عندما أطل الربيع العربي على البلاد العربية بثغر مبتسم .. وبإشراقة هائلة كالريح الطيبة.. بعد عقود طويلة من القهر والقمع والعنت والمقت والسجون ومعتقلات الاستبداد.. حينها كان أدب السجون يكاد أن يدخل إلى مستودعات التاريخ
بعد أن رفرفت الحرية بجناحيها في الفضاء الهائل .. مؤذنة بنهاية عهود العصا والزرواطة والهراوات وأدوات القمع والتعذيب كلها المعروفة وتلك التي ظلت طي النسيان والكتمان والجدران…
كانت على الأقل أمنية … تحمل آمالا في المستقبل الخالي من الطغاة…
ليس غريبا أن ينحسر أدب السجون في أجواء الحرية فقد سقطت الأصنام تباعا ..
وصاحت الشعوب صيحة الملتاع الموجوع ..
{{ الشعب يريد}}…
يريد حرية
يريد كرامة
يريد عيشا كريما وحقوقا حقيقية للإنسان… لامزيفة أو مجرد ديكور لواجهة حقوقا شاملة كاملة غير مزيفة ولاخادعة ولامجزّأة او متاجرا بها …
كان من الطبيعي أن يكون هناك منعطف هائل ينتهي بزمن العتمات وفيه تبدأ حكايات البوح بعد الظلمات.. إنه لاشك الانبعاث الهائل من القبور وقيامةالأاجداث من أمكنتها المعتمة التي ظلت تثوي في دفائنها زمنا سحيقا عندما كانت ضمن قوافل الموتى الاحياء…
الموتى الاحياء كلهم حكاية وجع متعددة المآسي ….
عندما هلّت بشائر الحرية وهبت نسماتها العليلة في الربيع العربي.. كنا على موعد من ازدهار ادب السجون لأن حكاية السجون كانت ستروى على الطريقة الشهرزادية … لتميط اللثام عن كل آثام الاستبداد.. وبعدها كنا نأمل أن نودع ادب السجون ليحل محله أد ب الحرية…
ولكن… كان ل {{ لكن}} المنافقة كما كان يصفها المفكر المصري خالد محمد خالد.. كان لها رأي آخر مع إجهاض الحلم ونهاية الأمل الذي لايزال يرنو للعودة بالربيع من جديد فنحن في مواسم الشتاء والصقيع والقحط والاستبداد بلون جديد أشد قسوة مما كان عليه قبل الربيع العربي المجهض..
كنا نرقب ولادة وموتا … ثم ولادة جديدة لأدب جديد..
لكن تبين لناا من جديد أن لنا مع موعد جديد مع القهر في حلقات جديدة من ادب السجون في مشهد ما بعد الربيع العربي…ستروى ذات يوم
قبل أن يزهر اللربيع في صقيع القهر والاستبداد
ذات يوم من ذات قهر كتب الروائي المبدع عبد الرحمان منيف روايته الموجعة حد الألم {{ شرق المتوسط}} أرخ فيها لتجربة الاعتقال السياسي بكل لحظاتها الفائقة والعنيفة … اذكر أنني اقتنيت نسخة من طبعتها الأولى وعشت معها لأيام استحضر تفاصيل كل مشهد… كانت من أقسى اللحظات التي مرت علي وأنا بين جوانحها وفي حضرتها… ثم قدّر لي بعدها بعشرة سنوات أن اعيد قراءتها ولكن هذه المرة داخل السجون وفي حالة اعتقال سياسي كما كان بطل الرواية {{ رجب }} مع اختفلات بسيطة بيننا لكن الجلاد هو الجلاد والقهر هو القهر وكل الوجع هناك هو امتداد لوجعنا هنا حيث كنت .. في أقبية السجن المركزي القنيطرة ..
لا أدري هل هي غفلة من الرقيب أم لا مبالاة ممن كان يشرف على المكتبة السحنية ام لخطأ ما لا أعلمه جعل الرواية تقع في يدي عندما توصلت من مكتبة السجن بلائحة الكتب وما إن ارتطمت عيناي بعنوان رواية {{ شرق المتوسط}} حتى ارتميت عليها بلا تماطل… كانت قراءتها في السجن والسجن المركزي القنيطرة ذ ات لون لا أجسر على نقله لأنها لحظات إنسانية موغلة في الوجع خاصة ونحن يومها حديثي خروج من المعتقل السري…
ما أقسى أن تقرأ عن أدب السجون في السجون..
قال منيف في روايته تلك ما اعتبره مفتاحا لفهم مغاليق إدارة القهر في بلادنا التي وسمها ب{{ شرق المتوسط}}
{{سقوط الإنسان مثل سقوط أبنية، تهتز في الظلمة، ترتجف، ثم تهوي وتسقط، ويرافق سقوطها ذلك الضجيج الأخاذ، ويعقبه الغبار والموت واللعنة”
قبل الربيع العربي كان سقوط الأنسان كل يوم بفعل معاول القهر ربما يختفي مع النطق بأول كلمة من فمه أو خطه لأول عبارة يصنفها النظام العربي على أنها ضمن كل ما من شأنه.. أن يمس امن الدولة … ورويدا رويدا تحاك الروايات وتصير محاضرا تتحول الى سفينة قيد الغرق في عمق البحر ليهوي راكبها في القرار السحيق.. حيث يكون المثوى بطن الحوت.. ينتقل به من سجن لسجن ومن معتقل لمعتقل ومن يد جلواز لجلاد.. الى ان يخرج منها إن ولد ذات يوم ومعه قفة أمراض عضوية ونفسية ليواصل رحلة سجن كبير .. بحجم الوطن..
ممنوعا من العمل ومن الزواج الذي يصبح عسيرا ومن السكن ومن السفر ومن كل شيء من شأنه أن يحّرره من ربقة القهر ..
قليلون استطاعوا الفرار من الوطن الكبير الى البلاد الأخرى ليتنسموا قليلا من نسائم الحرية …. هناك يصبح السحن منفى أختياريا… او اضطراريا… واحيانا اجباريا… قهريا.. تعسفيا لابديل عنه الا سجن داخل اسوار الوطن…
ما أروع تشبيه معاول القهر الاستبدادي للإنسان وهو يهدم بفؤوس متعددة أقواها وأضراها.. الفأس الذي يهشم جمجمة الحرية ويسوق للمعتقلات السرية والعلانية
هكذا استطاع أدب السجون الذي حمل عاتقه وهمه الأّول رواده من النخب المثقفة على اختلاف اديولوجياتهم ما بين اليساريين والإسلاميين.. لتنقل منه شذرات تروى الحكاىة التي ستظل طي الكتمان والجدارن.. ربما غيّب الموت اكبر صفحاتها مع غياب من عاشوها…بكل مرّ ها وحنظلها
لهذا كان الادب بوابة نقل المعاناة الإنسانية داخل السجون ليمنحنا ادبا ارتبط بالسجون له ألق غريب وتذّوق فريد ومنه تنثال مشاعر شتىّ شديدة التناقض موجعة في كل تفاصيلها الدقيقة والجليلة…
يرى محمد أمين العالم الناقد المصري الكبير عن الرواية العربية في أدب السجون، انها {{تندرج أساساً في إطار الرواية الدرامية حيث يشكل المعتقل في حد ذاته الحدث، في حالة الفعل والحركة}} فهي تتخذ اشكالا أدبية متعددة في شكل مذكرات أو خاطرة أوشعر ومقالة وقصة لكنها اشد عذوبة وعاصفة في الرواية التي تأخذ مساحات كبيرة لرصد اعظم كمّ من المشاعر والمشاهد والاحداث… بتفاصيل تنقل الصوت والصورة والمشاعر الحسية .. فتحولها أمام القارئ الى ما يشبه الفيلم الوثائقي يمر أمام ناظريه الشريط فلا يكّف عن متابعته إلى النّهاية بعد ان تتملكه الدهشة من هذا العالم المغلق العجيب..
دهشة ممزوجة بانبهار عاتي …
هكذا هي الرواية في ادب السجون
بدايات ادب السجون في التاريخ المعاصر
عندما استشرى القهر وفتحت اقبية المعتقلات لإبادة البشر انبثق ادب السجون
في الأدب الروسي كتب دوستويفسكي رواية عن تجربته في السجن، فيما يشبه المذكرات وهي الموسومة ب: “ذكريات من بيت الأموات”. لم يقيّض لها أن تكون في مصاف ألمع رواياته إن قورنت برواية “أرخبيل الغولاغ” لسولجنتسين التي نالت شهرة واسعة، وتم توظيفها في الغرب، وفي أميركا، للتشهير بالممارسات القمعية لأجهزة الأمن السوفييتية آنذاك.. لكنهما من أوائل ما كتب عالميا عن رحلة الموت في جحيم السجون..
في عالمنا العربي يذهب بعض الباحثين الى القول.. أن بدايات هذا الفن الأدبي المرتيط بعالم العتمة.. ضمن ماهو مكتوب ومنشور بالعربية الى مرحلة الاستعمار
وربما تكون أول رواية تحدثت عن عالم السجون هي «وراء القضبان» للمصري «أحمد حسين»، التي صدرت عام 1949، وروى الكاتب فيها سيرته الذاتية وتجربته بعد أن كان أحد الناشطين السياسيين ضد الاحتلال الإنجليزي….
لاشك أن سجون الاستعمار الغربي {{ فرنسا في شمال افريقيا وانجلترا ودول أخرى في الشرق الأوسط ..}} كانت مكانا خصبا للمعاناة والقهر والاضطهاد والابادة.. لم تكتب فيها الأقلام إلا النزر اليسير بالمقارنة مع المدة الزمنية الهائلة التي قضاها الاستعمار في المنطقة بموازاة مع هول عظيم من القمع للحريات واغتصاب الأرض واستعباد السكان الأصليين… وما صاحبه من مقاومة ونضال شعبي متواصل لعقود الى ان تّوج بالتحرر…
وعندما رحل المستعمر للأسف تولّى قيادة الشعوب المستضعفة أناس من بني جلدتهم لكنهم لم يختلفوا عن المستعمر ذلك ان معظم البلدان بعد رحيل الاستعمار رزحت ولاتزال تحت نير الحكم العسكري وتتابعت عليها الانقلابات والخودات العسكرية ومعها تواصل القمع وسحب كل نسائم الحرية مع التفقير والتهميش وسرقة الثروات ومقدّرات الدول لتودع في بنوك الغرب.. ويظل الانسان فيها مشروع حذف متواصل…
لاشك أن وضعا مأزوما كهذا أفرز مرارت كثيرة رصد ادب السجون نزرا من جوانبها بالمقارنة مع هول ما مر بالشعوب من قهر وعسف وعنت ومقت..
طواف في سجون العرب
السرية والعلانية
في كل بلاد منيت بحكم الاستبداد.. بمختلف صوره وفي طليعتها من هيمنت عليها أصحاب الخودات العسكرية .. تجد معتقلات مقيتة لاتنسى وهي محفورة كالحفريات العميقة في العقل الجمعي لكل شعب في المغرب كانت معتقلات تازمامرت وقلعة مكونة دار المقري درب الشريف المعاريف معتقل تمارة … والسجن المركزي القنيطرة هذا السجن المنصنف كمكان للقهر يتعرض السجناء فيه {{ إلى معاملة قاسية وغير إنسانية، فهي متنوعة وفقًا للهدف من التعذيب}} وبين جوانحه اشد العنابر السجنية مقتا وغضبا {{ حي الإعدام}}.. ثم المؤبدات….
كان السجن يستعمل منذ العهد الاستعماري لأصحاب الأحكام الثقيلة. واستعمل في السبعينيات والثمانينيات للمعارضين اليساريين ثم الإسلاميين، ويستخدم حاليا للمتهمين بقضايا الإرهاب.
يقع هذا السجن المغربي على بعد 25 كيلومترًا من العاصمة الرباط، وهو الأكبر والأقدم في المملكة المغربية. يضم غالبية السجناء المحكوم عليهم بالإعدام، وقد وصفته المنظمة الأميركية غير الحكومية لمناصري حقوق الإنسان بالقول أن “{{ظروف سجن القنيطرة كارثية في أحسن الأحوال ومهددة للحياة في أسوئها}}”.
وفي مصر كان لاظوغلي والسجن الحربي الباستيل والليمان.. وسجن العقرب المقيت وقد افتتح في عام 1993 بني سجن “العقرب” المصري، في منطقة سجون طرة المركزية الواقعة جنوب القاهرة، صمم على غرار السجون الأمريكية، وهو نسخنة مكررة لمعتقل “جوانتانامو”، يحاط السجن بسور يبلغ ارتفاعه سبعة أمتار وبوابات مصفحة من الداخل والخارج، ويتكون من 320 زنزانة مقسمة على أربعة عنابر.
اليوم تستخدم السلطات المصرية في هذا السجن الكثير من أساليب التعذيب، منها على سبيل المثال {{الإهمال الطبي للقتل البطيء للمعارضين، }}يقول مدير مركز شهاب لحقوق الإنسان خلف بيومي إن: “{{هناك إصرارًا وخطة للتخلص من الاسلاميين عبر سوء المعاملة والإهمال الطبي ومنعهم من تناول أدويتهم، مما أدى إلى تدهور حالتهم الصحية، فالتعذيب الممنهج في سجن العقرب لا يسقط بالتقادم، وأن ما يجري هو قتل عمد وقد توفي الى الآن داخله المئات من السياسيين
وفي الجزائر سجن البرواقية يقع بولاية المدية،معروف منذ عهد الاحتلال الفرنسي للجرائز. يرتبط اسم السجن بمجزرة حدثت عام 1994 عندما حاول بعض السجناء التمرد، يقول أحد شهود المجزرة: “كان وضع المساجين مأساويًّا حقًا، حيث لا أكل ولا ماء ولا ضياء، ولا أيّ شيء يمكّننا من المقاومة، لمدة ثلاثة أيّام..وهو من أشنع سجون الجزائر وأكثرها سوءا
وفي تونس برج الرومي وهو أسوأ السجون التونسية سمعة، وأكثرها تسجيلًا لوقوع الانتهاكات الممنهجة إبان عهد الرئيس السابق علي زين الدين، وحسب جمعية مكافحة التعذيب في تونس فآلاف المعتقلين السياسيين في السجون التونسية عذبوا حتى مات بعضهم في عهد بن علي واختفى البعض الآخر…
في الأردن سجن جويدةيقع هذا السجن شرق العاصمة عمان في منطقة الجويدة، ويشتهر بسوء معاملة السجناء والمعتقلين، حتى قيل أنه في الشتاء ونتيجة للبرد القارس تجف عظام المعتقلين من سوء المعاملة
وفي لبنان سجن رومية ويعد أكبر السجون في لبنان ويقع في شرق العاصمة بيروت. وتبلغ طاقته الاستيعابية 1500 سجين بينما يقدر عدد السجناء القابعين فيه بما بين أربعة آللأأاف وخمسة آلالاف معتقل
معظم سجناء سجن رومية هم من الإسلاميين، ويشتهر السجن بكثرة أحداث التمرد خلاله بسبب سوء المعاملة، وقد كان سجن رومية بؤرة للنقاش الإعلامي منتصف العام الحالي إثر تسرب مقاطع فيديو أظهرت عملية تعذيب للسجناء داخل السجن.
وكانت لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة{{ نشرت تقريرًا نهاية عام 2014 تضمن الإشارة إلى ممارسات التعذيب والمعاملة القاسية وغير الإنسانية في لبنان. وأشار التقرير إلى أن التعذيب في السجون والمقارّ الأمنية والعسكرية اللبنانية أمر “شائع وممنهج}}
وفي البحرين سجن “جو” الذي يوصف بأنه الأسوأ في البحرين، هذا السجن عبارة عن مجمّع لعدة سجون شيد في منتصف السبعينيات كمبنى واحد ثم أخذ يتوسع به حتى أصبح يضم أربعة سجون، ويضم العدد الأكبر من السجناء الجنائيين والسياسيين
وفي العرق هناك سجن الكاظمية و يعد سجن الكاظمية الأسوأ في العراق، فهذا السجن الواقع في الضاحية الشمالية من بغداد هو “المكان الذي يختفي فيه العراقيون” كما أكدت صحيفة نيويورك تايمز، إذ أنه المكان الأكثر الذي يُعدم فيه العراقيون بالدرجة الأولى
وفي سوريا فرع فلسطين والعديد من معتقلا ت السر وسجون المقت اشنعها سجن تدمر يقع هذا السجن نحو 200 كم شمال شرق العاصمة السورية دمشق، وتحديدًا في ريف حمص، وهو أكبر سجون النظام السوري، والأسوأ حتى على المستوى الدولي، إذ يمتلك فيه الحراس صلاحيات بقتل أي معتقل برصاصة أو تعذيبه حتى الموت دون حتى إبداء أي أسباب.
وشهد هذا السجن واحدة من أكبر المجازر على المستوى العالمي، وقعت في الثمانينيات عندما تعرض الراحل حافظ الأسد لمحاولة اغتيال فاشلة، وأودت المجزرة بحياة مئات السجناء غالبيتهم من جماعة الإخوان المسلمين بسوريا.
يذكر أن تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” تمكن في مايو الماضي من تدمير السجن…
وفي الإمارات سجن “الرزين” الإماراتيالأسوأ سمعة بين سجون الإمارات، ففي هذا السجن يقضى المئات من المعتقلين السياسيين الإماراتيين أحكامًا مشددة عقابًا على مطالبتهم بالإصلاح السياسي، إذ يعتاد هؤلاء على اقتحام الحراس للزنازين وضربهم ومصادرة مقتنياتهم، وإغلاق نوافذ كافة الزنازين بالطوب لمنع دخول أشعة الشمس، ويحرمون من النوم، ويجوعون، ويمنعون من الزيارة
وفي السعوديةيعد الحاير أكبر سجون السعودية، ويقع على بعد أربعين كيلومترا جنوبي العاصمة الرياض، وهو أكثر سجون البلاد تحصينا، حيث يخضع لرقابة أمنية مشددة.
افتتح السجن عام 1983، وتشرف عليه المباحث العامة السعودية، ومعظم سجنائه مدانون في قضايا إرهاب، بمن فيهم من نفذوا هجمات لتنظيم القاعدة داخل السعودية، وتشير مصادر أخرى إلى أنه يستقبل أيضا سجناء الرأي.
الروايات والقصص التي نقلت تجارب أصحابها بعد أن قضوا فترات طالت أو قصرت في السجون
في مرحلة احتدام الاعتقال السياسي في العالم العربي من الخمسينات وحتى مشارف اندلاع شرارة الربيع العربي عندما رفت المطالب الشعبية بالحرية والذي أعلن عن إرادة الشعوب {{ الشعب يريد اسقاط النظام }}….
خرجت من بين جدارات المعتقلات العديد من روايات شكلت العمود الفقري لأدب السجون في تاريخنا المعاصر…
ذلك أن ادب السجون هو كل ما خرج من بين براثن العتمة من تحت ظلفها ونابها ومن أعماق بطن الحوت الرهيب ليروي الحكاية الشهرزادية التي لاتنتهي عن عالم الوحوش الكاسرة في الأمكنة المغلقة…
سنتطرق هنا لجكملة من روايات السجون ذات الطابع السياسي.. ما بين الشام ومصر والمغرب ..
كنموذج.. للعتمة القاهرة التي تغطي كافة أرجاء الوطن العربي وخارطته من المحيط إلى الخليج…..
شرق المتوسط -عبد الرحمن منيف
صدرت طبعتها الأولى عام 1975، وهي واحدة من رائدات الأعمال الروائية العربية عن الاعتقال السياسي، إذ استلهمتها أعمال تالية كثيرة. عرض عبد الرحمن منيف فيها سيرة غير محددة، من حيث الزمان والمكان لكنها غطت مساحات كبرى للقمع السياسي، ولعله عندما أخفى هذين البعدين من أبعاد العمل الروائي الأساسيين،{{ أراد تقديم تعميم أساسه التشابه بين دول ما بعد الاستقلال في الوطن العربيّ. يعالج النص الروائي وضعيات المعارضة السياسية في هذه الدول من خلال سيرة معارض في سجون الاعتقال السياسي، ويتعرض بوصف دقيق لإشكاليات التعذيب والاعتراف والتحقيق}}
ثم اتبعها لاحقا بالرواية التي تحمل نفس العنوان ونفس الوجع بنفس النسق {{ الآن هنا .. أو شرق المتوسيط مرة أخرى}}.
القوقعة – مصطفى خليفة
رواية القوقعة تعد من بين اشهر الروايات التي غطت معاناة السجةون السياسية خاصة في حالة السجن السوري الرهيب {{ تدمر}} بل تعد القوقعة منأهمها وأشهرها. حيث حققت هذه الرواية الصادرة للمرة الأولى عن دار الآداب عام 2008، رواجًا عاليًا، {{ربما لأنها العمل الذي اعترف صاحبه بوضوح، أنه شهادات شخصية وحقيقية في رواية، وهذه المرة عن سجون حافظ الأسد في سوريا.}}و يصف العمل الذي يعد من أهم الروايات عن سجن تدمر{{ تجربة الطالب السوري الذي عاد إلى وطنه، فانخطف فور وصوله إلى المطار، وبقي في سجن النظام 13 سنة من دون تهمة واضحة، أو معروفة. هذا عمل فريد، ، إذ استطاع خليفة أن يقدم{{ تجربة عن آليات عمل أنظمة المخابرات السورية، التي تحكمت عشرات السنين في مصائر عائلات وأشخاص، ومجتمع كامل ربما. إضافة إلى قدرته على تقديم قراءة نفسية للسجن وضحاياه، إذ يجيء في العمل تأكيد متكرر على التغيير الذي يفرضه المكان المغلق، فلا يمكن أن يخرج الإنسان كما دخل}}.
تعد الرواية وثيقة هامة ترصد تفاصيل ونتوءات الوجع عن سجن تدمر{{ تمس حياة آلاف السوريين الذي وجدو نفسهم فجأة في أقبية لسنوات طويلة، من دون تهمة، أو لأنهم فقط فكروا على عكس ما يريده السجان}}.
تلك العتمة الباهرة – الطاهر بن جلون
صدرت الروايةبالفرنسية عام 2000، وترجمت إلى العربية من خلال دار الساقي. تروي الرواية سيرة واحد من المعتقلين المتهمين بالقيام بانقلاب الصخيرات ضد النظام الملكي بالمغرب عام 1971. وصاحب السيرة واحد من أفراد الجيش. يؤرخ العمل لتجارب في سجن تازمامارت، واحد من أكثر السجون المغربية التي عرفت التعذيب لدوافع سياسية، وأكثر السجون سرية في فترة من فترات التاريخ المغربي
الزنزانة رقم 10
رواية توثيقية لاحمد المرزوقي عن سجن مقيت ذائع الصيت ظل فيه مع مجموعة من المختطفين قرابة العشرين سنة وهو على نسق ما قصته رواية تلك العتمة الباهرة
بين السجن والمنفى – أحمد عبدالغفور عطار
صدرت الطبعة الأولى عام 1981، يروي فيها الكتاب سيرة شخصية أقضاها في الاعتقال لتسعة شهور ، كانت فترة السجن المذكورة في سجون المملكة العربية السعودية، وكانت تهمة الكاتب أنه كان يكتب ضد المملكة السعودية والسلطات في الصحف المصرية.
السوريون الأعداء – فواز حداد
تعد رواية “السوريون الأعداء” من أهم الروايات عن سجن تدمر أيضًا، وقد صدرت الرواية عن دار رياض الريس للنشر في بيروت عام 2014. {{ومع أن الرواية تؤرخ للحظة تاريخية حاسمة في تاريخ الاستبداد في سوريا والقمع في سجن تدمر، أي مجزرة حماة في الثمانينيات، فإن الكاتب يحاول فهم العلاقة بين ما حدث هناك وما يحدث اليوم في سوريا إبان الثورة على النظام المستبد، ويعرض تفاصيل مهمة عن بنية النظام الطائفي والعائلي في سوريا، الذي يستند على مركزية طائفة، ثم مركزية عائلة ثم مركزية شخص. يتطرق أحد أجزاء العمل إلى حياة سجين في سجن تدمر، واحد من أقسى سجون الاستبداد، الذي لاقى اهتمامًا واسعًا، فهنالك روايات عن سجن تدمر تعرض تجارب التعذيب والأسر، كما عرضنا في رواية القوقعة التي تتحدث عن تجربة في نفس المعتقل في سجن تدمر سيئ الذكر}}
فرج – رضوى عاشور
صدرت الطبعة الأولى من العمل عن دار الشروق عام 2008. لرضوى عاشور أعمال أخرى عن أدب السجون ،{{ إذ تنقل تجربة أجيال متتالية تخصها مع السجن، بدءًا من تجربة والدها ثم تجربتها هي، وأخيرًا تجربة شقيقها الصغير. ومن خلال هذه الأجزاء الثلاثة يعرض العمل تفاصيل الملاحقة والقمع السياسي في فترات مختلفة، وكأنها أرادت أن تقول، إن التجربة واحدة ومشتركة}}.
شرف صنع الله إبراهيم
روايات من أدب السجون كروايته {{ تلك الرائحة وان كانت رواية “شرف” عدة تعد الأهم وقد اُختيرت من قِبل “اتحاد كتاب العرب” كواحدة من أهم مائة رواية عربية على مر العصور، حيث يفضح فيها الكاتب العالم {{المسكوت عنه خلف القضبان، حيث يروي قصة شاب فقير تضطره الظروف لارتكاب جريمة قتل بدافع الدفاع عن الشرف ضد “جون” الأجنبي الذي حاول الاعتداء عليه جنسيًا، ليدخل “شرف” إلى السجن ويكتشف هناك هذا العالم الموبوء الذي يجب عليه فيه أن يتخلّى اور عن “شرفه” من أجل المحافظة على حياته}}.
العصفور الأحدب
العصفور الأحدب تعد تجسيدًا لأدب السجون على المسرح، حيث اشتهر الأديب السوري محمد”الماغوط بتوظيف السخرية في الأدب من خلال التهكم في الميدان
الاجتماعي والسياسي، كتبها “الماغوط” عام 1960 من محبسه ,,,
سميت بالعصفور الأحدب والسبب في ذللك {{يعود إلى انتشار الزنازين ذات الارتفاعات المنخفضة التي تُشكل تقوسًا في الظهر لدى السجناء، أما العصفور فيرمز به الماغوط إلى الإنسان الحر.
يسلط الماغوط الضوء على السلطة التي تلاحق المواطنين بشكل مستمر بسبب خوفها أن يقيموا مؤامرات ضدهم، فنرى في المسرحية أن الشرطة تلقي القبض على المواطنين دون أن يقترفوا أية جرائم تستحق السجن والتعذيب}}
الخلاص يا شباب، 16 عامًا في السجون السورية “ياسين الحاج صالح”
كتاب آخر من فئة أدب السجونفي سوريا، {{حيث قبع ياسين الحج صالح بسجون الأسد الأب والابن ستة عشر عامًا. يقولكاتبها في مقدمة كتابه بأنه {{“لم يف ما كُتِبَ عن السجن السوري حتى اليوم التجربة حقها. سُجن آلاف ومرّ بتجربة السجن عشرات الآلاف، ولم تُكتب أو تُنشر غير بضعة كتب”، ورغم تجربته طوال تلك الفترة إلا أن كتابه خرج موضوعيًا به من حكي تجربته الشخصية والروحية أكثر مما به من حكايات الألم
صدرت عن دار الساقي العام 2012
حدائق الملك
يصنف الكتاب ضمن الشهادات والمكرات وهو وثيق الصلة بأدب السجون تروي فيه فاططمة اوفقير زوجة الجنرال اوفقير .. وهو امتداد لرواية على نفس النسق لابنتها مليكة اوقير {{ السجينة }} التي أرخت فيها لتجربتها في الاعتقال
وهما شهادتين عن مرحلة فاصلة في تاريخ المغرب المعاصر التي شهد فيها البلد اعنف السنوات بانتهاكاتها وسجونها السرية….
يتبع في الحلقة الثانية
{{سوق أدب السجون في أوجها مع منعطف الربيع العربي}}