أرشيف سنة: 2021

رسالة من الأسير الفلسطيني عبد الكريم أبو حبل أبي بكرفي سجن النمسا الى والدته

توصلنا برسالة من الاسير الفلسطيني

عبد الكريم أبو حبل أبي بكر

نزيل احدى سجون النمسا ننشرها كما وصلتنا

  وقد كانت سلطات الاحتلال اعتقلت أبو حبل حين كان يبلغ 14 عاماً خلال اجتياحها لمنطقة “تل اقليبو

 حيث مكث في معتقلاتها  9 سنوات قضاها متنقلاً في عدة سجون للاحتلال.

وفي يوليو/ تموز 2017 اعترفت سلطات الاحتلال بشكل رسمي وعلني بوقوفها خلف عملية اعتقال الشاب عبد الكريم (27 عاماً) .

 بعد  ان وصل للنمسا عام 2016 محاولاً الإقامة فيها والبحث عن عمل، إلا أنه اعتقل بعد أشهر من وصوله، بزعم علاقته بـ”الإرهاب” من خلال التخطيط لهجمات ضد (إسرائيل)، انطلاقًا من أراضيها ما دفعها للحكم عليه بالسجن المؤبد.

شبكة وا اسلاماه   تنفرد  بنشر رسالة من الاسير القابع في سجون النمسا الى امه وكأنما هي وصيته بحروفها الناطقة……

إلى أمي العزيزة،أهدي إليك سلامي وأشواقي ،لورفعته إلى السماء لكان قمراً ،ولونزلت به إلى الأرض لكساها سندسناً وحريراً،أما بعد:
أمي الحبيبة:
كم أشتقتُ إليك عزيزتي ،كم كنت أتمنى أمنيات في فضاء الحرية ،ولكن أجمل ماكنت أتمناه هو رضاء الواحد الأحد ،وإن كان في مكوثي في الحديد رضاء ربي الباري ،فالحمد الله في السراء والضراء ، وفي الشدة والرخاء، وعند تكالب  الأعداء..
أمي الغالية لا تحزني على ماقدره الرحمن الرحيم لي، فطالما أستودعتني في حفظ الله وتيقني أن الله خيرٌ حافظا وهو أرحم الراحمين..
أقول لك يا أماه…
فهل تذكرين يا أمي يوم ما كنت في المحنة الأول ،عندما جئت لزيارتي. وكنت تقول لي دوماً:

“عندما تنظر من النافذة لا تنظر إلى القضبان، بل انظر إلى السماء”.

حتى أنجاناربنا من براثين الظالمين.فأنا دائما اذكر هذي الكلمات وهي  ترن في أذاني و تستقرفي أعماق وجداني ، ولكن يا أماه لا تذرفين الدمع لا تفعلي أفديك أماه بحياتيا،ولاتبكي لقيدي فأنا لربي قد نذرت حياتيا ، فسوف ينجينا  الله مره أخرى من عقر السجون ظلمة الأهات والشجون وماذالك على الله بعزيز.
وكلّ الحادثات إذا تناهت * فموصول بها الفرج القريب

وفي الختام يا أم رامز …
إن الإنسان لا يأمن على نفسه ،في أي مكان أن يوضع في رمسة ،فإن خط القضاء منيتي وأنا حبيس زنزانتي فلا يشتد حزنك ، وسلمي الامرالى  العزيز الرحيم ،وقابلني بثوب الصابرين الشاكرين ،فإن أبنك لم يمت على قارعة الطريق …. بل مات في سبيل الله ورفع اللواء..
اللهم إني لا أقول هذا تزكية لنفسي ،اللهم أنت أعلم بي مني ومن غيري ،ولكني أقول ذلك تعزية لأمي الحبيبة ،التي مافتئت تذرف الدمع عليه.
وما يؤلم النفس الكليمة أنني ***أحن إلى أمي وقيدي يمنع
عسى يكرم الرحمن بزورة*** لها تبرد الأشواق فالوجد يوجع..
أبنك البار:
عبد الكريم أبو حبل أبي بكر

حوار مع الأستاذ الدكتور عماد الدين خليل-الأدب الإسلامي همومه وقضاياه

حوار مع الأستاذ الدكتور عماد الدين خليل

الأدب الإسلامي  همومه  وقضاياه

 الجزء الأول

 حاوره زكرياء بوغرارة مشرف شبكة وا أسلاماه وموقع ادب السجون

  عندما شرعت في  اعداد سلسلة حوارات مع  ادباء  ومنظري الادب الاسلامي ومن يحمل  همومه وقضاياه  هالني  غياب   قامات شامخة كنت   اتابع  كتاباتهم وادبهم شعرا ورواية ودراسة    عندما سعيت في   التواصل معهم بعد  غيابي الطويل في السجون  وجدت الكثير منهم   قد رحل  في صمت…  والبعض منهم  حاولت التواصل معه  فاعتذر بعد ان   اصبح  طريح الفراش يئن من وطأته  … ةقد  أنشب في جسمد  نابه الأكول

  من هؤلاء الاستاذ الدكتور عماد الدين خليل الاديب الاسلامي الفذ  والمؤرخ اللامع الذي   وضع لتاريخ الاسلامي قواعد  ونظريات  وشاد  صرحه  بشموخ وثبات ..

فقد  تابعت من زمن سحيق كتاباته الرزينة  وما  ابدع في الادب الاسلامي والتنظير له..  فهالني  انه قد يعتذر عن الحوار  نظرا لظروفه الصحية القاسية   كما وصفها في موقعه الرسمي ومع هذا الخوف  والخشيةمن فوات  شرف محاورته ونكش  ما  بين جوانحه عن الادب الاسلامي وادب السجون  …..القضايا والهموم

 فقد    سعيت لذلك جهدي  وما وسعني السعي ..

  ولم ألبث الا يسيرا حتى تلقيت ردا من   نجله  الاستاذمحمد  عماد خليل  الذي تواصل معي حتى تم  انجاز هذا الحوار الناذر والفريد مع هذه القامة الادبية والعلمية والاكاديمية…..

 نقدمه لقراء شبكة وا اسلاماه وموقع داب السجون في جزئين لتعم الفائدة

 فالى الحوار

 ورقة تعريفية بالدكتور عماد الدين خليل

– ولد في الموصل – العراق عام 1941م.

– حصل على البكالوريوس ( الليسانس ) في الآداب بدرجة الشرف من قسم التاريخ بكلية التربية / جامعة بغداد عام 1962م ، والماجستير في التاريخ الإسلامي بدرجة جيد جداً من معهد الدراسات العليا بكلية الآداب / جامعة بغداد عام 1965م ، عن رسالته الموسومة بـ ( عماد الدين زنكي : 487-541 هـ/1094-1146م ) ، والدكتوراه في التاريخ الإسلامي بدرجة الشرف الأولى من كلية آداب جامعة عين شمس في القاهرة عام 1968 م ، عن أطروحته الموسومة ( الامارات الارتقية في الجزيرة الفراتية والشام : 465-813هـ/1072-1410م ).

– عمل مشرفاً على المكتبة المركزية لجامعة الموصل عام 1968م.

– عمل معيداً ، فمدّرساً ، فأستاذاً مساعداً ، في كلية آداب جامعة الموصل للأعوام 1967-1977م.

– عمل باحثاً علمياً ، ومديراً لقسم التراث ، ومديراً لمكتبة المتحف الحضاري ، في المؤسسة العامة للآثار والتراث – المديرية العامة لآثار ومتاحف المنطقة الشمالية في الموصل للأعوام 1977-1987م.

– حصل على الأستاذية عام 1989م ، وعمل أستاذاً للتاريخ الإسلامي ومناهج البحث وفلسفة التاريخ في كلية آداب جامعة صلاح الدين في أربيل للأعوام 1987-1992م ، ثم في كلية تربية جامعة الموصل 1992-2000م ، فكلية الدراسات الإسلامية والعربية في دبي ، بالإمارات العربية المتحدة 2000-2002م ، فجامعة الزرقاء الأهلية ، الأردن ، عام 2003م ، فكلية آداب جامعة الموصل 2003-2005م التي أعارت خدماته لكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة اليرموك – الأردن ، لفصلين دراسيين عاد بعدهما للعمل في كلية آداب جامعة الموصل حتى إحالته على التقاعد عام 2009م لكي يعيّن بعدها أستاذاً متمرساً في الكلية ذاتها. هذا إلى تعيينه أستاذاً محاضراً في قسم الدراسات العليا لكلية الإمام الأعظم في الموصل حيث لا يزال.

 الحوار الجزء الاول

السؤال الأول : في البداية نحب أن نسألكم عن مفهوم الأدب الإسلامي بإيجاز ، بحيث يتضح معناه وتتكون صورته في ذهن القارئ الكريم. وما الذي يعنيه الأدب الإسلامي بالنسبة إليك ؟ وما الذي يدلّ عليه في رأيك ؟ وهل لهذا الأدب الإسلامي مستقبل ؟

الجواب : يمكن تعريف ( الأدب الإسلامي ) بإيجازٍ بالغ بأنه تعبير جمالي مؤثر بالكلمة عن التصور الإسلامي للوجود … وستكون الخبرة الإسلامية المنبثقة عن التصور الإسلامي مندرجةً ضمناً في سياق هذا التعريف.

فنحن إذاً ازاء ركنين أساسيين ، يتضمن كل منهما عناصر فرعية … أولاً : التعبير الجمالي المؤثر بالكلمة ، ولابد – إذاً – أن يتحقق بالكلمة ، وليس بأداةٍ أخرى ، وأن يملك جماليته الخاصة وقدرته في الوقت ذاته على التأثير ، على توصيل الشحنة الفنية إلى الآخرين ، وإحداث الهزّة المرجوة فيهم.

ثانياً : التصوّر الإسلامي للوجود ، ولابدّ – إذاً – أن يملك الأديب المسلم فلسفة ، أو تصوراً ، أو موقفاً شمولياً ازاء الكون والحياة والإنسان ، وأن ينبثق هذا التصوّر ، الذي يطبع التجربة الذاتية طولاً وعرضاً وعمقاً ، عن الإسلام المتميز ، المتفرّد المبين.

وأي إغفال لواحد من هذين الركنين ، وأي تجاهل لإحدى العناصر الفرعية التي يتضمنانها سوف يخرج بالعمل الأدبي – ولا ريب – عن كونه أدباً إسلامياً … اننا آنذاك سوف نلتقي بشروح ( غير فنية ) لهذا الجانب أو ذاك من الإسلام تصوراً
أو سلوكاً ، وهذا ليس أدباً إسلامياً بحال من الأحوال. وقد نلتقي بعرض فني جميل مؤثر ، لكنه لا يصدر عن التصور الإسلامي ، ولا يمسه من قريب أو بعيد ، فهو ليس أدباً إسلامياً بحال من الأحوال. وقد نلتقي بعمل يتضمن قدراً من المعطيات الجمالية المؤثرة بأداةٍ أخرى غير الكلمة ، كالريشة أو الآلة الموسيقية أو الأزميل ، فهو – أيضاً – ليس أدباً إسلامياً ، ولكنه قد يكون فناً إسلامياً. وقد نلتقي بتعبير جميل عن الإسلام ، ولكنه لا يملك القدرة على التوصيل والتأثير ، لأنه لا يتجاوز الشكل إلى المضمون. ولا يعدو أن يكون زخرفاً من القول ، وليس أدباً إسلامياً.

لقد جابه أدباء الإسلامية تحدياً كبيراً والحق يقال ولكنهم قدروا على أن يجتازوه بقدر طيب من النجاح. وهاك سيلاً من الأعمال الدراسية والنقدية والتنظيرية والابداعية تخرج على الناس بكثافة تلفت النظر ، بحيث أن محاولة كتلك التي قام بها الدكتور عبد الباسط بدر ( رحمه الله ) في ( فهرسة مكتبة الأدب الإسلامي ) تضع بين أيدينا مئات المؤلفات والبحوث ، وقد وعدت بأن تضع في أجزائها القادمة مئاتٍ أخرى من الأعمال الابداعية. فماذا يمكن أن يقال عن المستقبل ؟ وهاك أيضاً … فلأول مرة في تاريخ الأكاديمية يفرض هذا الأدب حضوره في أروقة المعاهد والجامعات ، فتكتب عنه البحوث والدراسات وتقدم الرسائل والأطروحات. ويجب أن ننّبه إلى أن الدوائر الأكاديمية التي تقبل هذه الممارسة المتزايدة ، دوائر لم تكن تعترف إلى عهدٍ قريب بشيئ اسمه الأدب الإسلامي ، والأساتذة الذين يشرفون ويناقشون ويقرّون درجة ما لهذا البحث أو ذاك عن الأدب الإسلامي ، قد لا يكونون أساساً من الإسلاميين ، بل إن معظمهم من أولئك المتأثرين بتيارات النقد الغربي.

وإلى جانب هذه الدوائر فان أقسام اللغة والأدب العربي في العديد من الجامعات العربية والإسلامية قد أقرّت هذا الأدب في سياقاتها المنهجية وأعطته المساحة الواسعة التي يستحقها ، ولسوف يزيد هذا التوجه عرضاً وعمقاً الجهود القيمة التي تبذلها
( رابطة الأدب الإسلامي العالمية ) في لمّ الطاقات وبرمجتها وجعلها تصب في البؤرة التي ستمزق حجب الجهل والتجاهل ، وتضع في دائرة الضوء ، وتنمّي واحدة من أشد معطيات الإنسان الأدبية ارتباطاً بقضية الإنسان وهمومه ، وأكثرها نقاءً وطهراً ، قبالة عالم يكاد يختنق بالدنس ، وفسادٍ يلف البر والبحر والسماء بما كسبت أيدي الناس.

قبالة الهزائم والانكسارات التي عانت منها ولا تزال المذاهب والكشوف الغربية على مستوى الحياة الإنسانية … قبالة ضياع إنسانية الإنسان ودمار الإنسان نفسه في عالمٍ يحاصره السباق المحموم للتكاثر بالأشياء ، ويستنزفه الإغراق في الشهوات الهابطة ، ويلفّه سعار الالتصاق الأعمى بكل ما هو مادي … قبالة الآداب الغربية التي ارتكست هي الأخرى في حمأة الرذيلة والتفكك ففقدت وظيفتها الكبرى التي أريد لها ابتداء أن تكون بحجم الإنسان نفسه … قبالة هذا وذاك يصبح الأدب الإسلامي ضرورة من الضرورات التاريخية والإنسانية على السواء … على الأقل لتحقيق التوازن الضائع واستعادة الوضع البشري الصحيح.

السؤال الثاني : حسب اعتقادك هل يجسد الأدب الإسلامي جسراً ممتداً بين الأدب والإسلام ؟ ثم ما جوهر العلاقة القائمة بينهما ؟ وما الذي تراه في شأن رسالة الأديب المسلم ؟

الجواب : إن سلّم القيم الإسلامية التي ينشدها الأديب المسلم ، سلّم واسع المدى كثير الدرجات ، يمنح الأديب والفنان مقداراً واسعاً من الحرية والعفوية في الاختيار والتركيز دونما أي قدرٍ من التوتر والوعظية والمباشرة … إن بمقدوره أن يتحرك عبر هذا المدى الواسع لكي يقف عند هذه القيمة أو الخبرة أو تك ، حيثما وجد في وقفته تساوقاً عفوياً منغماً مع هيكل عمله الأدبي ومعطياته وجزئياته ، وحيثما رأى تناسباً وانسجاماً في اللون والايقاع والتكوين بين ما يسعى إلى تحقيقه وبين طبيعة نسيج ابداعه : لحمته وسداه.

هنالك السعي من أجل تحقيق النقاء الروحي ، وتأكيد التوازن الفعال بين العقل والروح والجسد ، بين العلم والايمان. وهناك العمل من أجل تنمية قيم البطولة وتعميق مواقف الرفض والتوازن ، يقابلها العمل من أجل التحقق بالصفاء والانسجام والاحساس الغامر بالتعاون مع سنن الكون والعالم ونواميسهما وموجوداتهما … وغير هذا وذاك الكثير من القيم التي يتحتم غرسها وتنميتها في كيان الفرد المسلم والجماعة المسلمة من أجل تعزيز شخصيتها وتأكيد ذاتها الحضارية ، وتمكينها من الوقوف على قدميها لمجابهة صراع العقائد والأفكار والدول والحضارات ، في عالم يضيع فيه ويفنى من لا يملك شخصيةً ولا ذاتاً …

هنالك – على سبيل المثال لا الحصر – ضرورات الالتزام الخلقي بمفهومه الواسع … الاستعلاء على الدنس والمغريات … تكوين النظرة الشمولية التي ترفض التجزئة والتقطيع … التوحد بين المعتقد والممارسة ، أو النظرية والسلوك … تنمية الحس الجمالي الخالي من الشوائب … تغطية الفراغ الواسع الذي تمنحه الحضارة المعاصرة بترفيه منضبط … تجاوز الرومانسية المريضة والذاتية المنغلقة من جهة ، ورفض القطيعية البكماء والجماعية الصّماء من جهةٍ أخرى … إدانة الهروب والانزواء أو الذوبان والاندماج … هناك التنمية العاطفية والوجدانية وفق طرائق سليمة … امتصاص وتصعيد الطاقة الجنسية المكبوتة … حل وتفكيك الخوف والاحساس بالنقص وفقدان الثقة … وسائر العقد والأزمات النفسية التي تجنح بالشخصية عن الحد الأدنى من السوية المطلوبة … مجابهة القلق البشري المدمر ومنح اليقين … مجابهة الاحساس العبثي الغاشم وطرح البديل الايماني في الغائية والجدوى … وهناك – فوق هذا وذاك – تحقيق الاقتران الشرطي السليم بين الفن والقيم ، وتقديم
بدائل إسلامية مقنعة لمعطيات الأدب والفنون الوضعية في ميدان القيم التربوية : البراغماتية ، الوجودية ، المثالية ، المادية … ولن ننسى بطبيعة الحال ضرورات المجابهة الابداعية لعمليات الهدم والتشويه والتدمير الصهيونية ، التي نستطيع أن نتلمس أبعادها في معطياتهم النظرية والتطبيقية على السواء.

إنه سلم قيمي واسع الامتداد ، كثير الدرجات ، ما دام أن الإسلام جاء لكي يغطي تجربة الحياة البشرية بأسرها ، في امتداديها الأفقي والعمودي على السواء ، وما دام انه كان وسيظل ، بمثابة موقف متكامل ورؤية شاملة لدور الإنسان في العالم بكل ما تتضمنه هذه العبارة من معنى … ومن ثم فان لنا أن نتصور المدى الواسع الذي يمكن أن يتحرك فيه الأديب الذي تشرب عقله وقلبه ووجدانه قيم هذا الدين.

السؤال الثالث : بنظرة شمولية نجد أن هناك تبايناً في النتاج الإسلامي للأجناس الأدبية : فالشعر يتصدر المشهد دائماً ، ثم تأتي القصة والرواية ، ثم المسرح. فهل لذلك أسباب ترونها ؟ وهل تتحقق هنا اهمية ” الكم ” ؟

الجواب : ثمة أشياء كثيرة يمكن أن تقال بالنسبة للشعر ، فهو بحق الهاجس الأكثر إلحاحاً في دائرة الأدب الإسلامي ، إذا حاولنا بحساب الكم أن نقيس الشعر على الأجناس الأخرى كالقصة والرواية والمسرحية ، ولسوف نجد يقيناً قبالة كل مجموعة قصصية أو رواية أو مسرحية ، تصدر على مكثٍ بين الحين والحين ، عشرة دواوين شعرية أو عشرين !

قد يكمن السبب في أننا أمة شاعرة ، وفي أن لغتنا – كما يقول العقاد – لغة شاعرة ، وقد يكمن في قصر الأجناس الأدبية المذكورة في تاريخ أدبنا العربي الحديث ، وما يقال – صدقاً أو كذباً – من أنها استعارة في الأغلب عن الغير ، في وقتٍ يبدو فيه الابداع الشعري ممارسة أصيلة موغلة في الزمن ، ضاربةً بجذورها في أعماق الأرض العربية ، مستمدةً تقاليدها الفنية الخصبة الغنية من معطيات مئات السنين.

ولكن هذا بحدّ ذاته قد يمثل تحدياً وآن على الإسلاميين أن يقبلوه من أجل التحقق بالتوازن في المعادلة الصعبة ، فما دام العصر الحديث في دوائره العربية والإسلامية والعالمية عموماً يتعامل مع القصة والرواية والمسرحية باهتمام بالغ ، ويضع لها مكاناً كبيراً من اهتماماته الأدبية على مستويات الدراسة والنقد والابداع ، وعلى مستوى الاستهلاك أي قاعدة القراء التي تشكل ثقلاً أساسياً في الموضوع ، فان على الإسلاميين أن يمنحوها ما تستحقه من اهتمام ، وأن يسعوا إلى توصيل قناعاتهم
وفق تقنياتها المؤثرة ذات الشعبية الواسعة والجذب النقدي الملحوظ. وهذا لا يعني
– بطبيعة الحال – دعوة للكف عن قول الشعر ، أو تحجيمه في أقل تقدير … أبداً … فليقل الشعراء الإسلاميون ما اتيح لهم القول ، وليبدعوا ما سنحت لهم منازع الابداع ، فان الساحة ما تزال بحاجة إلى مئات أخرى من الدواوين التي تحمل القضية بالقصيدة الملحمية المقاتلة ، أو الكلمة المغناة التي تعرف كيف تجتاز دروب الحس والوجدان.

ولكن الحضور الابداعي الإسلامي لن يستكمل أسبابه ، إن لم يكن هناك ، في مقابل هذا الخصب الشعري ، عطاء مؤكد متواصل ، وبالكثافة ذاتها في دائرة الأجناس الأخرى التي تقدر – ربما أكثر من غيرها – على الطرق على الآذان الصّماء والعيون التي لا ترى ، لكي تصحو فتجد نفسها قبالة أدب إسلامي سخي في الأجناس كافة ، فنقول يومها أن هناك بحق أدباً إسلامياً …

إن الأجناس الأدبية وليدة – خبرات وثقل تاريخي – إذا صح التعبير – فليس من السهولة التخلي عن نوع ما في سبيل نوع آخر ، وانما هي ماضيةً مرتبطةً بنزوع الإنسان الجمالي ، وبقدرته على التعبير ، وبالتنوع الذي هو فطرة الإنسان ، بين أديبٍ يملك القدرة على الخطاب بالصيغة الشعرية ، وآخر بالصيغة الروائية ، وثالث بلغة المسرح … وحتى في السياق الشعري هناك الصيغة الملحمية والغنائية والمسرحية … الخ وسيظل التغاير قائماً ، ولكن يحدث أحياناً لأسباب ثقافية أو بيئية ، وربما أسباب أخرى يصعب تحديدها نوع من الميل العام بين عقدٍ وآخر … بين فترة زمنية وأخرى، إلى هذا النوع الأدبي أو ذاك ويجيئ هذا – ربما – على حساب الأنواع الأخرى. وأذكر – على سبيل المثال – كيف كان عقد خمسينيات القرن الماضي عقداً شعرياً حظي فيه الشعر بالأولوية ، لكن هذا لم يغيب الأنواع الأخرى ، كالقصة والرواية والمسرح … وفي الستينيات أصبح المسرح هو الغالب ، لاسيما وأن الحركة المسرحية في مصر بلغت أوجهاً يومذاك ، وأخذت دور النشر المصرية تصدر سلاسل قيمة من الأعمال المسرحية المترجمة ، وأصبح القارئ منجذباً إلى هذه الأعمال مشدوداً إلى حضور بعضها مشخصاً على خشبة المسرح … وربما كان عقد السبعينيات عقداً للقصة القصيرة لأنها أخذت في ذلك الحين تنضج وتهندس بشكل أكثر إحكاماً من ذي قبل … أما إذا رجعنا في الزمن فقد نجد عقد الأربعينيات ساحة لأدب المقال الذي زادته انتعاشاً مجلة رائجة كالرسالة التي كانت تصدر في مصر وتوزع في كل ديار العرب … أما الرواية فأمرها يختلف ، فهي بسبب من خصبها وجماهيريتها في الوقت نفسه ، قديرةً على الحضور في كل زمن ومكان … ويزيد في ديمومتها ظهور روائيين كبار بين الحين والآخر ينفخون النار في حطبها فيزيدونها اشتعالاً … ومن منّا لا يذكر عبر العقود الأخيرة ريمارك وهيسه الألمانيين ، وماركيز واستورياس الكولومبيين ، ونجيب محفوظ والكيلاني العربيين ، وغيرهم ممن انتشرت أعمالهم في الآفاق ؟

ويظل الشعر العمودي ، بجلاله وجماله ومعماره المتناظر ، حجر الزاوية ونقطة الجذب في القصيدة العربية … انه الإرث العظيم والخصوصية المتميزة ، والفرادة ، وهوية الابداع التي يمكن أن نتقدم بها للعالم في كل زمن ومكان …

السؤال الرابع : نلاحظ كثيراً أن عدة ألقاب تسبق بعض الأسماء فهذا ” القاص والكاتب والشاعر ” ، وذلك ” الناقد والمسرحي والروائي ” … الخ. فهل : أنتم مع احتراف الأديب لفن واحد ؟ وما مدى تأثير عدم الاحترافية والتخصص على المشهد الابداعي ؟

الجواب : هذا وذاك ، فليس قدرنا أن نقول هذا أو ذاك ، فالظواهر في بعض الأحيان لا تتخاصم وينفي بعضها بعضاً وانما تلتقي وتتصالح ويعطي كل منها للحلقات الأخرى الفرصة الكاملة للتحقق.

إن الجدل ( الهيغلي ) الذي يرغم الأفكار على أن تصطرع وينفي بعضها بعضاً ، والديالكتيك المادي الذي تزيح الشرائح الاجتماعية وصيغ الانتاج خلاله بعضها البعض الآخر ، فيطرده من الحضرة ، ويستأثر بالسلطان … جدل أو اصطراع كهذا ليس قدراً محتوماً كما يخيل للكثيرين ، فهناك دائماً مع وجود الاصطراع والنفي ، الوفاق والتصالح والتوازن في هذا الجانب أو ذاك من جوانب الفكر أو الحياة.

ما أريد أن أقوله هو أن الموسوعية – إذا صحّت التسمية – لا تتعارض مع التخصص سواء في دائرة المفكر الواحد ، أو في سياق النشاط الفكري والثقافي في بيئة ما أو عصر من العصور … القطبان يكمل أحدهما الآخر … هذا يتحرك في فضاء واسع أعطاه الله سبحانه وتعالى القدرة على خوض غماره … وذاك يوغل في أعماق الظواهر والخبرات ويتمركز في حيز محدد حيث يجد نفسه مؤهلاً لأداء مهمته الفكرية في دوائر التخصص … والحياة الثقافية التي يغيب فيها الموسوعيون ولا يتحرك سوى أصحاب التخصص في هذا الفرع المعرفي أو ذاك … حياة لا تستحق أن تعاش … أرخبيل من الجزر المنعزلة التي لا تجمعها لغة واحدة … تصوّر لو أن قرننا هذا لم يشهد مثقفين كالعقاد أو طه حسين او سيد قطب أو توفيق الحكيم أو مصطفى محمود … بغض النظر عن توجهاتهم الفكرية … مثقفين كتبوا في الفكر والتاريخ والترجمة والسيرة الذاتية والتنظير الأدبي ، وابدعوا قصصاً وروايات ومسرحيات وشعراً ، كيف يمكن ان يكون … تصوّر لو أن رسائل الماجستير وأطروحات الدكتوراه التي طالما مارست خطابها بلغة عقيمة سقيمة مكسّرة ، هي وحدها التي تستأثر بالساحة ، كيف يكون الحال ؟

إن التخصص هو بتأكيد من ضرورات التقدم العلمي ، في مجال الإنسانيات ، وفي المقابل فان الموسوعية هي ضرورة ثقافية … إذا كنت تملك أن تقدم شيئاً ذا قيمة في أكثر من ساحة فلماذا تتردد ؟ وإذا كان غيرك بمجرد أن يمدّ رجله خطوةً واحدةً خارج نطاق تخصصه تعرض للضياع فما ذنبك أنت ؟ ومع ذلك فان هذا لا يمنعك من أن تصير متخصصاً ناجحاً ، بل ربما أكثر قدرةً على الابداع والعطاء في مجال تخصصك ذاته من الكثير ممن اعتقلوا أنفسهم في زنزانات ما يسمى بالتخصص الدقيق ففقدوا الرؤية الشمولية واللغة القديرة على الأداء بل أصيبوا بسبب جمودهم
في البؤر الضيقة بعمى الألوان ، وغدوا – بتعبير شبنغلر – مجرد منظفي أتربة أكاديميين !

في الغرب والشرق على السواء رحل مئات الأكاديميين المتخصصين ، بل ألوفهم دون أن يسمع بهم أحد ودون أن يتركوا في الحياة الثقافية أثراً يذكر … بعضهم – إذا أردنا الحق – مضى بالخبرة العلمية صوب آفاق بعيدة ، لكن أغلبهم – والحديث مرةً أخرى عن جماعة الإنسانيات – ما فعلوا سوى أنه تمرسوا في مجال تخصصهم وأصبحوا أساتذة جامعيين ناجحين ، وليس ثمة شيئ وراء ذلك … لكن موسوعيين كهيغل وشنبغلر وتوينبي وأريك فروم وغارودي وروم لاندو ، وغيرهم كثيرون ، هم الذين أعطوا الحياة الثقافية في الغرب ، وربما في العالم كله ، طعمها وملحها … وهل ننسى جيد ومالرو وكوستلر وبرناردشو وفتكنشتاين … و … و … ؟؟

لنترك هؤلاء وهؤلاء كل يعمل في مجال قدراته التي منحه الله إياها … فكل ميّسر لما خلق له كما يقول رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وليس ثمة مبرر على الاطلاق لأن ينفي أحدهما الآخر ويستأثر بالميدان.

لقد فتح أبناء جيلي عيونهم على عصرٍ لم يكن المفكر فيه قد اعتقل نفسه في زنزانة التخصص ، ولقد تعلمنا كثيراً – بغض النظر عن اختلاف القناعات – من العقاد وسيد قطب وطه حسين والرافعي والحكيم وبنت الشاطئ والغزالي والسباعي والطنطاوي والندوي ومصطفى محمود وغيرهم … كانوا يكتبون في الفكر والأدب والتاريخ … كانوا ينّظرون وينقدون ويبدعون ، بل أن معظمهم قال شعراً …

ثمة مسألة أخرى … ان الساحة الإسلامية بالذات قد تغري بنوع من الملاحقة … قد تجعل الكتابة في أكثر من ميدان نوعاً من ” فرض العين ” على كل قادرٍ … وتبقى مسألة الأولويات هي التي تحدّد ما الذي ينصب عليه الاهتمام في هذه اللحظة الزمنية أو تلك.

على أية حال ، ومن أجل تجاوز أي نوع من سوء الفهم فان تشعّب الاهتمام لا يعني بالضرورة انتقاصاً لمطالب التخصص أو المنهج ، ولا خرقاً لضرورات الأكاديمية. إن ما كتبته في حقل التاريخ – ولله الحمد والمنة – يتحقق بهذه الضوابط والضرورات ، وإلا لما حصلت أساساً على الماجستير والدكتوراه ولما رقيت إلى مرتبة ( الأستاذية ) في التاريخ الإسلامي.

إن منطق العجز وحده هو الذي يدين الآخرين وهم يغادرون بين الحين والحين مواقع تخصصهم لكي يكتبوا في مجالاتٍ أخرى بعيداً عن الزنزانات التي تحاول أن تقيم أسلاكاً شائكةً بين حقول المعرفة الإنسانية.

دعني أقول لك شيئاً … إن آخر تقاليد البحث في العلوم الصرفة ذاتها تدعو إلى مشاركة الإنسان في الظاهرة العلمية … نوع من اندماج الذات في الموضوع … اقرأ ما يقوله فتكنشتاين وسوليفان وكاريل بهذا الخصوص … معنى هذا أن اتساع الفضاء المعرفي للعالم ، وكسر حاجز التخصص الدقيق عاد لكي يفرض نفسه ، ليس فقط في الإنسانيات ، وانما في العلوم المحضة كذلك.

يتبع   مع الجزء الثاني

الخرز اللامع رسالة ناذرة للشيخ المهندس عاصم عبد الماجد

شبكة وا اسلاماه

 نشرع في نشر  بعض اوثائق الناذرة للحركة الاسلامية وشيوخها  لتعين الدارسين على دراسة الحركة الاسلامية بعمق من خلال وثائقها السياسية والجهادية والحركية والتربوية  ورسائل قياداتها  ومؤسسيها ومنظريها  …..

  رسالة الخرز اللامع رسالة ناذرة للشيخ المهندس  عاصم عبد الماجد خطها فيرحلة السجون ويمكن ان تندرج  ضمن الادب  والرسائل التي  افرزتها المعتقلات…

  كانت المرابطون قد  نشرتها  من عشرين  سنة  في موقعها القديم…  ثم اختفت الى ان اصبحت من الوثائق الناذرة…

 كانت الرسالة بين اوراقي القديمة التي نجت من حملات التفتيش والاعتقالات  المتكررة   وهي من النزر اليسير   الذي نجا من الرسائل النفيسة

 نقدمها من خلال موقع شبكة وا اسلاماه…

  وقد كنت  تحدث للشيخ عاصم عبد الماجد عن رسالته  هذه   واخبرني انها كان يبحث عنها طويلا  وحالت بيننا وبين ايصالها له  اغلاق  صفحته الرسمية على الفيس…

  لعلها تصل اليه  ويعيد  قراءتها واخراجها  في نفس جديد  ومضمون قديم جديد …….

  زكرياء بوغرارة

 مشرف موقع ادب السجون

اليك ايتها الاسيرة عائشة……بقلم حفصة الشاطر

دعينى اصارحك يا عائشة جئت مهرولة اليك بعد ان علمت بسماح الزيارة

حملت مصحفى معى فلدى امتحان بعد ايام

هذا الامتحان الذي هو قدرا في سورة تتحدث عن حق الضعفاء فسماها الله بالنساء

وما سجنوكِ الا لسعيك في حقوق الضعفاء

رايتك من خلف اسوار وزجاج الا انى لم اخطئ لهفتك على ابنائك وخاصة صغيرهم عبد الله

مزق قلبي يا عائشتى عجزك عن احتضانهم

مزق قلبي رغبتك في معرفة كم اصبح طوله

مزق قلبي وهو يشير اليك بيديه محتضنا بها جسده

مزق قلبي وهو يريك كيف انه يحب ان يطيل شعره فهو بذلك يكون اكثر شبها بك

مزق قلبي وانت تفهميه دون سماع صوته فانت امه وتشيرين له انه الاجمل منك

لكنك يا عائشتى الاجمل

فلانت التى بدوت كقمر ابيض خلف ظلام الحديد والقيود

انت التى تسطرين بصبرك ملحمة ايمان وصمود

بدوت شاحبة وشفتيك كما لون وجهك بيضاء لا قطرة دم فيها واحده

امى لمرضها عافاها الله لم تستطع ان تأتى لرؤيتك

وعساه ان يكون خيرا فقد كانت لن تتحمل ان تراك وقد هزل جسدك وظهر عيانا لمن له قلب مرضك

دعينى اصارحك رغبت في حفظ حروف السورة واتقانها

وبعد رؤيتك وددت لو اعمل بما فيها ويلتزم الجميع بحدودها

اي جرم هذا الذي يقترفوه وقد حبسوا من اوصاهم الله ورسوله بهن خيرا

واي عظمة لديننا اذ جعل حماية الضعفاء من صميم ديننا

ذهنى مشتت عائشتى منذ رايتك

ودوارا اصابنى حقا لا مبالغة

لِمَ كل هذا

ماذا اقترفت

ماذا جنيت

اما كفاهم ثلاثة سنين

اما كفاهم حبس ابي واخى وازواجنا

وددت لو افتديكى يا عائشة

وددت لو استطيع

وددت لو امسك قلبك بيدي فاربط عليه قبل ان تبدى به عجزت يا عائشتى لكن الله يفعل

عجزت حبيبتى لكن الله يفعل

اللهم اربط على قلوبنا لنكون من المؤمنين ويحولك وقوتك فرج اللهم كربها

وحرر جسدها

واشفي مرضها

وردها الينا والى اولادها بحولك وقوتك وفضلك ورحمتك

اللهم امين

اللهم امين

 

#عائشة_لازم_تخرج

سجين يمارس السياسة من زنزانته في واشنطن

: مونت كارلو الدولية / أ ف ب

على مسافة كيلومترات قليلة من البيت الأبيض، حوّل المسؤول المنتخب عن دائرة في واشنطن جويل كاستون زنزانته إلى مكتب يدير منه مهامه، ولو أنّه لا يشبه المكتب البيضاوي القريب حيث يستقبل رئيس الولايات المتحدة الزوّار ويرأس اجتماعات. إعلان

سجن هذا المسؤول البالغ من العمر 45 عاما بسبب جريمة قتل ارتكبها حين كان يبلغ 45 عاما وأصبح هذا الصيف أول معتقل في العاصمة الأميركية يفوز بمنصب منتخب.

كل صباح قبل الفجر، يستيقظ جويل كاستون للدراسة وممارسة بعض الرياضة وإجراء مكالمة هاتفية مع والدته التي يسميها “ملكته”. ثم مثل أي مسؤول منتخب يقضي يومه في محاولة حل مشاكل دائرته الانتخابية التي تشمل سجنه. 

بصفته مسؤولا منتخبا في مجلس حيه، لم يكن جويل كاستون تماما عضوا في الطبقة السياسية التي تمثلها واشنطن لكنه يتباهى بان لديه نفوذ ملموس على الحياة اليومية.

يقول لوكالة فرانس برس في مقابلة أجريت في مكتبه الذي أقيم في زنزانته “أتحدث باسم كل الأشخاص المسجونين على الأرض”.

ويدعو الى أن يكون السجناء مفيدين بدلا من ان يعتبروا إعاقة لمجموعاتهم.

جويل كاستون الذي نشأ في واشنطن محكوم بالسجن مدى الحياة بتهمة قتل رجل في ال18 من العمر قبل 27 عاما في موقف مطعم صيني، في حي فقير من العاصمة.

منذ ذلك الحين، أتاح له نظام صارم يتكون من قراءات الانجيل وجلسات اليوغا ودروس الاقتصاد استعادة حياته كما يقول. 

يجيد السجين الآن خمس لغات، بينها العربية والصينية وقد ألف سلسلة كتب حول عالم المال.

يقول إنه استوحى ذلك من السيرة الذاتية لنيلسون مانديلا الذي أمضى مثله 27 عاما في السجن.

يقول كاستون الذي قضى عقوبته في 16 سجنا مختلفا قبل أن يعود إلى واشنطن عام 2016، “بدأت اعتبر سلوك مانديلا نموذجا. لم يستسلم أبدا لمحيطه”.

بعد سنتين من ذلك، أسس الرجل الذي أطلق عليه لقب “أوباما” نسبة إلى صفاته القيادية، نظام الرعاية الذي يطابق الشباب المسجونين حديثا مع سجناء أكبر سنا.

مع انتخابه هذا الصيف، حقق جويل كاستون إضافة جديدة على مساره. يتذكر ذلك الصباح عندما أخرجه الحراس من سريره لاخباره بالنبأ السار. يبتسم قائلا “لقد كانوا أكثر سعادة مني”.

لا لقاءات مع السكان

بدأت رحلة كاستون التي قادته الى منصبه في تموز/يوليو 2020، حين صوت نواب على جعل حق التصويت من السجن قانونيا.

مع أعضاء في المجلس البلدي في واشنطن، أطلق بودكاست لتشجيع نظرائه على المضي في العملية الديموقراطية.

 قام بحملة عبر يوتيوب ونشر بيانا عبر الإنترنت موجها الى الناخبين خارج السجن، لا سيما سكان ملجأ للنساء المشردات ومبنى سكني مجاور.

التحدي الأكبر الذي يواجه جويل كاستون هو الرد على اتصالات دائرته الانتخابية، حيث من المستحيل عليه أن يسير في الحي أو أن يذهب للقاء السكان في المنازل.

لكن السجناء الشباب الذين يشرف عليهم دربوه على التكنولوجيا حتى يتمكن من لقاء ناخبيه عبر الفيديو.

هو مؤهل للإفراج المبكر بموجب قانون يسمح للسجناء الذين حكم عليهم حين كانوا مراهقين المطالبة بالعفو، ويحاول جويل كاستون عدم التفكير كثيرا في المستقبل.ويقول “إذا كان مقعدي شكل إلهاما لأشخاص آخرين، فأكون بذلك قد أديت دوري”.

حديث الصباح والمساء- في ضيافة كورونا زكرياء بوغرارة

حديث الصباح والمساء

 في ضيافة كورونا

يكتبها – زكرياء بوغرارة

مشرف موقع ادب السجون

 طيلة أيام  من إعتقالنا  الإختياري في منازلنا..- هذا بالنسبة لمن لهم منازل .. أما   من شرد بهم  الوطن مثلي.. فأصبحوا   بجرة قلم  مشردين  لاجئين  داخل  تخوم  الوطن  …  ومنكلا بهم  في تلابيب   الوطن  فوضع هؤلاء اشرس واكثر ضراوة-

 تساءلت ترى هل هو اعتقال اختياري ام اضطراري ام اجباري ؟؟

  الحقيقة هو اجباري…  للسواد الأعظم من الناس  حتى من  يسجنون الناس ولايسجنون….

 كنت أقاوم  لسنوات- ما بعد العتمة – لأصل إلى الوضعية التي كنت عليها قبل زمن سحيق .. عندما  كنت أضع رأسي على الوسادة  ولا انتظر   الا نزرا   يسيرا فيحل الكرى يأتي على جناح السرعة كالبرق  ثم أبحر بسلام….

  أما اليوم  بعد ان حججت للمرة الثانية او الثالثة   الى القيامة المغربية- دار الحق – الكامنة في تخوم   الوطن في تلك البقعة اللا مباركة في  المعتقل السري  فلم اعد انام او احظى بنوم..  ولو يسير …..

  كأنما سلط علي  مارد من الجن يمنعني ان انام  مرات  اجد  يدا تتسلل  الى إبطي لتدغدغني ومرات تسحبني من رجلي   ومرات   تصرخ في أذني …

    فقد مررت من هناك وقضي …

هناك رقعة الجن والشياطين   والمردة والحجاج أيضا…………….

  الغريب   يا صاحبي  ان عمار تلك العتمة كلهم حجاج…

 ذلك المكان  الداخل   اليه حاج وساكنه حاج  والمنكل به يحظى برتبة حاج والجلاد حاج  ايَضا

  والحجاج هناك أنواع  حاج كبير وحاج اصغر

    فهم متفاوتون في درجات الحج…  هناك الحاج الكبير- بزاف- ومادونه  كل   ينال صفة الحاج  حسب قدره  ومقداره

  اما نحن  صراصير المكان لأننا كنا  ندعس كصرصار  تافه  فنحن اسفل دركات لقب الحاج

  سألت نفسي  وأنا اكتب حديث الصباح والمساء   في ضيافة الحجر الصحي  باشرف السجان الكبير العالمي كورونا

  من اين خرجت الى هنا؟؟؟؟

  كيف تسللت  ذكريات الاعتقال الى   حروفي وانا اهم ان اكتب عن يوميات كورونية

  تذكرت   هذه الكلمة اللطيفة المضحكة   التي لاتصدر الا عن ثرثار  مثلي ينكش في أشياء لاتجر عليه   الا السخط

 كانت والدتي رحمها الله  تقول لي  أحيانا بلسان مشفق  وهي ترومني -ان ادخل سوق راسي-

 {ها الرضا ادخل سوق راسك  المخزن  يدو طويلة }

  سئمت من اعتقالك كل   فترة…

  وانا ارتجف خوفا وهلعا….

 وهم يجوسون خلال الدار او يطرقون الباب كمن يروم خلعه من مكانه  او يرابطون غيربعيد عنه   ليتعقبوك

وكلما خرجت قلت لن اراه مرة أخرى

وكلما اعتقلوك من بيننا قلت هذه اخر مرة نراه ….

 ثم لم تببث في   جمهورية القلق الا   يسيرا ورحلت عنا كان اخر اعتقال لي في حضرتها قبل الرحيل بلون الحنظل مرارة   ووجعا

  رحلت وبقيت انا

  كنت ادنو من وجهها   وألثم  يديها وانا أقول بصوت خافت

  لن يبعدوا  حتى لو أبعدت

 أبعدت عنهم  واعتزلت  كل شيء فلم يبعدوا

 ظلوا يحتفظون   بي  في دفاترهم

  فيها جمعوا كل سيئاتي عندهم

  ثم لما جاءت رياح المحنة – جمعوا وطواو ا معي-……….

مرة أخرى ….

   من اين خرجنا الى هنا ؟؟؟

 دعني اقف  مع هذه الكلمات  التي  استرجعتها من  دهليز الذكريات  لأختم بها حديث الصباح والمساء  في ضيافة كورونا

 لأميط اللثام عن    السؤال  المضحك

  كيف خرجت من   حديث كورونا واعتقالنا الاجباري تحت حراسته المشددة الى   ذكريات المعتقل السري من   زمن سحيق

  كان لي   صديق قديم يدرس في دار الحديث الحسنية  وكان له استناذ  محاضر يلقي دروسه فيسهب  في الشرح  ويطنب في الكلام  ويغوص في الحواشي والتفاصيل ويذهب بعيدا في المتاهات  وعندما يفقد خيط الكلام ويدرك انه  وقع في الفخ

  يهم بسؤال طلابه عن البدايات

  من اين خرجنا الى هنا؟؟

  نقطة البداية دائما   هي ما نبحث عنه

  نقطة  البداية  هي انني   مع الحجر الصحي  الذي فرض  علينا فرضا طولا وعرضا  وارتفاعا فقدت قدرتي على النوم  لساعتين كنت انعم فيهما بنزر قليل من النوم المتقطع

  ها قد  اصبح الليل ينام  وأبقى انا

  وان ضاع  خيط  النوم  تذكرت حكاية المعتقل  السري لأنها البدايات

  والحديث  في المساء ذو شجون

⛓الوضع المأساوي داخل جحيم السجون المصرية 🔥🔥⛓

⛓الوضع المأساوي داخل جحيم السجون المصرية 🔥🔥⛓

🖌 بقلم أحد الأسرى المعتقلين فرج الله عنهم هذا العذاب

👇

🔥 الصيف في السجن كان حقيقي جحيم، وفي فترات فيها موجات حارة…كان حرفيًا هيجيلي انهيار عصبي.

♨️ كنا ف وادي النطرون بنكون 25 واحد ف زنزانة نصيب الواحد 30 سنتي ونايمين حشر وتلزيق في بعض ومروحة السقف والشفاط الكحيان وجودهم زي عدمه.

🔺حمام واحد علينا كلنا، من كتر العذاب والعرق اللي مش بيقف اضطرينا نعمل قانون ان الواحد ليه حد أقصى 5 دقايق يستحمى فيهم وبقى في واحد واقف بالستوب ووتش يحسب لكل واحد واللي يتأخر يتعاقب ويرجع لآخر الدور، وصلنا لمرحلة غريزة النجاة المجردة كأننا في غابة.

🔺بتستحمى وانت بتجري ورا نفسك عشان متتعاقبش وتطلع تحجز دور تاني بسرعة عشان تلحق اللفة اللي بعدها اللي هتكون غرقت عرق لحد ما دورك ييجي فيها.

🔺أنا عندي مشكلة ف العرق وبعرق بزيادة، كانت فترة الصيف حرفيًا تعذيب، من كتر العرق جلد ضهري كله حصل فيه جفاف وشقق مهما كنت بشرب مياه، وكنت بغير بال5 تشيرتات ف اليوم الواحد فيهم بقلعه يتعصر كأنه كان متغرق ف مياه. اخر ما تعبت ومش عارف أغسل وهدومي خلصت خليت أهلي يجيبولي فوط زيادة وبقيت أنام على ضهري طول اليوم لافف جسمي من فوق بفوطة عشان العرق وبذاكر وأنا نايم عشان وشي يبقى تحت جزء م المروحة، ومش بلبس التشيرت غير قبل ما أتحشر وأنام وأصحى الصبح أقلعه غرقان وأحط مكانه الفوطة.

💥الصيف ف السجن لا يحتمل: أمراض جلدية، حر مرعب يسبب جفاف للجلد، المياه داخل السجن مياه ساخنة مولعة بتحرق أكتر ما بتروي، حتى النفس مكتوم ومش بنعرف ناخده.

♨️الصيف ف السجن لا يحتمل، ومحدش جوه بيستحمله،تذكرونا دائماً واسعوا لفكاك أسرنا فنحن في عذاب وجحيم اللهم اكشف عنا ما نحن فيه من بلاء

 المصدر زفرة أسير

المعتقلين بين الثبات وسيكولوجيا الانحراف

المعتقلين بين الثبات وسيكولوجيا الانحراف

في ظل محنة الاعتقال والتعذيب وفي خضم التعرض لشتى ألوان ووسائل التعذيب الجسدي والنفسي والذي سبق ووضحاً معالمه يأتي دور المساومة للتنازل عن الثوابت والانحراف عن العقائد والمبادئ عبر دراسة نفسية متعمقة من قبل الجلادين يتحينون فيها زمان ومكان المساومة ويتدرجون فيها بزحف كزحف الأفاعي ومكراً كمكر الذئاب.

كانت المساومات تاتى بعد سنوات التعذيب والقهر التي لا يحتملها بشر لتكون التوبة او الإرشاد أو المبادرات التي فيها تذبح الثوابت والعقائد والمبادئ على مذبح تخفيف المعاناة أو انتهائها.

فإذا أردت أن تنهي معاناتك فما عليك سوى ان تضغط زر الإنهاء ولكن عليك حينها أن تدفع الثمن من دينك وثوابتك ومبادئك.

لن أقوم بالتكلم في هذا الموضوع بالتفصيل ولن أسقط على واقع التوبة والإرشاد والمبادرات لان ذلك يحتاج الى كتاب منفصل قائم بذاته لعلى اسطره قريبا ان شاء الله ، ولكن سنطرح القضية في إطار عام ومن أفضل من سمعت له فى موضوع مشابه  الدكتور/ إياد قنيبي حين كان يتحدث عن الحركات الإسلامية بين الثبات وسيكولوجيا الانحراف.

فوجدت طرحه أنسب لما يكون من واقع داخل أسوار المعتقل إذ تتشابه المنهجية التي يتعامل بها من يحاربون الإسلام داخل وخارج المعتقل

الالتزام والتوافق”

قصتنا تبدأ مع الأسرى الأمريكيين العائدين من معسكرات الاعتقال في الصين الشيوعية بعد الحرب الكورية التي اشتركت فيها الدولتان في الخمسينات من القرن الماضي، حيث تفاجأت القيادة الحربية الأمريكية بنجاح مقلق للمستجوبين الصينيين في تطويع الجنود الأمريكيين واستخراج المعلومات منهم بدون استخدام الأساليب الوحشية و التعذيب! فقد كان الأسرى متعاونين إلى أقصى الحدود في الإبلاغ عن محاولات الهروب لزملائهم، وكانوا يقدمون هذه المعلومات دون إكراه وبمجرد أن تُعرض عليهم مكافأة لا قيمة لها ككيس من الأرز

على إثر ذلك شكلت القيادة الحربية الأمريكية فريق التقييم النفسي و العصبي بقيادة الدكتور هنري سيغال الذي قام باستجواب أسرى الحرب العائدين بشكل مكثف للوقوف على طرق الصينيين في استمالتهم للتعاون معهم وتغيير قناعاتهم. فتبين أن الصينيين يعتمدون طريقةَ “انتزع تنازلا صغيرا ثم ابنِ عليه”، بحيث ينتزعون من الأسير الأمريكي أي تنازل يسير، ثم يوثقون هذا التنازل، ثم يستدرجون الأسير إلى الاعتراف بتبعات ولوازم هذا التنازل، فيلتزم الأسير هذه التبعات ويقرُّ بها، إلى أن يجد نفسه يغير نفسيته ليصبح منسجما مع موقفه الجديد، ومن ثم تتفاقم تنازلاته إلى أن يصبح في النهاية عميلا من حيث لا يشعر. هذه هي خلاصة أسلوب الالتزام والتوافق

(Commitment and Consistency).

بداية كان الصينييون يطلبون من الأسرى الأمريكيين أن يعطوا تصريحات تبدو في غاية البساطة وبدون أية تبعات تذكر، مثل: “الولايات المتحدة الأمريكية ليست كاملة” أو: “لا توجد مشكلة البطالة في الدولة الشيوعية”.ولكن ما أن تتم تلبية هذه الطلبات “البسيطة” حتى يطالب الأسرى باتخاذ موقف آخر يبدو نتيجة تلقائية للتصريح الأول، لكنه يمثل تنازلا أكبر وتلبية أقرب لمطالب العدو.

فمثلا الأسير الذي يوافق مع المستجوب الصيني على أن الولايات المتحدة ليست كاملة يطلب منه كتابة قائمة بالمشاكل في أمريكا التي تجعلها غير كاملة، ثم يوقع باسمه على القائمة. ثم بعد فترة يُطلب منه قراءة هذه القائمة في مجموعة نقاش مع الأسرى الآخرين. وقد يطلب منه بعدها أن يكتب مقالا يتوسع فيه بشرح تفصيلي للنقاط التي كتبها في قائمته و جوانب تلك المشاكل. ويقال له في ذلك كله: (أليس هذا ما تعتقده أنت بنفسك دون إجبار أحد؟ لا نطالبك بأكثر من أن تصرح بمعتقدك. إن كنت واثقا من معتقدك فأنت على استعداد أن تلتزم به. أليس كذلك؟)

وهذا ما نقصده بالالتزام (Commitment): صَرَّح الأسير تصريحا بسيطا لكنه التزم بتبعاته.

وكان الصينيون يُجرون مسابقات بين الأسرى الأمريكيين لأحسن مقال عن مقارنة نظام أمريكا بالشيوعية، وأحيانا يفوز مقال يمدح في عمومه الولايات المتحدة لكن يلين لوجهة النظر الصينية الشيوعية في موضع أو موضعين. المهم انتزاع أي تنازل بسيط

ثم إذا بالصينيين يبثون مقال الأسير الأمريكي مع اسمه على الراديو الموجه للقوات الأمريكية المقاتلة وكذلك في كل معسكرات الاعتقال، بحيث يسمعه الأسير نفسه. وفجأة يجد الأسير الأمريكي نفسه قد قام بتصرفات تخدم العدو، أي أنه أصبح بطريقة أو بأخرى “متعاونا مع العدو“.

والمهم جدا في الأمر أن الأسير يدرك في نفسه أنه قد كتب مقاله واتخذ مواقفه طواعية بدون تهديدات شديدة أو إكراه. فلو تم الأمر بالإكراه لوجد الأسير لنفسه عذرا لمواقفه هذه وكذلك الناس حوله، بل سيؤدي الإكراه إلى نفوره من المواقف التي اتخذها ورفضها وتبرؤه الداخلي منها. لكنه، في الواقع، فعل ما فعل دون إكراه.

فينتهي الأمر بالأسير إلى تغيير نظرته إلى نفسه حتى يصبح متوافقا و منسجما (consistent) مع الفعل الذي قام به ومع التعريف الجديد لنفسه كــ (متعاون مع العدو). بدأ الأمر بتصريحات تبدو تافهة و عديمة القيمة، لكن الأسير التزم بهذه التصريحات ثم استُدرج لخطوات أخرى غيرت من نفسيته، وهذا التغيير بدوره سمح له بتقديم تنازلات أكبر، وهكذا دواليك على مبدأ الحلقة الخبيثة (vicious cycle) إلى أن يكتب مقالا موسعا ينتقد فيه نظام الدولة التي كان يحارب من أجلها بل ويتعاون مع عدوها.

هذه خلاصة أسلوب الالتزام والتوافق

ضرورة أن يوثق الأسير الأمريكي موقفه أو تصريحه، حيث أن هذا التوثيق أقوى في تغيير انطباعه عن نفسه وانطباع زملائه عنه.

فالشخص يستحضر لاشعوريا مواقفه السابقة، وخاصة الموثقة منها، وكأنها المصدر الرئيسي لمعلوماته عن نفسه و تحديد شخصيته. وعليه فقد كان الصينيون حريصين على انتزاع موقف موثق منسجم مع رغباتهم، إلى درجة أن الأسير إذا رفض أن يكتب العبارات المذكورة أعلاه مثل”أمريكا ليست كاملة” أو “لا بطالة في الشيوعية” فإنه كان يُطلب منه نسخ سؤال وجواب مكتوبين له مسبقا فيهما هذه المعاني. فهذه الكتابة بخطه –كدليل ملموس- تستدرج الأسير إلى التغيير النفسي ولو بدأ قليلا، كما أن الصينيين كانوا يطلعون الأسرى الآخرين عليها لتتغير نظرتهم إلى زميلهم. والغريب في الأمر أن الآخرين، حتى وإن علموا بأن الكاتب لم يختر كتابة تلك السطور بدافعية ذاتية، إلا أنهم سيشعرون بأن تلك الكتابات تمثل حقيقة اعتقاد الأسير وإحساسه طالما أن صياغتها لا تُشعر بأنه كتبها مكرها. وهذه خلاصة دراسة لعالمي النفس إدوارد جونز وجيمس هاريس

الالتزام العلني:

فالذي يتخذ موقفا معلنا يكون أكثر التزاما به ودفاعا عنه ممن لا يعلن موقفه على الملأ.

لذا فقد كان الصينيون في المسابقات المذكورة يأتون بالمقال الذي يلين ولو قليلا للشيوعية وسط مديح كثير لنظام أمريكا، فيعلقونه في معسكر الاعتقال ويبثونه بالراديو، ليجد صاحب المقال نفسه مدفوعا إلى المحافظة على الموقف الذي اتخذه، مبررا للتصريح الذي صرح به، ليبدو كإنسان لديه مبدأ ثابت، كإنسان منسجم مع ذاته ومتوافق مع أفعاله. وهنا حبكة الموضوع

فالشخص الذي يتصرف بأشكال متناقضة يبدو في عيون الناس متقلبا غير واثق، مشتت الفكر, غير جدير بالثقة. و هذه الخصائص كلها مكروهة من المجتمع و من الشخص نفسه. بينما يبدو الشخص المتوافق الثابت في تصرفاته بأنه واثق سديد الرأي. ولذلك فإنك تجد الناس يسعون دائما لأن يكونوا متوافقين في تصرفاتهم و يتجنبوا كل ما يمكن اعتباره تضاربا في مواقفهم

3) الجهد الإضافي المبذول: فهو يؤدي إلى التزام أعلى.

في عام 1959 قام الباحثان إليوت أرونسون و جدسون ميلز بدراسة بينت أن الشخص الذي يخوض ألماً و عناءا شديدين في سبيل الحصول على شيء ما فإنه يعطي هذا الشيء أهمية أكبر بكثير ممن حصل على الشيء نفسه بجهد قليل. وفي حالة الأسرى الأمريكيين فإن كتابة مقال موسع سعيا للفوز في المسابقة لم تكن أمرا سهلا

العامل الرابع لنجاح استدراج الأسير بأسلوب التوافق والالتزام هو:

الاختيار الذاتي:

و هو العامل الأكثر أهمية!

ففي تجربة الأسرى الأمريكيين فإنه يتبادر إلى الذهن أنه حتى يتم تحفيز الأسير للفوز في مسابقة بكتابة مقال يلين للشيوعية فإن الجوائز مقابل ذلك يجب أن تكون ذات قيمة عالية. ولكننا نجد أن الجوائز كانت ذات قيمة قليلة، فمن بعض السجائر إلى القليل من الفواكه الطازجة، وليس جائزة كبيرة مثل ملابس دافئة في البرد القارص أو تسهيل الاتصال بالعالم الخارجي.

كان هدف حجب الجوائز الكبيرة هو أن يحس الأسير بأن كتاباته هي ملكه ونابعة من ذاته، بدون أن ينظر لنفسه على أنه كتب ما كتب من أجل جائزة كبيرة. والهدف من ذلك كله هو أن يتحمل الأسير أمام نفسه مسؤوليةً عما كتب.

فالهدف من هذه المحفزات هو تحفيز الأسرى للمشاركة في المسابقة، والحدُّ من قيمتها هو لئلا يشعروا بأنهم غيروا مبادئهم من أجلها. إذ أن المطلوب هو أن يقبل الأسرى المسؤولية الذاتية الداخلية عن عملهم وكتاباتهم ويشعروا بأنهم ملزمون به ومضطرون للدفاع عنه.

كانت هذه خلاصة تجربة الأسرى الأمريكيين الذين قدموا تنازلات تبدو عديمة التبعات في البداية لكنهم وصلوا في المحصلة إلى تغيير مبادئهم والتعاون مع العدو

اسقاط

فحتى لو قبل الاسرى الإسلاميون هذه الصفقة، فإنهم لن يقبلوا المسؤولية الداخلية عنها، ولن يروا التنازلات التي قدموها جزءا من كيانهم، ولن توافق نفسياتهم لتتناسب مع هذه التنازلات. إذ أنها سترى هذه التنازلات حينئذ شيئا منفصلا عن سلوكها ومنظومتها النفسية قامت به كحالة استثنائية من أجل تحصيل هدف مؤقت، ثم سترفضه وتتبرأ منه بمجرد تحصيل هذا الهدف.

وليس هذا هو الذي يريد الأعداء تحقيقه. بل هم يريدون لمنتسب الحركات الإسلامية ألا يحس بالاستدراج، بحيث إذا نظر إلى نفسه في المرآة مساءاً لا يحس أنه يرى صورة رجل غير مبادئه. فإذا قالت له نفسه: (أجبتَ أعداءك إلى ما طلبوه منك؟) رد عليها: (بل أنا صاحب القرار وأنا اخترت أن أفعل ما فعلت، بقناعة منبثقة من نفسي و ذاتي). وإن قالت له نفسه: (إنك تتنازل) رد عليها: (أتنازل من أجل ماذا؟ الذي يتنازل يُغرى عادة بشيء يحرص عليه. إنما أنا أتلمس فلتات العدو وسهواته ونقاطَ الضعف في نظامه وقانونه لأحقق منفعة لديني. والتصريح الذي صرحتُه والموقف الذي اتخذتُه لا يشكل خرقا كبيرا لمبادئي وعقيدتي).

إذن فهو يوهم نفسه بأنه يغافل العدو وينسلُّ من خلال ثغرات نظامه، لا أنه يساوَم على مبادئه.كان هذا فيما يتعلق بعامل الاختيار الذاتي، وهو –كما في كتاب التأثير وسيكولوجيا الإقناع- أهم عامل لإنجاح أسلوب الالتزام والتوافق

التعذيب بالضرب المبرح والزحف على الأرض

التعذيب بالضرب المبرح والزحف على الارض

تعددت وسائل الضرب سواءا فى استجوابات امن الدولة او فى المعتقلات بدءا من الضرب الشديد المتواصل بالايدى حيث كان الزبانية يتبادلون الادوار فى القيام بهذه المهمة ومرورا بالشوم والعصيان الغليظة وانتهاءا بالكرابيج وكابلات الكهرباء الغليظة كان الضرب يستمر فى الكثير من الاحيان ساعات طويلة حتى يحدث للاخ حالة من الاغماء من هول اللطمات ولسع الكرابيج والاسلاك والتى كانت تلتصق بها قطرات الدماء واجزاء الجلد المنسلخة من جسد المعتقل يحكى لى احد اخوانى ممن قابلتهم فى المعتقل وكان رجلا فى الاربعينات من عمره من اهل الصعيد الطيبين انه  فى اول مرة دخل فيها لغرفة التعذيب وكانت الغماية على عينه الا انه استطاع رؤية العديد من زجاجات البيبسى كولا الزجاجية الفارغة ملقاة على الارض والدماء تلطخ الزجاجات فاخبرنى انه تعجب بشدة من هذا المنظر حتى فهم ما يحدث حينما راى الاجساد العارية المعذبة المنهكة المغطاة بالدماء ملقاءة على الارض وحتى تعرض هو بنفسه لنفس ما تعرضوا له من التعذيب , اذكر حينما كنا جالسين على الارض فى اروقة لاظوغلى اثناء استجوابنا جاءت مجموعة من الشباب محوّلين من مكتب امن الدولة بمصر الجديدة اذ كانوا من سكان حدائق الزيتون  وجلسوا بجوارنا ملقون على الارض ولم نكن نرى شيئا لان الغماية كانت على اعيننا وكذلك هم ايضا ولكنى سمعت الشاب الذى كان بجوارى يئن من اثار الالم والتعذيب والذى عرفت بعد ذلك انه مورس عليه ايام طويلة كل انواع التعذيب الممكنة وفجاءة وجدت راس اخى هذا الذى يئن يقع على كتفى وهو فى حالة اعياء شديدة ويقول بوهن شديد( ميّه ميّه –اااااااه-اااااه- ميه ميه)  وكان الجلادون يجلسون فى نهاية الطرقة يشاهدون فيلما لسعاد حسنى كما كان يصل الصوت لمسامعى وكانوا فى حالة اندماج كما كان يظهر من تعليقاتهم سويا على الفيلم فاستغللت هذا الامر وهمست بصوت خفيض لاخى من حولى (مالك يا اخى انت حاسس بايه فاجابنى عطشان ميّه ميّه انا تعبان ميّه) فلم اتمالك نفسى فتجاسرت على رفع صوتى وقمت بمناداة الجلادين اطلب منهم المياه لاخى فلم يجيبونى فكررت الطلب فصاحوا بى وقالوا لى (خليك فى حالك مالكش دعوة بيه) فانتظرت قليلا ولا زالت انّات اخى مستمرة  حيث كان من الواضح انه تعرض لتعذيب شديد كررت طلبى مره اخرى حتى استجابوا واحضروا له زجاجة مياه وبعد عدة ساعات قاموا بنقل هؤلاء الشباب الى الحجز السفلى وبعد عدة ايام اخرى قاموا بانزالنا ايضا فقابلت الاخ وكان قد تعافى قليلا اثر رعاية اخواننا من المحتجزين والمعتقلين له وتعرفت عليه وكان اسمه احمد ولكن الطريف فى الامر انه كان اسمه احمد محمد محمد الاودن حفيد الشيخ محمد الاودن فمن هو  العالم الربانى محمد الاودن؟

ولد في عام 1894م وكان أستاذ الحديث بجامعة الأزهر وواحدا من خمسين عالما كان يضع دستور مصر في 13 يناير 1953م.

وفي أحداث عام 1965م كان قد تجاوز الثمانين عاما وقد اعتقل كل أبناءه وحينما طلب من النظام أن يخرج احد أبناءه ليخدمه أمر شمس بدران جلاد عبد الناصر باعتقاله أيضا ساخرا بقوله حتى يخدمه أبناءه فى السجن،

فإن الحقد والضغينة التي ملأت قلب شمس بدران علي الشيخ محمد الأودن جعلته يصمم علي قتله وافتعال الأقوال التي يستند عليها لتنفيذ جريمته ضد هذا الشيخ الكبير السن الذي كان يبلغ الثمانين من عمره في ذلك الوقت.

وادخلوه السجن ووضعوا معه كلابا جائعة كى تنهش لحمه، فماذا حدث قال شمس بدران لأحد جنوده اذهب ونظف الحجرة من دم الشيخ فعاد الجندي والعجب يملا وجهه فسأله بدران:

ما حدث له؟ قال والله لقد رأيت عجبا

رأيت الشيخ ساجدا والكلب واقف بجانبه يحرسه.

وصفه الدكتور القرضاوي بقوله: الشيخ محمد الأودن، الرجل الربَّاني، الذي كان يتدفق إيمانًا وروحانية، ولم يدرسني في الكلية، ولكني زرته في بيته في الزيتون، والتقيت به، واستمعت إليه، وهو يعطي جليسه شحنة روحية قوية؛ لأن كلامه يخرج من قلبه فيلامس القلوب.

فسبحان الله العظيم تدور السنين والعقود حتى يكتمل نصف قرن من الزمان ويتعرض الحفيد لما تعرض له الجد الاكبر ولنفس الاسباب وبايدى احفاد الجلادين وكان الحفيد احمد الاودن رغم مكثى معه ثلاثة اسابيع فقط الا انه كان طيبا جدا رقيق القلب حافظا للقران محبا لكتاب الله وكان ذا خلق رفيع تستشعر منه اخلاق الرجولة الحقيقة حيث تعرض للكثير من انواع التعذيب حتى يدلى باقوال كاذبة تدين زملائه وتورطهم وهو ثابت على ذكر الله يحتمل هذا التعذيب فى سبيل الله

مقتطفات من شهادة المعتقل السابق حسن على فى كتابه محنة الاسلاميين

وقد أصبحت هناك سمة عامة في السجون هو أن تقوم إدارة السجن بإعداد حفلة لاستقبال القادمين إلى السجن ولكنها ليست حفلة ترفيهية أو موسيقية طبعا بل هي حفلة يكون الموت أقرب إلينا من الحياة، فبمجرد أن ننزل من سيارة الترحيلات يبدأ الضرب وكان العساكر يقفون في تشكيلات ومجموعات مختلفة فبعضهم في شكل دوائر والبعض يقف صفين وآخرين يتحركون ذهابا وإيابا مع القادمين إلى السجن وفي يد كل واحد منهم أشياء مختلفة فبعضهم يمسك في يده خرزان وآخر عصى والبعض قطعة من الجلد أشبه بالكرباج وآخر الحزام الميري، فكل من يدخل بوابة السجن يقوم بخلع ملابسه حتى يكون الضرب على الجلد مباشرة ويأخذوا كل متعلقاته الشخصية ثم يذهب من ينتهي من ذلك إلى الحلاقة والتي تتم بصورة عشوائية فيحلق جزء ويترك الآخر كل ذلك والضرب والشتائم تنزل عليهم من كل جانب ثم تبدأ رحلة الدوران على كل مجموعة من العساكر تنتظر من يدخل في الوسط لكي يقوموا بضربه وكل مجموعة تسلم للأخرى فهذه بالعصي وهذه باليد وأخرى بالفلكة وهكذا.

وكانوا يطلبون أشياء تعجيزية بهدف السخرية وزيادة الضرب فكانوا على سبيل المثال يرسمون سلم على سور السجن من الداخل أو تليفزيون ويطلبون منهم أن يصعدوا السلم أو يفتحوا التليفزيون وأحيانا أخرى أن يبحثوا عن نملة عرجاء أونملة ذكر وغير ذلك وهم يستمرون في الضرب وسط هذه المهزلة وكل مجموعة تحاول أن تنفذ ما يطلب منها، فكان هناك من يسقط على الأرض مغشيا عليه فلا يتركونه بل يركلونه بأرجلهم إلى أن يعود إليه وعيه ثم يشتدوا عليه مرة أخرى، وكانوا يطلبون أيضا أن يهتفوا بحياة ضباط السجن وأن يسبوا بعض الدعاة المشهورين… أو أن يغنوا، كل ذلك وسط الصراخ من شدة الألم، وكان الضباط يشاركون في هذه الحفلة فيقوم بعضهم بالضرب بالفلكة وآخر بالعصا التي يمسك بها في يده وعندما سقط أحد الإخوة قام محمد فريد أحد الضباط بالوقوف فوق ظهره ووضع ضابط المباحث عماد حذائه فوق رأسه وأخذ خالد الديب ضابط السجن في ضربه وهو على هذه الحالة لا يستطيع أن يستغيث أو يتحرك وكان بعضهم يجلس ليشاهد الموقف من بعيد وكأنهم يشاهدون فيلما سينمائيا)

(ولقد علمنا بعد ذلك أن كثير من حالات التعذيب هنا قد تم تصويرها للإدارة العليا في الوزارة ليرفعوا بها تقرير بعد ذلك للوزير فكان البعض يشاهد كاميرات تصور من بعد، وقد تكرر هذا الأمر في سجون مختلفة.)

(لم يكن التعذيب والضرب يقتصر فقط على ذلك أثناء الدخول بل عند حدوث أي شيء تستغله الإدارة لمعاقبة الجميع فعندما وجدوا راديو في أحد العنابر فقاموا بإخراج كل من فى السجن عرايا مجردين من ملابسهم وقاموا بضربهم وتفليكهم (ضربهم على الفلكة) ثم أخذوا من كل عنبر بعض الأفراد لا ذنب لهم ولا يعلمون شيئا عن ذلك الراديو وضربوهم أيضا، وكانت عندما تأتي قوات مصلحة السجون للتفتيش كانت تقوم بضرب السجن كله.)

ويستمر حسن على فى شهادته على حفلات التعذيب فى استقبال سجن الوادى الجديد

توقفت السيارات أمام بوابة السجن بعدما يقرب من أربعة عشر ساعة من الإرهاق والتعب والزحام الشديد ثم فتحت البوابة وتحركت أول سيارة في اتجاه السجن وعندما تخطت حاجز البوابة أغلقت وكأنما ابتلعها السجن، كان الجميع في الخارج يترقب ويتطلع لعل أحد يستطيع أن يعرف مصير من في السيارة الأولى فهل ستتوقف مسيرة الحياة عند هذه البوابة أم ستعبر معهم نهر الحياة إلى داخل هذا المكان المجهول؟ كانت هذه أسئلة تدور في الأذهان في هذه اللحظات الحاسمة والتي كان السكون يلف المكان والصمت يضرب بأطنابه حولهم مما يزيد الأمر حيرة.

كان المشهد من الداخل يختلف تماما فكانت الصورة مرعبة فهناك أعداد كبيرة من القوات منتشرة في المكان في تشكيلات وأوضاع مختلفة وكان يوجد عدد كبير من الضباط والمخبرين يتوسطون تلك القوات، والذي كان بعضهم يقف أمام البوابة من الداخل في ساحة السجن وآخرين في داخل مبنى الإدارة وآخرين منتشرين في الطرق المؤدية إلى العنابر وقد وقفوا وكأنهم وحوش ضارية، ينتظرون الفريسة التي ستلقى إليهم ليفترسوها، فما أن تدخل السيارة وتغلق البوابة خلفها حتى يهرع إليها عدد من العساكر يلتفون حول السيارة ويضربون جوانبها بالعصي ليبثوا الرعب في قلوب من بداخلها مع الشتائم والسباب والتهديد والوعيد بما سيجدونه فما أن يفتح باب السيارة الخلفي حتى تصعد هذه الوحوش لتلتهم ضحيتها فلا ينتظرون أن تنزل إليهم بل كانوا يدفعونهم من أعلى السلالم ليسقط الجميع على بعض ثم يجلسون على الأرض بجانب السيارة لفك الكلابشات وأخذ جميع المتعلقات منهم كالمصحف والشباشب والساعات حتى إنهم لم يستجيبوا لتوسلات أحدهم عندما طلب منهم أن يتركوا له نظارته لأنه لا يستطيع أن يرى بدونها، كما كانوا يجردونهم من ملابسهم وكان يتم ذلك وسط صفعات بالأيدي وركلات بالأرجل والذي لا يعتبر شيء لما سيلاقونه بعد ذلك، وكان البعض من شدة الارتباك لا يدري ماذا يفعل هل يخلع ملابسه أم يحمي نفسه من ضربات العصي والتي تهوي على الرؤوس بدون رحمة وإذا تأخر أحد في خلع ملابسه كانوا يمزقونها وبعد أن أصبحوا مجردين من الملابس كان عليهم أن يمشوا على أربع اليدين والركبتين في صفوف خلف بعض في اتجاه مبنى الإدارة لأخذ بياناتهم، كان عليهم أن يسيروا بهذا الوضع المهين والضرب يلفح ظهورهم بالسياط وكان بعض العساكر يجلس فوق ظهر أحدهم ويضربه بقدمه في جبينه لكي يسير به وعندما يسقط على الأرض خاصة وهو لا يستطيع أن يصعد درجات السلم في مدخل الإدارة بهذا الحمل كان يضربه على رأسه، وفي داخل المبنى كان هناك أمرا آخر كانت الحركة سريعة فما أن ينتهي أحدهم من الحلاقة يذهب به إلى أحد المكاتب لأخذ بياناته ثم إلى مكتب آخر حتى ينتهي من تلك الإجراءات ثم بعد ذلك ومن أجل الخروج من المبنى كان لابد من الزحف على أرضية المبنى الرخام بل وتقبيل الأرض بصوت مرتفع كما كانوا يتعمدون إهانتهم فيأمرونهم أن يقلدوا أصوات القطط والماعز ولا مانع من أصوات الكلاب أيضا حتى يخرجوا من المبنى بهذا الوضع فيتم تجميع هذه الأعداد خارج المبنى لتبدأ رحلة الذهاب إلى العنابر، كانت المسافة طويلة ومجهدة وخاصة أنهم لا يقطعونها سيرا على الأقدام بل زحفا على الإسفلت بأجسادهم العارية وكانت السياط والكابلات تنهال عليهم أثناء الطريق لتنهش من ظهورهم وتتطاير قطع اللحم فتتناثر في الطريق وكان الإسفلت في نفس الوقت يمزق أجسامهم من أسفل فكانوا بين نار السياط من أعلى ولهيب الإسفلت من أسفل، كان عليهم أن يقطعوا مسافة بهذا الوضع ثم يسيرون مرة أخرى على أيديهم وركبهم حتى كاد العظم أن يظهر عند بعضهم بعدما تآكلت جلودهم وتمزقت أجزاء من لحومهم ثم يعودون إلى الحالة الأولى وكان يقف أحد العساكر في منتصف الطريق وهم بهذه الحالة على ظهر أحدهم ويأمره أن يزحف وعندما يعجز عن ذلك ينهال عليه سبا وضربا بكابلات الكهرباء كل ذلك كان يتم وسط صرخات الألم واستغاثات الرحمة والتي كانت تضيع بين ضجيجهم وصخبهم وأصوات السياط التي تنهال عليهم وكانوا يقولون لا جدوى من تألمكم أو صراخكم، كانت الدماء وقطع اللحم والجلد المتناثرة منتشرة على طول الطريق، وكان عليهم أن يقطعوا هذه المسافة والتي تقدر في هذه الظروف بالأميال إلى أن يتوقفوا عند مدخل العنبر.

كانت تدخل سيارة إثر أخرى تفرغ حمولتها من الضحايا ثم تخرج وكانت المجموعات تنزل بالتتابع فما أن تنتهي مجموعة من مرحلة حتى تدخل الأخرى مكانها فكان التعذيب ممتدا من بوابة السجن إلى باب العنبر وكأن الناظر لهذا المشهد المأسوي والممتد لهذه المسافة الطويلة وصور التعذيب المختلفة التي تقشعر منها الأبدان والدماء المتساقطة وقطع اللحم المتناثرة وكأنه يشاهد فيلم وثائقي عن معسكرات التعذيب النازي بل إن مشاهد الفيلم لا تنقطع عند مدخل العنبر بل هي ممتدة لما بعد ذلك، فعند باب كل عنبر يقف أحد الضباط وفي يده عصى يضرب بها كل من يزحف من بين قدميه، كان على الجميع أن يقبل مدخل العنبر أثناء الزحف قبل الدخول إلى العنبر كما كان

عليهم ألا يرفع أحد رأسه إلى أعلى منذ لحظة دخوله السجن حتى لا يرى أحد ولا ما يحدث حوله وعندما اخطأ أحدهم ورفع رأسه فلمحه الضابط فما كان من العسكري الذي يقف بجواره إلا أن ضربه على رأسه فاصطدمت بالأرض فتدفق الدم منه بغزارة يملأ الأرض ثم كان جزاؤه على ما فعله أن يقبل الحذاء الميري للضابط وكان هذا ما أمر به فركله العسكري بقدمه بقوة على فمه المصاب ليقبل حذائه والدماء تتساقط عليها ثم أكمل مسيرة الزحف بين قدمي الضابط إلى داخل العنبر وعندما وصل بمنتصف جسمه بين قدميه أغلقهما عليه وأخذ ينهال عليه بالعصي التي كانت في يده ثم تركه بعد ذلك ليواصل الزحف إلى داخل العنبر ليجد أمين الشرطة ومجموعة من العساكر يتلقون من يأتي إليهم بالضرب والزحف على الأرض مع وضع أيديهم خلف ظهورهم حتى باب الزنزانة ثم يتم دفعهم إلى الداخل وغلق الباب عليهم.

وقد لخص أحد الزبانية فلسفة السجن عندما كان يقف وسط هذه المجزرة ويقول مفتخرا “إن الله عندما خلق جهنم نسي جزء منها، هذا السجن هو ذلك الجزء الذي نسيه الله من جنهم”، قال ذلك حتى يقطع عليهم أي أمل في رحمة أو شفقه أو أن ترق لهم قلوب أحد منهم في هذا المكان.

لا يشك أحد منذ أن وطئت قدماه السجن ورأى ما رأى أن الحياة فيه ستكون سهلة بل قاسية ولكن لم يكن يتصور أن تكون بهذا الحجم من القسوة، فعندما كانت تأتي كل مجموعة يتم دفعهم داخل الزنزانة فبعضهم لم يجد شيء في الزنزانة والبعض الآخر وجد بدلة لكل واحد وبطانية،

وقد باتوا ليلتهم وقد بلغ بهم من الإعياء والجهد مبلغ فقد اجتمع عليهم عذاب السفر بلا نوم أو طعام مع الإجهاد والإرهاق نتيجة رحلة العذاب من باب السجن إلى باب الزنزانة والتي استغرقت من آذان الظهر إلى آذان المغرب ولم يمنعهم من مواصلة المسيرة إلا أن تركوهم بهذه الحالة بلا طعام أو شراب وذهبوا ليتناولوا طعام إفطارهم لأنه كان يوم من أيام شهر رمضان وكأن هؤلاء الأسرى هم من اليهود وليسوا مسلمين لم تكن جريرتهم إلا أن وقفوا ضد الظلم و الطغيان ثم عادوا مرة أخرى بعد صلاة العشاء ليكملوا معهم مسلسل التعذيب، وقد باتوا ليلتهم وهم منزوون في أحد الزوايا منكمشون على أنفسهم من شدة البرد يفترشون الأرض ويلتحفون بجلودهم ولا يجدون ما يسد به رمقهم من شدة الجوع فباتوا ولا يعرف أحد ما مصيره ولا كيف ستسير بهم حياتهم ولا ما تخبئ لهم الأيام في باطنها.)

ثم يتحدث عن التعذيب فى استقبال معتقل الفيوم قائلا

وفى الطريق الى سجن الفيوم

كنا ندعو الله أثناء الطريق وعندما توقفت السيارات أمام السجن أن يكلأنا برحمته وأن يخفف عنا ما نحن مقدمون عليه، عندما دخلت السيارة إلى السجن كان هناك عدد من العساكر تتسابق أيهم يلتهم فريسته أولا وأخذوا يضربون بالعصي التي في أيديهم السيارة من الخارج وعندما فتح الباب اندفعنا

في أول مجموعة من السيارة حتى لا نعذب مرتين مرة عند سماع أصوات التعذيب لمن سبقنا ونحن في انتظار ما سيحدث لنا ومرة عند وقوعه علينا ففضلنا أن يكون مرة واحدة فقط وليقضي الله أمرا كان مفعولا، عندما اندفعنا إلى أسفل أخذوا منا كل ما نملك من أمتعة وملابس والمصاحف وغيرها حتى الشباشب والأحذية لم يتركوها لنا ثم انهالوا علينا بالضرب إلى مبنى الإدارة لأخذ بيانات الدخول فكنا ننتقل من مكتب إلى آخر بسرعة من الضرب والشتائم وكانوا يأمرونا أن نجري بسرعة ثم نتوقف فجأة فيسقط بعضنا على بعض، وبعدها قاموا بتجميعنا خارج مبنى الإدارة في الطريق المؤدي إلى العنابر فكنا نسير ونحن منحنيي الظهر والعساكر لا تتوانى عن الضرب فوق ظهورنا العارية حتى وصلنا إلى العنابر فتم توزيعنا على الزنازين وكانت الساعة الثانية ليلا فحمدنا الله فكنا نتوقع أكثر من ذلك، كان لكل واحد بطانية وبدلة فقط وكان لا يوجد أطباق فكنا نضع الطعام على الأرض عند استلامه .

ثم يتحدث عن التعذيب اثناء الاستحمام الجماعى الاجبارى

فعندما كانوا يأتون إلينا للخروج للاستحمام كنا نعلم ذلك من خلال الصخب والضجيج الذي يحدثه عبد العال وزبانيته في الصباح والعساكر التي تنتشر في طرقات العنبر لتنظر من نافذة الباب حتى يلاحظوا من يخالف التعليمات فعلى الجميع أن يخلع ملابسه ويظل واقفا رافعا يده إلى أعلى في انتظار الدور وكانت تخرج كل زنزانة على حدة فتبدأ معاناتهم من لحظة خروجهم وهم معصوبي الأعين يضع كل منهم يده على كتف من أمامه في طابور طويل في هذه الطرقة الضيقة وكان يقف على جنبات الطريق عدد من العساكر يضربون كلمن يمر عليهم، أحدهم بقدمه وآخر بيده وثالث بصفعة إلى أن يصل الجميع إلى مكان الاستحمام في نهاية العنبر ليجدوا في انتظارهم عبد العال ومعه عدد من العساكر فكانت تدخل كل مجموعة تحت الماء ثم تخرج والضرب ينهال عليهم أثناء الاستحمام ثم تدخل مجموعة أخرى إلى أن يتم تجميعهم في الخارج فكل مجموعة تخرج عليها أن تقف ووجوههم إلى الحائط رافعين أيديهم في انتظار باقي المجموعات وعندما يكتمل العدد ثم يبدأ الضرب مرة أخرى على ظهورنا والماء يتساقط منا ثم تبدأ رحلة العودة إلى الزنزانة والتي تكون أشد من الذهاب لأننا في أثناء الاستحمام كان أحدهم يقوم بنشر حبات الرابسو على الأرض وتكون أرجلنا مبللة بالماء وأجسادنا يتساقط منها الماء أيضا وكان علينا أن نجري بسرعة في هذا المكان لكي نتفادى الضرب الذي كان يأتينا من جنبات الطريق فكنا نسقط على الأرض من الرابسو الذي وضع لنا في الطريق ولا يكاد البعض يقف حتى يتوقف الضرب عليه حتى يسقط مرة أخرى وكان البعض يهيم على وجهه فهو لا يرى أحد ولا يسمع غير الصراخ والصخب الشديد فكان منا من يصطدم بالحائط أو أن يسقط بعض الأفراد على بعض نتيجة الاندفاع وسقوط أ؛دهم وهكذا وأحيانا يكون السقوط متعمدا من قبل العسكري الذي يقف في الطريق بأن يضع قدمه حتى ينهال عليه بالضرب ويستمر الوضع هكذا بين سقوط ومحاولة للقيام بسرعة لتفادي الضرب إلى أن يصل الجميع باندفاع إلى الزنزانة والذي كان يقف بجوار الباب مجموعة من العساكر وكانوا قد وضعوا عند مدخل الزنزانة بعض المراهم حتى يمر عليها من يأتي مندفعا فيسقط داخل الزنزانة ويأتي الآخر وهكذا يسقط الجميع فوق بعض وهم يقفون يضحكون من هذا المشهد الكوميدي ولكنها الكوميديا السوداء، كان هذا المشهد يكاد يتكرر كل أسبوع أو أسبوعين وخاصة في السنوات الأولى، لم يكن هذا الأمر من أجلنا فهم يعلمون إننا أ؛رص الناس على النظافة ويوجد حمام في كل زنزانة ولكن من أجل أن نتجرع صنوف العذاب فكنا نعود في كل مرة وقد مسحنا الأرض بأجسادنا ) 

نقل المعتقل في غوانتانامو عبد اللطيف ناصر إلى المغرب في أول عملية خلال حكم بايدن

قالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) الاثنين 07/19 إنها نقلت معتقلا من سجن غوانتانامو العسكري في خليج غوانتانامو، في أول عملية من نوعها منذ تولي الرئيس جو بايدن السلطة.

بعد 19 سنة من الاعتقال في “غوانتنامو”.. أمريكا تسلم أقدم معتقل مغربي للمملكة

وتم ترحيل عبد اللطيف ناصر، الذي بات مؤهلا لإطلاق سراحه في عام 2016، إلى المغرب. ولا يزال 39 معتقلا محتجزين في سجن غوانتانامو.

أعلن الوكيل ام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، صباح اليوم الاثنين، أن النيابة العامة أعطت تعليماتها للفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء، من أجل فتح تحقيق مع عبد اللطيف ناصر للاشتباه في ارتكابه أفعال ارهابية.

وحسب بلاغ الوكيل العام، فإنه تم اشعار النيابة العامة من قبل مصالح الشرطة القضائية بترحيل المسمى عبد اللطيف ناصر من قاعدة غوانتنامو إلى أرض الوطن يومه 19/07/2021