أرشيف يوم: يناير 5, 2022

خواطر عن السجون والإبتلاء

الأسير عبد الكريم محمد أبو حبل أبي بكر

توصل موقع أدب السجون برسالة كتبها الأسير الفلسطيني في عزلته بسجنه الطويل حيث يقضي حكما بالسجن المؤبد ننشرها كما توصلنا بها

1

إن العبد ليتعلم في ساعات البلاء مالا يتعلمه في سنين عافتية

إن الحديث عن قعر السجون الظلمة والاهات والشجون ،لا يعني أن الأنسان يتمنى السجن ،فسجن بلاء  ولأواء  لا يتمناه أحد قط ،وصدق من قال

يكفيك أن السجن بيت لا ترى * أحدا عليه من الخلائق يحسد

بل أن الحرية والعافية نعمة شكرها الرحمن الرحيم فقال الطيف الرحيم :

{ وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن}

2

أخي الكريم

فإذا قدر العلي القدير ،ابتلاءا وحل بك ،فأن لك  في مدرسة يوسف عليه السلام فرصة ثمينة للتحصيل العلمي ،فأقبل -رحمك الله- وأنت بين جدرانها على تعلم العلم النافع وتعليمه  ولا تكن  مسرفا في حديث لغو و ثرثرة تزجي بها وقت الفراغ بين أهل الفراغ وتمثل في هذا المقام قول الحميري

لقاء الناس  ليس يفيد شيئا ***سوى الاكثار من قيل وقال

نا ملل من لقاء الناس إلا*** لكسب العلم أو صلاح حال.

بل كن أخي السجين من الذين التي تقشعر جلودهم من خشية الواحد القهار ،الذين يقرأون الأصول ويعكفون على الكتب الصفراء حتى مطلع الفجر وهم ينهالون من مدرسة علماء الاسلام والأئمة الأعلام.

ولقد صدق الأول حين قال :

أعز مكان في الدني سرج سابح * وخير جليس في الزمان كتاب.

لقد كان في هذا المضمار للأئمة الأعلام خير بيان ،رغم صعوبة  الإبتلاء لكن حولوا العذابات روضات ،والمر حلوا والانتكاسة نصرا،وهذا على سبيل المثال لا الحصر:

فتشبهوا  إن لم تكونوا مثلهم ***إن التشبة بالكرام فلاح

3

1=سجن شيخ الأسلام ابن تيمية قدس الله روحه ،فكتب مجموع الفتاوي الذي بلغ 27مجلدا في مختلف العلوم الشرعية والعقائدية .
2=وسجن الإمام السرخسي رحمه الله ،في بئر معطلة فأخرج للامة كتاب المبسوط في حوالي 20 مجلدا .
3=وأقعد ابن الأثير تقبله الله في علين ،فصنف جامع الأصوال في حوال 12مجلدا وكتاب النهاية في غريب الحديث وغيرها .
4=وسجن أعوام794_801أحمد بن يحيى الملقب المهدي فألف كتاب حدائق الأزهار وعمره حوالي 21سنة .
5=ونفي جمال الدين ابن ابجوزي رحمه الله ،في بغداد فجود القرآن بالقراءت السبع

4

 .

بل أعظم من ذلك يا صاحبي السجن ،كان الصالحون يجدون حيلة أومكيدة للدخول إلى الزنازين  حيث يثوي  هؤلاء الاعلام لاستفادة منهم في التوحيد والعقيدة ،كما فعل العالم المبارك عبد الله ابن المبارك مع شيخه  الرباني ،الربيع بن أنس  الخرساني .

قال الأمام الذهبي رحمه الله :

(قال ابن أبي داود :سُجن بمر وثلاثين سنة …. وتحيّل ابن المبارك حتى  دخل إليه  فسمع منه ).

وقال الأمام الذهبي  رحمه الله :عن الأمام ابن المبارك رحمه الله :

(فأقدم  شيخٍ لقية :هو الربيع بن أنس الخرساني ،تحيل ودخل إلية إلى السجن ،فسمع منه نحواً من أربعين حديثاً )).سير أعلام النبلاء

الله ّأكبر يا رجال حولوا المحنه إلى محنة ،وأضيفوا إلى الليمون الحامض  سكراً فيصبح شرابا طيبا، يكون عذبا وريا

{فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ }

قد ينعم الله بالبلوى وإن عظمت * ويبتلى الله  بعض القوم بالنعم .

           والحمد الله رب العالمين ..

                كتبه العبد الفقير:(( عبد الكريم محمد أبو حبل أبي بكر