من ذكريات معتقل سابق طفلتي ودموع الفستان
adminis
يوليو 13, 2021
مذكرات
طفلتي ودموع الفستان
(من ذكريات معتقل سابق)
بعد خروجي من المعتقل قالت لي زوجتي : نريد أن تزور الحاج فلان وترد له الجميل.
سألتها والغيرة واضحة من سؤالي :ولماذا الحاج فلان؟
ومن أين تعرفين هذا الاسم فنحن لم نتعود أن تعرف زوجتي أحدا من ضيوفي ولامعارفي؟
قالت إن لذلك قصة .
قلت وماهي؟
قالت: في ليلة العيد كانت كل العائلة قد اشترت لأطفالها ملابس العيد الا أنا .
وكانت كل البنات تقلب فساتين العيد الا طفلتي الصغيرة فليس معي ما اشتري لها به فستانا تفرده وتطويه أمام قيرباتها في سرور كما يفعلن .
فلما أشفقت على طفلتي فكرت فقلت أنزل بها الليلة الى المحلات لعل الأسعار تنخففض أجد لها فستانا بهذا المبلغ القليل الذي معي وان كان اقل جودة لكن شيء افضل من لاشيء
ذهبت بها وأنا أدعو الله تعالى أن يجبر خاطرها فأنا لاأريد لها أن تشعر بأي فرق بينها وبين قريناتها ويكفيها أنها لن يحملها والدها يوم العيد الى الصلاة مثل كل الأطفال ولن يشتري لها لعبة . ويكفيني أنا أن أرد على ىسؤال واحد منها أين بابا؟ فأفول: بابا في سبيل الله .
أخذت أمُرّ بها على المحلات وهي كلما رأت فستانا جميلا قالت: هذا ياماما . وطلبت أن اشتريه لها لكن من أين لنا وما معنا لايكفي لشرائه؟ فأضطر الى صرفها عنه وقلبي يتمزق ألما وأنا أقول لها :هيا ياحبيبتي سنجد في الأمام فستانا أجمل من هذا. فتصر وتثبت أقدامها النحيلتبن في الأرض لكني أنجح في صرفها داعية الله أن نجد هذا الفستان الذي يرضيها وتفرح به بالميلغ الذي معنا وظللنا على هذا الحال حتى وقت متأخر وأنا لاأجد هذا الفستان الوحيد الذي تقبله طفلتي وفي نفس الوقت بالثمن الذي نقدر عليه
وقفت فقد انتهينا من كل المحلات حتى وصلنا الى النقطة التي كنت أخشاها وأتحاشاها وهي أنني لم أجد هذا الفستان سبحان الله!
لقد كنت على ثقة أن الله لن يخيب رجائي حسب ماتعودت منه . ونحن رغم قلة ما بأيدينا ورغم ظروفنا الصعبة الا أننا دائما نشعر بقربنا من الله واستجابة دعائنا .
وهنا تساقطت الدموع من عيني فسأواجه الآن لحظة عصيبة مع طفلتي شبه اليتيمة سأعود بها دون أن أشتري لها فستانا ؟
كيف سآخذها من هنا ؟
وكيف سأواجه لحظة دخول البيت على قرنائها من البنات ؟
وكيف سأجيب على سؤال : أين الفستان؟
أخذتها وأنا أجيب سؤالها البريء : لن نشتري الفستان ياماما؟
ـ سننشتريه ياحبيبتي
ـ متى ياماما ؟غدا العيد؟
ـ تعالي … تعالي … هيا .. هيا تأخرنا جدا .. حتى وصلنا البيت ودموعها على خدودها
وأنا لاأدري ماذا سأفعل ومن أين ستأتيني الفاجعة؟
هل من التفاف البنات حول طفلتي سائلين عن فستانها المنتظر لتقارنه كل واحدة منهن بفستانها؟
ام من شقاوة قرينتها المنافسة لها باستمرار وكلماتها الجارحة؟
وصلنا الى البيت فاذا هم جميعا في الانتظار :تأخرتي تأخرتي .. لماذا تأخرتي كل هذا ؟ الحاج فلان هنا في انتظار البنت ؟
ومن ومن هو الحاج فلان؟
ـ دخلت فاذا بشقيقي يدخل علينا بفستان جميل ويقولون: الحاج فلان يقول انه جاء نيابة عن الإخوة وهو في الصالة منتظر بنتك حتى تقيس الفستان.
رفعت يدها وهي تدعو له يارب يارب .
سألت دموعها وهي تقول: لابد أن تزور الحاج وترد له الجميل.
قلت لها: الله يرحمه ويحسن اليه . ويوسع قبره نزور أولاده . تجهزوا لنزور أولاده
من ذكريات معتقل سابق