من يوميات معتقل الشيخ خميس الماجري

 

من يوميات معتقل

 

الشيخ خميس الماجري

 

بعد الخورة، وإثر اعتقالي سنة 2019؛ تنقّل كلّ أفراد اسرتي – الكريمة (زوجتي وبناتي وأحفادي -حفظهم الله جميعا-) ؛ ومن أحفادي من رأيتُه أوّل مرّة من وراء القضبان. وكم كان ذلك المشهد قاسيا!!!

تنقّلوا جميعا من باريس إلى مقرّ اعتقالي في سجن بنزرت المدينة…

كان لقاء مفاجئا شديدا ومزلزلا…

لم أكن أنتظر تلك المفاجأة؛ ووالله ما أردتُ أن يُكلّفوا أنفسهم مشاق ومصاريف رحلة فقط لزيارتي في السجن لمدة 15 دقيقة وبيني وبينهم حواجز ، لا تواصل بينهم إلاّ عبر الهاتف… لقد كانت رحلتهم مؤلمة نفسيّا – زيارة سجين – وأيضا هي مُكلّفة ماليّا…

بادرتْ السّلطانة أمّ أولادي – حفظها الله – بالتحية والسلام وابتسامة عريضة تشجعني وترفع عني ثقل المظلمة، وقساوة المعتقل، وقالت: لن يتركوك أبدا!!! ها انهم ذكرونا بزياراتي لك سنوات 1989 و1990 و1991 … وابتسمت لتشرق بها سجني المظلم…

قالت ابنتي الكبرى – حفظها الله – : يا أبت اذكر ابن حنبل وابن تيمية وغيرهم من علماء الأمة الأحرار – رحمهم الله – وقد سُجنوا ظلما، فقط لأنّهم يذبّون عن عقيدة الأمّة، تماما كما تفعل أنتَ الآن…

شكرتُها ودعوتُ لها ولزوجها ولابنها، وقلتُ لها: أين أنا من بين هؤلاء يا كبدي؟؟؟

أمّا أحمد الماجري(الفنان)، فلم يستطع أن يتكلّم؛ فقط عبّر ذلك بنظرات حزينة وبأعين دامعة.

أمّا اختي – حفظها الله – فقد نظرتْ إليّ وفي عينيها حزن وغرابة، وكأنّها تقول لي: كيف تُسجن من جديد في عهد الغنوشي، أما يكفي سجنك في عهد المخلوعَين: بورقيبة وبن علي؟؟؟ ثمّ بكت وتأخّرت وأدبرت لكي لا أرى دموعها…

قلتُ لها: يا أمّ محمّد!!! ما الذي يُبكيك وأخوك قد سُجن من أجل الدّعوة إلى الله، لا من أجل الدّعوة إلى شخصه أو حزب أو طائفة؟ أخوك لم يسرق ولم يخن ولم يبع ولم يَشْرِ ولم يُفسد؟؟؟ ألا يكفيك هذا فخرا وشرفا وقدرا ؟؟؟

وجاءتني أمّ أولادي الوفية بقفة فيها ما طاب ولذّ من الطعام؛ ولكنّه تعفّن، ورميته في الزّبالة، للحالة الكارثية داخل غرفة كالقبر، وأيضا لأنه لا وجود لثلاجة في المعتقل…

اللهم ربنا فرّج كرب كل سجين مظلوم، وفرّج كرب كلّ أسرة لها معتقل وسجين

عن adminis

شاهد أيضاً

أدب السجون: صوت المعاناة والإنسانية بين الجدران القاسية في فرع فلسطين

أدب السجون هو نوع أدبي فريد ينقل تجارب المعتقلين في مواجهة الاستبداد والتعذيب، وهو مرآة …

الأمن العسكري 215 – تفسخ الجثث قبل الموت وقبل الدفن

عبدالرحمن الخطيب الأمن العسكري 215 – تفسخ الجثث قبل الموت وقبل الدفن ستة أيام كفيلة …

مازن حمادة: شاهد على الجحيم السوري وأيقونة الخيانة والخذلان

مازن حمادة: الشاهد الذي صمت تحت التعذيب في مسالخ الأسد” مازن حمادة، اسم يحمل في …

الحديث ذو سجون حلمي صابر

من المتعبِ أن يجتمع الاثنان عقلُ باحثٍ ، وقلب كاتب أشعر بعقلي ، وأتألم في …

من لوحاتي في السجن في بريطانيا عادل عبدالمجيد 

من لوحاتي في السجن في بريطانيا عادل عبدالمجيد  الصبر جميلمن لوحاتي في السجن في لندن …

رسائل من خلف القضبان: بماذا تخبرنا قصاصات أوراق المعتقلين؟

لؤي هشام كثيرًا ما اختبرت سعاد إحساس القلق والخوف عندما كان زوجها محبوسًا احتياطيًا قبل الإفراج …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *