من دروس السّجن-الدكتور خميس الماجري
adminis
أغسطس 2, 2022
مقالات
لستُ ممّن يشاهد المسلسلات لأنّها تسلسلك عن طاعة الله عز وجل، غير أنّه ـ بحكم المعتقل ـ شاهدت بعض حلقات مسلسل ارطغرل في السجن بعد ( الخورة ) سنة 2019، ومنها الحلقة التي قَتَل فيها أرطغرل من يُسمّى الامير سعد الدين كوبيك.
والذي لفت انتباهي أنّ فرحة عارمة صاحبت لحظة القتل، حيث اهتز لها كلّ سجناء الغرفة التي كنتُ فيها ذات السبعين سجينا، لا بل اهتزّ لها كامل جناح السجن، الذي فيه 3 او 4 غرف، وقد أُنسيتُ عددها بالضبط ورقم الجناح…
والله لقد صاحب لحظة القتل مع اهتزاز المساجين ضجّة ضخمة كأنه زلزال عظيم قد حصل…تماما كما يحصل في مدارج كرة القدم عندما يقع تسجيل هدف…
دروس الحادثة:
1) ليس كل المساجين (مجرمين).
2 ) كم من سجين مظلوم.
3) كم من سجين هو ضحية خيارات وقوانين فاسدة.
4) حتى ولو كان السجين (مجرما)، فلا يزال الخير فيه، وما على الدعاة إلاّ أن يزيلوا غبار الإجرام.
5) أنّه لا توجد عدالة في البلاد، فالسجون ملآى بالشباب الذين تعاطوا المخدّرات…بينما كبار المتعاطين والمروّجين لتلك السّموم يخشاهم القضاة، وتفرّ منهم ما يسمّى العدالة…
6) أنّ المساجين لهم مخزون لا يقدّر ولا يوصَف من براكين الغضب والانتقام على الظّلم والظّالمين…
7) أنّه مهما يفعل الطغاة لإفساد الناس، فإنّ الله سيهزمهم، بسنن كثيرة وجنود لا نراها، منها شدّة قوة الفطرة الأصيلة الطيبة التي فطر الله الناس عليها…
وكم كان الناس – وخاصة منهم صغار السن – في فرحة لانتهاء مدة سجني في سجن مدينة بنزرت ( شمال تونس )، ونُقلتي إلى سجن المرناقية بغرب شمال تونس العاصمة؛ وأيضا كم كانوا في حزن شديد لفراقي لهم… وكانوا يقولون ( ستخرج نوارة الغرفة وسنبقى في ظلام دامس حالك )… ولا أذكر لكم الهدايا الكثيرة التي ألزموني بها، بالرغم من الضغوطات عليهم من إدارة السجن أن لا يتصلوا ولا يكلموني ولا يأكلون معي ولا ولا ولا …
ما أخيب السّجن، وما أشدّه في الصّيف على المساجين…
اللهم ربّنا فرّج على كلّ سجين مظلوم…
حتّى قال لي أحدهم بعد مشاهدته للحظات فراقي لأولئك الشّباب: يا شيخ لقد انتصرتَ بحبّ هؤلاء الشباب لك ولم تنفع تحذيرات إدارات السجن لهم …
شباب بالعشرات بعضهم تعاطى قليلا من المخدّرات، وأكثرهم وهذا المؤلم جدّا: أنّهم يرتكبون بعض ( الجرائم ) البسيطة جدّا، ليقضوا مدّة الشّتاء في السّجن لسبب فقرهم… حيث يجدون المأوى والأكل والدّفء…