شيد السجن في عهد السلطان إسماعيل (1672 1727) وبينما كان السلطان يستقبل ضيوفه في القبة فوق الأرض، كان المساجين تحتها يفترشون الأرض ويعيشون أياما بائسة دون أمل في انفراج، ويرجح أن يكون السرداب قد بني في البداية ليكون مخزنا للمؤونة في وقت الأزمات خاصة أن السلطان خاض حروبا في مواجهة القبائل الخارجة على سلطته ثم تم تحويل المخزن بعد ذلك إلى سجن لمعارضيه ومرتكبي الجرائم الكبيرة والأسرى، والذي يؤكد أن هذا السرداب كان يؤدي وظيفة أخرى أنه أصبح في فترات مختلفة بعد مرحلة السلطان إسماعيل مخزنا للمؤونة
وهناك عدة شهادات حول السجن منها شهادة الأسير الفرنسي مويط (كان أسيرا في بداية حكم السلطان إسماعيل) حكى فيها الظروف الصعبة التي عاشها في السجن، وكيف كانوا يعملون طيلة النهار حتى تنهك أجسادهم تحت إشراف حراس قساة يمعنون في التنكيل بهم.
وكتب المؤرخ المغربي عبد الرحمن بن زيدان عن هذا السجن في كتابه “إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس” حيث قال “إنه كان من جملة السجون المعدة للأسارى وغيرهم من أصحاب الجرائم العظيمة، يبيتون به ليلا ويخرجون نهارا للخدمة. استعمال المساجين في الخدمة نهارا وجعلهم بالسجن ليلا هو ما يفعله الاستعمار الفرنسي مع المساجين من الأهالي وكأنه أخذ ذلك من فعل المولى إسماعيل”.

اختلف الباحثون في تحديد أصل تسمية سجن قارة، فهناك من يقول إنه يحمل اسم سجين برتغالي وعده السلطان إسماعيل بنيل حريته إن استطاع بناء سرداب متين تحت الأرض، في حين يرجع آخرون أصل التسمية إلى فترة الحماية الفرنسية حين اتخذه المستعمر سجنا للأهالي وكان حارسه أقرع، فعرف السجن بصفته تلك بعد تحريفها كون الفرنسيين لا ينطقون حرف العين فصار قارة.
ولم يكن للسجن باب للدخول عند بنائه وكان السجناء ينزلون إليه عبر سلم من حبال من ثقب كبير قرب قبة السفراء ومن الثقب نفسه يدخل الضوء والهواء وأيضا الطعام.
ويتناقل أهل مكناس قصصا غريبة ومبالغا فيها عن هذا المكان، فيتداولون روايات شفوية عن حدوده التي تمتد إلى مدينة تازة، وأن السجن كان يستوعب 40 ألف سجين، وقسم من الناس نسج حوله اساطير وعن اختفاء عدد من الزوار في متاهاته المعقدة وعن أرواح المساجين القلقة التي لا تزال تسكنه وتصرخ كل ليلة داخله.
يقع بمدينة مكناس تحت الأرض في الساحة المقابلة لقبة السفراء هو واحد من أكثر السجون المغربية غموضا وإثارة للخوف.. ينزل الزائر إليه تحت الأرض عبر أدراج ضيقة، تلف الظلمة المكان إلا من خيوط رفيعة من أشعة الشمس تتسلل محتشمة عبر ثقوب في السقف لتضفي على المكان هالة من الرهبة.
هو سجن مفتوح بلا أبواب ولا زنازين، صمم على شكل يشبه المستطيل، ومقسم إلى 3 قاعات واسعة في كل واحدة منها مجموعة من الأقواس والدعامات الضخمة.
حبس قارة أو السرداب أو المطبق الإسماعيلي أو الدهليز.. كلها أسماء لهذا المكان تناسلت حكايات وإشاعات حوله، ونسجت أساطير ما زالت تلاحقه وتوصيف مرعب يلفه “الداخل إليه مفقود والخارج منه مولود”.
وتحوّل السجن التاريخي إلى مزار سياحي يجذب الأجانب قبل المغاربة.


