Monthly Archives: نوفمبر 2024

خليج غوانتانامو

تنفس الناس الصعداء، وعادوا من مخيمات اللجوء إلى المدن والبلدات المهدمة والقرى الخاوية في أفغانستان، ليعيدوا بناء ما دمرته الحرب، وخربته آلة الغزو الروسي الشرير.
واستعادت حكومة المجاهدين الأمن والاستقرار، وضربت على أيدي العابثين واللصوص وقطاع الطرق، ومنعت زراعة المخدرات وتجارتها في المناطق التي سيطرت عليها، وقضت على الفساد الإداري والخلقي الذي رافق الحرب، ولم يجد العائدون إلى البلاد سوى الفقر والبطالة والأمراض المستعصية بسبب استخدام اليورانيوم المشع في الغارات.
قررت بعض المنظمات السرية منازلة الولايات المتحدة الأمريكية، أكبر قوة عسكرية واقتصادية في العالم، فشنت أربع طائرات مخطوفة في الحادي عشر من أيلول 2001 هجمات استهدفت اثنتان منهما مركز التجارة العالمية بنيويورك، والثالثة مبنى البنتاغون بواشنطن، وتحطمت الرابعة في بنسلفانيا.


أخذت إدارة الرئيس جورج بوش الابن تبحث عن كبش فداء، وقامت بناءً على تقارير كاذبة، بحملة تفتيش واسعة استهدفت مواقع محتملة لتنظيم القاعدة، بحثاً عن أدلة لوجود أسلحة دمار شامل كيميائية أو بيولوجية أو إشعاعية، لتبرير احتلالها وألحقت الغارات على مطار كابل دماراً شديداً، واستهدفت الضربات الجوية العنيفة الكهوف والأنفاق وراء قمم الجبال، وصُور الهجوم الأمريكي على أنه عمل من أعمال الدفاع عن النفس، وازداد الطلب على أعضاء طالبان بعد انهيار دولتهم، وصار الحكم في كثير من المناطق لطالبان في الليل، ولقوات الحكومة المتحصنة بالنهار، وأصبح الحصول على مكافأة سخيّة في متناول يد من يسلم أعضاء بارزين لسلطة الاحتلال الأمريكي، أو يدلي بمعلومات تفيد في القبض عليهم.
وتكدس الأسرى في السجون والقلاع الحكومية حتى ضاقت على رحبها، وجرت عمليات نقل جماعيّة من مراكز  الاعتقال إلى غوانتانامو، حيث صدرت الأوامر بإنشاء معتقل جديد لاحتجاز ألفي رجل من مقاتلي طالبان والقاعدة الخطرين.
صوّرنا معاناة المعتقلين من أهوال السجون، وما ذاقوه من ألوان التعذيب النفسي والجسدي وسوء المعاملة، وتركنا أبطال الرواية يتحاورون مع بعضهم، ومع سجانيهم، وكنّا في هذه الرواية شهوداً على انتهاكات حقوق الإنسان، وغياب العدالة، ليس في غوانتانامو  وحدها.
يقول المؤلّف: ليس من الضروري أن يدخل الروائي سجن غوانتانامو ليكتب نصّاً أدبيّاً، يصف فيه السجن الرهيب الذي لا يمكن أن يكون هناك سجن في العالم بهذه القسوة.
لأنّ ما توصّل إليه الكاتب من معلومات خطيرة، ومشاهد مثيرة من خلال متابعته لهذه القضيّة، جعله يقف مشدوهاً أمام الأقفاص البشريّة، يرصد بألم وحسرة أفانين القهر والتعذيب على أيدي زبانية السجن وعملائه.
أمّا أبطال الرواية فرجال في مقتبل العمر، مثقّفون وأطبّاء ومحامون وتجّار، يحلمون بعالم إسلامي متحرّر من الهيمنة الأجنبيّة، جمعتهم أقدارهم وراء البحار، خرجوا على هذا العالم الموبوء بفوبيا الإسلام، ليروي من بقي حيّاً للأجيال حكاية ما جرى في بلاد الأحرار الشجعان خلال الحقبة السوفييتيّة، ويصف معاناة الأفغاني المتهم بالتخلّف وزرع المخدّرات، وما حلّ بشقيقه العربي بعد تقسيم بلاده، وانتزاع بقعة غالية من أرضه، واتهامه بالتطرّف والتعطّش للدماء
رجال خلف القضبان، تنتزع منهم المعلومات تحت التعذيب، تنظر إليهم إدارة السجن على أنّهم كنز من المعلومات، يجب المحافظة عليه داخل الأسوار، وآخرون يخشون الإفراج عنهم خشية تسليمهم إلى بلدانهم الأصليّة، لا يدرون سبب اعتقالهم، ولكنّهم واثقون بعدالة قضيتهم، وأنّ الله لن يتخلّى عنهم.
جاءت هذه الرواية دعوة لإغلاق سجن غوانتانامو، وعودة الضحايا إلى أسرهم بعد هذا العناء، وإنهاء مشاعر العداء بين الشعوب، وصرخة في وجه الأنظمة التي تمارس الإرهاب وتتهم به شعوبها.
وأخيراً نرجو أن تكون روايتنا الثالثة “خليج غوانتانامو” تعبيراً عن ضمائركم الحرّة.
وصدرت هذه الرواية ولا يزال جرح أفغانستان وغوانتانامو  ينزف، والناس في شغل عنها بما هو أدهى وأمرّ.
صدرت الرواية عن دار جهينة بعمان في 278 صفحة، بغلاف جذّاب أنيق صمّمه الفنان عثمان شاهين. 
نرجو أن تنال هذه الرواية الإنسانيّة إعجابكم، وأن تلقى القبول عند النقاد وأهل الأدب.

الحديث ذو سجون حلمي صابر

من المتعبِ أن يجتمع الاثنان

عقلُ باحثٍ ، وقلب كاتب

أشعر بعقلي ، وأتألم في صدري

والأتعبُ أن تكون عربيا مسلما

في هذا التاريخ من التاريخ

فأصرخ بصمت

فكيف لو صرخت بصوت

هذا الصوت في داخلي يتكلم

أصمتهُ لكنه لا يصمت

لا أحبسه

ولم اسطع ، ولن أفعل

أحاول أن أنسى

أبحث عن طفل معه ألعب ، لأصير مثله لا أعْقِل

لكن الطفل يكبر

وأنا معه أكبر

وحرارة صدري تكبر

لا استطيعُ أنْ أعقلَ مالا يعقل

حاولتُ أن أخدعَ نفسي

جعلت في نفسي إعلاما غربيا

فازداد غيظي

قلتُ لأجرب إعلاما عربيا

فحبست نفسي

كنت مع نفسي صادقا

وهل رأيت إعلاما صادقا ؟!

ربما ، فعقلك ليس كعقلي

فلا ثمة خطأ

لا عندك ولا عندي

إنني أفكر بصدري

وأشعر بعقلي

هل أنت شَبهي ؟

أصرخُ بصمت

وهذا الصراخ يوجعني

يصكُ الصوت في صدري

وتحبسه أضلعي

فتتألم أضلعي وتهتز

فأرجع إلى سالف عهدي

أصرخُ بصمت

وأصرخُ بلا صوت ، وهذا الذي أتعبني

لأن الصوت الصامت رجَّـًا يرجني 

أخشى بألا تتحملني أضلعي

فتنكسر

ويخرج الصمت

ويُسمَعَ الصمت

فيجيء السجانُ ويحبسني

أنا في حبس

وأنا من يحبسني

أفرزُ الكلام مع الناس

هذا يضر ، هذا يخل بالأمن ، هذا إفساد ، هذا ترفيه ، هذا رقص

هذا حرام ، الشيخ ، الحبس ، الصبر ، الخوف ، التطبيع ، الصمت …

هذه معايير الكلمات التي تفرزني

فأصمت

إنني أفكر بصدري ، وأشعر بعقلي

وهذا يؤلمني !

حبسُ الطائرِ في القفص أكرههُ

وحبس الحيوانِ للسيركِ حتى لو أطعمته ،

أرفضهُ

دعهُ، أطلقه، هو أحسنُ منك في تدبير طعامه وأمره

هذا في الطير والحيوان لحبسه، أنا رفضتُهُ

جعلت السماء الواسعة للطائر ، قفصا

وجعلت الفيلَ والأسدَ ، للبشرِ سيركا

أردتَ أن تأنسنَ الحيوان !

فما بالكَ عاملتَ الإنسان حيوانا ؟!  

فكيف شعوري لحبسك للبشر ظلما ؟!

هل صدرك يشعر ؟!

هل في صدرك قلب ينبض ؟!

هل قلبك حجر ٌ؟

في لحظتك هذه

الآن

إنسانٌ مظلوم في الحبس

وطفل محروم من الأب

وزوج بلا زوج

وأم بلا ابن

وأب محزون على ولد

وأنا مثلهم حزين على من أحزن

لا يفارقني ذكراه

صبح وليل

وشمس وقمر

وبحر وبر

إنني أفكر بصدري ، وأشعر بعقلي

ضجيج في صدري يؤلمني

حبستهُ خمسةَ عشر عاما

عشرين عاما

ثم ماذا ؟

ما الذي بحبسِ العالم والشيخ والطبيب والمهندس المظلوم 

يجدي ؟!

أرجوك أخبرني

لمَ الحديث معك ذو سجون

لم الحياة بوجودك : صمتٌ وخوف

قالتِ العربُ في أمثالها: ” الحديث ذو شجون “

وهو معك ، ذو شجون وسجون وعنف وخسف!

أنت تفرح وتمرح

وذاك محبوسٌ خلف القضبانِ

اللهم ربنا

يا من ترفعُ له الأيدي

رقِّقْ علينا قلبَ السَّجانِ

ووسِّعْ علينا وعليهم وعليه ضيق القضبان

الحياة ضيق وبلاء

فكيف إذا صارت خلف حديد

لو لونتَ القضبان بالذهبِ 

ولو زينتَ الجدران باللؤلو والمرجان

هل سيصير الحبس قصرا ؟!

ولو زرعتَ فيه الوردَ والأشجار

هل سيصير السجن منتزها ؟!

من هذا امتلأ الصدر كمدا

فهل أشجاك الذي أشجاني

وهل أبكاكَ ما أبكاني !

كتاب “النذير.. الخروج إلى الجهاد” الأسير فهد عبد الله صوالحي

كتاب “النذير.. الخروج إلى الجهاد” الذي صدر في العام 2023 عن “مؤسسة مهجة القدس”، من تأليف الأسير الكاتب فهد عبد الله صوالحي في 328 صفحة.

يروي فيه ولادة مقاوم: الطفل فهد؛ طفل لاجئ  من مخيم بلاطة “منتصف الثمانينيات”، وهو “أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية”، يجمع الحجارة، ويشارك في “لعبة” رشق الحجارة التي تواجه سلاح المستوطنين، التي تتطوّر إلى الزجاجة الحارقة (المولوتوف)، وكيف كبر يصبح اللاجئ إلى مقاومًا شرسًا، وشجاعًا، يقاتل من أجل حرية شعبه.

ثم إلى الاعتقال وزمن السجن الثقيل البطيء، كما صوّر رحلة العذاب التي يمرّ بها الأسير في تنقلّه من سجن إلى آخر، في “البوسطة”، وهي رحلة تعرّف على الوطن السليب ومعالمه وجغرافيّته.

وينهي فهد قائلاً بصريح العبارة:

“الأخبار واضحة. رح نروّح من البوابة ومش رح ننجبر لحفر نفق جديد، إن شاء الله”.

والأسير الكاتب فهد صوالحي (43 عامًا)، سكان مخيم بلاطة في مدينة نابلس، اعتقل عام 2003، بعد محاصرة جيش الاحتلال المبنى الذي كان يتواجد فيه، ويقضي حكمًا بالسجن مدى الحياة (7 مؤبدات و50 عامًا).