adminis

“كان وأخواتها”.. رواية مهربة من داخل السجون المغربية

حسن العدم

“كان وأخواتها” رواية مغربية كتب فصولها عبد القادر الشاوي، وتأتي أهميتها من كونها كتبت في السجن، وحكت عن معاناة اليساريين الماركسيين في المغرب في فترة السبعينيات.

وقد أفردت لها قناة الجزيرة حلقة من برنامج “خارج النص”، واستضافت فيها الكاتب نفسه، إضافة إلى ثلة من (الرفاق) الذين شاركوا الشاوي في زنزانته، وشهدوا لحظات تهريب الرواية خارج السجن، إلى أن وصلت إلى آلاف القراء حول العالم.

ثورة الماركسية المغربية.. استعجال القطاف

ارتبط اسم القنيطرة بفترة حرجة من تاريخ المغرب المعاصر، فقد انطلقت من قاعدتها العسكرية عملية الهجوم التي استهدفت الطائرة الملكية في أغسطس 1972، في ثاني محاولة انقلابية تلت محاولة الصخيرات الفاشلة قبل ذلك بعام.

وخلف أسوار السجن بالمدينة جُمع المعارضون المدنيون من مختلف الأطياف السياسية على خلفية المحاولتين الانقلابيتين، وكانت على رأسهم منظمة “23 مارس” اليسارية المحظورة.

الكاتب عبد القادر الشاوي واحد من أُطُر هذه المنظمة، وقد عاش تفاصيل تلك المرحلة ووثَّق لها من خلال نصّ يقول عنه: هو متن محبوك يحكي تجربة فريدة ارتبطت في تاريخ المغرب الحديث بحركة سياسية ناشئة، أرادت أن تكون من الحلم إلى الحلم جذرية وحاسمة في كل شيء، ولكنها أجهضت بسبب القمع الشرس والنواقص الجذرية، قبل الأوان الثوري المحلوم به.

وعن هذه المرحلة يحكي عبد الله الحرّيف -وهو معتقل سياسي سابق- قائلا: هذه المرحلة شهدت تناقضات كبيرة داخل النظام، خلقت أجواء بأنه يمكن تغيير النظام بسرعة، حتى أنه كان يقال إن الثورة على الأبواب، وربما يكون هذا تقييما غير دقيق من قبل المعارضة، فالثورة تحتاج إلى جهد وتخطيط طويل.

ويضيف أحمد آيت بناصر، وهو أيضا معتقل سياسي سابق: في نهاية السبعينيات انطلق نقاش واسع وسط المعتقلين السياسيين بالسجن المركزي في القنيطرة، وهذا النقاش اتخذ أبعادا ليست متعلقة بالاعتقال السياسي أو بالتجربة الماركسية المغربية فقط، بل اتخذ أبعادا نقدية على الصعيد القومي والعالمي.

أدب السجون.. صناعة فنية تلتحف بالواقعية

في هذه البيئة الجيوسياسية جاءت رواية “كان وأخواتها” كأول عمل أدبي تناول تجربة اليسار المغربي بالنقد والتجريح من داخل صفوفه، وهي أيضا رواية تحكي تفاصيل محاكمة مؤلفها عبد القادر الشاوي، إلى جانب قيادات منظمة “إلى الأمام” الماركسية التي تأثرت في أدبياتها السياسية والأيديولوجية بأفكار ونظريات فلسفية رافضة لكل ما هو مؤسساتي ورسمي.

يقول في الرواية: بدا لي عندما قررت الكتابة أنني ربما أكون واحدا من الشهود المفترضين، على غرار ما شهد به -مع الفارق- كتاب “الأقدام العارية” على التجربة الناصرية، ولعلي كنت يائسا أو ناقما أو محايدا أو ما لست أدريه الآن، عندما عصفت النقاشات الأيديولوجية والسياسية بالجميع، فظهر المنشقون والمنسحبون والمجمدون والمطرودون والحائرون والصامدون والخائنون وأنصاف الخائنين وكاتبو العفو والمشنعون عليهم وتيار العزة النفسية الشامخة، وما لا قبل لمعتقل في تلك التجربة الصامدة الحائرة القلقة على تذكّره بشيء من الحياد والموضوعية أو الجرأة كذلك.

وعن المعوقات التي واجهت الحركة اليسارية يقول علّال الأزهر -وهو معتقل سياسي سابق-: حركة “إلى الأمام” تشكّل فيها -تجاوزا- أئمة الأيديولوجية الدغمائية مع الأسف الشديد، وكانت تحلم بثورة كنا نحلم بها جميعا، ولكن فيما بعد بدا بأنها تكاد تكون مستحيلة، لِتمكّن السلطة من الحيازة على الشرعية الوطنية داخل المجتمع.

كان تحديد موعد محاكمة للمعتقلين السياسيين في يناير 1977 بمثابة انتصار لهؤلاء المعتقلين، وتتويجا لمعركة الإضراب المفتوح عن الطعام التي خاضوها منذ نوفمبر1976، وكانت مطالبهم محددة بالمحاكمة أو إطلاق سراحهم، وبعد 19 يوما من إعلان الإضراب أفرجت السلطات عن أكثر من 100 منهم، وقدمت الباقي للمحاكمة.

حرب الأمعاء الخاوية.. صاحب الحق ينتصر

من النصوص التي أثارت الرفاق على الرواية وكاتبها قوله إنه اعترف بعضويته في المنظمة، ويعلن الآن أنه يستقيل منها ويطلب العفو، وأنه تراجع عن أفكاره، وقال إنه خلال ندوة نوقشت قضية النظام كان خلاف بين المؤتمرين، الشيء الذي جعل النقاش يتأجل، وأنه لم يسبق له أن وافق على سقوط النظام القائم.

وفي هذا يقول عبد الله الحرّيف: هذه الرواية بيَّنت على الخصوص الجوانب السلبية للحركة، ولم تبيّن الجوانب الإيجابية داخل هذه التجربة وهي كثيرة، وعلى رأسها تلك المحاكمة التي كانت بمثابة انتصار. فأن أختلف في الرأي فهذا من حقي، أما أن أمنع من خالفني من التعبير عن رأيه فهذا لا يمكن أن أقبله كديموقراطي.

في رواية “كان وأخواتها” وجّه الشاوي انتقاده لقرار الإضراب عن الطعام، وسمّاه إضراب اليأس، وأنه وسيلة تؤدي إلى الفناء، ولكن كثيرا من رفاقه عارضه في ذلك، فهذا عبد الله الحريف يقول: لم يكن إضراب اليأس، لقد كانت حقوقا مشروعة، وكان تعبيرا عن عزة وكرامة المعتقلين السياسيين.

أما علال الأزهر فقال: كان الإضراب اتجاها مغامرا لا غير، تحول من كونه مطالبة بتحسين أوضاع السجناء إلى موقف سياسي من النظام، أي أن “حركة إلى الأمام” كانت تخوض نضالا سياسيا من داخل السجن.

وبعد أسبوع من صدورها قوبلت الرواية بالمصادرة والمنع من طرف السلطات المغربية، وما كان لهذه الرواية أن تتخطى أسوار السجن لولا وجود أشخاص آمنوا بالوجود الإنساني، ورفعوا قفاز التحدي في وجه المصادرة والمنع، وقد قامت آسيا -وهي امرأة كانت على علاقة بالمعتقلين وتزورهم بين حين وآخر- بتهريب مخطوط الرواية، ودفعت به إلى محمد الوديع صاحب الدار المغربية للنشر.

مقص الرقابة.. رب ضارة نافعة

كان إعلان منع الرواية أكثر فائدة من السماح بها، على أن منعها لم يكن مفاجئا، فقد تطرقت إلى المحاكمة وشروطها والاختطاف والقتل والتعذيب الذي تعرض له المعتقلون في سجن “دار مولاي الشريف” ومعاناة عائلاتهم، وتعرضت كذلك للإضرابات وظروف الاعتقال غير الإنسانية.

تقول ليلى الشافعي زوجة الشاوي السابقة: لو لم تمنع الرواية فمن كان سيقرأها؟ قلة قليلة من القراء السياسيين معدودون على الأصابع، ولكن منعها هو الذي مكّنها من الانتشار، أما عبد القادر فقد كان لديه تخوف كبير، ليس من النظام بل من الرفاق، فكان يقول لي: “لا أدري كيف سيكون وضعي في السجن عندما تصدر هذه الرواية”، لقد تحدث عن بعض الرفاق بتلقائية، ولكن كانت كل كلمة تحسب عليه.

وعن الرواية يقول مؤلفها الشاوي: اخترت طريقة خاصة في الكتابة بين الخوف والجرأة وبين الاحتشام والتعرية، اخترت هذا الـ”ما بين” لأحتفظ لشخصيتي بكرامتها ومكانتها بين الرفاق، ولأحفظ أواصر الصداقة مع الذين حولي، ولكنني مع كل هذه التحفظات لم أنجح في أن أتقي نقدهم وهجومهم. لقد غامرت عندما كتبتها داخل السجن، وغامرت عندما نشرتها من داخل السجن، وغامرت ثالثة عندما عانيت من نشرها وأنا داخل السجن في إطار العلاقات العامة.

وقد كثر نقاد الرواية، فمنهم من قال إن عنوان الرواية فيه تناقض واضح، فـ”كان” توحي بالماضي، أي أنها تجربة وانفضت، وكأن في ذلك تبخيسا للتجربة، ثم فيها شخصنة أو تشخيص لبعض الرفاق الذين كان يُرمز لهم بحروف في الرواية. وآخر يقول: كان يمكنه أن يكون أكثر إنصافا لهذه التجربة. بينما يقول البعض: الرواية بقيت لها قيمتها الأدبية، أما قيمتها السياسية فمحل نقاش.

“يصدق علي كما يصدق على الرفاق”.. ما للرواية وما عليها

يحاول صلاح الوديع -وهو معتقل سياسي وابن صاحب دار النشر التي طبعت الرواية- أن ينصف الرواية بقوله: إن التجربة لم تخرج عن سياقها الإنساني بكل ما فيه من النقص والتناقض وعدم الكمال، فهو لم يقصد أن يسيء عن قصد لرفاقه، كما أنه لم يشأ أن يضفي على التجربة القداسة، وأنا أعرف عبد القادر، فهو يؤثر النقد ولو كان مخطئا، على الإطراء حتى وإن كان صادقا.

ويرد الشاوي: قد أكون عظّمتُ السلبيّ، وقد تكون قراءتي غير موضوعية في نظر الآخرين، ولكنني حاولت جهدي أن أنظر للأمور نظرة فاحصة، وما انتقدته يصدق عليّ كما يصدق على الرفاق، وقد كتبت فصولها في السجن، وكنت أستكتب بعض الرفاق لبعض الفصول (من قبيل توريطهم)، ومن حسن حظي أن الذين استكتبتهم قرأوها وأثنوا عليها، فتشجعت لنشرها.

الشاوي وبعض رفاقة في السجن المركزي

الطبعة الثانية.. من ظلمات الحظر إلى نور المصالحة

في عام 2010 كان قد مرّ عقدان ونيف على إصدار “كان وأخواتها”، وبين التاريخين عرف المغرب طفرات هامة في مجال حقوق الإنسان والحريات العامة، وقد تُوّجت بإنشاء هيئة الإنصاف والمصالحة برئاسة أحد رفاق الكاتب في تجربة الاعتقال، وهو المناضل إدريس بن زكري، وعلى وقع تلك المستجدات سيعيد عبد القادر الشاوي نشر الرواية دون أن يغير فيها حرفا واحدا.

وقد قال الكاتب في تصديرها: لم أبدل حرفا في هذا الكتاب، وقد يقول قارئ عند الفراغ منه، إنه لم يعد يشبه صاحبه، وقد أقول بدوري -إذا ما دريت طراوته وحرارته وقوته المعنوية المندفعة في القول- إنني لم أعد أجد بعد أن غيرتني السنون نفسي فيه، ولكنني أفهم أن كلينا- القارئ والكاتب معا- لا نملك أي حق لمصادرة أي من المكونات الثلاثة: التجربة السياسية، والماضي التاريخي، واللغة الأدبية التي اصطنعتها لسرد الوقائع.

الجريمة والعقاب فيدور دوستويفسكي

الجريمة والعقاب

تأليف : فيدور دوستويفسكي

ترجمة : سامي الدروبي

الطبعة الأولى : 2010م

الجريمة والعقاب هي رواية الكاتب الروسي فيودور دوستويفسكي ، الأولى نشرت في المجله الأدبية الروسية في اثني عشر مقالا شهريا في 1866 ، وبعدها نشرت كـرواية .

في الرواية كما تبين من عنوانها فهو موضوع الجريمة وقضية الخير والشر التي ترتبط بالجريمة ، فهو يصور ما يعتمل في نفس المجرم وهو يقدم على جريمته ويصور مشاعره وردود أفعاله ، كما يرصد المحرك الأول والأساس للجريمة حيث يصور شخصاً متمرداً على الأخلاق يحاول الخروج عليها بكل ما أوتي من قوة ، إذ تدفعه قوة غريبة إلى المغامرة حتى ابعد الحدود لقد اكتشف بطل الرواية راسكولينوف أن الإنسان المتفوق لذا شرع بارتكاب جريمته ليبرهن تفوقه ، لكن العقاب الذي تلقاه هذا الرجل كان قاسياً إذ اتهم بالجنون وانفصل عن بقية البشر وقام بينه وبين من يعرف حاجز رهيب دفعه إلى التفكير بالانتحار .

تتطرق الرواية لمشكلة حيوية معاصرة ألا وهي الجريمة وعلاقتها بالمشاكل الاجتماعية والأخلاقية للواقع ، هي المشكلة التي اجتذبت اهتمام دستويفسكي في الفترة التي قضاها هو نفسه في أحد المعتقلات حيث اعتقل بتهمة سياسية ، وعاش بين المسجونين وتعرف على حياتهم وظروفهم .

وتتركز حبكة الرواية حول جريمة قتل الشاب الجامعي الموهوب رسكولينكوف للمرابية العجوز وشقيقتها والدوافع النفسية والأخلاقية للجريمة .

حزب مصري يطالب بالتحقيق في تعذيب سجناء سياسيين

طالب حزب «العيش والحرية» المصري ـ تحت التأسيس ـ بالتحقيق في اتهامات عدد من المحبوسين احتياطيا في سجن الزقازيق، شمال شرق مصر، على ذمة القضية 1056 لسنة 2020 بتعرضهم للتعذيب والضرب بالعصا ومنعهم من دخول الحمام إلا مرة واحدة في اليوم.

وقال في بيان، الجمعة، إن الشاكين وبينهم عضو في الحزب أثبتوا الاتهامات خلال جلسة نظر تجديد حبسهم في المحكمة. وطالب بنقلهم من السجن.

وأضاف: أبلغ المحامون الحاضرون في القضية 1056 لسنة 2020 أهالي المتهمين من محافظة السويس أن محمد وليد عضو الحزب، رشاد كمال وخليل عبد الحميد وعبد الناصر أحمد محمد وغريب ربيع حسنين، وآخرين مودعين في سجن الزقازيق قاموا بإبلاغ المحكمة بأنهم يتعرضون لتعذيب يومي وضرب بالعصا ولا يسمح لهم بدخول الحمام إلا مرة واحدة ولثلاث دقائق فقط، وأنهم يخشون على حياتهم، وطالبوا بضرورة التحرك لوقف الانتهاكات ضدهم ونقلهم من السجن.

وطالب الحزب، بالتحقيق في الوقائع المثبتة على لسان المتهمين في الجلسة ونقلهم من سجن الزقازيق، وبالحرية لهم خاصة أن معظمهم محبوس منذ أكثر من عامين وتم تدويرهم في هذه القضية من قضايا مختلفة بالاتهامات نفسها.

يذكر أن محمد وليد، ورشاد كمال، وخليل عبد الحميد وآخرين من محافظة السويس تم القبض عليهم في سبتمبر/ أيلول 2019 وتم حبسهم بتهم «ببث ونشر وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة، وإساءة استخدام وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر، ومشاركة جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها» وتم التجديد لهم ثم صدر قرار إخلاء سبيلهم ورقيا وتم تدويرهم على ذمة قضية جديدة.

وفي 30 سبتمبر/ أيلول 2019 وأثناء توجه وليد إلى المملكة العربية السعودية حيث يعمل، ألقت قوات الأمن القبض عليه في مطار القاهرة قبل دقائق قليلة من إقلاع الطائرة، بعد انتهاء زيارته السنوية في مصر التي استمرت شهرا.

وحسب الحزب، ظهر وليد في نيابة أمن الدولة العليا بعد أسبوعين من القبض عليه في مطار القاهرة، متهما على ذمة القضية رقم 1358 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا.

ووجهت النيابة آنذاك لوليد، اتهامات «ببث ونشر وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة، إساءة استخدام وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر، ومشاركة جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها». وظل وليد محبوسا على ذمة هذه القضية حتى 26 أغسطس /أب 2020، وصدور قرار من محكمة الجنايات بإخلاء سبيله بتدابير احترازية، إلا أن القرار لم ينفذ، ليظهر من جديد في نيابة أمن الدولة العليا يوم 5 ديسمبر/كانون الأول 2020 على ذمة قضية جديدة برقم 1056 لسنة 2020 أمن دولة.

وكشف حزب «العيش والحرية» عن تعرض وليد لعدة انتهاكات نفسية وجسدية جسيمة، ما أدى إلى تدهور حاله الصحية وكاد أن يفقد بصره خلال فترة السجن، وقد خضع مؤخرا لعملية جراحية في عينيه وهو في محبسه مما يصعب عليه التعايش داخل السجن خاصة وأن التعافي من الجراحة يحتاج لرعاية صحية ونظافة غير متوفرة في سجن الزقازيق العمومي على الإطلاق.

وكالات

من الذاكرة يوم لا انساه!!

من الذاكرة يوم لا انساه!!

الأستاذ عادل عبد المجيد

 

في اوائل التسعينيات في محكمة جنوب القاهرة- باب الخلق وكان معي اخي وصديقي الاستاذ منتصر الزيات المحامي ودخلنا قاعة المحكمة التي تننظر في التظلم من امر الاعتقال وعندما دخلنا القاعة توجهت مباشرة الي القفص حيث يقف المعتقلين للاطمئنان علي احوالهم وما اذا كان لديهم طلبات ولاحظت ان هناك في اقصي اليمين رجل ملتحي وسيم يرتدي بدلة زرقاء ورابطة العنق من هيئته بدي لي انه مختلف عن المعتقلين فاقتربت منه والقيت عليه السلام فرد علي السلام

 

ثم سألته كيف حالك فاجاب الحمد لله ثم سألته هل تعرفني فاجاب نعم الاستاذ عادل عبدالمجيد فقلت له هل تريد اية مساعدة فقال شكرا قلت له هل عندك محام فقال انه لم يحضر فقلت له هل تريد اي مساعدة حتي ياتي محاميك فقال لو سمحت تطلب من القاضي تاجيل الجلسة قلت له لابأس وذهبت واجلت له الجلسة ثم رجعت اليه وسألته لماذا انت هنا وكم لك في السجن فقال انا متهم بقتل زوجتي ولي اربعين شهرا ولم يحكم عليه بعد قلت له اريد ان اسألك سؤالا قال بأدب تفضل قلت له في عام ١٩٨٢ عندما ذهبت لبيتي هل كان في بيتي اسلحة ؟ فقال يااستاذ عادل انت عارف احنا فقط بنمضي علي الورق دون ان ننظر ماهو مكتوب فقلت له انا لم اتكلم معك لاتشفي فيك انا اريد مساعدتك في هذه الظروف ونصيحتي اليك انه مازال لديك الفرصة لان تتوب الي الله فباب التوبة مفتوح وودعته ثم ذهبت الي اخي منتصر الزيات وفي فم واحد قال وقلت شوفت سبحان الله انه ضابط مباحث امن الدولة المقدم محمد اسامة كمال الشاهد علي في المحكمة واحد ضباط التعذيب فهذه اخلاقنا والايام دول

رواية عربة المجانين ( سيرة السجن ) – كارلوس ليسكانو

رواية عربة المجانين

( سيرة السجن )

تاليف : كارلوس ليسكانو

ترجمة : حسين عمر

الناشر : المركز الثقافي العربي

الطبعة الأولى : 2017م

عن السجن السياسي في الأوروغواي ، حيث كان المخاض الصعب والقاسي ، وحيث قمعت محاولات قلب النظام السياسي بكل قسوة، يكتب ليسكانو .

حين يقرأ القارئ العربي تجربة “كارلوس ليسكانو” مع السجن ، تحضره صورة السجن والسجين والسجّان ، وطرق التعذيب … كصور مألوفة ، تشبه مافي سجوننا .

لكن “كارلوس ليسكانو” يكتب عن السجن بطريقة أخرى ، مختلفة ، فهو عنده تجربة حياة ، وليس مجرّد مرحلة قاسية من العذاب والألم .

يتحدث عن التعذيب وحياة السجن بلغة وإحساس يجعل من تلك الفترة جزءاً مكوّناً أساسياً من حياته ، يكتب عنها بلغة الأدب ، ليس أدب السجون أو أدب التعذيب أو المأساة ، بل بلغة الأدب الجميل .

حين تنتهي من هذا الكتاب ، لايترك في نفسك تلك اللوعة أو ذلك الغضب الذي يميز ماتقرأه عن حياة السجون ، بل يترك فيك ذلك الإحساس بأنه رغم العذاب والألم ، ورغم سقوط ألوف الشهداء ، فإن عربة المجانين وصلت إلى مكان آمن .

نجيب محفوظ.. وخصوم الإسلام!

نجيب محفوظ.. وخصوم الإسلام!

 

د. حلمي القاعود

عقب هزيمة عام 1967م، قرأت للعميد احتياط السابق “ما تيتاهو بيليد”، قائد الجبهة الشمالية أيام الهزيمة السوداء، بعض ما كتبه عن نجيب محفوظ (11 ديسمبر 1911 – 30 أغسطس 2006م).

“بيليد” -ومثله عدد كبير من ضباط جيش الاحتلال الصهيوني- لا يكفون عن الدراسة والبحث العلمي في أدبيات المنطقة، إلى جانب احتراف القتال، لمعرفة تفاصيل الحياة والقيم والعادات والتقاليد، وفهم ما يجري داخل الشعوب العربية، وطريقة تفكيرها، وإدراك تصوراتها للماضي والحاضر والمستقبل.

حاول “بيليد” بعد الهزيمة أن يلتقي نجيب محفوظ شخصياً، ويبدو أنه فشل، ولم ينجح إلا بعد “كامب ديفيد” (1978م)، ولم يحصل من الرجل على شيء ذي قيمة؛ فقد كان اللقاء فيما يبدو مجاملة وعابراً من خلال جلسة ضمت محفوظاً مع بعض مريديه.

الشاهد في الأمر أن “بيليد” اهتدى بعد قراءة أدب محفوظ إلى أن رواياته تعبر عن قيم إسلامية، وعن مجتمع إسلامي، ويعني ذلك في المفهوم الصهيوني خطراً كبيراً على كيان الاحتلال؛ فالإسلام يمثل عنصر المقاومة الحقيقي المؤثر ضد الغزاة، أما المحاولات اليسارية والعلمانية للمقاومة، فهي هشة وصورية وزائفة أكثر منها عملية ومؤثرة ومؤلمة، ولذا لا يهتم بها الغزاة مثل اهتمامهم بالمقاومة الإسلامية، صحيح أن محفوظاً لم يُشر في رواياته وقصصه إلى العدو الصهيوني بكلمة أو يعالج القضية الفلسطينية أو الاحتلال الصهيوني للأرض العربية والمقدسات الإسلامية، ولكن الباحث الصهيوني ومثله كل الصهاينة يرون في التعبير عن القيمة الإسلامية مؤشراً على وجود عنصر يهدد وجودهم الإرهابي الاحتلالي الظالم!

نبوءة “نوبل”

في الأربعينيات، تناول المفكر والأديب سيد قطب على صفحات “الرسالة” روايات نجيب التاريخية التي نشرها تباعاً في ذلك الحين “عبث الأقدار”، “كفاح طيبة”، “رادوبيس”، “القاهرة الجديدة” (1945م)، وأشاد بها وتنبأ لصاحبها بمستقبل باهر في ميدان الرواية، وكأنه تنبأ له بجائزة “نوبل” (1988م).

وقد نشأت بين قطب، و محفوظ، علاقة أدبية، استمرت لفترة طويلة، كان يزوره في بيته بحلوان، ويتبادلان الحوار حول الشؤون الثقافية والأدبية، ولكن ما تعرض له قطب من سجن واعتقال، وحكم بالإعدام، جعل نجيب محفوظ الذي كان حريصاً على سلامته الشخصية، يتراجع عن الوفاء لصاحبه الشهيد بإذنه تعالى؛ فجمهورية الرعب دفعت كثيراً من الكتَّاب والأدباء إلى قول ما لا يؤمنون به خوفاً على أنفسهم، ولذا رأينا محفوظاً في روايته “المرايا” (1972م) يصوّر شخصية قطب تحت اسم “عبدالفتاح إسماعيل” تصويراً يرضي السلطة، ويبعده عن شبهة تأييده أو التعاطف معه، بعد أن أبرز ذكاءه، وتفوقه الفكري والأدبي، لقد حاول أن يلقي عليه ظلالاً من الشك والريبة، ووضعه في دائرة التنظيم السري، وأضفى عليه غموضاً عجيباً، مع أن سيد قطب كان واضحاً في فكره وسلوكه لدرجة لا تخفى على أحد، ثم ذكر أنه “لم يرتح إليه”!

لم يكن محفوظ من الإسلاميين الذين ينطلقون من تصور إسلامي خالص، وقد تطور فكره على مدى عمره الطويل، مذ درس الفلسفة بكلية الآداب جامعة القاهرة (تخرج عام 1934م)، واتصل بسلامة موسى (1887 – 1958م)، الذي أثر في فكره تأثيراً  جذرياً، ومعروف مدى رفض موسى للإسلام، وتعصبه المقيت ضده، وحفاوته بالثقافة الغربية والدعوة إليها، وقد تابع محاولات محفوظ الروائية الأولى، وراجعه فيها، ونشر له في مجلته الشهرية مقالاته الفلسفية، وروايته الأولى التي قدمها هدية للمشتركين بدلاً من عددي الصيف اللذين كانت تحتجب فيهما المجلة، كان محفوظ وفدياً يحب سعد زغلول، والنحاس باشا، وعبر عن حبه ذاك في عدد من رواياته خاصة “الثلاثية” (1956 – 1957م)، وحين صوَّر الإخوان المسلمين كان مدفوعاً بالتعصب الحزبي، ولكنه لم يسئ إليهم أو يتهمهم بالعمالة والخيانة والكفر والظلامية، كما يفعل غيره من الشيوعيين والناصريين والليبراليين والانتهازيين والمرتزقة، صوَّر بعضهم في سلوكيات متحفظة، واهتمامات شخصية ضيقة، ثم أنصفهم في روايته “الباقي من الزمن ساعة” (1982م)، وأثار التعاطف معهم لنقائهم ومظلوميتهم، وتعرضهم للقهر والتعذيب.

قرأ الرجل الثقافة الغربية والتراث الإسلامي، والقرآن الكريم، وظهر تأثره واضحاً بالقرآن الكريم والحديث النبوي في أسلوبه الروائي، وقد خصص أحد الباحثين كتاباً كاملاً لدراسة هذا التأثر في رواية “اللص والكلاب”، لا تكاد تخلو فقرة في صفحة من صفحات الرواية من التأثر الأسلوبي بآية من الآيات، أو حديث شريف، مما يدل على التطور الفكري للرجل وانتمائه للثقافة الإسلامية والتشبع بها، وإن اختلف فهمه لمفهوم الدين والدولة، أو رؤيته العلمانية لفصل الإسلام عن السياسة بحكم دراسته للفلسفة وتأثير الفكر الغربي.

وقد تتبعتُ رواياته وكتبت عن عدد منها في وقت لم يكن يبالي به كثير من اليساريين وأشباههم، وخاصة في الروايات التي يظهر فيها النبض الروحي الإسلامي، فتناولت روايته الضخمة “ملحمة الحرافيش” (1977م) قبل أن يتناولها الآخرون، وهي تعد من وجهة نظري تصحيحاً بارعاً، وبناء فنياً أفضل من رواية “أولاد حارتنا” (1959م)، وكتبت عنها دراسة مطولة نشرتها في مجلة “البيان” الكويتية، عقب صدور الرواية مباشرة، وهو ما لفت انتباه رجاء النقاش، فكتب عنها مقالاً ممتداً على عددين من مجلة “المصور” جعل عنوانه “نجيب محفوظ يكتب بالفارسية”؛ لأني توقفت وقفة غير قصيرة في دراستي المشار إليها عند استلهام نجيب للشعر الفارسي في الرواية.

ثم رأيت رواية “الكرنك” (1974م) التي تناولت التعذيب في العهد الناصري، وأشدت بها لأنها كشفت جانباً مظلماً من جوانب النظام المهزوم الذي انتصر على شعبه وحده، وهي رواية لم يتناولها اليساريون، بسبب موضوعها الذي يدين النظام الذي أيَّدوه ومنحهم صدارة المشهد الثقافي والإعلامي والفكري والفني والتربوي.

نظام ملفق

تصوَّر محفوظ في فترة تطوره الفكري والثقافي أن يقوم نظام سياسي في بلادنا العربية، يعتمد على ديمقراطية الغرب والعدالة الاجتماعية في النظام الشيوعي، والبناء الروحي في صوفية الإسلام، وقد عالج هذه الرؤية في روايته “حضرة المحترم” (1975م)، وواضح أن هذا التصور يدل على قصور واضح في فهم التشريع الإسلامي، الذي وضع أسساً إنسانية لتوفير العدالة الاجتماعية وتحقيق الشورى وواقعية الإيمان وبساطته، وفي كل الأحوال فالرجل لا يعادي الإسلام ولا يشهّر به، كما فعل ويفعل الشيوعيون ونظراؤهم في الفكر والاعتقاد والسلوك.

وفي روايته “رحلة ابن فطومة” (1983م) التي تناولتها في أحد كتبي، عرض محفوظ لأبرز النظم السياسية في العالم، ومعظمها يقوم على الاستبداد والقهر والظلم، ولكنه كان حريصاً حين يرى حالة إيجابية أو فكرة إنسانية، يتساءل على لسان ابن فطومة الأزهري الذي حفظ القرآن واستوعب التراث: أليس هذا موجوداً في ديننا؟ كان محفوظ يحلم بالحرية والعدل والشورى أو الديمقراطية، ورأى أخيراً من خلال الرواية أنها قائمة في الإسلام.

لوحظ أن الشيوعيين والناصريين والقوميين والانتهازيين والمرتزقة لم يكتبوا حول الروايات التي عالجت مسألة التعذيب أو انحازت إلى الإسلام أو بعضه، فركزوا على “أولاد حارتنا”، وهي رواية من حيث الفن ضعيفة بالقياس إلى بقية رواياته، ثم إنها استغلت الرمز الديني استغلالاً فجاً، سواء ما يشير إلى الذات الإلهية أو الأنبياء، صحيح أن نجيب محفوظ صنع بيئة شعبية لتكون فرشة فنية يضع عليها بضاعته الفكرية، ولكنه أخفق في إبعاد الحقيقة عن ذهن القارئ، فعرف أن الجبلاوي يرمز إلى الذات الإلهية، وعرف أدهم، وإدريس، وجبل، ورفاعة، وقاسم، وعرفة، الذين يرمزون إلى الأنبياء وإبليس والعلم، وكان موت الجبلاوي قاصمة الظهر؛ لأنه يعني موت الإله، وهو ما جعل القرَّاء المسلمين يغضبون. 

كان محفوظ فيها يؤرخ للبشرية من خلال الحارة المصرية بسياقاتها الاجتماعية والاقتصادية وحكم الفتوات (رمز الاستبداد والقوة الغشوم والولاء للفتوة الأقوى) دون أن يُظهر أثراً للوحي أو تعاليم السماء، وجعل المستقبل لعرفة (العلم) وحده بعد موت الجبلاوي.

وقد أثير حول الرواية لغط كثير حولها إلى أزمة تدخلت فيها السلطة والأزهر عقب نشرها مسلسلة في “الأهرام” على عهد محمد حسنين هيكل، وكانت الأزمة بتدبير بعض الشيوعيين في جريدة “الجمهورية” نتيجة الغيرة الأدبية من محفوظ وخاصة لدى الشيوعي الحكومي التائب يوسف إدريس، فقد فوجئ القراء برسالة من شخص مجهول تظهر في باب الرسائل بالجريدة، ينبه فيها إلى أن الرواية التي تظهر مسلسلة في “الأهرام” تسيء إلى الأنبياء والإسلام، وكان المشرف على صفحة الرسائل بعض الشيوعيين، أبرزهم أحمد عباس صالح، لم يُعرف عن الشيوعيين حرص على الإسلام والأنبياء، فهم يعدون الدين أفيون الشعوب، ووقف كتَّاب “الجمهورية” اليساريون من الرواية موقفاً أشعل الموقف، وجعل السلطة تتدخل، وتعهد بلجنة من أساتذة الأزهر تضم الشيخ أحمد الشرباصي، والشيخ محمد الغزالي، والشيخ محمد السعدي فرهود، وهم متخصصون في الأدب والنقد يقومون بفحص الرواية، ويصدرون تقريراً عنها، فطلبوا وقف نشر الرواية حفاظاً على قدسية الذات الإلهية واحتراماً لمقام الأنبياء، ولكن محمد حسنين هيكل، رئيس تحرير “الأهرام”، تحدى التقرير وأصر على إتمام نشرها، بينما امتنع محفوظ عن نشرها في كتاب احتراماً لرأي الأزهر.

وبعد سنوات ظهرت الرواية مطبوعة في بيروت، حيث نشرتها دار الآداب المعروفة بميولها الماركسية، مع أن صاحبها تعلم في الأزهر الشريف، وكان يرتدي العمامة!

ابن حضارتين

تطورت أفكار محفوظ وكتب “ملحمة الحرافيش” -كما سبقت الإشارة- وهاجم الحكم العسكري بشراسة في بعض رواياته خاصة التي صدرت بعد الهزيمة (انظر مثلاً: روايته “يوم قتل الزعيم” عام 1985م)، وفي كلمته التي ألقاها يوم تسلم جائزة “نوبل”، وألقيت نيابة عنه، عبَّر عن انحيازه إلى الحضارة الإسلامية، وجاء في بعض فقراتها: “سادتي، أخبرني مندوب جريدة أجنبية في القاهرة بأن لحظة إعلان اسمي مقروناً بالجائزة سادها الصمت، وتساءل كثيرون عمن أكون، فاسمحوا لي أن أقدم لكم نفسي بالموضوعية التي تبيحها الطبيعة البشرية، أنا ابن حضارتين تزوجتا في عصر من عصور التاريخ زواجاً موفقاً، أولهما عمرها سبعة آلاف سنة؛ وهي الحضارة الفرعونية، وثانيهما عمرها ألف وأربعمائة سنة؛ وهي الحضارة الإسلامية، ولعلي لست في حاجة إلى التعريف بأي من الحضارتين لأحد منكم، وأنتم من أهل الصفوة والعلم، ولكن لا بأس من التذكير ونحن في مقام النجوى والتعارف”.

وبعد حديثه عن الحضارة الفرعونية، تحدث عن الحضارة الإسلامية فقال: “وعن الحضارة الإسلامية فلن أحدثكم عن دعوتها إلى إقامة وحدة بشرية في رحاب الخالق تنهض على الحرية والمساواة والتسامح، ولا عن عظمة رسولها، فمن مفكريكم من كرَّمه كأعظم رجل في تاريخ البشرية، ولا عن فتوحاتها التي غرست آلاف المآذن الداعية للعبادة والتقوى والخير على امتداد أرض مترامية ما بين مشارف الهند والصين وحدود فرنسا.

ولا عن المؤاخاة التي تحققت في حضنها بين الأديان والعناصر في تسامح لم تعرفه الإنسانية من قبل ولا من بعد، ولكني سأقدمها في موقف درامي -مؤثر- يلخص سمة من أبرز سماتها، ففي إحدى معاركها الظافرة مع الدولة البيزنطية ردت الأسرى في مقابل عدد من كتب الفلسفة والطب والرياضة من التراث الإغريقي العتيد، وهي شهادة قيمة للروح الإنسانية في طموحها إلى العلم والمعرفة، رغم أن الطالب يعتنق ديناً سماوياً والمطلوب ثمرة حضارة وثنية”.

ثم ختم قائلاً: “قُدر لي يا سادة أن أولد في حضن هاتين الحضارتين، وأن أرضع لبنيهما وأتغذى على آدابهما وفنونهما، ثم ارتويت من رحيق ثقافتكم الثرية الفاتنة، ومن وحي ذلك كله، بالإضافة إلى شجوني الخاصة، ندت عني كلمات أسعدها الحظ باستحقاق تقدير أكاديميتكم الموقرة؛ فتوجت اجتهادي بجائزة نوبل الكبرى؛ فالشكر أقدمه لها باسمي وباسم البناة العظام الراحلين من مؤسسي الحضارتين..”.

وفي ذكرى وفاة محفوظ كل عام، يستغل خصوم الإسلام من المتهوّدين والمتنصّرين واليساريين والمرتزقة، فيستدعون حادثة طعنه (أكتوبر 1995م) على يد شاب جاهل، ويرتبون على ذلك إدانة الإسلام والمسلمين جميعاً، ونعتهم بأشد الألفاظ قبحاً وبذاءة، كما يحاولون إخراج محفوظ من دائرة الإسلام والإيحاء أنه ابن معتقداتهم المنحرفة، مع أن الرجل في أواخر حياته كان لا يستطيع الوضوء، فطلب من سكرتيره الشخصي الحاج محمد صبري، رحمه الله، وكان يقرأ له الصحف والكتب أن يعلمه كيفية التيمم ليصلي، وهذا سمعته بأذني من الرجل، ثم إنه بنى مسجداً فخماً على الطريق الصحراوي بين القاهرة والإسكندرية في قرية العزيزية التي يرتبط بأرضها وأهلها، وتكفّل بأجور العمال والإمام، والقائمين على تحفيظ القرآن الكريم، وكان يذهب في المناسبات ليوزع الصدقات ويقضي بعض وقته هناك، وما زالت أسرته أو ما تبقى منها (ابنته) تقوم بهذه الزيارة.

ولكن اليساريين لا يأتون على ذكر صلاته وإيمانه أبداً، ووجدوا في بناء مسجد العزيزية أمراً جللاً، وخيانة لهم، وتطرفاً كان يخبئه نجيب محفوظ! كأنهم تعاقدوا معه على عداوة الإسلام!

والغريب أنه بعد حادثة طعنه التي استنكرها المسلمون وغيرهم، راحوا يتحدون الأزهر والسلطة معاً، ونشروا “أولاد حارتنا” في “الأهالي” جريدة الحزب الشيوعي، الذي يسمى التجمع الوطني التقدمي الوحدوي، ويسخر منه المصريون فيسمونه حزب “توتو”!

مؤسف جداً أن يتفرغ خصوم الإسلام الذين يدعون النضال والكفاح من أجل الكادحين والفقراء إلى هجاء الإسلام والتشهير بالمسلمين، ولو كانوا في قامة نجيب محفوظ!

مدين إبراهيم محمد حسنين   اعتقلته السلطات السودانية وسلمته لمصر

مدين إبراهيم محمد حسنين   اعتقلته السلطات السودانية وسلمته لمصر

حصل فريق “نحن نسجل” على معلومات موثوقة من مصادر خاصة تفيد بوجود المواطن المصري “مدين إبراهيم محمد حسنين، 59 عاما” في مقر تابع لجهاز الأمن الوطني بمدينة الزقازيق في محافظة الشرقية، بعد أن قامت السلطات السودانية بتسليمه سراً إلى السلطات المصرية.

ويؤكد الفريق رفضه القاطع لسلوك السلطات السودانية الحالية بترحيل المعارض المصري “مدين حسنين” قسريا إلى بلاده ليواجه التعذيب وصنوفا عدة من المعاملة الحاطة بالكرامة فيها، ومن المؤسف أن تتم عملية الترحيل في ظل مرحلة تجلت فيها الإرادة الشعبية في السودان والتي تشكل على إثرها مجلس سيادي معبر عن الشعب ويعمل على تحقيق العدالة والحرية والكرامة والديمقراطية.

وكانت السلطات السودانية إبان حكم عمر البشير قد اعتقلت “مدين” في شهر نوفمبر 2018 بطلب من النظام المصري ليتعرض للإخفاء القسري عدة أشهر، لتأتي الثورة السودانية ويحدث تغيير؛ كان من ثمراته معرفة أن “مدين” مازال قيد الاحتجاز في السودان ولم يرحل بعد، ولكن في شهر سبتمبر الماضي نشر حقوقيون مصريون عن نية السلطات السودانية الجديدة ترحيله استجابة لطلب النظام المصري وبعد إثارة الأمر عبر مواقع التواصل الاجتماعي ووفق شخصيات سياسية مصرية معارضة؛ فقد وعدت السلطات السودانية بأنها لن تقبل بعد الثورة أن يتم ترحيل أي مصري ترحيلا قسريا إلى مصر بشكل يعرض حياته للخطر، وأنهم بصدد إنهاء إجراءات تسفيره لدولة يختارها هو ومواطنون مصريون آخرون محتجزون معه.

وكان قد طلب أحد وكلاء المخابرات السودانية واسمه “محمد أحمد فرح سليمان” ويحمل جواز سفر سوداني رقم “03429762” من الأطراف المصرية المهتمة بالمسألة مبلغ 3200 دولارا أمريكيا بغرض شراء تذاكر السفر لـ “مدين” ومواطنون آخرون محتجزون معه، وبالفعل تم تسليمه المبلغ، ولكن بعد فترة تبين أن “مدين” لم يغادر الأراضي السودانية.

ثم عاودت الأطراف المهتمة؛ الاتصال بوكيل المخابرات فأبلغهم أنه تم ترحيل أربعة منهم ترحيلاً اختياريا ومتبقي أربعة أخرون بينهم “مدين” سيتم تسفيرهم في دفعة ثانية ولكنه طلب مبلغ 4000 دولار أمريكي بدعوى حجز تذاكر بالرغم من أن المبلغ الأول كان يشمل تذاكر الثمانية أشخاص، وتم تسليمه المبلغ أيضا.

ووفق ما وثقه قسم التحقيقات بفريق “نحن نسجل” مع الأطراف المعنية فقد قال وكيل المخابرات السودانية إن إجراءات سفر “مدين” تعطلت وأكد في الوقت ذاته أنه لن يتم تسليمه إلى النظام المصري، ولكن ما توصل له الفريق كان عكس ذلك حيث نكثت السلطات بقيم الثورة والتي منها؛ عدم ترحيل المعارضين المتواجدين على أراضيها في ظل حكم ثورة شعبية نادت بالحرية؛ ويذكر أن التشريعات الدولية تحظر على الدول تسليم أو ترحيل أشخاص قسريا إلى بلد من المحتمل أن يتعرضوا فيه للتعذيب، ومن تلك المواد؛ المادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

جدير بالذكر أننا علمنا أن المواطن المصري “مدين حسنين” مدرج اسمه ضمن المتهمين في القضية المعروفة إعلامياً بـ “أنصار الشريعة” بالرغم من عدم تواجده في مصر وقت وقوع الأحداث، وأنه لم يقم بزيارة مصر منذ خروجه منها بشكل قانوني في شهر نوفمبر2013، وهو ما يشير إلى الكيدية في الاتهامات والانتقام السياسي منه؛ كونه صاحب رأي وفكر معارض تعرض بسببه للاعتقال الغير قانوني مرتين على أيدي جهاز أمن الدولة في عهد رئيس النظام المصري السابق محمد حسني مبارك.

وعليه فإننا نطالب السلطات المصرية بالكشف عن مصير مواطنها “مدين حسنين” وباقي المُرحلين معه في حال قيام السودان بترحيلهم، وعرضهم على النيابة فوراً في ظل إجراءات قانونية سليمة تكفل لهم كافة حقوقهم.

كما نطالب الحكومة السودانية بفتح تحقيق في الواقعة بما يليق بالسودان الجديد الباحث عن العدالة وإقامة القانون وإعلاء إرادة شعبه، ومحاسبة المسؤولين بإجراءات منصفة للضحايا الذين يواجهون بكل تأكيد الإخفاء القسري والتعذيب في مصر على خلفية مواقفهم السياسية الساعية لما تسعى له الثورة السودانية من مطالب عادلة.

خلفية

كان “مدين حسنين” قد تعرض للاعتقال مرتين خلال حكم الرئيس المصري المخلوع “حسني مبارك”؛ الذي اشتهر عهده بوقائع الاعتقال التعسفي للأشخاص بموجب خطاب اعتقال يصدره وزير الداخلية حينها اللواء حبيب العادلي.

ففي عام 2006 اعتٌقل مدين على يد مباحث أمن الدولة “الأمن الوطني حاليا” وظل قابعا في المعتقل دون اتهامات لما يقرب من عامين حتى أُفرج عنه في عام 2008.

ثم عاودت مباحث أمن الدولة اعتقاله عام 2010، ليتعرض هذه المرة للاختفاء القسري لمدة 3 أشهر واجه خلالها أبشع أنواع التعذيب البدني والنفسي بسبب اعتراضه على تكرار اعتقاله بدون اتهامات وخارج إطار القانون.

وفي 14 أغسطس 2018 قضت دائرة الإرهاب بمحكمة جنايات القاهرة “دائرة استثنائية” برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي بالإعدام على ثلاثة أشخاص في قضية أنصار الشريعة وأحكام بالسجن 25 عاما على 4 متهمين والسجن المشدد 15 عاما على 7 أشخاص؛ بينهم “مدين حسنين” غيابيا على خلفية اتهامات بقتل واستهداف رجال الشرطة وتأسيس والانضمام لجماعة أسست على خلال الدستور والقانون خلال الفترة من أغسطس 2013 حتى مايو 2018، وكان نصيب مدين من الاتهامات وفق قرار الإحالة الصادر في أغسطس 2014، هو فقط الانضمام لجماعة أسست على خلاف الدستور والقانون في فترة لم يكن موجودا فيها داخل مصر كما انطلقت أولى خطوات القضية ووقائعها بعد مغادرة مدين مصر من إحدى الموانئ الجوية المصرية بشكل طبيعي.

وتخضع مثل هذه القضايا التي تنظرها دوائر الإرهاب لاعتبارات سياسية وإجراءات لا تراعي نصوص القانون من تغاضي عن تعذيب يتعرض له المتهمون للاعتراف على الاتهامات ومحاضر وتحريات الشرطة والأمن الوطني التي تعتمد عليها تلك الدوائر في إصدار أحكامها دون الالتفات لأي معايير قانونية أخرى، كما لا تتوافر أمامها ضمانات المحاكمة العادلة وهو ما يثير الشبهات أكثر حول سلامة ما تم وما سيتم من إجراءات بخصوص “مدني حسنين”.

نحن نسجل

17 أكتوبر 2019

القاهرة – مصر

 

سنوات  خلف الشمس مذكرات معتقل -1-

مذكرات معتقل  غابت عنه الشمس

شبكة وا اسلاماه

  توصلنا بوقفات  هي مزيج  بين الخواطر والمذكرات من الاسير الفلسطيني

عبد الكريم أبو حبل أبي بكر

نزيل احدى سجون النمسا ننشرها كما وصلتنا

  وقد كانت سلطات الاحتلال اعتقلت أبو حبل حين كان يبلغ 14 عاماً خلال اجتياحها لمنطقة “تل اقليبو

 حيث مكث في معتقلاتها  9 سنوات قضاها متنقلاً في عدة سجون للاحتلال.

وفي يوليو/ تموز 2017 اعترفت سلطات الاحتلال بشكل رسمي وعلني بوقوفها خلف عملية اعتقال الشاب عبد الكريم (27 عاماً) .

 بعد  ان وصل للنمسا عام 2016 محاولاً الإقامة فيها والبحث عن عمل، إلا أنه اعتقل بعد أشهر من وصوله، بزعم علاقته بـ”الإرهاب” من خلال التخطيط لهجمات ضد (إسرائيل)، انطلاقًا من أراضيها ما دفعها للحكم عليه بالسجن المؤبد.

شبكة وا اسلاماه   تنفرد  بنشر هذه الوقفات من الاسير القابع في سجون النمسا ….

الوقفة الأولى

الحلم أم الكابوس

قبل بضع أيام من الإعتقال الغاذر،رأى في المنام كما يرى الرائي  حلما   كأنما هو كابوس قاتل كاتم للصوت والنفس ،  لعله حلم من اللون الآخر حلم عجيب غريب

  تأمل بصمت هدوء المكان.. -كأنما هو السكون الذي يسبق العاصفة  – وهو يستعيد  تفاصيل الكابوس الحلم

تلابيب الحكاية

قال الصابر المحتسب أبو بكر فك الله بالعز أسره :

((بعد أن صليت فجر يوم الخميس فاستلقيت قليلا ،”فإذا بعدة حيات تلتف حولي..! ، حتى استيقظ من النوم فزعاً ورحت أبحث  في المكان  عنها ثم اختلط المنام عليه وظن أنها حقيقة ! وانه خارج الحلم  

 وقتذاك بالكاد كان لا يسمع في المكان إلا نباح كلابهم وصياح دجاجهم

فاستيقن انها لم تكن إلاّ أضغاث أحلام والناس نيام

  مكث برهة صامتا ثم  تململ  قليلا في  مكانه

قال  في شرود

{الإمام ابن قتيبة الدينوري رحمة الله  قال في تأويل :(الحية عدوٌمكاتم بالعداوة…..}”

  هكذا مكث في المكان  يترقب في صمت  وعلى محياه تفكير عميق..

فوكالة الأمن النمساوية عدو مكاتم  ،كانت تظهر الكثير من النفاق للشعب الفلسطني حتى تلقي في روع  الملأ من  الناس أنها ليس بعدو.ّ

لكن الحقيقة كان   تحمل الكثير من المفاجأت   والغصص الحرار

كان إعتقال المحتسب تعرية  لهم كشف سوءة العدو المكاتم الذي يدّعي الحيادية في القضية الفلسطنية

إنّ الأفاعي وإن لانت ملامسها….عند التقلب في أنيابها العطب

قد  صحت الرؤيا بداية المحنة

الوقفة الثانية

في يوم الأحداء من تاريخ ١٠١٦/٧/١٧قبل أن يُسفر نور الصباح صَدقت الرؤيا،  هذا تأويل   الرؤيا   قد  جاء كفلق الصبح

 تيقنت من  ذلك عندما جاءت عصابة  غاذرة تدين بغير دينه وتكره منه ما عمله هو وإخوته..

  جاؤوا بتفرعن  و عجب وكبرياء ،كل المُغير المُشين على أرض يتعقب بقايا أهلها، ظلوا هكذاحتى حاصروا الليث من الساعة الخامسةصباحا،  ظل معزولا بغير نصير أومعين ،  أه ولو كان معه من الأنصار  القليل لأراقوا البحيرات من الدماء النجسة،  رغم قوتهم  وحصارهم   ظلوا خائفين  مترددين   لم يحسموا أمرهم ..  لم يدخلوا عليه من شدة  الجبن ، وخشية  أن يكون مدججا بالعدة والسلاح ، من أجل ذلك حصنوا أنفسهم وتجهزوا  بكل أنواع الأسلحة  ليضيقوا الحلقة ويمعنوا في الحصار ويهاجموا  هذا العبد الضعيف

بعد لؤي اقتحموا المبنى وحاصروا الغرفة ..

وما هي الا ساعة من   زمن حتى أُسر الليث المهاب وأصبح كبش  فداء في أيدي ذئاب مسعورة

 حينها كان عقرب الساعة يشير إلى التاسعة والربع ،

لله الأمر من قبل ومن بعد

وَلِكُلِّ حالٍ مُعقِبٌ وَلَرُبَّما … أَجلى لَكَ المَكروهُ عَمّا يُحمَدُ

وَالحَبسُ ما لَم تَغشَهُ لِدَنِيَّةٍ … والحبس-مالمْ تغْشَةُ  المَنزِلُ المُتَوَرَّدُ.

ورغم الضغوطات و تجبُّر العدو ،الا ان نفسيته وعزيمته كانت قوية لم تتزعزع وإرادته مطلقه غير مقيدة ،كان أسد هصورا   يزأر  ويزمجر في وجوههم احتقرهم و قد رآهم  مثل الذباب بذلك التصرف الهمجي ..

في   عزم  وشموخ ظل يحلق   في فضاءات   رحبة   تحمله  الى   أسمى المعاني في لجظات الاضطرام  واحتدام الابتلاء..

تذكر مقولة عجيبة ظلت بين جوانحه من زمن   ثم   غمغم

 لله در ابن القيم حين قال

لا تخش كثرتهم فهم همج الورى ****وذبابه أتخاف من ذبان.

  بعد  انتهاء المداهمة   سحبوه بعيدا

ثم أنطلقوا به إلى أحد المباني التي تشبه الاطلال ،وألقوه في أعماق الجب ،فإذا هو بزنزانته وقد حال الزجاج بينه ورؤساء التحقيق  ،و هوفي عزلته كان سلاحه العزيمة والصمود واصالة الفهم ،و قد جعل من الله عضده وانيسه   بقلب راض مطمئن

يقينه بربه أنه سينصره ويجبر كسره

فجأة ضغط أحد الضباط على زر التسجيل وبدأ يملي ملاحظاته الصوتية

سأله أحدهم قائلا  :” هل تعلم لماذا أنت معتقل هنا “؟

 أجاب بعزيمة لاتفتر:”لا أعلم”؟

فاخبره  بخيلاء

  انت  متهم بأنك تنتمي لمنظمة حماس الارهابية ….”

 فردّعليه الاسير :

“امّا أنا فلست من أعضاء تنظيم أو أبناء جماعة“.

وبعد مدة اخذه بعض الجنود  إلى وكر من اوكارهم الخبيثة ..

مكث هناك  يوماً  طويلا  ، وقد شدّدوا عليه الحراسة و أصبحوا يراقبونه و يبثوا حوله جواسيس يتظاهرون بالبراءة   لعلهم يتمكنون منه  بانتزاع وشاية،ولكنه  بذكائه وحنكته علم أنهم في الحقيقة  فجار يمكرون به

ثم عادوا يستجوبونه  مرة أخرى  :

“عن أسباب الأعتقال وغيرها من الأسئلة المستفزة التي ثير الريبة في النفس “؟.

فأدرك مكرهم وخداعهم وردعليهم :

“كم دفع المحققون لكم  “؟

  وبعد جهد  منهم ومكر لم يتمكنوا من الإيقاع به بفضل الله تعالى

يتبع ……..

من يوميات معتقل الشيخ خميس الماجري

 

من يوميات معتقل

 

الشيخ خميس الماجري

 

بعد الخورة، وإثر اعتقالي سنة 2019؛ تنقّل كلّ أفراد اسرتي – الكريمة (زوجتي وبناتي وأحفادي -حفظهم الله جميعا-) ؛ ومن أحفادي من رأيتُه أوّل مرّة من وراء القضبان. وكم كان ذلك المشهد قاسيا!!!

تنقّلوا جميعا من باريس إلى مقرّ اعتقالي في سجن بنزرت المدينة…

كان لقاء مفاجئا شديدا ومزلزلا…

لم أكن أنتظر تلك المفاجأة؛ ووالله ما أردتُ أن يُكلّفوا أنفسهم مشاق ومصاريف رحلة فقط لزيارتي في السجن لمدة 15 دقيقة وبيني وبينهم حواجز ، لا تواصل بينهم إلاّ عبر الهاتف… لقد كانت رحلتهم مؤلمة نفسيّا – زيارة سجين – وأيضا هي مُكلّفة ماليّا…

بادرتْ السّلطانة أمّ أولادي – حفظها الله – بالتحية والسلام وابتسامة عريضة تشجعني وترفع عني ثقل المظلمة، وقساوة المعتقل، وقالت: لن يتركوك أبدا!!! ها انهم ذكرونا بزياراتي لك سنوات 1989 و1990 و1991 … وابتسمت لتشرق بها سجني المظلم…

قالت ابنتي الكبرى – حفظها الله – : يا أبت اذكر ابن حنبل وابن تيمية وغيرهم من علماء الأمة الأحرار – رحمهم الله – وقد سُجنوا ظلما، فقط لأنّهم يذبّون عن عقيدة الأمّة، تماما كما تفعل أنتَ الآن…

شكرتُها ودعوتُ لها ولزوجها ولابنها، وقلتُ لها: أين أنا من بين هؤلاء يا كبدي؟؟؟

أمّا أحمد الماجري(الفنان)، فلم يستطع أن يتكلّم؛ فقط عبّر ذلك بنظرات حزينة وبأعين دامعة.

أمّا اختي – حفظها الله – فقد نظرتْ إليّ وفي عينيها حزن وغرابة، وكأنّها تقول لي: كيف تُسجن من جديد في عهد الغنوشي، أما يكفي سجنك في عهد المخلوعَين: بورقيبة وبن علي؟؟؟ ثمّ بكت وتأخّرت وأدبرت لكي لا أرى دموعها…

قلتُ لها: يا أمّ محمّد!!! ما الذي يُبكيك وأخوك قد سُجن من أجل الدّعوة إلى الله، لا من أجل الدّعوة إلى شخصه أو حزب أو طائفة؟ أخوك لم يسرق ولم يخن ولم يبع ولم يَشْرِ ولم يُفسد؟؟؟ ألا يكفيك هذا فخرا وشرفا وقدرا ؟؟؟

وجاءتني أمّ أولادي الوفية بقفة فيها ما طاب ولذّ من الطعام؛ ولكنّه تعفّن، ورميته في الزّبالة، للحالة الكارثية داخل غرفة كالقبر، وأيضا لأنه لا وجود لثلاجة في المعتقل…

اللهم ربنا فرّج كرب كل سجين مظلوم، وفرّج كرب كلّ أسرة لها معتقل وسجين