أرشيف شهر: ديسمبر 2021

رسالة من اسير 

رسالة من اسير 

نادية عصام حرحش

نسير في معظم الوقت في حياة نظن أننا من نسيّر خطاها، ناسين بأننا لسنا إلا جزءا من منظومة وضعت بإحكام لسنا إلا مسيّرين فيها، بلا خيارات أو اختيارات.

نمشي وكأن العالم من حولنا هو ما ندركه كل يوم من أولاد وأصدقاء وزملاء. مكان عمل، منزل، ساحة، شارع مزدحم، حديقة.. فلان أنجب، فلان ترقى، فلان مرض فلان اعتقل، فلان سافر فلان مات.

وفلان هنا وهناك ينادي من اجل تغيير يريد لنفسه مقعدا عليه باسم الاسرى تارة والشهداء تارة والوطن تارة. نردد شعارات رنانة، نطلق وعوداً، وننثر وعيداً، ونمضي الى حياتنا.

ثم نجد أنفسنا فجأة وبدون سابق إنذار مقحمين في عوالم لم نكن حتى نعي وجودها. نرقبها، نترقبها، نراقبها عن بعد محتفظين بمسافات بيننا وبينها. أحيانا نعطي دروسا ومحاضرات بها عن بعد.

لنصبح فجأة بداخلها قسرا بطواعية خاشعة متواضعة. تأتي بنا كالصاعقة. لا نعرف متى دخلنا وكيف. والى اين نذهب. ومن تلك اللحظة كيف سنكون.

هذا ما فعلته تلك الرسالة بي عندما وصلتني قبل عدة سنوات. فتحتها بتهكّم، غير معنية كثيرا حتى بالنظر اليها. فعادة تكون الرسائل المحلية من الحكومة ولا تبشر بخير. استغربت كتابة اسمي على العنوان بالعربية. فالرسالة مكتوب عليها بانها ارسلت من إسرائيل.

استغربت عندما وجدت انها كتبت بخط اليد. للحظات ظننتها مرسلة بالخطأ حتى رأيت أسمي يتردد بين سطورها. لأنظر إلى التوقيع بأسفل الرسالة و أجد أنه من أسير. عندها استطعت تفكيك الكلمة التي لم أفهمها على الظرف عند العنوان، كانت كلمة سجن تلك التي لم أعرف قراءتها.

لحظات تحولت لساعات استمرت لأيام وأنا أفكر في تلك الرسالة. من هو ذلك الأسير؟ لم بعث لي أنا؟  كيف عرفني؟ من أين؟

ولكن لم تكن تلك الأسئلة التي استثارت مشاعري. ربما أردت للفضول أن يكون هذا سبب انفعالي. إلا انني أحسست وكأن عالما كاملا عرفت عنه طوال حياتي اقتحم وجودي وفرض نفسه علي. خلال السنوات قمت بشخصنة موضوع الأسرى، اجلالا واحتراما وتقديرا لما يقدمه اولئك في سبيل حلم وطن. إلا انني وبوعي كامل رفضت الاقتراب. لأن موضوع الأسرى يبكيني على حالنا الفلسطيني كموضوع اللاجئين والشهداء. فهؤلاء هم ضحايا القضية الفلسطينية قبل ان يصيروا أبطالها. حرمانهم ومعاناتهم وخساراتهم اعتلت على قممها القيادات واغتنى اصحابها واغتنموا منها … بينما استمرت وتستمر معاناة أولئك.

فشرف اللجوء والشهادة والأسر، هو شرف يستحقه فقط صاحبه … ولسنا مستحقين …كلنا أو أي منا، حتى لو كان هذا والداً أو أخاً أو زوجاً او قريباً جزءا من بطولته.

فالكلام في حقهم لا يزيدنا إلا وهنا وضعفا وبؤسا مهما حاولنا تزيينه ببلاغة أو ثناء.

إلا أن تلك الرسالة دقت على مكان ما بداخلي. ذلك الواجب البسيط الأضعف اليّ على ما يبدو حتى في وهنه مهم بطريقة ما لأولئك المظلومين القابعين في ظلم يلحقه ظلم …

أكتب كلامي هذا، أشعر بنفسي متناثرة في أرجاء زنزانة لا أقدر حتى على تخيل أبعاد محتوياتها. وسادة صلبة قذرة، غطاء لا يدفئ قرص برودة ولا يبرد حرقة صيف. رطوبة تمر مع كل نفس  تعيش داخل العظام، تتربع في أرجاء الحيطان. حائط كتبت وتكتب عليه الآمال والأحلام وتعد عليه الأيام والأشهر والسنوات. صور لأحبة حقيقيين ووهميين. عالم وعوالم تبنى وتحاك وتهدم في عبق الأيام والسنوات.

أحاول الاستفسار عنه أكثر، من هو، ما هو حكمه، متى سجن، هل سيخرج. تفاصيل لا تعني الكثير وسط الاف من الأسرى القابعين في سجون الاحتلال فداء لوطن قابع فينا كتلك الزنزانة. وطن نحلم بفك قضبانه وكسر قيوده. نحلم بالتحرر اليه الا اننا مأسورين فيه.

شاب لابد، كغيره من الآلاف الذين أمضوا شبابهم لسنوات وعقود، شابوا وهرموا منتظرين يوم يروا فيه حرية دخلوا يحلمون بها ويتمنوا لو يخرجوا ليحيوها.

محكوم لمؤبد او اثنين أو ثلاثة لا يهم. فسنوات السجن وأيامه سواسية. كأيام هذا الوطن الأسير وسنواته.

من الأسير الحقيقي؟ أنا من أنسج بكلامي عالم أحلم به بوطن يبكيني حاله وأحواله؟ أم هو، من ينسج بخياله وطناً وأناساً يستطيع أن يبنيهم ويهدمهم بمزاجه وبخياله في كل يوم وفي أية لحظة.

هو من يملك الوقت كله بينما أتزاحم انا على ايجاد وقت في عالم لا قيمة له.

في مثل هذه الايام طالت ايدي الغدر ابطالا كانوا لهذه القضية مثالا، وعلى نهجهم سار اولئك في سجون الاحتلال … عبد القادر الحسيني (٨ نيسان ١٩٤٨) وابو جهاد- خليل الوزير (١٦-٤-١٩٨٨). في مثل هذه الايام ومع بداية نكبتنا كانت مجزرة دير ياسين وفي مثل هذه الايام تم اعتقال مروان البرغوتي قبل ١٩ عاماً (١٦ نيسان ٢٠٢٠).

الاسرى في سجون الاحتلال يعانون ما لا ندركه من معاناة. يقضون ما تبقى من حلم لحياة في غياهب الزنازين والمعتقلات ويعانون كافة اشكال التعذيب والاذلال والاهانة. ما ندركه يوميا من عذاب نفسي وجسدي ولا نطيقه، كيف يكون حالهم وايديهم مغلولة بسلاسل السجان القامعة.

في كل لحظة نعاني فيها ونحن نمر عن حاجز…

في كل لحظة نشعر فيها بالتهديد من خطر رصاصة طائشة من جندي حاقد…

في كل لحظة يمر امامنا الجدار الفاصل العازل ولا نستطيع الوصول الى الجانب الاخر الذي كان للتو قريباً …

في كل لحظة نسكت فيها خوفا من ان يسمعنا أحد ويشي بنا.

في كل لحظة نخشى فيها العودة الى منزل ونجده مهدوما، او نفتح صندوق البريد ونجد اخطارا يهدد تواجدنا …

في كل لحظة نمشي بها “الحيط، الحيط” ونقول “يا رب الستر” فلنتفكر للحظة كم تكون حقيقة حياة كلها لحظات كهذه في زنزانة يتحكم بها احتلال هدفه منذ ان جاء الى وجودك ان يصفيك من الوجود بكل الطرق المتاحة وغير المتاحة…

لأسرانا المجد والكرامة …

في يوم الأسير تحية اجلال واحترام لكل اسرانا القابعين في غياهب الزنازين منتظرين شعاع ضوء يحيي فيهم امل الحرية.

كاتبة فلسطينية

أيام من حياتي لزينب الغزالي

أيام من حياتي مذكرات زينب الغزالي

(1917 – 2005)

داعية وسياسية مصرية تنتمي إلى حركة الإخوان المسلمين

تأليف : زينب الغزالي

كتاب أيام من حياتي ، لزينب الغزالي ، هو جوهرة من جواهر أدب السجون ، كتب هذا الكتاب بحرف من المعاناة والآلام جراء ما لاقته زينب الغزالي في سجون الرئيس جمال عبدالناصر وما لاقاه الإخوان المسلمون في خمسينات وستينات القرض الماضي من تشريد واعتقالات وتعذيب .

تحكي لنا زينب الغزالي في هذا الكتاب سيرتها الذاتية في تلك الفترة وتجربتها مع الإخوان المسلمين وصلاتها ببعض القادة البارزين في الجماعة وبشباب الإخوان المسلمين ، وتستعرض لنا سعيهم وأفكارهم خلال هذه الفترة من القرن الماضي ، والطرق التي وضعوها لتحقيق هذه المساعي ، وما حلّ بهم جراء السعي وراء هدفهم ، وافردت الكاتبة المساحة الأكبر من فصول هذا الكتاب لتبين لنا حجم المعاناة والألم والتعذيب الذي لاقته في السجون وغيرها من شباب الإخوان ، فقد تعرضوا لكل أنواع السباب والإهانات والضرب والتجويع والاعتقال الفردي والتجريد من الملابس في بعض الأحيان ، والتعذيب بشتى الطرق ، ولتبين حجم الكراهية التي كان يحملها جمال عبدالناصر تجاهها وتجاه جماعة الإخوان ، ومحاولات الاستمالة لها ولغيرها، مقابل الإفراج عنهم .

المؤلف كتاب أيام من حياتي والمؤلف لـ 2 كتب أخرى.

زينب محمد الغزالي الجبيلي (1917 – 2005) داعية وسياسية مصرية تنتمي إلى حركة الإخوان المسلمين ، وكانت إحدى الأعضاء البارزات في الاتحاد النسائي مع هدى شعراوي .

نسبها ونشأتها

ولدت زينب محمد الغزالي الجبيلي في 2 يناير 1919 في قرية ميت يعيش مركز ميت غمر محافظة الدقهلية ، وكان والدها من علماء الأزهر، وكان جدها تاجرا شهيرا للقطن ووالدها من علماء الأزهر الشريف وكان يعمل أيضًا تاجرًا للقطن، ووالدتها من عائلة كبيرة في قرية (ميت يعيش) مركز (ميت غمر) محافظة (الدقهلية)، ولدت السيدة زينب الغزالي في الثاني من يناير سنة 1919م الموافق الثامن من ربيع أول سنة 1335 هـ، توفي والدها في سن مبكرة سنة 1928م، وكان عمرها آنذاك حوالي أحد عشر عامًا.

دراستها

درست زينب الغزالي في المدارس الحكومية وتلقت علوم الدين على يد مشايخ من الأزهر، فبعد وفاة والدها انتقلت مع والدتها إلى القاهرة للعيش مع إخوتها الذين يدرسون ويعملون هناك ولم يوافق أخوها الأكبر محمد على تعليمها رغم إلحاح زينب وإصرارها .

واقتنى لها الكتب. وأهمها كتاب لعائشة التيمورية عن المرأة. حفظت زينب أكثر مقاطعه. لكنها لم تكتف بالكتب والقراءة الحرة .

ثم انتقلت بعده إلى الصف الأول وبعد شهرين من انتظامها في الدراسة أجرى لها اختبارا ألحقها على إثره بالفصل التالي. وهكذا درست زينب في المدارس الحكومية لكنها لم تكتف بذلك. فأخذت تتلقى علوم الدين على يد مشايخ من الأزهر منهم عبد المجيد اللبان ومحمد سليمان النجار رئيس قسم الوعظ والإرشاد بالأزهر .

والشيخ علي محفوظ من هيئة كبار العلماء بالأزهر .

وبهذا جمعت زينب بين العلوم المدرسية الحديثة والتقليدية القائمة على الأخذ المباشر من الشيوخ .

رسالة من أسير وإليه

أتحدث إليكم اليوم عن الأسير الذي أُسِرَ في سبيل الله سواءً كان داعياً إلى الله أو مجاهداً في سبيله أو ثابتاً على مبدئه الشرعي،

الأسير الذي حلَّ في سجن الظلمة {وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد}.

كان ولا يزال السجن أسلوباً من أساليب التهديد والقمع ومنع كلمة الحق أن تصل إلى مستحقيها،ومنع الأشخاص أو الدعوات الحقة من الظهور للناس ،أسلوباً  يستخدمه الظلمة ولكن هيهات هيهات وأنّا لهم ذلك ،لأنَّ السجن على ما فيه من ضيقٍ ووحدة ووحشة، إلا أنه محبوبٌ ورحمةٌ لأهل الإيمان .

هُدِّدَ موسى عليه السلام بالسجن فقال له فرعون {قال لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين}

يُدعى يوسف عليه الصلاة والسلام للفاحشة وإلا السجن فيقول {رب السجن أحبُ إليَّ مما يدعونني إليه} يُسجن ويثبت على عفته ولا يلاين الظلمة ،لأنه آثر محبوب الله على محبوبه،ومحبوب الله في هذه الحالة هو السجن الذي يكون فيه العفة والبعد عن الفتن ،ولأنه من عباد الله المخلصين إستجاب الله دعاءه {فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهنَّ}

قد يقول قائل هؤلاء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ،فأقول لقد كان لأئمتنا أحوالٌ وأحوالٌ في سجون الظلمة وسأذكرُ مثالين فقط :

المثال الأول :إمامُ أهل السنة والجماعة (أحمد ابن حنبل) رحمه الله وقصة هذا الإمام العلم أشهر من أن أذكرها ،ولكنه أُودِعَ السجن فخرج ذهباً خالصاً ثابتاً على مبادئه فجعله الله بهذا الثبات على الحق إماماً لأمة محمد( صلى الله عليه وسلم) من أهل السنة.

المثال الثاني:هو شيخ الإسلام (ابن تيمية) رحمه الله هو الآخر أُودعَ السجن ولم يخرج منه إلا محمولاً على الأكتاف وكان يقول ماذا يفعل بي أعدائي أنا سجني خلوة، وتلى قول الله تعالى حين أُلقيَ في السجن{فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب} عَلِمَ الله صدقه فجعله يخلو به في آخر أيام حياته وجعل هذا السجن (رحمة) فتوفي وهو يتلو كلام ربه{ إنَّ المتقين في جناتٍ ونهر في مقعدِ صدقٍ عندَ مليكٍ مُقتَدِر }توفي في السجن فكان شيخ الإسلام بحق، فإذا قيل شيخ الإسلام قال أهل السنة: (ابن تيمية)رحمه الله .

أماه لا تحزني فإني على الحق

أبتاه ارفع رأسك عالياً وافتخر بابنك الذي أُسِرَ في سبيل الله ولرفع شأن أمته

أمي أبي لا تنسوني من دعائكما لي بالثبات وسؤال الله أن يفرج عني وعن إخوتي

إيهِ يازوجتي الحبيبة الصابرة لعل صغاري يسألونك أين أبانا؟ فلا تترددي بالجواب

قولي لهم أبوكم في مدرسة يوسف عليه الصلاة السلام

ولعل الناس يسألون؟فقولي لهم إنه أُسِرَ ليحرر آلاف المسلمين

إيه أيتها الزوجة المباركة قولي لأبنائي وللناس أجمعين :

إن خرج زوجي وفك الله أسره فسيخرج كيوسف عليه السلام وكالإمام أحمد رحمه الله تعالى سيخرج مثلهم إن شاء الله ثابتاً قوياً وهذا ابتلاء وتمحيص له، ورفعة لدرجاته.

أي بُنَيَّ قل لرفاقك أبي ينتظر إحدى الحسنيين الخروج منصوراً بإذن الله ولو بعد حين كـ (يوسف) عليه السلام ، أو الموت ثابتاً على التوحيد، الموت على نصرة هذا الدين كـ (ابن تيمية) وما أشرفها من ميتة

اللهم فك أسرانا في كل مكان

اللهم اجعل لهم من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية

اللهم أفرغ عليهم وعلى ذويهم صبرا

كتبه أخوكم (حمزة أسد الله)

 التعذيب بتدمير الحياة الإجتماعية للمعتقل

 التعذيب بتدمير الحياة الإجتماعية للمعتقل

كانت سياسة امن الدولة مع المعتقل هى تدمير حياته من جميع جوانبها او شلها لاطول فترة ممكنة والدراسات والدورات السيكولوجية التى كان الضباط يتلقونها تقرر ان المحضن الاجتماعى للشاب المعتقل واسرته هما اساس التوازن فى حياته فلذلك كان العمل الدؤوب من جانبهم على تدمير الحياة الاجتماعية للمعتقل وتفكيك اسرته حتى يقع تحت حالة رهيبة من الضغط والاضطراب تفقده توازنه النفسى ومن ذلك كان ما تفعله امن الدولة من الضغط على كثير من اسر زوجات المعتقلين حتى تضطر الاسرة للضغط على الزوجة وتطليقها او ان يتم اعتقال الاخ لسنوات عديدة تصل ل15 سنة وتتعداها لتصل للربع قرن من الزمان كان اعتقال الاخ لكل هذه المدة فى كثير من الاحيان كفيل بارهاق زوجته واولاده فى الخارج بمتطلبات الحياة والمعيشة فى ظل غياب عائلهم والذى قد يكون العائل الوحيد لهم فلتجا الزوجة الى الخروج للبحث عن العمل ومصدر رزق لاولادها ويمنعها فى كثير من الاحيان حجابها ونقابها والتزامها باحكام الاسلام من منع الخلوة والاختلاط الى تقليل فرص العمل وقد كان هذا الضغط فى بعض الاحيان يؤدى الى طلب الزوجة الطلاق حتى يتسنى لها بدء حياة جديدة مع شخص اخر  يحيا حياة الحرية ويتمكن مما يعجز عنه الرجل القابع وراء الاسوار وعلى الطرف الاخر كان الغاليبة العظمى من زوجات المعتقلين يضربون المثل الاروع فى الصبر والوفاء والتحمل والتضحية فكانت الزوجة ترعى الصغار وتتابع زوجها الاسير بالزيارات والاطعمه والملابس وتدور على المحامين لعمل تظلم قضائى لزوجها او تصريح زيارة وهكذا فى حركة دؤبة مستمرة لا نهائية وتدور الشهور والسنين وينصرم العقد من الزمان ويبدا العقد الذى يليه تتابع سنواته حتى تصل لل18 عاما وقد يزيد وقد دخل المعتقل الاخ شابا والزوجة فى ريعان الشباب ويخرج الاسير وقد صار الاولاد الصغار هم الشباب والاسير ورزجته قد جاوزا الاربعين من عمرهما ولم يحيا معا سوى سنوات قليلة وفى بعض الاحيان كان الاخ يعتقل وهو فقط قد عقد زواجه كتابيا على الاخت فتجلس تنظره حتى تصل مده اعتقاله الى 15 سنة وكان هذا اخى وصديقى وحبيبى فى الله محمد غنيم من عين شمس وكان شابا وسيما جميل المحيا بشوش الوجه دائم البسمة طيب القلب تتتحدث معه فتحبه من اول لقاء لا محاله تشعر حين تلقاه انك مع صديق قديم يجلس معك يحادثك يطمئن على حالك يطيب قلبك بالكلام الطيب وذكر الله وعلى الطرف الاخر زوجته اخت فاضلة مجاهدة كانت ترعى زوجها المعتقل كل تلك السنوات مع انها كان من الممكن ان تفعل مثلما كان البعض يقول لها انه مجرد عقد كتابى ولم يتم الزواج فتطلقى وابداى حياتك الا ان الاخت الصابرة المجاهدة علمت ان لها دورا فى تثبيت قلب زوجها وهو فى اسره وكما انه قد بذل نفسه فى سبيل الله فعليها هى ايضا الا تكون اقل بذلا منه ولم تكتفى الاخت بذلك بل تعدى الامر لمعاونتها للعديد من زوجات وامهات المعتقلين الاخرين فكانت الاخت تذهب لعمل تظلمات للكثير من المعتقلين وتجمع من زميلاتها التبرعات لرعاية اسر المعتقلين الفقيرة وكفالتها وكانت تقوم هى والعديد من زوجات وامهات الاسرى بعمل هيئة اغاثية مصغرة لرعاية شئون المعتقلين الماسورين فى سبيل الله واسرهم وفى هذا المئات والالاف من الامثلة الفذة الرائعة والتى ساذكر ان شاء الله فى السياق بعضا منها و لا يفوتنى فى هذا المقام ان اتوجه بجميل الشكر والثناء لزوجتى سندى ورفيقتى فى محنتى والتى تحملت الكثير والكثير طوال سنوات اعتقالى وهى صابرة محتسبة ترعى اولادى وترعانى ولقد قمت بما يتوجب على شرعا من تخيير زوجتى حينما طالت سنوات الاعتقال ولم نكن ندرى متى سنخرج ومتى سيكون اللقاء خيرتها بين ان تصبر وتتنتظر او اسرحها سراحا جميلا فما كان منها الا ان حزنت انى لمحت مجرد تلميح لهذا الامر وطالبتنى الا اتحدث بمثل هذا الكلام مرة اخرى واستمرت رسائل الحب والشوق بينى وبين زوجتى عبر المئات من الرسائل التى يعلم الله كم كنا نعانى فى كتابتها وتوصيلها فى ظل غلق الزيارات السنوات الطويلة وسافرد لهذا الموضوع فصلا مستقلا فى الصفحات القادمة ان شاء الله وكذلك الامهات الذين قد لعبوا دور البطولة والاباء الذين صبروا وانفقوا والاشقاء الذين ساعدوا وبذلوا حتى الحماوات امهات الزوجات كان لهم دور بطولىّ كبير وهذا قد حدث معى شخصيا اذ كانت ام زوجتى ام شريف لها الفضل علىّ بعض الله فى رعايتى مع زوجتى اثناء اعتقالى وكانت لا تالوا جهدا فى السفر ورائى فى كل المعتقلات التى ذهبت اليها ورغم ما كانت تعانيه من تعب السفر وسوء المعاملة من ادارات السجون والوقوف فى الشمس الساعات الطويلة وهى ترتدى النقاب الاسود  وتحمل فى يدها حقائب الزيارات المليئة بالاطعمة والملابس لى ولاخوانى وفى النفس الوقت الذى كان ابنها اخو زوجتى طالب هندسة حاسوب بالازهر شريف مطلوبا لامن الدولة حينما اعتقلونا وكان حينها يؤدى مناسك العمرة ولذلك ظل هناك ل3 سنوات تلافيا لقدومه واعتقاله وقد احجل الدراسة فى كليته وكان فى السنه النهائية وعندما عاد الى مصر بعد 3 سنوات قاموا باعتقاله معى لمدة اربع سنوات  فكان الحمل ثقيلا على ام زوجتى حملا ماديا ومعنويا ونفسيا الا ان التزامها بشرع الله والعقيدة الاسلامية التى ربتت على قلبها مكنّها من تحمل كل هذه الاعباء دون ضجر او شكوى وبكل صبر واحتساب  فجزاءها الله عنا خير الجزاء وجزا الله كل امهات الاسرى وزوجاتهم وابائهم  افضل واحسن  الجزاء.