Monthly Archives: يونيو 2022
جدران العزلة مع سن قلم”.. لماذا يجب أن نقرأ في أدب السجون؟
لا نعرف تحديدا متى ظهر مفهوم السجن في تاريخ البشر، لكن يبدو وكأنه أينما ظهرت الحضارة الإنسانية ظهرت معها مفاهيم السجن والحرمان من الحرية بوصفها عقوبة. أقدم الإشارات التي وصلتنا عن عقوبة السجن تعود للحضارة الفرعونية وبلاد ما وراء النهرين، وكانت السجون في ذلك الوقت تقبع تحت الأرض، حيث يقضي المذنبون عقوباتهم حتى تنتهي حياتهم بالعبودية أو الإعدام.
ويبدو أن انتزاع الحرية وانقباض الظلمة على الروح في السجون قد ارتبط برغبة دائمة في التسجيل والتدوين والحكي، حيث يتسرَّب الزمن في السجن، وتتبدَّى الأيام متشابهة بلا فارق، لتصبح الكتابة وكأنها الوسيلة الأخيرة للتشبُّث بالزمن ومقاومة العزلة. وفي أحيان أخرى تصبح وسيلة لفضح ما يجري من انتهاكات غير إنسانية خلف جدران بُنيت كي ينسى العالم مَن احتُجِزوا خلفها، لتصبح الكتابة محاولة أخيرة لمقاومة النسيان.
ولعل واحدا من أوائل الكتب التي يمكن إدراجها تحت مظلة أدب السجون هو كتاب “عزاء الفلسفة”، الذي كتبه السياسي والمفكر أنيكيوس بوئثيوس خلال فترة السجن التي سبقت تنفيذ حكم إعدامه عام 524م، وقد ترجم الكتاب إلى العربية عادل مصطفى.
كان أنيكيوس مانليوس سيڤيرينوس بوئثيوس واحدا من أهم رجال الحكم في إيطاليا، تقلَّد الكثير من المناصب، فعمل رئيسا لمستشاري البلاط، وكبير مسؤولي المحكمة، وقائد حرس القصر، وقنصلا وعضوا في مجلس الشيوخ. لكن سطوع نجمه لم يدُم، إذ سُجن عام 523م بتهمة الخيانة بأمر من الملك ثيودوريك الكبير، وفي الأشهر القليلة التي قضاها خلف القضبان بانتظار لحظة إعدامه خطَّ كتابه الأشهر على الإطلاق “عزاء الفلسفة” الذي كان واحدا من أهم الأعمال في العصور الوسطى، وقد تناول فيه العديد من المسائل الفلسفية التي شغلت الفلاسفة والمفكرين على مر العصور، حيث يصف ظهور امرأة جليلة في سجنه، ما نلبث أن ندرك أنها تُمثِّل تجسيدا للفلسفة التي تأتي لزيارته ومواساته. ومن خلال هذا التجسُّد يستعرض العديد من التساؤلات والأفكار والمسائل الفلسفية الكبرى.
عرف الأدب عموما، وفي جميع الثقافات واللغات تقريبا، كتابات يمكن إدراجها تحت بند أدب السجون، لكن المنطقة العربية تشهد غزارة في هذا النوع، في ظل أنظمة سلطوية تُحكِم قبضتها على رقاب الجميع، ومع احتشاد السجون العربية في مختلف الأزمنة بالمعارضين للسلطة نتج عن ذلك غزارة الأعمال الأدبية التي تتناول تجربة السجن. ولا تنتمي تلك الأعمال للعصر الحديث فقط، بل يمكننا إيجاد العديد من الإشارات للسجن والأسر حتى في نصوص صادرة في مختلف عصور الدولة الإسلامية. ربما يكون أحد أهم الأعمال الأدبية وأولها التي تناولت تجربة السجن في القرن الأخير هي رواية “وراء القضبان” للكاتب والسياسي المصري ومؤسس حزب “مصر الفتاة” أحمد حسين التي صدرت عام 1949.
“سيطول الانتظار أيها المسافر، ستموت قبل أن تسمع الكلمات التي تنتظرها، شاطئ المتوسط الشرقي لا يلد إلا المسوخ والجراء… وأنت تنتظر الخيول والسيوف! سيظل ذاك الشاطئ يقذف كل يوم عشرات الجراء، مئات الجراء، وحتى لو وصلت أعدادهم إلى الآلاف فستظل جراء تعوي في السراديب أو تموت في المزابل لأنها تريد ذلك”.
(عبد الرحمن منيف)
دعنا الآن نبدأ في عرض مجموعة من أهم الأعمال في أدب السجون، ولنبدأ برواية يعتبرها الكثيرون الرواية العربية المؤسِّسة لأدب السجون. نُشرت رواية “شرق المتوسط” في السبعينيات، وتناول فيها الكاتب السعودي الأثر النفسي لتجربة السجن السياسي من خلال حكاية رجب إسماعيل المحبوس في سجن لم يُحدَّد موقعه، لكننا نفهم من السياق أنه يقع في دولة عربية في “شرق المتوسط”، لتتسع المأساة شاملة كل سجون الشرق الأوسط تقريبا.
طالب جامعي شاب، من بين آلاف الطلبة العرب الذين قبعوا ولا يزالون حتى اليوم خلف قضبان السجون العربية، يتعرَّض للسجن والتعذيب على مدار 5 خمس سنوات تحطَّمت فيها روحه. لكن السجن الحقيقي في رواية منيف لم يكن سجن الجدران قدر ما كان سجن لحظة الضعف التي نالت منه وحرَّرته من سجن الجسد، لتُسقطه إلى الأبد في سجن ضميره.
التعليق من السقف، إطفاء السجائر في الجسد وموت الأم تحت ضربات الجنود، سلسلة من الأحداث الموجعة المُصمَّمة لكسر الروح والإرادة، التي تنتهي باللحظة التي يوقِّع فيها على ورقة الاعتراف وخيانة مبادئه، أخرج هذا التوقيع جسده من خلف أسوار السجن، لكنه حبس روحه للأبد في سجن طويل ومُمتد لا ينتهي إلا بالموت.
تلك العتمة الباهرة
الرواية مُستلهَمة من التجربة الواقعية لعزيز بنبين، الذي اعتُقل لمدة عشرين عاما قضى منها ثمانية عشر عاما في سجن تزمامرت المغربي الواقع على ارتفاع 2000 متر فوق منحدرات جبال أطلس، بعد اتهامه وزملائه بمحاولة الانقلاب على الملك الحسن الثاني عام 1971.
على لسان عزيز بنبين، يصف الروائي الطاهر بن جلون زنزانة سجن تزمامرت بأنها أشبه بقبر، طولها 3 أمتار وعرضها متر ونصف، ويتراوح ارتفاع السقف بين 150-160 سنتيمترا بحيث لا يتمكَّن السجين من الوقوف مُنتصبا داخلها، ويروي كيف يقضي السجين اليوم داخلها يأكل ويشرب ويقضي حاجته ولا يرى الضوء أبدا.
يصف الكاتب الأهوال التي تعرَّض لها المساجين، المرض والطعام غير الآدمي، والعقارب التي يتعمَّد مأمور السجن نشرها للتخلُّص من المساجين وقتلهم واحدا تلو الآخر. وقد سُجن في هذه القضية ثمانية وعشرون شخصا دخلوا إلى السجن ولم يخرج منهم أحياء سوى أربعة فقط، يصف الكاتب كذلك كيف أصبح موت أحدهم ودفنه هو فرصته الوحيدة للخروج إلى الشمس.
تأتي واحدة من أكثر اللحظات إيلاما بعد خروج الراوي من السجن عندما أتت لحظة تمكَّن فيها للمرة الأولى بعد مرور 20 عاما من رؤية وجهه في المرآة، فيقول: “وللمرة الأولى منذ ثمانية عشر عاما أقفُ قبالة صورتي، أغمضت عيني، أحسست بالخوف. خفت من عينيّ الزائغتين، من تلك النظرة التي أفلتت بمشقة من الموت، من ذلك الوجه الذي شاخ وفقد سيماء إنسانيته”.
القوقعة: يوميات متلصص
الرواية تدور حول شاب درس السينما في فرنسا، وحين قرَّر العودة إلى وطنه اعتُقِل في المطار ليقضى ثلاثة عشر عاما من عمره في سجن تدمر الصحراوي الذي اشتهر بفداحة وسائل التعذيب خلف جدرانه، وذلك بتهمة العمل مع جماعة إسلامية رغم كونه شابا مسيحيا. تعرض الرواية تفاصيل التعذيب في سجون النظام السوري في ذلك الوقت، ما بين الضرب والكهرباء إلى إجبار السجناء على ابتلاع الفئران والحشرات والسحالي والشرب من مياه الصرف الصحي، وغيرها من الوسائل المهينة التي تكسر الأرواح.
يروي البطل كيف انحبس في عزلة مضاعفة بعد أن عرف زملاؤه في السجن أنه مسيحي، فتجنَّبوه داخل المعتقل، معتقدين أنه جاسوس للنظام أو ﻹدارة السجن، وهو ما يجعله ينسحب إلى داخل قوقعة داخلية، ويتلصَّص من داخلها على ما يدور حوله، لكن المؤلم أن هذه القوقعة تبدو وكأنها التصقت به حتى بعد خروجه من السجن، حيث لم يستطع استعادة تواصله مع الآخرين ومع العالم خارج سجنه، لتُفرَض عليه عزلة لا تنتهي أبدا داخل قوقعته، يسترق من خلفها النظر إلى العالم دون أن يشتبك معه. يُذكر أن الكاتب قد تعرَّض لتجربة الاعتقال بالفعل عند عودته من الخارج على خلفية تقرير كتبه أحد زملائه في فرنسا، وقد أشار إلى أن الرواية مزيج بين تجربته الشخصية وتجربة أحد أصدقائه.
أعمال صنع الله إبراهيم
تعرَّض الكاتب صنع الله إبراهيم للسجن في عهد الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر، حيث حُكم عليه بالسجن سبع سنوات على خلفية اتهامه بالانتماء للحزب الشيوعي، وذلك ضمن حملة اعتقالات واسعة جرت في أواخر الخمسينيات وشملت العديد من وجوه النخبة الفكرية في ذلك الوقت، ومن بينهم عبد الحكيم قاسم، ويوسف إدريس، وشهدي عطية، وسامي خشبة، ومحمود أمين العالم، ولويس عوض، وغيرهم، وقد سجَّل أغلبهم تجربته في السجن، ما أثمر غزارة في الإنتاج الأدبي الذي يتتبع تجربة السجون المصرية في تلك الفترة.
يصف الكاتب المصري صنع الله إبراهيم السجن بأنه جامعته، وقد ظهر تأثير تجربة السجن جليا في العديد من أعماله الأدبية، بداية من روايته الأولى “تلك الرائحة”، ومرورا برواية “شرف”، وحتى كتابه “يوميات الواحات”.
في مقدمة هذه الأعمال المجموعة القصصية الشهيرة “تلك الرائحة وقصص أخرى”، نُشرت المجموعة عام 1966، وصودرت في العام نفسه، وصدرت منها طبعات أخرى ناقصة، بعدما حُذفت منها بعض المقاطع، ولم تنشر كاملة مرة أخرى حتى عام 1986، أي بعد مرور نحو 20 عاما على النشر الأول. كان صنع الله إبراهيم قد أعاد اكتشاف نفسه في السجن، حيث اعتاد تسجيل يومياته وممارسة الترجمة والكتابة، وهو ما استمر في فعله بعد الخروج من السجن. تضم المجموعة أيضا قصص “الثعبان” و”أرسين لوبين” و”أغاني المساء” التي خطَّها الكاتب في سجن المحاريق في الواحات الخارجية عندما كان معتقلا.
تدور القصة الرئيسية التي حملت المجموعة عنوانها “تلك الرائحة” حول يوميات الكاتب بعد خروجه من السجن حينما كان خاضعا للرقابة القضائية التي تستلزم وجوده في المنزل من غروب الشمس حتى شروقها، وقد جاء فيها قوله: “لماذا يتعيَّن علينا عندما نكتب ألا نتحدَّث إلا عن جمال الزهور وروعة عبقها بينما الخراء يملأ الشوارع ومياه الصرف تغطي الأرض، والجميع يشمون الرائحة النتنة ويشتكون منها؟”.
شرف
الرواية المنشورة عام 1997 لا تدور أحداثها هذه المرة حول السجون السياسية، فبطلها أشرف، أو “شرف” كما اعتادت أمه تدليله، يُسجَن بسبب دفاعه عن نفسه ضد محاولة أحد السائحين الأجانب انتهاكه جنسيا. يدخل شرف إلى السجن وتبدأ الرواية في تسليط الضوء على أوضاع السجون الجنائية، وما يحدث فيها. كما يتناول الكاتب صنع الله إبراهيم بأسلوبه التوثيقي الأثير الجرائم التي ترتكبها شركات الأدوية تجاه شعوب دول العالم الثالث، وكيف تتحكَّم في رؤوس أموال الدول وتُحوِّل مواطنيها إلى حقول تجارب، وهي حقائق يكشفها عبر مذكرات سجين آخر هو الدكتور رمزي. وعلى الرغم من أن تهمة البطل هنا ليست سياسية، فإن السجون يبدو وكأنها تتشابه بشكل أو آخر في البؤس الذي تنزله بأصحابها.
يوميات الواحات
في عام 2003، طلبت إحدى المجلات من الكاتب صنع الله إبراهيم الكتابة عن العوامل التي ساهمت في تكوينه الأدبي، فقرَّر اختيار بعض اليوميات التي كان يكتبها في السجن لنشرها في المجلة، ومن هنا جاءت فكرة إعادة تجميع اليوميات ونشرها، حيث وجد الكاتب أنها قد تكون مفيدة في إلقاء الضوء على أحداث تلك الفترة، وكذلك على ظروف تكوينه بوصفه كاتبا، وهو ما حدث بالفعل حيث نُشرت “يوميات الواحات” عام 2005.
في القسم الأول من الكتاب الذي حمل عنوان “مدخل”، استعرض الكاتب أحداث نشأته وعلاقته بأسرته وبدايات اهتمامه بالقضايا السياسية والعمل السياسي المنظم بعد التحاقه بتنظيم “حدتو”، وهي الأحرف الأولى من “الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني”، أما الجزء الثاني فهو اليوميات التي كتبها خلال فترة اعتقاله في سجن الواحات، وقد كُتبت هذه اليوميات في شذرات على أوراق لف السجائر، وخُبِّئت وهُرِّبت خارج السجن، ومن خلالها تمكَّن القارئ من التعرُّف إلى بواكير تكوين صنع الله إبراهيم، وكيف استطاع استكشاف هويته كاتبا خلال فترة السجن، حيث بدأ في كتابة فصول من روايات لم تُنشر، وقصص قصيرة، وترجمة بعض الأعمال الأدبية والنقدية، إضافة إلى تسجيله أعمال التعذيب الوحشية التي تعرَّض لها المعتقلون السياسيون في ذلك الوقت، وكيف أدَّت إحدى حوادث التعذيب إلى مقتل المناضل البارز في ذلك الوقت “شهدي عطية”.
بعد العديد من المواجهات بين المعتقلين وإدارة السجن ورضوخ الإدارة لبعض متطلباتهم، تحسَّنت الأمور بعض الشيء، فسُمِح بدخول الكتب والجرائد وعمل ما يشبه المسرح، وقد قرَّر المعتقلون إقامة معرض للكتب الصادرة داخل السجن، وشارك صنع الله إبراهيم بترجمة جانب من مذكرات الشاعر الروسي يفتوشنكو، إضافة إلى مساهمته مع عبد العظيم أنيس في ترجمة دراسة عن همنغواي.
مذكراتي في سجن النساء
“لا يموت الإنسان في السجن من الجوع أو من الحر أو البرد أو الضرب أو الأمراض أو الحشرات، لكنه قد يموت من الانتظار، الانتظار يُحوِّل الزمن إلى اللا زمن، والشيء إلى اللا شيء، والمعنى إلى اللا معنى”.
(نوال السعداوي)
في السادس من سبتمبر/أيلول عام 1981، أُلقي القبض على الطبيبة المصرية الراحلة نوال السعداوي، حيث اقتحمت قوات الأمن منزلها واقتادتها إلى سجن القناطر لتلتقي بمجموعة كبيرة من الناشطات اللاتي أُلقي القبض عليهن في موجة اعتقالات واسعة عقب ما عُرف بقرار التحفُّظ الذي أصدره الرئيس المصري السابق محمد أنور السادات في الشهور الأخيرة من حكمه.
صوَّرت الكاتبة واقع السجن، وكيف تدبَّرت أمرها بين جدرانه كي تقاوم ظروف الحبس السيئة، وكيف كانت تكتب داخل السجن على أوراق المحارم الورقية أو أوراق لف السجائر، ولم تتوقف السعداوي عند تسليط الضوء على تجربة السجن السياسي، لكنها تُسلِّط الضوء أيضا على قصص بعض السجينات من غير السياسيات.
حرز مكمكم
هذا الكتاب يختلف تماما عن أدب السجون المعروف، فطبقا للكاتب أحمد ناجي فإن “غالبية كتابات أدب السجون العربية سُجن أصحابها بسبب نشاطهم السياسي، وبالتالي فالسجن هنا استمرار للنضال السياسي. إنه يحافظ على عقله من الجنون، وعلى روحه من التعفُّن من أجل مستقبل أفضل يصنعه مع حزبه أو جماعته حينما يخرج”.
في عام 2016، فجَّر الحكم على الكاتب المصري أحمد ناجي بالسجن لمدة عامين موجات واسعة من الغضب في الأوساط الأدبية والصحفية، وجاءت تهمة أحمد ناجي “خدش الحياء العام” بسبب نشر فصل من روايته “استخدام الحياة” في جريدة أخبار الأدب المصرية. قضى أحمد ناجي عاما في السجن قبل أن تُوقف محكمة النقض الحكم ويُفرج عنه، لتُعاد محاكمته ويُعاقب بالغرامة.
يختلف الكتاب بالفعل عن جميع كتب أدب السجون، فهو يُركِّز على التجربة الذاتية للكاتب، دون تحميلها أي مضامين سياسية أو أيديولوجية، التهمة هنا هي اللغة، يقبض الكاتب على لغته، ويلاعبها ويشتبك معها ومع أفكار مختلفة ومتنوعة حول القراءة والكتابة داخل السجن، التي تتخذ أبعادا أخرى عنها خارج السجن.
فكما يصفها ناجي، تصبح القراءة والكتابة بمنزلة طوق نجاة للجميع، حتى هؤلاء الذين لم يلقوا لها بالا قبل دخول السجن، كونها واحدة من الوسائل النادرة لتزجية الوقت الثقيل خلف الأسوار. يُسجِّل الكاتب أيضا أحلامه وشذرات يومية عن تجربة السجن وعلاقته بالمسجونين، ووسائل النجاة التي اتخذها للبقاء والنجاة خلف الجدران.
تصف هذه الروايات، بأقلام مختلفة، ومن زوايا متباينة، طبيعة الحياة داخل السجن، وما تفعله الأسوار بنفوس القابعين في الظلام داخلها، وكيف تظل تحبس أنفسهم حتى بعد خروجهم إلى عالم النور. هي تخبرنا أيضا، بأوضح الطرق الممكنة، أن السجن هو أقسى العقوبات التي تفتَّقت عنها قريحة البشر، وأنه ما من بريء يستحق أن تُسلب روحه في ذلك العالم المظلم من أجل رأي مخالف أو كلمة حق، أو لحظة خالصة من التمرُّد على الطغيان والظلم.
المصدر : الجزيرة