أرشيف يوم: نوفمبر 13, 2021

التعذيب بسيارات الترحيلة

الانقلاب العسكرى ) . 

كانت سيارات الترحيلة الغير صالحة للنقل الادمى احدى وسائل التعذيب التى يعانيها المعتقلون باستمرار حيث كانت تلك السيارت الحديدية الضخمة المحكمة الغلق ذات النوافذ الصغيرة التى تتخللها قضبان الحديد وتكسوها الشباك الحديدية  من الخارج والداخل غير صالحة لنقل البضائع و الجمادات فكيف بالبشر وكيف بالمعتقلين وهم مقيدون بعضهم الى بعض بالاغلال والسيارة تكون فى حرّ الصيف كأتون مشتعل نغلى نحن فيه من الداخل خاصة حينما كانوا يتركونا لبضع ساعات تحت اشعة الشمس المكشوفة والسيارة تشوينا فى الداخل كانت السيارة الحديدية خالية من الداخل من المقاعد تماما ولم يكن فيها اى شىء نستطيع التعلق به والاستناد عليه  من مطبات الطريق والفرامل السيئة دوما لقائدى سيارات التراحيل ولم يكن لنا وسيلة تشبث الا شباك الحديد على النوافذ نتخللها باطراف اصابعنا وتكاد شباك الحديد الحادة تمزقها وكانت المعاناة الاكبر التى تقابلنا والهم الاول كيف سنقوم بالقاء الوريقات الصغيرة التى كنا نلقيها للمارة فى الطريق نكتب لهم فيها ارقام ذوينا التليفونية ونخبرهم فيها رسائل صغيرة مثل انا تم ترحيلى لمعتقل كذا او انا ذاهب الان الى لاظوغلى وساعود للمعتقل بعد عّدة ايام اذ كانت هذه هى وسيلة الاتصال الوحيدة لنا باسرنا فى ظل غلق الزيارة لسنوات   فكانت هناك بعض سيارات الترحيلة القليلة ذات النوفذ القضبانية الخاليه من الشباك نستطيع ان نخرج منها ايدينا فنلقى للمارة فى الطريق بالورقات الصغيرة وكان الغالبية العظمى من اهل مصر الطيبين يتهافتون على رسائلنا ليلتقطوها وغالبهم  كان يقوم فعلا بالاتصال باهالينا وتوصيل الرسالة اليهم واحيانا كنا نضع فى ورقة التليفون مبلغا من المال بسيطا حتى نرفع عن المتصل حرج نفقة المكالمة واذكر العديد من المرات كان بعضاالناس الطيبون يجرون وراء سيارة الترحيلة على اقدامهم ليلتقطوا الاوراق التى نلقيها وكان بعضهم فى بعض الاحيان يتعرض للاهانة  من ضابط الترحيلة واذكر فى احد المرات اوقف ضابط الترحيلة السيارة ونزل يضرب احد الشاب الذى كان يلتقط منا الرسائل ولكم كانت تخفق قلوبنا وتدمع اعيننا ونحن نرى مثل هذه المواقف وهذه الروح الطيبة لاهل مصر الطيبين وهم يشاهدون اصحاب الجلاليب البيضاء المصلون وحافظى القران ينقلون فى سيارات المجرمين ليتم حشرهم فى السجون لا لشىء الا انهم يقولوا ربنا الله

كان يتم حشرنا فى سيارة الترحيلة باعداد كبيرة تزيد كثيرا عن حمولتها القصوى اذكر فى احدى المرات كنا عائدين فى سيارة الترحيلة من لاظوغلى الى معتقل دمنهور وكنا 6 من الاخوة وكان معنا اخ من حدائق القبة حاصل على دكتوراة فى الهندسة وكان على علم بالعلوم الشرعية وعلى قدر من الفهم والوعى الراقى والاخلاق العالية وكان مرهقا جدا ونحن فى سيارة الترحيلة واذ بضابط الترحيلة يتوقف عند قسم الخليفة بالقاهرة ويدخل الى القسم وبعد نصف ساعة يخرج وهو يجر خلفه اربعين مسجونا جنائيا ويحشرهم معنا فى سيارة الترحيلة فاصبحت السيارة كعلبة السردين  فسالناهم عن وجهتهم فاذا هى سجن وادى النطرون فاسقط فى ايدينا وعلمنا اننا سنلقى العذاب طوال ساعتين حتى نصل لسجن وادى النطرون وكان الوقت صيفا والحرّ داخل سيارة الترحيلة كانه فرن مشتعل ونقف بالكاد على قدم واحدة فى سيارة الترحيلة واغلب المساجين الجنائيون من حولنا يحاولون اشعال السجائر  مرة واحدة فطلبنا منهم برفق ان لا يقوموا باشعال السجائر لاننا لن نحتمل وسنختنق لان عددنا كان 46 فى السيارة وكانت نوافذ السيارة محكمة الغلق بالقضبان والشباك لم تفلح محاولاتنا معهم فى عدم التدخين فاتفقنا معهم على ان يقوموا مجموعة تلو الاخرة ويقفوا عند نوافذ السيارة حتى يخرج الدخان معظمه للخارج ولا نختنق ولقد كانت حياة المساجين الجنائى تختلف تماما عن حياتنا رغم اشتراكنا معهم فى كوننا مساجين فلقد كانت حياتهم ومعيشتهم غالبها بلا نظافة او طهارة ويدخنون بشراهة  وتنهال من السنتهم سيول الكلمات البذيئة والالفاظ الفاحشة فكانت حياتهم بالنسبة لنا لا تطاق لان مجتمع الاسلاميين فى المعتقلات كان مجتمعا نظيفا طاهرا عفيفا تحيطه اخلاق الاسلام من كل جانب وتحفه العبادات من صلاة وصيام ونوافل وذكر وقيام وحب فى الله واخوة ايمانية وايثار وكرم وتضحية كل هذه الاجواء كانت بمثابة الهواء الذى نتنفسه ولولا تلك الاجواء ما استطعنا تحمل كل تلك السنوات فى ظروف المعتقلات الصعبة هذه.

ومن الاشياء الجميلة التى كانت تهوّن علينا الطريق فى سيارة الترحيلة اخواننا المنشدون اصحاب الاصوات العذبة والاناشيد الاسلامية الرائعة الكلمات والتى كانت ترفع روح الواحد منا حتى تكاد تناطح السحاب فاذكر اخى ابو يوسف وكان شابا فى العشرين من عمره وقد ولد وتربى فى ارض الحرمين وعاد لمصر بلده وتعرض للاعتقال بعد فترة وجيزة وكان صوته عذبا رائقا تحب سماعه وكذلك الاخ  المنشد محمد ابو نضال من حدائق القبة  وكان طالبا فى كلية الطب وتم اعتقالة لما يقارب ال12 عاما وكذلك الاخ محمد عثمائنلى من اسوان وقد مكث ما يزيد على ال14 عاما فكان الاخوة ينشدون لنا فى السيارة يهونون علينا كثيرا صعوبة الوضع وكانت هذه الاناشيد وتلك الاشعار تلامس قلوبنا بقوة وتتخللها لان الظروف التى كنا فيها كانت تطابق تماما ظروف الشعراء الذين كتبوا هذه الكلمات

فكانوا ينشدون لنا امثال هذا النشيد من كلمات الشهيد –كمانحسبه- سيد قطب والتى كتبها وهو فى سجون الطاغية عبد الناصر قبل اعدامه

أخي أنت حرٌّ وراء السدود ….. أخي أنت حرٌّ بتلك القيود

إذا كنت بالله مستعصما …. فماذا يضيرك كيد العبيد؟!!

أخي هل تُراك سئمت الكفاح ؟ …. وألقيتَ عن كاهليك السلاح

فمن للضحايا يواسي الجراح ؟….. ويرفع راياتها من جديد

أخي: إنني اليوم صلب المراس … أدكُّ صخور الجبال الرواسي

غدا سأشيحُ بفأسي الخلاص … رؤوس الأفاعي إلى أن تبيد

قد اختارنا الله ف دعوته .. و إنا سنمضي على سُنته

و لا تلتفت ههنا أو هناك .. و لا تتطلع لغير السماء

فلسنا بطير مهيض الجناح .. و لن نستذل .. و لن نستباح

أخي: إن ذرفت عليَّ الدموع … وبللت قبري بها في خشوع

فأوقد لهم من رفاتي الشموع … وسيروا بها نحو مجد تليد

أخي: إنْ نمتْ نلقَ أحبابنا …. فروضات ربي اُعدَّت لنا

وأطيارها رفرفت حولنا … فطوبى لنا في ديار الخلود

أخي إنني ما سئمتُ الكفاح … ولا أنا ألقيتُ عني السلاح

فإنْ انا متُّ فإني شهيد ….. وأنت ستمضي بنصر مجيد

ساثار ولكن لرب ودين … وأمضي على سنتي في يقينفإما إلى النصر فوق الأنام … وإما إلى الله في الخالدين

حول الأوضاع الكارثية والانتهاكات الحقوقية التي يكابدها السجناء داخل معتقلات المغرب

بعد إجراء لعملية تحقيق دقيق وميداني دام 6 شهور حول وضعية السجناء داخل المؤسسات السجنية  الوطنية.. استخلصنا هذا التقرير المفصل والحامل للأرقام والمعطيات التي كان بعضها صادما والبعض الآخر كارثي..

يبلغ عدد المعتقلين داخل المؤسسات السجنية بالمغرب 84.990 الف سجين  بزيادة 7.97% منذ 2016 من بينهم 38 الف سجين في الاعتقال الاحتياطي ويمثلون  45% من العدد الإجمالي دون إصدار حكم وبدون مراعاة لمبدأ قرينة البراءة!!! حيث تساهم هذه النسبة في ارتفاع نسبة الاكتظاظ التي تتراوح حسب الجهات بين 124% و216%…

تبلغ نسبة السجناء الذكور  97.52 % في الإناث 2.48%

الفئة العمرية التي تشكل أكبر نسبة السجناء تتراوح ما بين 20 سنة إلى 30 سنة يعني الفئة النشطة

السجون المغربية مقسمة بين المركزي والمحلي والإصلاحي…

78 مؤسسة سجنية منها 66 سجنا محليا و 3 سجون مركزية 7 سجون فلاحية و 3 مراكز للإصلاح والتهذيب…

يعاني نزلاء هذه المؤسسات من مجموعة من الانتهاكات الحقوقية حيث يكابدون العناء والمشقات خلال يومياتهم والتي لا تحترم المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب فيما يخص حقوق السجين فما بالك بحقوق الإنسان..

حسب مجموعة من الشهادات الحية والشكايات العديدة التي تسلمناها من النزلاء القابعين داخل مجموع المؤسسات السجنية سجلنا ما يلي :

🔸اكتظاظ الزنازن بنسب تتراوح ما بين 124% و 216%

🔸انعدام التهوية وتفشي الرطوبة المسببة للعديد من الأمراض!

🔸انعدام النظافة داخل الفضاء السجني بما في ذلك المرافق الصحية من حمامات ومراحض

🔸تواجد صادم للكثير من الحشرات كالصراصير والذباب والبعوض أما الفئران والجرذان فقد صاروا هم كذلك نزلاء رسميون داخل تلك الجغرافيا البئيسة.. حيث أن أعدادهم تفوق عدد السجناء!!!!

🔸تغذية سيئة ومضرة بالصحة مع ارتفاع مهول في أسعار المواد الإستهلاكية المعروضة للبيع!!!!!

🔸بطاقات التعبئة للمكالمات يتم السمسرة فيها على شكل صفقة تجارية مبرمة بين إحدى شركات الاتصالات وإدارة السجون!!! حيث أن بطاقة 20 درهم تحتوي على نصف ساعة مكالمات فقط مما يضر بجيوب السجناء!!!!!

🔸انعدام النشاطات والترفيه داخل أغلبية المؤسسات السجنية!!!!

🔸حرمان السجناء من الاستفادة من التطبيب حيث أن هناك الكثير من ضحايا الإهمال الطبي!!!

🔸تواجد 4593 معتقلا يعانون من أمراض نفسية وعقلية لا يستفيذون من المتابعة الطبية!!!!

🔸حرمان بعض السجناء من استكمال الدراسة!!!!

🔸الزبونية والمحسوبية والانتقائية في المعاملة بين السجناء!!!!

عدم احترام تصنيف السجناء وذلك بوضع القاتل والمغتصب وسط سجناء قضايا بسيطة!!!

🔸المعاملة السيئة والاإنسانية التي يتعرض لها بعض السجناء!!!

🔸هناك 700 شكوى عن سوء المعاملة!!!

🔸التعذيب الجسدي والنفسي والحبس الانفرادي!!!

🔸حالات وفاة غامضة!!!

🔸تفشي تجارة الممنوعات والمخدرات!!!!

وعليه فهناك مسؤولية تقصيرية ومسؤولية عقدية تتحملها المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج. ..

🔺سأقوم غذا إنشاءالله بتوجيه رسالة مفتوحة إلى السيد محمد صالح التامك مدير المندوبية العامة للسجون..

ملحوظة :  يجب مراجعة المسطرة الجنائية والسياسة العقابية عن طريق إجراء عقوبات بديلة غير سالبة للحرية.. أضف إلى أن الاعتقال الاحتياطي يظل خرقا سافرا للمعاهدات والمواثيق الحقوقية الدولية.

                      ✍️ سعيدة العلمي