adminis

صرخة من ابن أسيـــر

الشيخ حسن محمد قائد

 

كنت يوما في زيارة لأسرة أحد الأخوة الأسرى ـ وما أكثرهم ـ فلفت انتباهي ابنه وهو يطوف في فناء البيت ويتنقل يمنة ويسرة فلا يكاد يقر له قرار ، تأملت في محياه ، فلمحت الكآبة والأسى مرسومة عليه ، ويكاد ينطق سائلا : أين أبي ؟ فتملكني شعورٌ عجيبٌ وهاجت في خاطري مشاعرُ متوالية ، فتمثلتُ حاله وهو يحكي مأساته ، ويبث شجونه ، ويخاطب خواطره ، فكانت هذه الكلمات المنظومة ، والعبارات المرسومة ، يحكيها لنا بلسان حاله ، لما عجز عنها مقاله



وبـين جوانحي تحيـا الهمـومأبي قـد مزقت قلبي الكلـوم
كـأني مـن تنكرهـم يتيـمُتراني في الـورى أمشي كئيبـاً
بـه تُجلى عن النفس الغيـومُأقـول ألا أرى منكم خليـلا
لعمري حـلَّ بي خطبٌ جسيمُولكن من يُجيب ؟ ومن أنادي
نظرتُ إذا بهـا حـولي تحـومُتطـاردني نـواظرهـم وأنى
ولكن _ يـا أبي _ من ذا أرومأروح وأغتدي في كـل يـومٍ
فظـن النـاسُ بي أني سقيـمُكساني الحزنُ ثوبـا فوق ثوبٍ
حُنُوَّ أبي فصـرتُ كمن يهيـمومـا بي علـةٌ إلا افتقـادي
فمنهـا ترتـوي عينٌ سَجـومُتفيض الذكريـاتُ على فؤادي
وأذكركم إذا بـدت النجـومُفأذكركم أبي في كل صبـحٍ
أحـاط بنـوره ليـلٌ بهيـمُلقـد طال الغيـاب أبي فقلبي
وعيدي دونكـم لا يستقيـميمر العيـدُ تلـوَ العيـد فينـا
وعيـدٌ تلتقي فيـه الغمـومفعيدُ النـاس أفراحٌ وعيـدي
وقـد هدت جوانبَهـا السقومُأرى أمي الرؤوفة في اكتئـابٍ
تَفجَّرَ في الحشـا منـه الحميمُطوت في صدرهـا بثاً وشجواً
ولا تُخفي فصـبري لا يـدومُأسائلهـا أيـا أمـاه قُــولي
يذوب لشأنهـا القلبُ السليمُفَسُحَّتْ من مآقيهـا دمـوعٌ
ألـوم النفـسَ أم مَن ذا ألومأيـا أمـاه إني لسـتُ أدري
على خـدّيَّ همَّـارٌ طَحـومأعـدتُ سؤالهـا والدمعُ مني
أسـيرٌ عاقـه طـاغ غشـومأمـات أبي ؟ فقالت : لا ولكن
أكَون أبي يصـلي أو يصـوم؟بـأي جريـرة أسروه قـولي
وقـد آذاه في ذاك الخصـومُ؟ألم يـك داعيـا للحق جهـراً
يُنـيرُ طريقَـه نـورٌ عميـمُ؟ألم يـك سالكـا نهجـا سوياً
إلى التوحيـد بالحسـنى يقوم؟ألم يـك داعيـا في كـل حينٍ
ويبنيهـا وقـد عفت الرسومُ؟ألم يـك يبعث الآمـالَ فينـا
جـنى حـتى يكبلـه اللئيـمُ؟أليـس أبِي أبَـى ذلاًّ فمـاذا
ويَطربُ حين يلقـاه العـديم؟ألم يـكُ يُطعـم المسكينَ دوما
غَـدَا في بحر أمتنـا يعــومُيكـادُ يذوبُ من كمدٍ إذا ما
فمـاذا يبتغي منـه الظلـومُ؟أصـار أبي أسيراً دون ذنـبٍ؟
يقـود جيوشَـه ذاك الرجيمُألا تبـاً لطغيـانٍ تمــادى
يُبـدِّدُ شمـلَ أحزاني الصَّرومفصبرا يـا أبي عمّـا قريـبٍ
ولا يـُخزي أعادينـا النؤومفقـد ولىّ زمان النـوم عنـا
رضـوا عيشـاً يحف به النعيمفـإن المجـدَ لا يبنيـه قـومٌ
تمنت بُعْـدَ شأوهـمُ النجـومُولكـن يبلغُ الأمجـاد قـومٌ
قريبـا يحكم الشرعُ الحكيـمُويـا أمـاه صبراً إن يومــاً


تحميل كتاب الرواية السجنية العربية

وصف الكتاب :-

الرواية السجنية العربية رواية الاسترجاع بامتياز…هذا الاسترجاع يكون مؤلما… داميا.. موقظا للمواجع والآلام. إنه استرجاع يشبه خلع الضرس… ويركب هذا الاسترجاع زمن السبعينيات والثمانينيات من هذا القرن… لنقف من خلاله على نوازع الألم، والمعاناة.. ونقف فيه على صور التنكيل والقهر، والتسلط… هل الرواية السجنية ،رواية أم سيرة ذاتية؟.. هي كل شيء… اجتمع فيها السيري بالروائي… وبالتالي حصلنا على تجربة إنسانية غنية ومحفزة على المتابعة، والتمحيص.. والاستقراء والاستنباط… عشرون رواية سجنية وهي:(الآن..هنا- مذكرات امرأة في سجون السعودية- كان وأخواتها- ذاكرة الجراح- أفول الليل- تلك العتمة الباهرة- القوقعة- معذبتي- الكرنك- درب مولاي الشريف- السجن- الخماسين- نيغاتيف- خمس دقائق وحسب- الوشم- عمارة يعقوبيان- تحت ظلال للا شافية- شرف- الكراديب- مسارات حادة..) كلها تتحدث عن التجربة السجنية ،وصور الاعتقال والتعذيب…وهي استرجاعات متعددة ومتنوعة غطت حقبة زمنية امتدت من هزيمة حزيران(يونيو)1967 إلى الهجوم الامريكي على العراق(بداية التسعينيات).وهي ذاكرة عربية تميزت بالصدق والواقعية. لمَ كتبت هذه الاسترجاعات، أو على الأصح هذه الذاكرة؟.. لِمَ عنونت بهذه العناوين؟… هل يمكن وضع هذه الكتابة في سياقها العام؟.. إن هذه الكتابة الروائية هي ذاكرة جمعية، تحتاج إلى التوثيق.. والتثبيت.. كي لا تضيع بين زحامات النسيان، والمحو المتعمد…والتهميش والإقصاء الممنهج. ما إن نلجها حتى نقف على مشاهد مؤلمة… اعتقالات، تعذيبات…استنطاقات لا إنسانية،يقشعر لها جلدنا.. تجعلنا ندين وبشدة التعامل البوليسي العنيف مع مجموعة من القضايا التي لم تكن تتطلب سوى العقل، وتجنب العنف والاتهامات الرخيصة… وبعيدا عن كل إيديولوجية… هذه الروايات حياة مرحلية، نقلب صفحاتها لنرى من خلالها السيرورة الحياتية بكل تجلياتها… والعمل الأدبي الذي ننطلق منه لاكتشاف العالم السردي الروائي للرواية السجنية العربية، الذي يعكس آلام الجسد، واصطخاب الوعي والوجدان… والتي تعطينا مجتمعة صورة ناضجة لوعي يكتنز بعدا إنسانيا، يرتقي بالذات المبدعة.. وحالاتها الإبداعية إلى أعلى درجاتها.. إن الرواية السجنية العربية، تصور هما إنسانيا.. وتقدم جرحا بشريا عميقا بدأ من الماضي ليصل إلى الحاضر مترعرعا، متضمنا لمأساة تعاين فيها مكابدة الاندماج، وصخب التمرد والثورة… وظلم الآخر،و التوق إلى مجتمع فاضل ، خال من أي حساسية سياسية أو إيديولوجية متعنتة.. وهذه الانعكاسات كلها حققت جمالية هذا العمل، وفنيته… والسؤال المطروح: هل ننظر إلى هذا العمل كرواية؟… أو سيرة ذاتية؟… أو كتابة سجنية تنتمي إلى أدب السجون والاعتقال؟… صحيح أنها كتابة تستند إلى الواقعية.. رغم توظيف للضمائر السردية الخاصة بالمتكلم و بالغائب والمخاطب، وهذا يدفع إلى دمج أنواع من الخطابات فيه

صورة الزنزانة في أدب السجون

إعداد الطالبة: ملك جعفر خليلية

إشراف: أ. د. عمر عتيق

الفصل الدراسي الثاني  2017 – 2018م 

  الملخص    شكَّلت الظروف السياسية والاجتماعية التي يمرّ بها الوطن العربي منعطفاً حاداً في تاريخ العرب، وقد انعكس الواقع الذي يعيشه المواطنون في النتاج الأدبي، سواء أكان شعراً أم نثراً، فلم يقتصر العمل الوطني والنضالي على الكفاح المُسلَّح، بل استُخدِمَت كلّ الوسائل ومنها الكلمة الجارحة المؤثرة.    تبحث هذه الدراسة في صورة الزنزانة في أدب السجون العربي، أي في النتاجات الأدبية التي أبدعها المعتقلون في الشعر والقصة القصيرة والرواية والرسالة الأدبية.     تأتي الدراسة في ثلاثة فصول وتمهيد وخاتمة، أشار التمهيد إلى وضع الزنازين في السجون العربية، وحرمان الأسير من ذويه وزياراتهم وصور التعذيب المُستَخدَمَة بحق الأسرى. وقد جاء الفصل الأول بعنوان “الزنزانة وأدب السجون”، يتناول التعريف بالزنزانة وأدب السجون وسماته، أما الفصلان الثاني والثالث فتناولا صورة الزنزانة في الشعر العربي، وصورتها في النثر العربي. وعمدت الدراسة متقصِّدة عدم الاقتصار على صورة الزنزانة في أدب السجون الفلسطيني؛ لكثرة من تقدَّموا في البحث عنه، مُتناسيين ما يحدُث في العالم العربي.

المصدر جامعة القدس المفتوحة

السردية الأدبية للتجربة السجنية في تونس: الذاتي والجمالي وسؤال الحقيقة

ينتهي السّجن في تعريفه الاصطلاحي إلى كونه “مؤسسة تنفيذ عقاب” بما يعني أنه إحدى الوسائل التي تعتمدها السلطة لممارسة جانب من العنف المنظم الذي تحتكر وحدها صلاحياته. بعيدا عن هذا التعريف، يظهر السجن في تصور علاقته بالسجين فضاء تثبيت على الأجساد حالات الانضباط والخضوع. تنتج السلطة به وداخله حكم القانون في سياق ممارسة قمعية. يستحيل هنا ما كان أداة الى سلطة أكبر من السلطة التي أنتجته كهيئة ليخدمها وتُحيلنا  المقاربة “المفهومية” للسّجن في بُعدها الإشكالي هذا إلى السؤال حول رسومه في ذّاكرة من كانوا داخله محكومين بقانونه.

تحضر سردية السّجن جانبا من حياتنا اليومية عبر بوابة أمثالنا الشعبية أو في التصنيفات الاجتماعية للسّجناء ولكنها سردية وصم اجتماعي لا تقدم صورة عن داخل السجن بقدر ما تحاكم من كان فيه. ويرسم الفن الشعبي صورا متعددة لذاكرة السّجن تكشف لحدّ ما عن نواميس الحياة اليومية لمساجين الحق العام داخله، ولكنها تخرج من محيط ذاكرته سريعا لحديث العاطفة. تكون في محامل أخرى نصوص السجناء السياسيين أكثر إلصاقا بذاكرة المكان تلازم في فصولها وقع أيامه على فكر وجسد من كتبها. تستحيل هنا الكتابة الإبداعية للسجناء السياسيين فعل رصد لارتدادات التّجربة السّجنية على نفس السّجين، كما هي إضاءة واعية على عوالم أخرى يحددها الزمان والمكان بكل ما فيهما من تفاصيل. فتكون في عمومها وثيقة تصلح أن تدرس في سياق مسارات العدالة الانتقالية للسؤال عن الحقيقة أولا وعن دور الذاكرة في علاجات جراح الماضي.

طوّرت الثورة وما ساد بفضلها من حريات عدد الأعمال الأدبية في شتى تنويعاتها الأجناسية من رواية ورواية سيرة ذاتية أو سيرة ذاتية روائية وسيرة ذاتية وتخييل ذاتي والتي تتخذ من السجن موضوعا لمتونها الحكائية. ويجيز هذا القول بكون “أدب السجون التونسي” بات يتميز بالثراء على حداثته وأن ثراءه يعود في جانب منه للحراك السياسي الذي يفرض دوما السؤال حول تاريخ الاستبداد.

يكون مدخل محاولتنا البحث عن الذاكرة كما العدالة في النص الأدبي تقديم قراءة خارجية للمشترك بين مختلف نصوصه لننتهي إلى قراءة خصوصية لنصوص نقدر أنها تصلح أن تكون عينة ممثلة لتنوعه سواء في بعده الإبداعي أو التاريخي.

1- المشترك في كتابات أدب السجون:

يظهر هذا المشترك في زمن النص كما يعاود الظهور في علاقة النص بالكاتب كما يفرض الوعاء الأدبي أن تكون التقنيات الإبداعية المتمثلة في التخيل مشتركا يقفز على الحاضر ليصل الماضي بالمستقبل.

الزمن في النص:

ترصد التّجربة السّجنية في النّص الروائي ثلاث محطات زمنية تبدو ظاهريا مستقلة عن بعضها البعض إلا أنّها في الحقيقة تتصل فيما بينها وهي:

أولا: فترة ما قبل الاعتقال، وتحوي ممارسات المناضل السياسي في معارضة السلطة الحاكمة.

ثانيا: فترة الاعتقال، وهي عمق التجربة السجنية إذ تكشف عن الوجه القمعي للنظام الاستبدادي وتعري ممارساته تحقيقا مع السّجناء وتعذيبا لهم معنويا وماديا.

ثالثا: فترة ما بعد الاعتقال وتمثل ظاهرا مرحلة استعادة السجين لحريته التي سلبها منه السجن واكتشافه أنه يحمل السجن داخله حيثما انتقل في الزمان والمكان. إذ يكتشف الراوي بمناسبته أنه خرج من سجن ضيق إلى سجن أوسع تتضخم فيه صور معاناته النفسية والجسدية.

العلاقة بالذات:

تستذكر النصوص على تعددها باعتبار ما توثق من أحداث، “التجربة” بتفاصيلها ويكون فيها انتماء الكاتب لنصه والبعد المتشنج لعلاقته بذاكرته سببا في طغيان سيرة الأنا على فهم الآخر وبما يجوز معه الحديث عن كونها نصوص ذاكرة سجنية نضالية توثّق لأشكال نضال السجين السياسي في مواجهة المستبدّ وفعل بحث عن ذاته في علاقتها بأبعادها الوجودية المتباينة. فالذّات هي صاحبة التّجربة وهي الأنا المتعددة فهي مدار الحكي وهي بؤرة السّرد والأحداث.

المحمل الإبداعي: التخيل أو التقنية الطاغية

يظهر التخيل والاستذكار من العلامات المميزة لمختلف نصوص أدب السجون. وتستجيب تلك التقنية السردية للانزياح في معناه اللغوي والجمالي والدلالي لتسم النّص بسمة الأدبية فضلا عن اقترانه بالمحسّنات اللغوية والبلاغية التي تجعل المتلقي يتأثّر لنفسية الكاتب وحالته. فالخيال المتولد يمارس تأثيره على الواقع المعطى فيتمثّله وينقله من دلالة إلى أخرى. ونلاحظ هنا أن جدلية التّعالق بين الميثاقين المرجعي والتخيلي تصنع تزاوجا متميزا بين صدقية الرواية وفعل المخيال الأدبي ثمرته وثيقة إبداعية فيها تسجيلات للحياة المنقضية في الزمان والمكان حرره الإبداع كما الذات من سطوة التاريخ وقوانينه. وتظهر هنا محاولة استكشاف لنصوص من هذه التجارب المناسبة الممكنة لبحث هذه الخصوصية.

2- سجن واحد ورواريات متعددة: الكتابة تحرر والتحرر إبداع والإبداع عدالة

يعدّ “نص برج الرومي أبواب الموت” لسمير ساسي الذي نشر سنة 2003 من النصوص المؤسسة لأدب السجون التونسي الناطق باللغة العربية، بما يفرض أن يكون ضمن العينة التي نقترح الوقوف عندها. فيما يظهر نص “الحبس كذّاب والحي يروّح: ورقات من دفاتر اليسار في الزّمن البورقيبي” لكاتبه فتحي بلحاج يحيي ونشر في 2011 من النصوص المتميزة لجهة أنه من النصوص القليلة التي توثق لتجربة “اليسار” في السجون واعتبارا لكونه من أول النصوص التي عملت على تجاوز الذاتي في الحديث عن المعاناة بحثا عن القيمة الإنسانية  الجامعة. ونقدر أيضا أن نص الثقب الأسود للشاعر عبد اللطيف العلوي الذي نشر سنة 2017 لا يمكن أن يغيب عن الرصد بالنظر لكون من صاغه يعرف كأديب قبل أن يكون سجينا سياسيا.

تمثل هذه النّصوص في المقام الأول الهوية السردية لكتّابها الذين ارتأوا أن يتقاسموا تجاربهم مع الآخر في عملية تطهّر من عبئها على ذواتهم ، وهي بالتالي  نوع من “العدالة الإبداعية  ” التّي تتحقّق داخل النّص بجعل هذه المعركة التي طرفاها الضحية والسّجان تنتصر سرديا.

بعيدا عن هذه السمة المشتركة يطرح السؤال كيف وقع تمثّل عدد من كتّاب الرواية التّونسية المعاصرة للتجربة السّجنية؟ كيف تمّت إعادة تشكيل التجربة السّجنية وتحويلها من تجربة نفس إلى تجربة نص؟ ما هي دوافع اختيارهم للكتابة الروائية السير ذاتية أو كتابة التّخييل الذّاتي؟

لا يسمح المجال لتعميق البحث عن جواب للتساؤل، لكن أهمية البحث تغري بتقديم ملاحظات حول النصوص على النحو الآتي:

فيما تعلق برواية “برج الرومي” لسمير ساسي:

كُتِبت برج الرومي زمن محنة السّجن حيث وظف كاتبها كل التّقنيات الأدبية والفنية معتمدا أسلوب التعمية كي لا يفقهها الجلاد فيصادرها. وقد أرادها منجزا أدبيا فنيّا في المقام الأول فضلا عن توظيفه للتعريف بقضية المحنة وتفاصيلها وتحسين القبيح وفظاعة التّعذيب في السّجون التّونسية. ووظف الكاتب في صياغته جملة من الإحالات الممكنة التي يؤشر انخراطها ضمن مشروع تنديدي بحجم المعاناة. وقد مثّلت مقاربة سردية سير ذاتية تعالق فيها المرجعان الواقعي والتّخييلي.

فيما تعلق برواية “الثّقب الأسود” لعبد اللطيف العلوي:

هي مقاربة روائية على قدر من الاختلاف عن نصّ المدونة الأول. فهذه السّردية منخرطة في حوارية داخلية تتخذ من مرجعية السّجن وسياقاته تعبيرا فنيا عن محنة التسعينات. وتشكّل السير الذاتية عوالم متباينة تجعل من الأنا مدارا ومدى في قوتها وهشاشتها وانتصاراتها وانكساراتها. يتجاوز الكاتب الكتابات التي اتّخذت من بيبلوغرافيا التعذيب ومراكمة الشهادات حول الذّات المعتقلة إلى مقاربة تتجاوز السجن إلى تجربة إنسانية أرحب تتوازى فيها التيمات وتتعالق فنجد حكاية عن الحب وأخرى عن الصداقة وثالثة عن المرأة ورابعة عن السجن وقمع السلطة وقتلها لمواطنيها واقعا ورمزا.

فيما تعلق بنص “الحبس كذّاب والحي يروح” لفتحي بلحاج يحيي:

هو مقاربة سير ذاتية أخرى منخرطة في حساسية إيديولوجية مختلفة ضمن مشروع تنديدي يشهر بممارسات النظام السياسي البورقيبي ضد المعارضة السياسية وتحديدا اليسار التونسي في ثمانينات القرن الماضي. فهي حوارية ذاتية أيضا تتجاوز مجال الذّات وفردانية تجربتها ومرجعيتها الفكرية إلى تجربة جماعية بمعناها المادي والفكري. وتكمن أهمية هذه الحوارية في انفتاحها على عالم السّجن من خلال ثقافته السّجنية وكيفية تمثّلها من الفرد ومعايشتها والتكيّف معها. حيث يبرز هذا النسق الثقافي الجديد بين وجوب التكيّف معه واختيارات الفرد التي يعيشها بين واقعه المرجعي وتوجهاته النضالية التي يدافع عنها.

تكشف هذه الإطلالة على أدب السجون أنه توثيق من نوع خاص “لتجربة الاستبداد”، فيها تجاوز للألم في منحى إبداعي، كما تبين أنه يصلح أن يكون عنوانا للمصالحة بين أنا الضحية وماضيها وبين القارئ الحر ومن كان سجينا. ويستدعي استثمار هذه النصوص في التأسيس لعدالة انتقالية لا ينتهي مسارها بفعل نهاية عهدة المؤسسات فعل حفر معرفي عليها يرصد الإبداع في ذات محاولته استقراء التاريخ. ويبحث في ذاكرة سلبية أليمة عن فكرة  إيجابية تحول دون تكرار الانتهاكات وترفع كل أشكال الرقابة على الكتابة لتحقيق “العدالة الإبداعية” التي يجب أن تتواصل وتتقدم في هذا الإطار. وقد تحقق الكتابة في ثناياها المساءلة والمصالحة فتقع معاقبة الجلاد داخل النص ويكون البحث عن الذات والهوية عبر مسار الكتابة لتحقيق التّطهر.

  • نشر هذا المقال في العدد 16 من مجلة المفكرة القانونية | تونس |.


 جيل دلوز المعرفة والسلطة مدخل لقراءة فوكو ترجمة سالم يفوت( ضمن الفصل الثاني) (راجع القسم الرابع الفصلان الاول والثاني للوقوف على الكيفية التي يفرض السّجن نفسه  مرحلة ثانية مرتبطة أوثق الارتباط بالقانون الجنائي من اجل انتاج الجنوح او تشكيل الجنوح موضوعا “

ص 223/249/251

يعد  نص ” كريستال”  أول ما كتب بأدب السجون التونسي عموما .  ويعد بالتالي  كاتبه جلبار النقاش  الأب المؤسس لتلك الكتابة .ذاك التأسيس الذي بين أنه لم يكن سبب قمعه بل كان قمعه وسجنه من دفعه له .  كتب جلبار حكايته  خلال محنة سجنة وكانت لفائف علب السجائر الورق الذي حفظ “النص”  الذي صاغه فسماه باسم علامتها التجارية . نشر كريستال ثمانينات القرن الماضي في صيغته الأصلية التي كانت باللغة الفرنسية ولكنه لم ينشر في ترجمة عربية إلا سنة 2018 .

       ساسي (سمير): رواية برج الرومي :أبواب الموت  ، منشورات كارم الشّريف، تونس ط1 2011   [3]

                العلوي (عبد اللطيف) : الثقب الاسود ، الثقافية للنشر و التوزيع ،تونس ط 1 2017  [4]

  بن الحاج يحيي (فتحي) : الحبس كذاب ….و الحي يروح “ورقات من دفاتر اليسار في الزمن البورقيبي ، تونس، كلمات عابرة  ،ط2 ،2009.

أدب السجون في فلسطين

الكتابة عن التجربة الإعتقالية ليست جديدة على الساحة الفلسطينية والعربية وحتى العالمية، وممن كتبوا بهذا الخصوص: خليل بيدس صاحب كتاب”أدب السجون” الذي صدر بدايات القرن العشرين، زمن الانتداب البريطاني، وكتب الشيخ سعيد الكرمي قصائد داخل السجون العثمانية في أواخر العهد العثماني، كما كتب ابراهيم طوقان قصيدته الشهيرة عام 1930تخليدا للشهداء عطا الزير، محمد جمجوم وفؤاد حجازي، وكتب الشاعر الشعبي عوض النابلسي بنعل حذائه على جدران زنزانته ليلة إعدامه في العام 1937 قصيدته الشهيرة” ظنيت النا ملوك تمشي وراها رجال”  وكتب الدكتور أسعد عبد الرحمن في بداية سبعينات القرن الماضي(يوميات سجين)كما صدرت مجموعة قصص(ساعات ما قبل الفجر) للأديب محمد خليل عليان في بداية ثمانينات القرن الماضي، و”أيام مشينة خلف القضبان” لمحمد احمد ابو لبن، و”ترانيم من خلف القضبان” لعبد الفتاح حمايل ، و”رسائل لم تصل بعد” لعزت الغزاوي ، وقبل”الأرض واستراح” لسامي الكيلاني، و”نداء من وراء القضبان، وعناق الأصابع لعادل وزوز”،

 و(الزنزانة رقم 706) لجبريل الرجوب، وروايتا(ستائر العتمة ومدفن الأحياء)وحكاية(العمّ عز الدين) لوليد الهودلي،و”رسائل لم تصل بعد” ومجموعة”سجينة”للراحل عزت الغزاوي و(تحت السماء الثامنه)لنمر شعبان ومحمود الصفدي، و”أحلام بالحرية”لعائشة عودة، وفي السنوات القليلة الماضية صدر كتابان لراسم عبيدات عن ذكرياته في الأسر، وفي العام 2005صدر للنائب حسام خضر كتاب”الاعتقال والمعتقلون بين الإعتراف والصمود” وفي العام 2007 صدرت رواية “قيثارة الرمل” لنافذ الرفاعي،  ورواية”المسكوبية” لأسامة العيسة، وفي العام 2011 صدر”الأبواب المنسية” للمتوكل طه، ورواية “سجن السجن” لعصمت منصور، كما صدر أكثر من كتاب لحسن عبدالله عن السجون ايضا. ومجموعة روايات لفاضل يونس، وأعمال أخرى لفلسطينيين ذاقوا مرارة السجن.

وأدب السجون فرض نفسه كظاهرة أدبية في الأدب الفلسطيني الحديث، أفرزتها خصوصية الوضع الفلسطيني، مع التذكير أنها بدأت قبل احتلال حزيران 1967، فالشعراء الفلسطينيون الكبار محمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زياد وغيرهم تعرضوا للاعتقال قبل ذلك وكتبوا أشعارهم داخل السجون أيضا، والشاعر معين بسيسو كتب”دفاتر فلسطينية” عن تجربته الاعتقالية في سجن الواحات في مصر أيضا.

كما أن أدب السجون والكتابة عنها وعن عذاباتها معروفة منذ القدم عربيا وعالميا أيضا، فقد كتب الروائي عبد الرحمن منيف روايتي”شرق المتوسط” والآن هنا” عن الاعتقال والتعذيب في سجون دول شرق البحر المتوسط. وكتب فاضل الغزاوي روايته” القلعة الخامسة” وديوان الشاعر المصري أحمد فؤاد نجم”الفاجوجي”.ومنها ما أورده الأستاذ محمد الحسناوي في دراسته المنشورة في مجلة”أخبار الثقافة الجزائرية” والمعنونة بـ”أدب السجون في رواية”ما لاترونه”للشاعر والروائي السوري سليم عبد القادر

وهي (تجربة السجن في الأدب الأندلسي- لرشا عبد الله الخطيب ) و ( السجون وأثرها في شعر العرب.. –لأحمد ممتاز البزرة ) و( السجون وأثرها في الآداب العربية من الجاهلية حتى العصر الأموي- لواضح الصمد )  وهي مؤلفات تهتم بأدب العصور الماضية ، أما ما يهتم  بأدب العصر الحديث ، فنذكر منها : ( أدب السجون والمنافي في فترة الاحتلال الفرنسي – ليحيى الشيخ صالح ) و( شعر السجون في الأدب العربي الحديث والمعاصر – لسالم معروف المعوش ) وأحدث دراسة في ذلك كتاب(القبض على الجمر – للدكتور محمد حُوَّر)

أما النصوص الأدبية التي عكست تجربة السجن شعراَ أو نثراً فهي ليست قليلة ، لا في أدبنا القديم ولا في الأدب الحديث : نذكر منها ( روميات أبي فراس الحمداني ) وقصائد الحطيئة وعلي ابن الجهم وأمثالهم في الأدب القديم . أما في الأدب الحديث فنذكر : ( حصاد السجن – لأحمد الصافي النجفي ) و (شاعر في النظارة : شاعر بين الجدران- لسليمان العيسى ) و ديوان (في غيابة الجب – لمحمد بهار : محمد الحسناوي) وديوان (تراتيل على أسوار تدمر – ليحيى البشيري) وكتاب (عندما غابت الشمس – لعبد الحليم خفاجي) ورواية (خطوات في الليل – لمحمد الحسناوي).

كما يجدر التنويه أن أدب السجون ليس حكرا على الفلسطينيين والعرب فقط ، بل هناك آخرون مثل شاعر تركيا العظيم ناظم حكمت، وشاعر تشيلي العظيم بابلونيرودا، والروائي الروسي ديستوفسكي في روايته”منزل الأموات” فالسجون موجودة والتعذيب موجود في كل الدول منذ القديم وحتى أيامنا هذه، ولن يتوقف الى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.

جميل السلحوت

المصدر رابطة ادباء الشام

تحميل كتاب رسائل السجن: رسائل أنطونيو غرامشي إلى أمه 1926-1934

تحميل كتاب رسائل السجن: رسائل أنطونيو غرامشي إلى أمه 1926-1934 pdf الكاتب أنطونيو غرامشي

أنطونيو غرامشي فيلسوف ومناضل ماركسي إيطالي، ولد في بلدة آليس بجزيرة ساردينيا الإيطالية عام 1891، وهو الأخ الرابع لسبعة أخوات. تلقى دروسه في كلية الآداب بتورينو حيث عمل ناقدا مسرحيا عام 1916. انضم إلى الحزب الشيوعي الإيطالي منذ تأسيسه وأصبح عضوا في أمانة الفرع الإيطالي من الأممية الاشتراكية.
أصدر مع تولياتي في عام 1917 مجلة النظام الجديد (بالإيطالية: Ordine Nuovo). وفي شهر يوليو 1919 اعتقل لأول مرة بسبب تأييده للجمهوريتين الهنغارية والروسية لكنه بدأ في خريف العام ذاته تنشيط حركة “مجالس العمال” في تورينو. وفي عام 1921 أسس مع مجموعة أخرى الحزب الشيوعي الإيطالي وانتخب نائبا عام 1924 وترأس اللجنة التنفيذية للحزب. وفي الثامن من نوفمبر أودع السجن بناءا على أمر من موسوليني حيث أمضى العشر سنوات الأخيرة من عمره قبل أن يموت تحت التعذيب في 26 أبريل 1937. ومن السجن يعلن قطيعته مع ستالين، وفيه يكتب ” دفاتر السجن ” التي يصدر الجزء الأول منها في هذا الكتاب تحت عنوان ( رسائل السجن – رسائل أنطونيو غرامشي إلى أمه

هذا الكتاب من تأليف أنطونيو غرامشي و حقوق الكتاب محفوظة لصاحبها

تحميل كتاب رأيت رام الله

تحميل كتاب رأيت رام الله pdf الكاتب مريد البرغوثي

هذا النص المحكم، المشحون بغنائية مكثفة، الذي يروي قصة العودة بعد سنوات النفي الطويلة إلى رام الله في الضفة الغربية في سبتمبر 1996 هو واحد من أرفع أشكال كتابة التجربة الوجودية للشتات الفلسطيني التي نمتلكها الآن، وإنه ليسعدني أن يتاح لي أن أقول بعض الكلمات كمقدمة لهذا العمل، أما وقد قمت بنفسي برحلة مشابهة إلى القدس (بعد غياب 45 سنة) فإنني أعرف تماماً هذا المزيج من المشاعر حيث تختلط السعادة بالأسف، والحزن والدهشة والسخط والأحاسيس الأخرى التي تصاحب مثل هذه العودة، إن عظمة وقوة وطزاجة كتاب مريد البرغوثي تكمن في أنه يسجل بشكل دقيق موجع هذا المزيج العاطفي كاملاً، وفي قدرته على أنه يمنح وضوحاً وصفاءً لدوامة من الأحاسيس والأفكار التي تسيطر على المرء في مثل هذه الحالات.
إنه لأمر حتمي أن يكون في كتاب البرغوثي قدر من السياسة، لكنه لا يقدمها لنا في أي لحظة من قبيل التجريد أو الدوافع الإيدولوجية كل ما هو سياسي في الكتاب ناجم عن الأوضاع المعيشية الحقيقية في حياة الفلسطينيين المحاطة بقيود تتعلق بالإقامة والرحيل، فبالنسبة لمعظم شعوب الأرض الذين هم مواطنون لديهم جوزات سفر وبوسعهم السفر بحرية دون تفكير في هويتهم طوال الوقت، فإن مسألة السفر والإقامة تعد أمراً مفروغاً منه، بينما هي أمر مشحون بتوتر عظيم لدى الفلسطينيين الذين لا دولة لهم، وهكذا، فبالرغم من الفرح ولحظات النشوة التي يحملها هذا النص، فإنه في جوهره يستحضر المنفى لا العودة.

هذا الكتاب من تأليف مريد البرغوثي و حقوق الكتاب محفوظة لصاحبها

تحميل كتاب :: هروبي إلى الحرية..

كتاب: هروبي إلى الحرية..
من تأليف: علي عزت بيغوفتش..
تناول الكاتب في كتابه هروبي إلى الحرية ماحل به في الفترة التي كان يقبع فيها في سجن فوتشا في الفترة ما بين (1983 – 1988)، وما تعرض له في عهد جوزيف بروز تيتو، حيث مكث في سجنه أعوام طويلة، وكان فيها يخلد إلى أفكاره ويناجي خواطره ويسجلها في ظروف صعبة، ثم جمعها في كتابه هروبي إلى الحرية، الذي يعبر فيه عن طموحاته وآماله بطريقة لا تدخل في عمق الأحداث الجارية، ويفصح فيها عن تطلعات شعب البوشناق المسلم وشعوب البوسنة الأخرى، جمع علي عزت في كتابه خلاصة الخلاصات لكل ما يجب التفكير فيه أو يستحيل أن يفكر فيه، يتضمن الكتاب حشد كبير من الأفكار والتأملات والاعتقادات في موضوعات منفصلة، تحدث عن أن الأدب هو الحرية، وعن الحياة والناس والحرية، وعن الدين والأخلاق، ويبدي ملاحظات سياسية، وعن نظرية الطريق الثالث التي يضيفها المؤلف إلى كتابه الإسلام بين الشرق والغرب، وعن بعض الحقائق حول الشيوعية والنازية التي لا يجوز نسيانها، وعن ملاحظات هامة في التيارات الإسلامية والمسلمين، ويلحق بالكتاب رسائل وصلت إليه من أولاده في أثناء سجنه تمثل هروبه العاطفي وظروفه وأسرته وحريته
اللامحدودة وهو في السجن.

تحميل رواية ليالي كرداسة للمهندس محمد أنور رياض

ليالي كرداسة

للمهندس / محمد أنور رياض

بسم الله الرحمن الرحيم

ليست مقدمة

    هل هذه رواية ؟

    نعم .

    هل هي تاريخ ؟

    نعم … مع بعض الخيال .

    والتاريخ لا تكتبه رواية واحدة … وإنما عشرات … وربما مئات .

    هذه الرواية تروي بعضا من محنة الإخوان سنة 1965 .

    هذه ليست مقدمة … لأن تاريخ الإخوان المسلمين ملحمة … روايات متتابعة … مل أن تنتهي رواية حتى تبدأ الأخرى .

    لذا …

    فإن المقدمة تقرأ في آخرها .

    ولنبدأ الرواية …

    يحكي أن طاغية … مثله … مثل أي طاغية … عاش زماننا … مثل … أي زمن مضي … كان عنده أخدود مثل أي أخدود مضي … ولكنه أخدود عظيم … سماه السجن الحربي … أوقد فيه نارًا هائلة … وكان يلقي فيه آلاف المؤمنين … ( من إخوان ) الأخدود

من أدب السجون.. شعراء الجماعة الاسلامية ومذبحة سيربنيتشا

بقلم الشيخ/ أسامة حافظ

من أكثر ما اهتممت به أثناء جولتنا في السجون أن أجمع ما تبقي في ذاكرة الإخوة من إنتاج قرائحهم في فترة المحنة.

ولقد جمعت من ذلك شيئاً كثيراً.. رغم أن أكثره كان قد فقد نتيجة المطاردة والتضييق.. وضعف الذاكرة.. وطول فترة المحنة.. مع استحالة تسجيله في هذه الأيام.

ولما هممت في هذه الأيام أن انفض عن مخزوني الغبار.. لأنشر في الموقع بعضاً منه.. تصادف أن احتفل أهالي البوسنة هذه الأيام بذكري “مذبحة سيربنتشا“11-7-1995مـ.. وكانت المذبحة في أشد أيام محنتنا.

ولكن المحنة لم تشغل إخواننا عن مشاركتهم محنتهم وآلامهم.. ولو ببعض من أشعارهم.

وكان من بين ما وجدت قصيدة للشاعر المجيد/ منصور أحمد منصور المحامي بعنوان مرثية البوسنة.

وأخري لشاعر لم أعثر علي اسمه مكتوباً علي قصيدته بعنوان “سربنيتشا”.. فاخترت أن أبدأ بهما هذه السلسلة.

مرثية البوسنة

بقلم الشاعر/ منصور أحمد منصور

بسناه كم أرقت في ليل ثوي

ركبا أناخ الرحل في عمق الحزن

يأبي مضياً أو مسيرا بعدما

ألقت رياح الليل في سمعي الخبر

قالت أنا

ألهبت بالسوط الذي

تهوي به الصلبان فوق المئذنة

داست جياد القس طهر الأرض.. طهر المسجد

داست جباها في الدجي تبغي سنا

تبغي وليدا في الدنا يعلي الهمم

لكنما.. أودت سنابكهم سنا الفجر الوليد المنتظر

الأمهات الباكيات الثكل تجتر الحزن

تسترحم الموت ائتنا

لاتنسنا

لم تنس آمالا كُبرْ

لم تنس أطفالا صُغرْ

لكنما أبدا نسيت الحزن خيام الظُلم

أنسيته

يثوي علي جفن الفضا

يزجي عما.. يهمي دما

لاتنسنا..

فالبطن من ظهر التراب الأرحم

لاتنسنا

فالموت من شرف سليب أكرم

لاتنسنا

فالخير كل الخير في أن نوءدا

البنت والأتراب في قلب المحن

تستقبل اليوم الشجي

بالحزن أبلي جفنها

بالحزن أفني هدبها

صارت بلا هدب ولا جفن ولا حتى شفاه

صارت بلا موت.. ولا تبغي

حياة..

الجد ذو القلب الطعين استوقفته النازلة

هذي العيون الباكية

هذي القلوب الدامية

هذي الشفاه السائلة

أبناء من نحن الثكالي الضائعون

أبناء من نحن الحيارى التائهون

سال الكلام المر من في تسجيه الدما

أنتم بنو الدين المجيد

أنتم بنو الإسلام أحفاد الوليد

عودوا إلي الدين المجيد.

عودوا إلي دين الجدود

الجد مات

لكنه أحيا مواتا من رفات

أما قصيدة “سربينتشا” فهي من القصائد الجميلة والتي أود من القراء التفضل بالبحث عن مؤلفها أو أن يتطوع مؤلفها بالاتصال بنا لننسبها إليه.. وإليكم هذه القصيدة:

سربنيتشا

قالوا ستسقط.. قلت إنا قد سقطنا قبلها

من يوم أن رمنا السلامة في القعود

من يوم أن عفنا معانقة الحراب

وطال بالليل الرقود

من يوم أن تاهت خطانا في الظلام وما درت

أنا نسير علي خطي أعدائنا

أنا وضعنا في معاصمنا القيود

أنا علي أشلائنا دسنا

ودسنا فوق أمجاد الجدود

أنا سقينا الذل كأسا مترعة

في الكامب أو مدريد نركع لليهود

لم لا نصلي نحو بيت أبيض ؟

نحن الألي سرقوا من المحراب أركان السجود

نحن الألي غلنا الطهارة في شباب مؤمن

وغدت مبادئنا تسطرها الغواني بالنهود

قالوا ستسقط.. قلت: إني قد مللت نواحكم

أسلمتموها مثل أندلس وما زلتم رقود

فلتحصدوا مر الثمار بغرسكم

ولتقطف الأعداء خير زهوركم

آه علي الزهرات في شرخ الصبا

ذبلت وماتت في انتظار روائكم

لكنكم كنتم كصفوان عقيم لا يجود

كم حرة كانت تود الموت لا هتك الحجاب

جرعت كئوس الذل تطفح بالعذاب

ولتسألوا رحما لأخت قد حوي

نطف الكلاب

ياليتنا متنا وما كنا شهدنا

كم من عجوز مزقت أحشاؤها

تشكوا تخاذلكم إلي رب الوجود

فلتشجبوا…أو تنكروا

فلترقصوا

يا ويلكم.. يا ويلكم مثل القرود

الجمعة الموافق

11-8-1431هـ

23-7-2010م

عزت السلاموني
السلام عليكم ورحمة الله وبركانه مولانا الكريم الشيخ أسامه كيف حالك وبارك الله فيك وشكر لك جهدك وعملك وجعلنا الله وإياك من سعداء الدارين أما عن قصيدة سربرينتشا فقد كتبتها في وقت حصار سربرنيتشا وقبل سقوطها وكنت وقتها في عنبر 1بليمان طره ولكم خالص التحية والاحترام عزت السلاموني

من اورارق موقع الجماعة الاسلامية