تسهيل الاتصال بالعالم الخارجي.

كان هدف حجب الجوائز الكبيرة هو أن يحس الأسير بأن كتاباته هي ملكه ونابعة من ذاته، بدون أن ينظر لنفسه على أنه كتب ما كتب من أجل جائزة كبيرة. والهدف من ذلك كله هو أن يتحمل الأسير أمام نفسه مسؤوليةً عما كتب.

فالهدف من هذه المحفزات هو تحفيز الأسرى للمشاركة في المسابقة، والحدُّ من قيمتها هو لئلا يشعروا بأنهم غيروا مبادئهم من أجلها. إذ أن المطلوب هو أن يقبل الأسرى المسؤولية الذاتية الداخلية عن عملهم وكتاباتهم ويشعروا بأنهم ملزمون به ومضطرون للدفاع عنه.

كانت هذه خلاصة تجربة الأسرى الأمريكيين الذين قدموا تنازلات تبدو عديمة التبعات في البداية لكنهم وصلوا في المحصلة إلى تغيير مبادئهم والتعاون مع العدو

اسقاط

فحتى لو قبل الاسرى الإسلاميون هذه الصفقة، فإنهم لن يقبلوا المسؤولية الداخلية عنها، ولن يروا التنازلات التي قدموها جزءا من كيانهم، ولن توافق نفسياتهم لتتناسب مع هذه التنازلات. إذ أنها سترى هذه التنازلات حينئذ شيئا منفصلا عن سلوكها ومنظومتها النفسية قامت به كحالة استثنائية من أجل تحصيل هدف مؤقت، ثم سترفضه وتتبرأ منه بمجرد تحصيل هذا الهدف.

وليس هذا هو الذي يريد الأعداء تحقيقه. بل هم يريدون لمنتسب الحركات الإسلامية ألا يحس بالاستدراج، بحيث إذا نظر إلى نفسه في المرآة مساءاً لا يحس أنه يرى صورة رجل غير مبادئه. فإذا قالت له نفسه: (أجبتَ أعداءك إلى ما طلبوه منك؟) رد عليها: (بل أنا صاحب القرار وأنا اخترت أن أفعل ما فعلت، بقناعة منبثقة من نفسي و ذاتي). وإن قالت له نفسه: (إنك تتنازل) رد عليها: (أتنازل من أجل ماذا؟ الذي يتنازل يُغرى عادة بشيء يحرص عليه. إنما أنا أتلمس فلتات العدو وسهواته ونقاطَ الضعف في نظامه وقانونه لأحقق منفعة لديني. والتصريح الذي صرحتُه والموقف الذي اتخذتُه لا يشكل خرقا كبيرا لمبادئي وعقيدتي).

إذن فهو يوهم نفسه بأنه يغافل العدو وينسلُّ من خلال ثغرات نظامه، لا أنه يساوَم على مبادئه.كان هذا فيما يتعلق بعامل الاختيار الذاتي، وهو –كما في كتاب التأثير وسيكولوجيا الإقناع- أهم عامل لإنجاح أسلوب الالتزام والتوافق

التعذيب بالضرب المبرح والزحف على الأرض

التعذيب بالضرب المبرح والزحف على الارض

تعددت وسائل الضرب سواءا فى استجوابات امن الدولة او فى المعتقلات بدءا من الضرب الشديد المتواصل بالايدى حيث كان الزبانية يتبادلون الادوار فى القيام بهذه المهمة ومرورا بالشوم والعصيان الغليظة وانتهاءا بالكرابيج وكابلات الكهرباء الغليظة كان الضرب يستمر فى الكثير من الاحيان ساعات طويلة حتى يحدث للاخ حالة من الاغماء من هول اللطمات ولسع الكرابيج والاسلاك والتى كانت تلتصق بها قطرات الدماء واجزاء الجلد المنسلخة من جسد المعتقل يحكى لى احد اخوانى ممن قابلتهم فى المعتقل وكان رجلا فى الاربعينات من عمره من اهل الصعيد الطيبين انه  فى اول مرة دخل فيها لغرفة التعذيب وكانت الغماية على عينه الا انه استطاع رؤية العديد من زجاجات البيبسى كولا الزجاجية الفارغة ملقاة على الارض والدماء تلطخ الزجاجات فاخبرنى انه تعجب بشدة من هذا المنظر حتى فهم ما يحدث حينما راى الاجساد العارية المعذبة المنهكة المغطاة بالدماء ملقاءة على الارض وحتى تعرض هو بنفسه لنفس ما تعرضوا له من التعذيب , اذكر حينما كنا جالسين على الارض فى اروقة لاظوغلى اثناء استجوابنا جاءت مجموعة من الشباب محوّلين من مكتب امن الدولة بمصر الجديدة اذ كانوا من سكان حدائق الزيتون  وجلسوا بجوارنا ملقون على الارض ولم نكن نرى شيئا لان الغماية كانت على اعيننا وكذلك هم ايضا ولكنى سمعت الشاب الذى كان بجوارى يئن من اثار الالم والتعذيب والذى عرفت بعد ذلك انه مورس عليه ايام طويلة كل انواع التعذيب الممكنة وفجاءة وجدت راس اخى هذا الذى يئن يقع على كتفى وهو فى حالة اعياء شديدة ويقول بوهن شديد( ميّه ميّه –اااااااه-اااااه- ميه ميه)  وكان الجلادون يجلسون فى نهاية الطرقة يشاهدون فيلما لسعاد حسنى كما كان يصل الصوت لمسامعى وكانوا فى حالة اندماج كما كان يظهر من تعليقاتهم سويا على الفيلم فاستغللت هذا الامر وهمست بصوت خفيض لاخى من حولى (مالك يا اخى انت حاسس بايه فاجابنى عطشان ميّه ميّه انا تعبان ميّه) فلم اتمالك نفسى فتجاسرت على رفع صوتى وقمت بمناداة الجلادين اطلب منهم المياه لاخى فلم يجيبونى فكررت الطلب فصاحوا بى وقالوا لى (خليك فى حالك مالكش دعوة بيه) فانتظرت قليلا ولا زالت انّات اخى مستمرة  حيث كان من الواضح انه تعرض لتعذيب شديد كررت طلبى مره اخرى حتى استجابوا واحضروا له زجاجة مياه وبعد عدة ساعات قاموا بنقل هؤلاء الشباب الى الحجز السفلى وبعد عدة ايام اخرى قاموا بانزالنا ايضا فقابلت الاخ وكان قد تعافى قليلا اثر رعاية اخواننا من المحتجزين والمعتقلين له وتعرفت عليه وكان اسمه احمد ولكن الطريف فى الامر انه كان اسمه احمد محمد محمد الاودن حفيد الشيخ محمد الاودن فمن هو  العالم الربانى محمد الاودن؟

ولد في عام 1894م وكان أستاذ الحديث بجامعة الأزهر وواحدا من خمسين عالما كان يضع دستور مصر في 13 يناير 1953م.

وفي أحداث عام 1965م كان قد تجاوز الثمانين عاما وقد اعتقل كل أبناءه وحينما طلب من النظام أن يخرج احد أبناءه ليخدمه أمر شمس بدران جلاد عبد الناصر باعتقاله أيضا ساخرا بقوله حتى يخدمه أبناءه فى السجن،

فإن الحقد والضغينة التي ملأت قلب شمس بدران علي الشيخ محمد الأودن جعلته يصمم علي قتله وافتعال الأقوال التي يستند عليها لتنفيذ جريمته ضد هذا الشيخ الكبير السن الذي كان يبلغ الثمانين من عمره في ذلك الوقت.

وادخلوه السجن ووضعوا معه كلابا جائعة كى تنهش لحمه، فماذا حدث قال شمس بدران لأحد جنوده اذهب ونظف الحجرة من دم الشيخ فعاد الجندي والعجب يملا وجهه فسأله بدران:

ما حدث له؟ قال والله لقد رأيت عجبا

رأيت الشيخ ساجدا والكلب واقف بجانبه يحرسه.

وصفه الدكتور القرضاوي بقوله: الشيخ محمد الأودن، الرجل الربَّاني، الذي كان يتدفق إيمانًا وروحانية، ولم يدرسني في الكلية، ولكني زرته في بيته في الزيتون، والتقيت به، واستمعت إليه، وهو يعطي جليسه شحنة روحية قوية؛ لأن كلامه يخرج من قلبه فيلامس القلوب.

فسبحان الله العظيم تدور السنين والعقود حتى يكتمل نصف قرن من الزمان ويتعرض الحفيد لما تعرض له الجد الاكبر ولنفس الاسباب وبايدى احفاد الجلادين وكان الحفيد احمد الاودن رغم مكثى معه ثلاثة اسابيع فقط الا انه كان طيبا جدا رقيق القلب حافظا للقران محبا لكتاب الله وكان ذا خلق رفيع تستشعر منه اخلاق الرجولة الحقيقة حيث تعرض للكثير من انواع التعذيب حتى يدلى باقوال كاذبة تدين زملائه وتورطهم وهو ثابت على ذكر الله يحتمل هذا التعذيب فى سبيل الله

مقتطفات من شهادة المعتقل السابق حسن على فى كتابه محنة الاسلاميين

وقد أصبحت هناك سمة عامة في السجون هو أن تقوم إدارة السجن بإعداد حفلة لاستقبال القادمين إلى السجن ولكنها ليست حفلة ترفيهية أو موسيقية طبعا بل هي حفلة يكون الموت أقرب إلينا من الحياة، فبمجرد أن ننزل من سيارة الترحيلات يبدأ الضرب وكان العساكر يقفون في تشكيلات ومجموعات مختلفة فبعضهم في شكل دوائر والبعض يقف صفين وآخرين يتحركون ذهابا وإيابا مع القادمين إلى السجن وفي يد كل واحد منهم أشياء مختلفة فبعضهم يمسك في يده خرزان وآخر عصى والبعض قطعة من الجلد أشبه بالكرباج وآخر الحزام الميري، فكل من يدخل بوابة السجن يقوم بخلع ملابسه حتى يكون الضرب على الجلد مباشرة ويأخذوا كل متعلقاته الشخصية ثم يذهب من ينتهي من ذلك إلى الحلاقة والتي تتم بصورة عشوائية فيحلق جزء ويترك الآخر كل ذلك والضرب والشتائم تنزل عليهم من كل جانب ثم تبدأ رحلة الدوران على كل مجموعة من العساكر تنتظر من يدخل في الوسط لكي يقوموا بضربه وكل مجموعة تسلم للأخرى فهذه بالعصي وهذه باليد وأخرى بالفلكة وهكذا.

وكانوا يطلبون أشياء تعجيزية بهدف السخرية وزيادة الضرب فكانوا على سبيل المثال يرسمون سلم على سور السجن من الداخل أو تليفزيون ويطلبون منهم أن يصعدوا السلم أو يفتحوا التليفزيون وأحيانا أخرى أن يبحثوا عن نملة عرجاء أونملة ذكر وغير ذلك وهم يستمرون في الضرب وسط هذه المهزلة وكل مجموعة تحاول أن تنفذ ما يطلب منها، فكان هناك من يسقط على الأرض مغشيا عليه فلا يتركونه بل يركلونه بأرجلهم إلى أن يعود إليه وعيه ثم يشتدوا عليه مرة أخرى، وكانوا يطلبون أيضا أن يهتفوا بحياة ضباط السجن وأن يسبوا بعض الدعاة المشهورين… أو أن يغنوا، كل ذلك وسط الصراخ من شدة الألم، وكان الضباط يشاركون في هذه الحفلة فيقوم بعضهم بالضرب بالفلكة وآخر بالعصا التي يمسك بها في يده وعندما سقط أحد الإخوة قام محمد فريد أحد الضباط بالوقوف فوق ظهره ووضع ضابط المباحث عماد حذائه فوق رأسه وأخذ خالد الديب ضابط السجن في ضربه وهو على هذه الحالة لا يستطيع أن يستغيث أو يتحرك وكان بعضهم يجلس ليشاهد الموقف من بعيد وكأنهم يشاهدون فيلما سينمائيا)

(ولقد علمنا بعد ذلك أن كثير من حالات التعذيب هنا قد تم تصويرها للإدارة العليا في الوزارة ليرفعوا بها تقرير بعد ذلك للوزير فكان البعض يشاهد كاميرات تصور من بعد، وقد تكرر هذا الأمر في سجون مختلفة.)

(لم يكن التعذيب والضرب يقتصر فقط على ذلك أثناء الدخول بل عند حدوث أي شيء تستغله الإدارة لمعاقبة الجميع فعندما وجدوا راديو في أحد العنابر فقاموا بإخراج كل من فى السجن عرايا مجردين من ملابسهم وقاموا بضربهم وتفليكهم (ضربهم على الفلكة) ثم أخذوا من كل عنبر بعض الأفراد لا ذنب لهم ولا يعلمون شيئا عن ذلك الراديو وضربوهم أيضا، وكانت عندما تأتي قوات مصلحة السجون للتفتيش كانت تقوم بضرب السجن كله.)

ويستمر حسن على فى شهادته على حفلات التعذيب فى استقبال سجن الوادى الجديد

توقفت السيارات أمام بوابة السجن بعدما يقرب من أربعة عشر ساعة من الإرهاق والتعب والزحام الشديد ثم فتحت البوابة وتحركت أول سيارة في اتجاه السجن وعندما تخطت حاجز البوابة أغلقت وكأنما ابتلعها السجن، كان الجميع في الخارج يترقب ويتطلع لعل أحد يستطيع أن يعرف مصير من في السيارة الأولى فهل ستتوقف مسيرة الحياة عند هذه البوابة أم ستعبر معهم نهر الحياة إلى داخل هذا المكان المجهول؟ كانت هذه أسئلة تدور في الأذهان في هذه اللحظات الحاسمة والتي كان السكون يلف المكان والصمت يضرب بأطنابه حولهم مما يزيد الأمر حيرة.

كان المشهد من الداخل يختلف تماما فكانت الصورة مرعبة فهناك أعداد كبيرة من القوات منتشرة في المكان في تشكيلات وأوضاع مختلفة وكان يوجد عدد كبير من الضباط والمخبرين يتوسطون تلك القوات، والذي كان بعضهم يقف أمام البوابة من الداخل في ساحة السجن وآخرين في داخل مبنى الإدارة وآخرين منتشرين في الطرق المؤدية إلى العنابر وقد وقفوا وكأنهم وحوش ضارية، ينتظرون الفريسة التي ستلقى إليهم ليفترسوها، فما أن تدخل السيارة وتغلق البوابة خلفها حتى يهرع إليها عدد من العساكر يلتفون حول السيارة ويضربون جوانبها بالعصي ليبثوا الرعب في قلوب من بداخلها مع الشتائم والسباب والتهديد والوعيد بما سيجدونه فما أن يفتح باب السيارة الخلفي حتى تصعد هذه الوحوش لتلتهم ضحيتها فلا ينتظرون أن تنزل إليهم بل كانوا يدفعونهم من أعلى السلالم ليسقط الجميع على بعض ثم يجلسون على الأرض بجانب السيارة لفك الكلابشات وأخذ جميع المتعلقات منهم كالمصحف والشباشب والساعات حتى إنهم لم يستجيبوا لتوسلات أحدهم عندما طلب منهم أن يتركوا له نظارته لأنه لا يستطيع أن يرى بدونها، كما كانوا يجردونهم من ملابسهم وكان يتم ذلك وسط صفعات بالأيدي وركلات بالأرجل والذي لا يعتبر شيء لما سيلاقونه بعد ذلك، وكان البعض من شدة الارتباك لا يدري ماذا يفعل هل يخلع ملابسه أم يحمي نفسه من ضربات العصي والتي تهوي على الرؤوس بدون رحمة وإذا تأخر أحد في خلع ملابسه كانوا يمزقونها وبعد أن أصبحوا مجردين من الملابس كان عليهم أن يمشوا على أربع اليدين والركبتين في صفوف خلف بعض في اتجاه مبنى الإدارة لأخذ بياناتهم، كان عليهم أن يسيروا بهذا الوضع المهين والضرب يلفح ظهورهم بالسياط وكان بعض العساكر يجلس فوق ظهر أحدهم ويضربه بقدمه في جبينه لكي يسير به وعندما يسقط على الأرض خاصة وهو لا يستطيع أن يصعد درجات السلم في مدخل الإدارة بهذا الحمل كان يضربه على رأسه، وفي داخل المبنى كان هناك أمرا آخر كانت الحركة سريعة فما أن ينتهي أحدهم من الحلاقة يذهب به إلى أحد المكاتب لأخذ بياناته ثم إلى مكتب آخر حتى ينتهي من تلك الإجراءات ثم بعد ذلك ومن أجل الخروج من المبنى كان لابد من الزحف على أرضية المبنى الرخام بل وتقبيل الأرض بصوت مرتفع كما كانوا يتعمدون إهانتهم فيأمرونهم أن يقلدوا أصوات القطط والماعز ولا مانع من أصوات الكلاب أيضا حتى يخرجوا من المبنى بهذا الوضع فيتم تجميع هذه الأعداد خارج المبنى لتبدأ رحلة الذهاب إلى العنابر، كانت المسافة طويلة ومجهدة وخاصة أنهم لا يقطعونها سيرا على الأقدام بل زحفا على الإسفلت بأجسادهم العارية وكانت السياط والكابلات تنهال عليهم أثناء الطريق لتنهش من ظهورهم وتتطاير قطع اللحم فتتناثر في الطريق وكان الإسفلت في نفس الوقت يمزق أجسامهم من أسفل فكانوا بين نار السياط من أعلى ولهيب الإسفلت من أسفل، كان عليهم أن يقطعوا مسافة بهذا الوضع ثم يسيرون مرة أخرى على أيديهم وركبهم حتى كاد العظم أن يظهر عند بعضهم بعدما تآكلت جلودهم وتمزقت أجزاء من لحومهم ثم يعودون إلى الحالة الأولى وكان يقف أحد العساكر في منتصف الطريق وهم بهذه الحالة على ظهر أحدهم ويأمره أن يزحف وعندما يعجز عن ذلك ينهال عليه سبا وضربا بكابلات الكهرباء كل ذلك كان يتم وسط صرخات الألم واستغاثات الرحمة والتي كانت تضيع بين ضجيجهم وصخبهم وأصوات السياط التي تنهال عليهم وكانوا يقولون لا جدوى من تألمكم أو صراخكم، كانت الدماء وقطع اللحم والجلد المتناثرة منتشرة على طول الطريق، وكان عليهم أن يقطعوا هذه المسافة والتي تقدر في هذه الظروف بالأميال إلى أن يتوقفوا عند مدخل العنبر.

كانت تدخل سيارة إثر أخرى تفرغ حمولتها من الضحايا ثم تخرج وكانت المجموعات تنزل بالتتابع فما أن تنتهي مجموعة من مرحلة حتى تدخل الأخرى مكانها فكان التعذيب ممتدا من بوابة السجن إلى باب العنبر وكأن الناظر لهذا المشهد المأسوي والممتد لهذه المسافة الطويلة وصور التعذيب المختلفة التي تقشعر منها الأبدان والدماء المتساقطة وقطع اللحم المتناثرة وكأنه يشاهد فيلم وثائقي عن معسكرات التعذيب النازي بل إن مشاهد الفيلم لا تنقطع عند مدخل العنبر بل هي ممتدة لما بعد ذلك، فعند باب كل عنبر يقف أحد الضباط وفي يده عصى يضرب بها كل من يزحف من بين قدميه، كان على الجميع أن يقبل مدخل العنبر أثناء الزحف قبل الدخول إلى العنبر كما كان

عليهم ألا يرفع أحد رأسه إلى أعلى منذ لحظة دخوله السجن حتى لا يرى أحد ولا ما يحدث حوله وعندما اخطأ أحدهم ورفع رأسه فلمحه الضابط فما كان من العسكري الذي يقف بجواره إلا أن ضربه على رأسه فاصطدمت بالأرض فتدفق الدم منه بغزارة يملأ الأرض ثم كان جزاؤه على ما فعله أن يقبل الحذاء الميري للضابط وكان هذا ما أمر به فركله العسكري بقدمه بقوة على فمه المصاب ليقبل حذائه والدماء تتساقط عليها ثم أكمل مسيرة الزحف بين قدمي الضابط إلى داخل العنبر وعندما وصل بمنتصف جسمه بين قدميه أغلقهما عليه وأخذ ينهال عليه بالعصي التي كانت في يده ثم تركه بعد ذلك ليواصل الزحف إلى داخل العنبر ليجد أمين الشرطة ومجموعة من العساكر يتلقون من يأتي إليهم بالضرب والزحف على الأرض مع وضع أيديهم خلف ظهورهم حتى باب الزنزانة ثم يتم دفعهم إلى الداخل وغلق الباب عليهم.

وقد لخص أحد الزبانية فلسفة السجن عندما كان يقف وسط هذه المجزرة ويقول مفتخرا “إن الله عندما خلق جهنم نسي جزء منها، هذا السجن هو ذلك الجزء الذي نسيه الله من جنهم”، قال ذلك حتى يقطع عليهم أي أمل في رحمة أو شفقه أو أن ترق لهم قلوب أحد منهم في هذا المكان.

لا يشك أحد منذ أن وطئت قدماه السجن ورأى ما رأى أن الحياة فيه ستكون سهلة بل قاسية ولكن لم يكن يتصور أن تكون بهذا الحجم من القسوة، فعندما كانت تأتي كل مجموعة يتم دفعهم داخل الزنزانة فبعضهم لم يجد شيء في الزنزانة والبعض الآخر وجد بدلة لكل واحد وبطانية،

وقد باتوا ليلتهم وقد بلغ بهم من الإعياء والجهد مبلغ فقد اجتمع عليهم عذاب السفر بلا نوم أو طعام مع الإجهاد والإرهاق نتيجة رحلة العذاب من باب السجن إلى باب الزنزانة والتي استغرقت من آذان الظهر إلى آذان المغرب ولم يمنعهم من مواصلة المسيرة إلا أن تركوهم بهذه الحالة بلا طعام أو شراب وذهبوا ليتناولوا طعام إفطارهم لأنه كان يوم من أيام شهر رمضان وكأن هؤلاء الأسرى هم من اليهود وليسوا مسلمين لم تكن جريرتهم إلا أن وقفوا ضد الظلم و الطغيان ثم عادوا مرة أخرى بعد صلاة العشاء ليكملوا معهم مسلسل التعذيب، وقد باتوا ليلتهم وهم منزوون في أحد الزوايا منكمشون على أنفسهم من شدة البرد يفترشون الأرض ويلتحفون بجلودهم ولا يجدون ما يسد به رمقهم من شدة الجوع فباتوا ولا يعرف أحد ما مصيره ولا كيف ستسير بهم حياتهم ولا ما تخبئ لهم الأيام في باطنها.)

ثم يتحدث عن التعذيب فى استقبال معتقل الفيوم قائلا

وفى الطريق الى سجن الفيوم

كنا ندعو الله أثناء الطريق وعندما توقفت السيارات أمام السجن أن يكلأنا برحمته وأن يخفف عنا ما نحن مقدمون عليه، عندما دخلت السيارة إلى السجن كان هناك عدد من العساكر تتسابق أيهم يلتهم فريسته أولا وأخذوا يضربون بالعصي التي في أيديهم السيارة من الخارج وعندما فتح الباب اندفعنا

في أول مجموعة من السيارة حتى لا نعذب مرتين مرة عند سماع أصوات التعذيب لمن سبقنا ونحن في انتظار ما سيحدث لنا ومرة عند وقوعه علينا ففضلنا أن يكون مرة واحدة فقط وليقضي الله أمرا كان مفعولا، عندما اندفعنا إلى أسفل أخذوا منا كل ما نملك من أمتعة وملابس والمصاحف وغيرها حتى الشباشب والأحذية لم يتركوها لنا ثم انهالوا علينا بالضرب إلى مبنى الإدارة لأخذ بيانات الدخول فكنا ننتقل من مكتب إلى آخر بسرعة من الضرب والشتائم وكانوا يأمرونا أن نجري بسرعة ثم نتوقف فجأة فيسقط بعضنا على بعض، وبعدها قاموا بتجميعنا خارج مبنى الإدارة في الطريق المؤدي إلى العنابر فكنا نسير ونحن منحنيي الظهر والعساكر لا تتوانى عن الضرب فوق ظهورنا العارية حتى وصلنا إلى العنابر فتم توزيعنا على الزنازين وكانت الساعة الثانية ليلا فحمدنا الله فكنا نتوقع أكثر من ذلك، كان لكل واحد بطانية وبدلة فقط وكان لا يوجد أطباق فكنا نضع الطعام على الأرض عند استلامه .

ثم يتحدث عن التعذيب اثناء الاستحمام الجماعى الاجبارى

فعندما كانوا يأتون إلينا للخروج للاستحمام كنا نعلم ذلك من خلال الصخب والضجيج الذي يحدثه عبد العال وزبانيته في الصباح والعساكر التي تنتشر في طرقات العنبر لتنظر من نافذة الباب حتى يلاحظوا من يخالف التعليمات فعلى الجميع أن يخلع ملابسه ويظل واقفا رافعا يده إلى أعلى في انتظار الدور وكانت تخرج كل زنزانة على حدة فتبدأ معاناتهم من لحظة خروجهم وهم معصوبي الأعين يضع كل منهم يده على كتف من أمامه في طابور طويل في هذه الطرقة الضيقة وكان يقف على جنبات الطريق عدد من العساكر يضربون كلمن يمر عليهم، أحدهم بقدمه وآخر بيده وثالث بصفعة إلى أن يصل الجميع إلى مكان الاستحمام في نهاية العنبر ليجدوا في انتظارهم عبد العال ومعه عدد من العساكر فكانت تدخل كل مجموعة تحت الماء ثم تخرج والضرب ينهال عليهم أثناء الاستحمام ثم تدخل مجموعة أخرى إلى أن يتم تجميعهم في الخارج فكل مجموعة تخرج عليها أن تقف ووجوههم إلى الحائط رافعين أيديهم في انتظار باقي المجموعات وعندما يكتمل العدد ثم يبدأ الضرب مرة أخرى على ظهورنا والماء يتساقط منا ثم تبدأ رحلة العودة إلى الزنزانة والتي تكون أشد من الذهاب لأننا في أثناء الاستحمام كان أحدهم يقوم بنشر حبات الرابسو على الأرض وتكون أرجلنا مبللة بالماء وأجسادنا يتساقط منها الماء أيضا وكان علينا أن نجري بسرعة في هذا المكان لكي نتفادى الضرب الذي كان يأتينا من جنبات الطريق فكنا نسقط على الأرض من الرابسو الذي وضع لنا في الطريق ولا يكاد البعض يقف حتى يتوقف الضرب عليه حتى يسقط مرة أخرى وكان البعض يهيم على وجهه فهو لا يرى أحد ولا يسمع غير الصراخ والصخب الشديد فكان منا من يصطدم بالحائط أو أن يسقط بعض الأفراد على بعض نتيجة الاندفاع وسقوط أ؛دهم وهكذا وأحيانا يكون السقوط متعمدا من قبل العسكري الذي يقف في الطريق بأن يضع قدمه حتى ينهال عليه بالضرب ويستمر الوضع هكذا بين سقوط ومحاولة للقيام بسرعة لتفادي الضرب إلى أن يصل الجميع باندفاع إلى الزنزانة والذي كان يقف بجوار الباب مجموعة من العساكر وكانوا قد وضعوا عند مدخل الزنزانة بعض المراهم حتى يمر عليها من يأتي مندفعا فيسقط داخل الزنزانة ويأتي الآخر وهكذا يسقط الجميع فوق بعض وهم يقفون يضحكون من هذا المشهد الكوميدي ولكنها الكوميديا السوداء، كان هذا المشهد يكاد يتكرر كل أسبوع أو أسبوعين وخاصة في السنوات الأولى، لم يكن هذا الأمر من أجلنا فهم يعلمون إننا أ؛رص الناس على النظافة ويوجد حمام في كل زنزانة ولكن من أجل أن نتجرع صنوف العذاب فكنا نعود في كل مرة وقد مسحنا الأرض بأجسادنا ) 

نقل المعتقل في غوانتانامو عبد اللطيف ناصر إلى المغرب في أول عملية خلال حكم بايدن

قالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) الاثنين 07/19 إنها نقلت معتقلا من سجن غوانتانامو العسكري في خليج غوانتانامو، في أول عملية من نوعها منذ تولي الرئيس جو بايدن السلطة.

بعد 19 سنة من الاعتقال في “غوانتنامو”.. أمريكا تسلم أقدم معتقل مغربي للمملكة

وتم ترحيل عبد اللطيف ناصر، الذي بات مؤهلا لإطلاق سراحه في عام 2016، إلى المغرب. ولا يزال 39 معتقلا محتجزين في سجن غوانتانامو.

أعلن الوكيل ام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، صباح اليوم الاثنين، أن النيابة العامة أعطت تعليماتها للفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء، من أجل فتح تحقيق مع عبد اللطيف ناصر للاشتباه في ارتكابه أفعال ارهابية.

وحسب بلاغ الوكيل العام، فإنه تم اشعار النيابة العامة من قبل مصالح الشرطة القضائية بترحيل المسمى عبد اللطيف ناصر من قاعدة غوانتنامو إلى أرض الوطن يومه 19/07/2021

اللهم لا ترزقهم توبة ولا شهادة حتى تمكن لنا

كتب ولدي الحبيب دكتور إسلام، حفظه الله وإخوته وولده وجميع أهله ومن يحبه، منشوراً على صفحته، لم أكن قد قرأته، فاتصل بي أحد الأحبة الأعزاء، يطلب مني قراءة المنشور والتعليق عليه ليعرف رأيي، فذهبت إلى صفحة دكتور إسلام وقرأت المنشور القصير جداً، فوجدته يقول نصاً

      بمناسبة الليال العشر ..
      اللهم لا ترزقهم في حياتهم توبة
      ولا عند الموت شهادة 

ولا تتوفهم حتى يروا تمكيننا يارب العالمين.

ووجدت تعليقاً على المنشور، من صديق لم أتشرف بمعرفته قبلاً، اسمه الأستاذ محمد عمار، يقول فيه
       ***        اعتقد والله اعلم ان هذا الدعاء
       به علة.  الله اعلم، رجاء المراجعة.     ***
واستجابة لطلب الأخ العزيز الذي اتصل بي لأعلق، ورداً على ابني الحبيب محمد عمار، أقول والله أعلى واعلم، وأسأله العفو إن أخطأت

بارك الله فيك ولدي البكر الحبيب  دكتور إسلام
وأقول لك ابني الكريم محمد عمار، جزاك الله كل الخير على غيرتك للحق، 
وانبهك حبيبي أن كفر الشخص، هو عائد عليه وحسابه عند الله، 
أما الظالم، فهو أوقع بغيره أذى قد يكون أشد من الموت عشرات المرات، والله عز وجل قد يغفر لإنسان كفره بحق جلاله أن شاء، لكنه عز وجل أبلغنا أنه لن يغفر للظالم ظلمه إلا أن يعفو صاحب المظلمة.
فاللهم لا تمكن لظالم ظلمني أو زوجي أو ولدي أو حفيدي أو أحداً من أهلي أو مسلماً أو مسلمة توبة، إلا أن يرد المظلمة ويقبل منه المظلوم، 
وإلا ربنا لا تمكنه أبداً من توبة، 
وأرنا فيه يوماً أسوداً 
كيوم عاد وثمود والنمرود وآل لوط وفرعون موسى 
ومن على شاكلتهم إلى يوم الدين، آمين آمين آمين.
إن الذي ذاق الظلم، هو وحده الذي يفهم معنى الظلم، وليس من حق واحد تبلدت مشاعره وغفل عن معنى الظلم، وإن لم يكن واقعاً عليه، وواقع على مسلم أو مسلمة، فالأولى به أن يستغفر الله كثيراً ويراجع إيمانه وصدق وسلامة عقيدته.
مع شديد اعتذاري لكل من يخالفني، فوا الله ما وقع على شخصي وأولادي وأهلي لهو أهون مائة مرة مما وقع على آلاف غيري، لكن مشاعري وأحاسيسي بكل من عانى ظلم الظالمين، يوجب حزني لأجلهم شرعاً وقانوناً وعرفاً، أو يكون غضب الله علي أولى من رضاه، فاللهم أرض عني جزاء غيرتي على كل من وقع عليه ظلماً، وجزاء كراهيتي ومقتي وغضبي من وعلى كل ظالم.

وأكرر مقالة دكتور إسلام

       بمناسبة الليال العشر ..
      اللهم لا ترزقهم في حياتهم توبة
      ولا عند الموت شهادة 

ولا تتوفهم حتى يروا تمكيننا يارب العالمين.

اللهم تقبل مني ولا تفنني وأولادي وأهلي وكل غيور على دينه بظلم الظالمين، ولا بظلم من يتلمس للظالمين عذراً، يارب الأرباب والطواغيت.
           كتبه.     أبو إسلام أحمد عبد الله
                         عائد من قبور الأحياء

اعاذكم الله منها، وجعلها مثوى لكل ظالم مجرم زنيم

من ذكريات معتقل سابق طفلتي ودموع الفستان

طفلتي ودموع الفستان

(من ذكريات معتقل سابق)

بعد خروجي من المعتقل قالت لي زوجتي : نريد أن تزور الحاج فلان وترد له الجميل.

سألتها والغيرة واضحة من سؤالي :ولماذا الحاج فلان؟

ومن أين تعرفين هذا الاسم فنحن لم نتعود أن تعرف زوجتي أحدا من ضيوفي ولامعارفي؟

قالت إن لذلك قصة .

قلت وماهي؟

قالت: في ليلة العيد كانت كل العائلة قد اشترت لأطفالها ملابس العيد الا أنا .

وكانت كل البنات تقلب فساتين العيد الا طفلتي الصغيرة فليس معي ما اشتري لها به فستانا تفرده وتطويه أمام قيرباتها في سرور كما يفعلن .

فلما أشفقت على طفلتي فكرت فقلت أنزل بها الليلة الى المحلات لعل الأسعار تنخففض أجد لها فستانا بهذا المبلغ القليل الذي معي وان كان اقل جودة لكن شيء افضل من لاشيء

ذهبت بها وأنا أدعو الله تعالى أن يجبر خاطرها فأنا لاأريد لها أن تشعر بأي فرق بينها وبين قريناتها ويكفيها أنها لن يحملها والدها يوم العيد الى الصلاة مثل كل الأطفال ولن يشتري لها لعبة . ويكفيني أنا أن أرد على ىسؤال واحد منها أين بابا؟ فأفول: بابا في سبيل الله .

أخذت أمُرّ بها على المحلات وهي كلما رأت فستانا جميلا قالت: هذا ياماما . وطلبت أن اشتريه لها لكن من أين لنا وما معنا لايكفي لشرائه؟ فأضطر الى صرفها عنه وقلبي يتمزق ألما وأنا أقول لها :هيا ياحبيبتي سنجد في الأمام فستانا أجمل من هذا. فتصر وتثبت أقدامها النحيلتبن في الأرض لكني أنجح في صرفها داعية الله أن نجد هذا الفستان الذي يرضيها وتفرح به بالميلغ الذي معنا وظللنا على هذا الحال حتى وقت متأخر وأنا لاأجد هذا الفستان الوحيد الذي تقبله طفلتي وفي نفس الوقت بالثمن الذي نقدر عليه

وقفت فقد انتهينا من كل المحلات حتى وصلنا الى النقطة التي كنت أخشاها وأتحاشاها وهي أنني لم أجد هذا الفستان سبحان الله!

لقد كنت على ثقة أن الله لن يخيب رجائي حسب ماتعودت منه . ونحن رغم قلة ما بأيدينا ورغم ظروفنا الصعبة الا أننا دائما نشعر بقربنا من الله واستجابة دعائنا .

وهنا تساقطت الدموع من عيني فسأواجه الآن لحظة عصيبة مع طفلتي شبه اليتيمة سأعود بها دون أن أشتري لها فستانا ؟

كيف سآخذها من هنا ؟

وكيف سأواجه لحظة دخول البيت على قرنائها من البنات ؟

وكيف سأجيب على سؤال : أين الفستان؟

أخذتها وأنا أجيب سؤالها البريء : لن نشتري الفستان ياماما؟

ـ سننشتريه ياحبيبتي

ـ متى ياماما ؟غدا العيد؟

ـ تعالي … تعالي … هيا .. هيا تأخرنا جدا .. حتى وصلنا البيت ودموعها على خدودها

وأنا لاأدري ماذا سأفعل ومن أين ستأتيني الفاجعة؟

هل من التفاف البنات حول طفلتي سائلين عن فستانها المنتظر لتقارنه كل واحدة منهن بفستانها؟

ام من شقاوة قرينتها المنافسة لها باستمرار وكلماتها الجارحة؟

وصلنا الى البيت فاذا هم جميعا في الانتظار :تأخرتي تأخرتي .. لماذا تأخرتي كل هذا ؟ الحاج فلان هنا في انتظار البنت ؟

ومن ومن هو الحاج فلان؟

ـ دخلت فاذا بشقيقي يدخل علينا بفستان جميل ويقولون: الحاج فلان يقول انه جاء نيابة عن الإخوة وهو في الصالة منتظر بنتك حتى تقيس الفستان.

رفعت يدها وهي تدعو له يارب يارب .

سألت دموعها وهي تقول: لابد أن تزور الحاج وترد له الجميل.

قلت لها: الله يرحمه ويحسن اليه . ويوسع قبره نزور أولاده . تجهزوا لنزور أولاده

من ذكريات معتقل سابق

عجائب المعتقلات

مذكرات معتقل إسلامى

(سنوات الألم والأمل فى معتقلات أمن الدولة – الباستيل المصرى ) : رحلة إلى عالم المعتقلات وأقبية أمن الدولة لتوثيق معاناة المعتقلين الإسلاميين وما تعرّضوا له من أصناف وألوان التعذيب الجسدى والنفسى وكيف كانت الإعانة الإلهية وأضعف الأسباب سبيلهم للتكيّف مع هذه الظروف البالغة الصعوبة بطرق عجيبة مبتكرة ، وإطلالة على وسائل الظالمين وحيلهم المادية والمعنوية فى مكافحة الإسلام والإسلاميين وكيفية مواجهتها والتغلب عليها وما خلفته هذه الملحمة الإنسانية من قصص ودروس وعبر جديرة بالتدبر والتوثيق

عجائب المعتقلات

  • حين يقف المعتقل يناشد القاضي يترجاه ألا يحكم له بإخلاء السبيل.
  •  حين يحتضن الأب المعتقل ابنه ذي العشرة أعوام وهو يراه لأول مرة ويقول الولد لأبيه … ازيك يا عمو.
  •  حين يقف المعتقل أمام ابنته في غرفة الزيارة ينظر خلفها منتظراً ابنته وتنظر حولها تتلمس أباها.
  • حين يعلم أهل معتقل أنه حي بعد ظنهم موته بعشرة سنوات.
  •  حين يقول شخص لمبارك في الحرم اتقي الله فيشحن إلى المعتقل خمسة عشر عاماً.
  • حينما يخطب معتقل زوجته لرجل آخر بعد أن يطلقها حماية لها ولأولادهما.
  • حين يكون المعتقل لم يتجاوز الثانية عشر عاماً.
  • حين يدخل معتقلاً وعمره ثمانية عشر عاماً ليخرج وعمره 43 وأربعون عاماً.
  • حين يولد مولدك الأول وأنت في المعتقل ثم تمر السنوات ليولد مولودك الثاني وأنت لازلت معتقل.
  • حين يشتاق الأب لرؤية ولديه لم يراهما منذ عشرين عاماً حتى يصيرا شابين يافعين  ويتم اعتقالهم معه ليكون اللقاء.
  • حين تكون علبة التونة الصفيحية فارغة هي السكن والبوتاجاز والسخان والغسالة.
  • حين يكون قلمك هو أنبوبة المرهم الفارغة وورقتك هي قطعة من ملابسك.
  • حين يعجز البشر عن إعانتك فتأتيك المعونة في هيئة رفيق زنزانة من عالم الجن.
  •  حين يحصل معتقل على الثانوية فيدخل طب ويحصل عليها مرة أخرى ليدخل هندسة.
  •  حين يعتقل زوج وزوجته فلا يرى بعضهما البعض إلا بعد مرور خمسة عشر عاماً ولازال معتقلين وقت اللقاء.
  • حين تعقد قرانك فتعتقل ويتم زفافك بعدها بأربعة عشر عاماً.
  •  حين يكون الزفاف للعروسين في المعتقل.
  • حين تحصل في المعتقل على الدكتوراه في العلوم السياسية وقد مكثت ما يقرب من خمسة عشر عاماً.
  • حين يكون الإعدام أحب إلى قلب المتهم من السجن لأنه طريق إلى الشهادة ولأنه سبيله إلى حياة أبدية لا تقارن بالحياة التي من أجلها يبيع الكثيرين دينهم
  •   حين يكون رفيق زنزانتك الذي يوقظك للصلاة ويؤنس وحدة شخصاً ليس من عالم الإنس.
  • حين يكون مدرس الكيمياء للطالب الثانوية المعتقلين أحد المعتقلين الحاصلين على دكتوراه دولية في الكيمياء، ومدرس الفيزياء دكتورا في الذرة.
  •    حين يقتاد صولاً في الحبس أستاذ دكتور في الفنية العسكرية إلى زنزانته.
  • حين يعيش سجينان في زنزانتين متجاورتين ولمدة سنوات يتحدثان ويتحاوران ويتآخيان في الله ويهون كل واحد على الأخر محنته ويشاركه همومه طوال هذه السنوات ولا يعرف كل منهما شغل الآخر.