حديث الصباح والمساء- في ضيافة كورونا زكرياء بوغرارة
adminis
سبتمبر 12, 2021
ذاكرة ضد النسيان, مقالات
حديث الصباح والمساء
في ضيافة كورونا
يكتبها – زكرياء بوغرارة
مشرف موقع ادب السجون
طيلة أيام من إعتقالنا الإختياري في منازلنا..- هذا بالنسبة لمن لهم منازل .. أما من شرد بهم الوطن مثلي.. فأصبحوا بجرة قلم مشردين لاجئين داخل تخوم الوطن … ومنكلا بهم في تلابيب الوطن فوضع هؤلاء اشرس واكثر ضراوة-
تساءلت ترى هل هو اعتقال اختياري ام اضطراري ام اجباري ؟؟
الحقيقة هو اجباري… للسواد الأعظم من الناس حتى من يسجنون الناس ولايسجنون….
كنت أقاوم لسنوات- ما بعد العتمة – لأصل إلى الوضعية التي كنت عليها قبل زمن سحيق .. عندما كنت أضع رأسي على الوسادة ولا انتظر الا نزرا يسيرا فيحل الكرى يأتي على جناح السرعة كالبرق ثم أبحر بسلام….
أما اليوم بعد ان حججت للمرة الثانية او الثالثة الى القيامة المغربية- دار الحق – الكامنة في تخوم الوطن في تلك البقعة اللا مباركة في المعتقل السري فلم اعد انام او احظى بنوم.. ولو يسير …..
كأنما سلط علي مارد من الجن يمنعني ان انام مرات اجد يدا تتسلل الى إبطي لتدغدغني ومرات تسحبني من رجلي ومرات تصرخ في أذني …
فقد مررت من هناك وقضي …
هناك رقعة الجن والشياطين والمردة والحجاج أيضا…………….
الغريب يا صاحبي ان عمار تلك العتمة كلهم حجاج…
ذلك المكان الداخل اليه حاج وساكنه حاج والمنكل به يحظى برتبة حاج والجلاد حاج ايَضا
والحجاج هناك أنواع حاج كبير وحاج اصغر
فهم متفاوتون في درجات الحج… هناك الحاج الكبير- بزاف- ومادونه كل ينال صفة الحاج حسب قدره ومقداره
اما نحن صراصير المكان لأننا كنا ندعس كصرصار تافه فنحن اسفل دركات لقب الحاج
سألت نفسي وأنا اكتب حديث الصباح والمساء في ضيافة الحجر الصحي باشرف السجان الكبير العالمي كورونا
من اين خرجت الى هنا؟؟؟؟
كيف تسللت ذكريات الاعتقال الى حروفي وانا اهم ان اكتب عن يوميات كورونية
تذكرت هذه الكلمة اللطيفة المضحكة التي لاتصدر الا عن ثرثار مثلي ينكش في أشياء لاتجر عليه الا السخط
كانت والدتي رحمها الله تقول لي أحيانا بلسان مشفق وهي ترومني -ان ادخل سوق راسي-
{ها الرضا ادخل سوق راسك المخزن يدو طويلة }
سئمت من اعتقالك كل فترة…
وانا ارتجف خوفا وهلعا….
وهم يجوسون خلال الدار او يطرقون الباب كمن يروم خلعه من مكانه او يرابطون غيربعيد عنه ليتعقبوك
وكلما خرجت قلت لن اراه مرة أخرى
وكلما اعتقلوك من بيننا قلت هذه اخر مرة نراه ….
ثم لم تببث في جمهورية القلق الا يسيرا ورحلت عنا كان اخر اعتقال لي في حضرتها قبل الرحيل بلون الحنظل مرارة ووجعا
رحلت وبقيت انا
كنت ادنو من وجهها وألثم يديها وانا أقول بصوت خافت
لن يبعدوا حتى لو أبعدت
أبعدت عنهم واعتزلت كل شيء فلم يبعدوا
ظلوا يحتفظون بي في دفاترهم
فيها جمعوا كل سيئاتي عندهم
ثم لما جاءت رياح المحنة – جمعوا وطواو ا معي-……….
مرة أخرى ….
من اين خرجنا الى هنا ؟؟؟
دعني اقف مع هذه الكلمات التي استرجعتها من دهليز الذكريات لأختم بها حديث الصباح والمساء في ضيافة كورونا
لأميط اللثام عن السؤال المضحك
كيف خرجت من حديث كورونا واعتقالنا الاجباري تحت حراسته المشددة الى ذكريات المعتقل السري من زمن سحيق
كان لي صديق قديم يدرس في دار الحديث الحسنية وكان له استناذ محاضر يلقي دروسه فيسهب في الشرح ويطنب في الكلام ويغوص في الحواشي والتفاصيل ويذهب بعيدا في المتاهات وعندما يفقد خيط الكلام ويدرك انه وقع في الفخ
يهم بسؤال طلابه عن البدايات
من اين خرجنا الى هنا؟؟
نقطة البداية دائما هي ما نبحث عنه
نقطة البداية هي انني مع الحجر الصحي الذي فرض علينا فرضا طولا وعرضا وارتفاعا فقدت قدرتي على النوم لساعتين كنت انعم فيهما بنزر قليل من النوم المتقطع
ها قد اصبح الليل ينام وأبقى انا
وان ضاع خيط النوم تذكرت حكاية المعتقل السري لأنها البدايات
والحديث في المساء ذو شجون