المحرر

رسالة مسربة من سجن النساء الجديد بالعاشر .. كاميرات تجسس ( مراقبة ) داخل الزنازين

رسالة مسربة من سجن النساء الجديد بالعاشر .. كاميرات تجسس ( مراقبة ) داخل الزنازين! نص الرسالة فوجئت المعتقلات السياسيات بوجود كاميرات مراقبة في سجن النساء الجديد بمنطقة سجون العاشر من رمضان، وهو الذي تم نقل المعتقلات إليه قبل 3 أسابيع دون غيرهن من باقي السجينات اللاتي مازلن في سجن النسا بالقناطر الخيرية. وقد اعترضت المعتقلات على هذا الإجراء إلا إنهن فوجئن برد إدارة السجن أن الكاميرات موجودة لرصد حركاتهن على مدار الساعة حسب تعليمات وزير الداخلية؛ وهو ما اضطر المعتقلات لإرتداء ملابسهن كاملة بالحجاب طوال اليوم!، خوفاً من تصويرهن واستغلال هذه الصور ضدهن، كما جرى مع الناشط الحقوقي علاء عبد الفتاح الذي تم تصويره من داخل زنزانته وهو يشرب مياه غازية لإثبات أنه غير مضرب عن الطعام. مع العلم أن هذه الكاميرات مراقبة من أكثر من 12 مكتب .. بدءا من رئاسة الجمهورية حتي ضابط الاتصال في السجن، مرورا بوزير الداخلية ورئيس قطاع الأمن الوطني ورئيس قطاع السجون وضباط الأمن الوطني المسئولون عن السجون، وانتهاءا بأربع جهات داخل السجن نفسه. وتؤكد المعتقلات أنهن مراقبات على مدار الساعة وأنهن يتناوبن فترات النوم حتى تقوم كل معتقلة بإيقاظ زميلتها إذا انكشف منها شئ من جسدها أثناء النوم. وتطالب المعتقلات بوقف هذه المهزلة التي تنتهك أدني حقوق الخصوصية وتمثل وسيلة ابتزاز وتحرش واضح ضد المعتقلات، كما أنهن يتوجهن بهذه الشكوي للمجلس القومي لحقوق المرأة وكل المدافعات عن المرأة في كل العالم لوقف هذه الكارثة غير الأخلاقية التي تقوم بها وزارة الداخلية ضد المعتقلات السياسيات.

#الداخلية_تتحرش_بالمعتقلات

#انقذوا_المعتقلات_من_كاميرات_الداخلية

#عشرية_القمع #مصر #FreeThemAll

وثائق السجون المغربية حوار ناذر مع الاخ محمد الشطبي رحمه الله من اقبية السجون المغربية عام 2003م

هذا حوار مع أحد المختطفين المعتقلين الذين أنكر وزير حقوق الإنسان وجود حالات عنهم، وغير وزير الاتصال صفتهم من الاختطاف إلى الاعتقال. محمد الشطبي مواطن مغربي مسلم عمرة ثلاثون سنة، أحب أفغانستان وسافر إليها ليقدم لمسلميها خدمات اجتماعية ومادية انطلاقا من واجب التضامن الإسلامي، كما يكشف في هذا الحوار الذي خص به جريدة “التجديد” عبر أجوبة من السجن بناء على أسئلة قدمت له سلفا، ويمضي المختطف المعتقل ليكشف كيف تم اختطافه بعد عودته من أفغانستان، وأساليب التعذيب الرهيبة التي مورست عليه وعلى أخيه كمال. وعلى باقي المختطفين والمعتقلين دون أي خرق للقانون بالمملكة المغربية. تهمتهم الوحيدة هي أنهم شاركوا في الجهاد الأفغاني، وصلتهم بالمجاهدين الأفغان والعرب. وكما يكشف المختطف المعتقل عن بعض المختطفين المغاربة وغير العرب الذين استقدموا من المعتقل الأمريكي السيء السمعة غوانتانامو، ويصر الرجل المختطف على أنه لم يرتكب شيئا ضد بلده ويرجو له الخير، ويناشد الجمعيات والمنظمات الحقوقية والإعلامية للوقوف إلى جانبه وجانب المختطفين في محنتهم حتى تضمن لهم على الأقل المحاكمة العادلة وأن تثبت براءتهم من التهم الملفقة
المنسوبة إليهم.
محمد الشطبي.. أنت مختطف ومعتقل الآن بسجن عكاشة بالدار البيضاء. ولكن سبق لك أن سافرت إلى أفغانستان، كيف سافرت إلى هناك ولماذا؟
لقد سمعت وقرأت عن أفغانستان الشيء الكثير وتحسست معاناة المسلمين هناك رجالا ونساءا وأطفالا، فراودتني فكرة الذهاب إلى هناك والوقوف على مأساة هذا الشعب المسلم عن قرب خاصة بعد أن حدثني بعض الأصدقاء بإسبانيا عن إمكانية الانخراط في العمل الإغاثي التطوعي الذي أحبه منذ الصغر. والذي كانت تقوم به بعض المؤسسات القليلة هناك، والأمر يتعلق بمؤسسة الوفاء الخيرية التي قصف مقرها بكابل وجمدت أرصدتها في كل مكان والتهمة طبعا معروفة ومعلومة.
وبالفعل فقد قررت الذهاب إلى أفغانستان وذلك في أواخر يوليوز 2001، وبالمناسبة فقد ارتأيت أن أصطحب معي أخي كمال (20 سنة) ليقضي العطلة الصيفية معي، خاصة وأنه كان ضعيف التدين وخفت إن أنا تركته وحده في إسبانيا أن يزيد تأثره بالبيئة الفاسدة وبرفاق السوء الذين كان يعرفهم هناك.
وصلنا إلى هيرات أوائل شهر غشت انخرطنا مباشرة في العمل التطوعي الإغاثي بمخيمات اللاجئين الأفغان على الحدود الأفغانية الإيرانية، وحقيقة كانت أوضاع الناس هناك مزرية للغاية خاصة الأطفال والنسوة. مما يجعل القلب يتفطر كمدا على هؤلاء، بحيث لا يجدون طعاما أو شرابا ولا دواءا بينما خيرات المسلمين وأموالهم تنهب نهبا وما بقي منها فمكدس في بنوك أوربا وأمريكا…

باختصار فقد مكثنا حوالي الشهر والنصف بهيرات وقندهار، وبعدها حل ما حل بأمريكا من تلك الضربات التي خدشت كبرياءها وأسقطت الكثير من ادعاءاتها بمعرفة كل شيء والتحكم في أي شيء..، فبدأت التحرشات بالإمارة الإسلامية في أفغانستان وبالمجاهدين العرب الموجودين هناك وعلى رأسهم أسامة بن لادن… فوجدنا أنفسنا ملزمين بالتحرك إلى “كابل” حيث وجود العرب على الخط الأول مواجهة مع قوات التحالف الشمالي، أخذنا مواقعنا مع المجاهدين العرب والطالبان وغيرهم على السواء. وهذا الأمر أي (وجودنا في خط المواجهة) لم يكن منه مفر لا من الناحية الشرعية امتثالا لقوله عز وجل (وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر) ولا من الناحية الواقعية. فبقينا بهذه المواقع قرابة شهر ونصف تحت قصف الطيران الجبان. ننتظر الإنزالات المزعومة للأمريكان أو تقدم قوات الشمال، لكن شيئا من هذا لم يحدث، بحيث اختارت أمريكا كعادتها قتال الجبناء، أي الاعتماد على القصف العشوائي الذي تضرر منه المدنيون بشكل كبير جدا. مما دفع بالملا عمر أن يعطي أوامره بالانسحاب حفاظا على أرواح المدنيين. هذا الذي لم يتقبله كثير من المجاهدين داخل أفغانستان أو خارجها. والذي لا
يعرف العقلية الأفغانية يصعب عليه تفهم هذا التصرف (الانسحاب) ولكن الأفغان بحكم طبيعتهم الصلبة ليس عندهم مثل تقديراتنا للأمور، ففتح كابل أو سقوطها لا يشكل عندهم أمرا خطيرا كما نعتبره نحن. فتقديراتهم أنهم ماداموا في جهاد وماداموا يحملون السلاح فإنهم سينصرون وسيعاودون فتح كابل اليوم أو غدا. فالحرب سجال.

بعد سقوط كابل انتقلنا إلى جبال “خوست” (ستكاندو) غير بعيد عن جبال (شاهي كوت) حيث جرت الملحمة العظيمة والمعركة التاريخية (شاهي كوت) التي اشتشهد بها أعز الأصدقاء على قلبي الأخ هشام عنقود المكنى بأبي بكر رحمه الله 23 سنة.
لزمنا تلك الجبال طيلة شهر رمضان المبارك ونحن ننتظر مجيء الأمريكان والإنجليز في لهف وشوق، ولكن الجبناء الذين يملكون أكبر قوة في العالم عددا وعدة أخلفوا الموعد مرة أخرى والتزموا طريقتهم الخبيثة وهي الاعتماد على القصف العشوائي للمدنيين والإيعاز للمنافقين من أجل ترهيب الأهالي من وجود العرب، حتى أصبح وجود العربي في قرية من القرى معناه المسح الكلي لهذه القرية… فجاءت الأوامر مرة أخرى بإخراج كل العرب من أفغانستان مادام أنهم أصبحوا المستهدفين الرئيسيين في معركة غير متكافئة… فخرجنا إلى باكستان عبر مجموعات وبمساعدة رجال القبائل ووقفاتهم البطولية إلى جانب المجاهدين العرب. فقد خدموا المجاهدين خدمة جليلة ومؤثرة لا يمكن أن تفسر إلا بصدق انتسابهم لهذا الدين. كنا نغادر القرى والقبائل بأصوات بكاء النساء وتعلق الأطفال بنا ودعواتهم. تعلمنا من أولئك البسطاء دروسا قوية في معاني الأخوة ونصرة المسلمين وتحمل المخاطر المهلكة من أجل التيسير على المعسرين. فجزاهم الله خير الجزاء.
متى تم اختطافك وهل تحكي لنا عن ظروف ذلك وأين ذهب بك المختطفون؟ وماذا فعلوا بك؟
عدنا أدراجنا المغرب لأجد نفسي في دوامة يشيب لها الولدان أنسانا أبطالها جرم أمريكا ووحشيتها على شعب أفغانستان المسلم. ذلك أني بعد أن أمضيت عيد الأضحى لسنة 2002 بالمغرب عدت إلى إسبانيا شهر أبريل لأتدبر أموري هناك. ففوجئت بمكالمة من المغرب تخبرني بأن المخابرات اقتحموا بيت أحد الأسر بحينا وهم أصهار لأحد الإخوة (بريطاني مسلم) استشهد في أفغانستان، يبحثون عنه حينما علموا عن صداقته لي. ومنذ ذلك الحين بدؤوا في البحث عني ووضعوا بيتي وأسرتي تحت المراقبة إلى أن تم اختطافي يوم 29 شتنبر 2002 ،بعد أن عدت للمغرب لزيارة والدي المريض الذي كان طريح الفراش، حيث قاموا بمحاصرتي بأعداد هائلة من الأفراد والسيارات في أحد الأحياء الشعبية وهددوني بإطلاق النار إن أنا أبديت أية مقاومة، فأخذوني في سيارة بعد أن عصبوا عيني وأشربوني بعض الماء من قارورة كانت معهم شعرت بالدوار وفقدت توازني ولم أستيقظ إلا وأنا بإحدى الزنازين الانفرادية عرفت فيما بعد أن المكان قرب مدينة تمارة من خلال أصداء وتشجيعات الجماهير عشية نهاية كأس العرش في كرة القدم التي كانت تصل للزنازين من المركب الرياضي الأمير مولاي عبد الله بضواحي تمارة. هناك

بدأت رحلة أخرى ليس إلى أفغانستان ولا إسبانيا ولكن رحلة العذاب والمآسي بحيث سأفاجأ بصوت أخي كمال وهو يصرخ من العذاب. فعلمت أنهم اختطفوه هو الآخر، من مركز الحدود باب سبتة، حيث صرح لي بعد ذلك بأن شرطة الحدود سلمته للمخابرات فأخذوه إلى معتقل تمارة، الذي مكثنا فيه ما يقارب الشهرين، وفي الحقيقة لا أعرف كيف أصف لكم ما عانيته هناك طيلة هذه المدة من تعذيب جسدي ونفسي حيث أصبت بالهوس والجنون والهذيان إلى درجة أني حاولت الانتحار بغير شعور رغم علمي بحرمة ذلك. لكن الأمر كان فوق طاقتي بكثير. وعلى كل حال فقد تفنن أبطال معتقل تمارة “الأشاوس” في التنكيل بي فبين ضرب وركل وتجريد من الثياب وتهديد بإحضار الزوجة والأم والأخت واغتصابهن، وإيقاظ بالليل، وأصوات صراخ الإخوة واستغاثتهم، والإهانات وسب الدين والرب عز وجل حتى في شهر رمضان المبارك أمام المختطف والكلام البذيء الذي لا يتفوه به إلا السفلة والساقطون،… و..
فقد كان اليوم يمر هنا كالسنة والسنتين من جراء تلك الجرائم التي تذكرنا بما سمعناه عن محاكم التفتيش وبطش اليهود ضد الفلسطينيين.
وبعد أن مرت تلك الأيام العصيبة 50 يوما أو أزيد بقليل حملوني ذات صباح إلى سيارة معصوب العينين لأفاجأ بأخي كمال هو الآخر متواجدا بها بعد أن كنت أظن أنهم قد أطلقوا سراحه لصغر سنه وبراءته فهو لا يعرف شيئا ولم يفعل أي شيء يخالف لا القانون الأرضي أو السماوي، فأخذونا بعد ذلك إلى ولاية الأمن، لأجد نفس الصوت الذي كان يسألنا في الأيام الأخيرة بمعتقل تمارة يعيد علينا بعض الأسئلة بعدها أمروني بإمضاء بعض الأوراق كانت حالتي الصحية جد متدهورة لا تسمح لي بالامتناع عن التوقيع خاصة وأنهم هددوني بالعودة إلى تمارة. وبعد ذلك قدمونا إلى النيابة العامة التي أمرت باعتقالنا أنا وأخي كمال تحت طائلة من التهم الباطلة والتي لا أصل لها ولا فصل منها تكوين عصابة إجرامية والتزوير والهجرة السرية و… و… و…
ما نوع الأسئلة التي كانت توجه إليك وكيف كنت تجيب؟
تتعلق الأسئلة بسفري إلى أفغانستان: طريقة السفر والأعمال التي قمت بها هناك والتداريب والأفراد المغاربة الذين التقيتهم وقد كانوا يركزون على بعض الأفراد كثيرا. ثم عن الأفراد الذين أعرفهم بأوروبا وبعض الدول الخليجية، وعن بعض الأفراد الذين يسكنون بسلا خاصة المتهمين منهم ببعض الأفعال، كما عرضوا علي مئات الصور لأشخاص أغلبهم مغاربة وبعضهم أجانب. اعترفت لهم بكل ما أعرفه من معلومات لعلمي أن هذه المعلومات لا تشكل خرقا للقانون وليس فيها إيذاء لأحد. فحتى من عرفتهم بأفغانستان لا أعرفهم إلا بكناهم، ولكن المشكل كان يقع حين يسألونني عن شيء أنا لا أعرفه فيظنون أني أكذب عليهم فيكون رد فعلهم هو مزيد من الضرب والعذاب حتى أضطر لمداراتهم بأي طريقة حتى بالكذب. ولذلك فإنهم لما لم يجدوا أي دليل على ارتكاب أي عمل يخرق القانون لفقوا تلك التهم التي أشرت إليها كتبرير لاختطافي، بل صرحوا لي أنه لولا أن خبر اختطافي وأخي كمال شاع في الداخل والخارج لبادروا لإطلاق سراحنا!!
هل التقيت ببعض المعتقلين المستقدمين من معتقل غوانتانامو الأمريكي في المعتقل السري بتمارة كما أشرتم في بيان الاضراب عن الطعام؟

بخصوص الإخوة المستقدمين من غوانتانامو فقد أكد لي أحد الإخوة وهو موجود معنا هنا بعكاشة بعد أن قضى هناك بتمارة ثلاثة أشهر وأن معنوياتهم عالية وأنهم استقدموا 23 فردا منهم واحد موريطاني، وقد كان دائم الصياح والاحتجاج على تواجده هناك بتمارة. كذلك الشيخ أبو عاصم (محمد تبارك) وهو من قدماء المهاجرين لأفغانستان وكذلك محمد العلمي المكنى أبو حمزة، والأخ سعيد بجعدية. وأبو حمزة البرطاني شاب من أبوين مغربيين مولود ببريطانيا يده مبتورة جراء القصف على جبال (طورة بورة) و(أبو أحمد الشنقيطي) و(عبد الفتاح الطباخ) من بريطانيا و(عبد الرحيم الفقيه) من مواليد بلجيكا وغيرهم وقد كان أحد الإخوة يكلمهم خلسة من تحت باب الزنزانة، كما أنهم جاءوا ببعض الإخوة من سوريا في حالة صحية يرثى لها جراء ما تعرضوا له هناك على يد المخابرات السورية. منهم الشاب (أنور الجابري) 23 سنة يكنى (جليبيب) وهو مكسور اليد والأنف والأخ المكنى شعيب صاحب الجنسية الإيطالية وزوجته كذلك إيطالية. وهناك أيضا بعض الإخوة من السعودية منهم (أبو عاصم) المكنى (الدّبْ) وغيره ممن لا نعرف أسماءهم ولا كناهم، وخير استقدام هؤلاء الأسرى صرح به أيضا بعض المحققين
بحيث جعل يعرف بهذا الاستقدام في معرض حديثه عن رجولة المغاربة (يعني المخابرات) وأنهم جاؤوا بهؤلاء المغاربة من غوانتانامو حماية لهم. زعموا!!
من التهم الموجهة إليك وإلى أمثالك أنكم من سما يسمى “السلفية الجهادية”. ما حقيقة ذلك؟
أنتمي لهذا الدين العظيم انتماء من يشهد شهادة حق بأن الله رب لا رب سواه وبأن نبينا محمدا قدوتنا

إننا نظن أن الاختطاف والتعذيب وتلفيق التهم الباطلة وترويع الأهالي وبث الذعر في أوساطهم لا يخدم قطعا مقتضيات دولة الحق والقانون التي جعلها ملك البلاد أملا وهدفا على حد سواء. بقدر ما تؤسس هذه التصرفات الرعناء للمفهوم الحقيقي وليس الجديد للسلطة، هذا المفهوم الذي تجذر عبر محطات بائسة من تاريخ المغرب وأصبح من الصعب مفارقة وسائل البطش والاعتداء الصارخ في سبيل تحقيق الاستقرار المزعوم. وكأن رواد هذا المفهوم القديم/الجديد يجهلون أو يتجاهلون أن الظلم لا يولد إلا الظلم والعنف لا يؤدي إلا إلى عنف مضاد، وأن الإرهاب الحقيقي هو إرهاب الدولة ضد أبناءها ومواطنيها الذين لا تقل غيرتهم على بلدهم عن غيرة غيرهم، بل غيرتهم أشد وأعظم لأنها غيرة حقيقية لا غيرة مصالح ومناصب…
ولا نكفر أحدا من المسلمين من الذنوب الغير مكفرة ما لم يستحله، نرجو للمحسن ونخاف على المسيء.
وعليه فإن خيار الاختطاف والإخفاء القسري، والتعذيب الذي يمارس في السر والخفاء ويقابله الإنكار والتكذيب في العلن كما هو شأن الوزير المكلف بحقوق الإنسان ليس خيار العقلاء، علما بأن هذه التصرفات لا يمكن أن نعزلها عن سياق الحرب العالمية على الإسلام وأهله التي تتولى كبرها أمريكا راعية “السلام والأمن العالميين”!!!. وعليه فإن الانصياع التام لأوامرها وتوجيهاتها مقابل مصالح مزعومة ليس له حد إلا بأن يفارق كل المغاربة دينهم الذي ارتضاه الله لهم، مصداقا لقوله تعالى: (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) ولا يتم ذلك إلا بالضرب على أيدي المصلحين عموما والإسلاميين خصوصا وإن اختلفت أفكارهم وتلويناتهم. وفسح المجال أمام تيار الزندقة من أهل الزيغ والانحراف عبر بعض الجرائد والمجلات والسينما وغيرها من الوسائل الهدامة. ولذا فإن دور العلماء في رد هذا العدوان الهمجي دور مهم ومحوري. ودور أصحاب المنابر الدعوية عموما موأصحاب المنابر السياسية خصوصا دور حيوي في مدافعة أهل الفساد والإفساد بكل الوسائل.
وبالمناسبة فإني أناشد باسمي واسم المعتقلين فيما يسمى “السلفية الجهادية” الذين يعتبرون أول ضحايا الحرب العالمية على “الإرهاب”/الإسلام بالمغرب. أناشد كل الشرفاء من جمعيات ومنظمات حقوقية وهيئات إنسانية وأحزاب إسلامية وعلماء وطلبة علم بأن يقفوا مع إخوانهم في هذه المحنة حتى نضمن على الأقل المحاكمة العادلة التي تقتضي بأن يتابع المرء بما عمل فقط، وليس بما لفق له من تهم باطلة نحن منها مبراء مائة في المائة.
وأشكر جريدتكم الغراء على ما تبذله من جهد لنصرة المظلومين. والسلام
حاورته خديجة عليموسى

التجديديوم 05 – 02 – 2003

https://www.maghress.com/attajdid/10622

أغرب طقوس الكتابة عند أشهر الأدباء في العالم

ليست الكتابة سوى قفزة في الظلام على حد قول الاديب والمترجم الجزائري، مرزاق بقطاش. فهي بمثابة مغامرة غير محسوبة العواقب التي قد تجعل هؤلاء المشاهير، الذين نزين رفوف مكتباتنا بابدعاتهم، مجرد “مجانين” لا أكثر في نظرنا. لما نطلع عن كثب على طقوس الكتابة عند أشهر الأدباء في العالم. والتي غالبا ما تفضح سيرهم الذاتية ذلك. فتنكشف العوالم الحقيقية التي كتبت فيها تلك النصوص الخالدة التي تبهرنا.

منهم من يستحضر الجن خلال الكتابة مثلما كان يروج عن “شعراء الجاهلية” في واد عبقر. وبعضهم من لا يمتلك القدرة على خط أي حرف الا اذا كان “عاريا”. والأغرب من كل هذا أن هناك العديد من الأدباء من لا يستطيع أن يتناغم مع نصوصه الا اذا كان في حالة “ركض” أو”بكاء” أو معلقا رأسا على عقب.!

نادرا ما نهتم نحن القراء، بالطقوس التي يلجأ اليها الروائيون والكتاب، هروبا من الواقع ليكونوا وجها لوجه مع نصوصهم. والتي تشكل حالاتهم النفسية. والتي تنعكس بدورها على نظرتهم للعالم، من خلال تلك الاعمال الابداعية. حيث تتملكهم حالات وتصرفات غريبة وعجيبة،خلال الكتابة. بعض الكتاب والروائيين بلغ بهم “جنون الكتابة” في أن يتفاعلوا مع نصوصهم لدرجة الانغماس فيها. والتخلي عن حياتهم الواقعية ولو لفترات من الزمن!.

ماركيز ..لما قتلت جدي الكولونيل

يروى الأديب الكولومبي غابريال غارسيا ماركيز، في سيرته الذاتية-عشت لأروي- الحزن الشديد الذي تملكه لما مات جده. بطل نصه المشهور “لا أحد يراسل الكولونيل”. حيث ولما قرر موت البطل في تلك الرواية جثم على ركبتيه منهارا، ويائسا، قبل أن ينزل سريعا من الطابق الثاني لبيته. وهو ينادي بأعلى صوته، “لقد قتلته يامرسيدس ..لقد قتلته “. مرسيدس كانت زوجته التي احتضنته. وخففت ألالام قتله لجده في ذلك النص الخالد. ورغم الغرائبية الساحرة، التي تمتاز بها نصوص”غابو” الا أنه لا يملك سجلا حافلا بالطقوس الغريبة في الكتابة. سوى أنه كان تحت رحمة الافلاس طوال حياته تقريبا، حيث كان يقول أن “شح الأحلام يؤثر بي أكثر من شح النقود”.

ورغم هذه الوضعية المادية المزرية الا أن الكتابة كانت متنفسه الوحيد. ومرأته لهذا العالم، حيث كان يكتب من الساعة السادسة صباحا حتى الثانية بعد الظهيرة. أما الشيء الثابت غير المتحول في كل طقوسه الكتابية هو ”التدخين” الذي أعتبره “عاملا من عوامل اليقضة الكتابية”. وهو الذي جعله يتربع على عرش نوبل سنة 1982 من خلال رويته الغرائبية المبهرة “مائة عام من العزلة”.

فيكتور هيغو..الكتابة دون ثياب !

في الادب الفرنسي، أيضا يتداول الكتاب عن طقوس الروائي العالمي فيكتور هيغو وعاداته الغريبة في الكتابة. هذا الاديب الذي يعتبر من اشهر الادباء الفرنسيين. واكثرهم تأثيرا في العالم، في حقبة ما من الزمن. ولما كان يخط روايته ”أحدب نوتردام” كان محكوماً بموعد محدد لتسليم الرواية. فقرر خلع ثيابه كلها والتخلص منها، كي يبقى عارياً فلا يقدر على مغادرة المنزل. بالتالي التفرغ كلياً للكتابة. وعند اشتداد البرد، كان يلتحف ببطانية ويتابع الكتابة. حيث يعتبر أن “بعض الأفكار صلوات، فهناك لحظات تكون فيها النفس جاثية على ركبتيها مهما كان وضع الجسد”. وهي من أغرب طقوس الكتابة عند أشهر الأدباء في العالم.

همينغوي..الكتابة بحذاء أكبر من مقاسه

“إن الكتابه تبدو سهله غير أنها فى الواقع أشق الأعمال في هذا العالم”. بهذه العبارة يلخص الكاتب الامريكي الشهير إرنست همينغوي تصوره للكتابة. فالاديب الحاصل على جائزة نوبل في الأدب عام 1954، من خلال روايته العجوز والبحر، كانت له طقوس كتابية غريبة. حيث كان يكتب في غرفة النوم في منزله في”هافانا”.

وكان أيضا يكتب بقلم الرصاص. الا أن العادة الغريبة التي تيمز بها الاديب هو الكتابة واقفا وهو ينتعل حذاءً أكبر من مقاسه. كما انه كان يهوى الصيد. هذه المهنة التي ألهمته ليكتب اروع نص له على الاطلاق وهي روايته “العجوز والبحر” التي قال فيها “انها حماقة أن يسيطر اليأس على الانسان. وفي اعتقادي ان اليأس نفسه خطيئة. ولست واثقاً انني افكر باليأس أو أؤمن به. هناك في الحياة أفراد يعيشون للتفكير في اليأس. دعهم يفكروا فيه هم، أما انت ايها العجوز فلقد خلقت لتكون صياداً عظيماً”.

ويرى العديد من النقاد أن الرواية وجل أعمال الكاتب ليس سوى انعكاس لحياة الروائي الذي كان محاط بسخرية من المحيط الثقافي الامريكي. والذين أعلنوا الحرب عليه، على خلفيته علاقاته الوطيدة مع فيدال كاسترو والثورة الكوبية. لذلك تعرض لحرب وملاحقات من قبل الاستخبارات الامريكية لدفعه الى الانتحار. ورغم مقاومته الشديدة لحالات الاكتئاب اليأس التي كانت هي الأخرى تعتري حياته اليومية والابداعية، بـتأكيده ان “الرجل يمكن تدميره، لكن لا يمكن هزيمته”. لكنه استسلم للانتحار سنة 1961 بطلقة مسدس في رأسه.

موراكامي.. الركض وراء النص

يرى الروائي الياباني هاروكي موراكامي نفسه على أنه شبيه بـ”فرخ البط القبيح”. ملخصا بهذه العبارة علاقته مع مجتمعه في اليابان. وعالم الادب في أرض الساموراي. حيث يقول “أنا منبوذ”. ولعل هذا الشعور هو الذي يرسم حياة العزلة التي يعيشها ويطل بها على العالم من خلال نافذة الكتابة والادب. كما أن أعظم عادة يقوم بها هذا الروائي الشهير، اثناء الكتابة هو “الركض”. حيث لما يشرع في خط نصوصه يستيقظ في الرابعة صباحا، لينهمك في الكتابة لمدة خمسة أو ستة ساعات دون توقف. ليخصص الفترة ما بعد الظهر، لممارسة الرياضة والجري أو السباحة. وكذلك القراءة، والاستماع إلى الموسيقى، التي تمثل عنصرا روحيا في حياته. والتي استطاع ان ينقلها الى عالمه الروائي المتخيل. مؤكد أنه يحافظ على هذه العادات دون تغير تقريبا.

ويسعى من خلال هذه الطريقة للوصول الى حالة ذهنية أعمق”في الكتابة”. لكن الشيء الوحيد الذي يراه موراكامي سيئا في هذا النظام أنه لا يسمح له بقدر كبير من التواصل الاجتماعي”. ويصف الروائي حالة الضياع تلك انه “في داخل كل منا طفل يلعب الغميضة وحيدا على أمل أن يعثر عليه أحد”.

ديكينز ..الكتابة  في حضرة السكين

كل ما يحتاجه الروائي الانجليزي تشارلز ديكينز، هو الهدوء التام من أجل رسم معالم روياته ونصوصه. وكذلك قراءة الكتب. حيث كنتُ أقضي معظمَ الوقتِ في حجرتي أطالعُ واكتب وأنا ملتفٌّ بالأغطية. موضحا أن اي نبوغ لا يصنعه سوى المقدرة على تحمل الجهد المستمر. وهذا الذي انعكس على روياته واعماله على غرار “ديفيد كوبرفيلد”. حيث يروى سيرته الذاتية وخيباته العاطفية التي أثرت فيه كثيرا. ورغم ذلك استطاع أن يتجاوزها ويصبح في مصاف أكثر الروائيين شهرة في انجليترا والعالم. وربما تكون لحياته التي امتازت بالفوضى والعذابات خلال الصغر، الاثر الكبير عليه.

ولذاك تجده يبحث دائما عن  الهدوء التام التي يضعه كشرط أسياسي في عمليته الابداعية، حيث يقوم بوضع باب إضافي لمكتبه لحجب الضوضاء والضجيج الخارجي، كما يشترط أيضا ان يكون مكتبه مرتبا بدقة، مع وضع طاولة الكتابة بالقرب من النافذة. وعلى الطاولة ذاتها كل ما يحتاجه للكتابة، الورق والأقلام، بصحبة بعض التحف، فضلا عن مزهرية مليئة بالورود، دون نسيان “السكين” لتقطيع الورق الذي لا يتخلى عنه ابدا. ورغم المصائب التي عصفت بهذا الروائي الا انه تصالح مع ذاته متجاوزا كل تلك المحن بالكتابة، حيث قال علينا “أن نفكر في النعم التي لدكنا حاليا والتي يملك كل شخص منها الكثير بدلا من التفكير في البلايا الماضية التي واجه الجميع بعضا منها”

دان بروان.. رأسا على عقب

من بين أغرب طقوس الكتابة عند أشهر الأدباء نجد الروائي الأميركي دان بروان. الذي اشتهر بروايته المعقدة والمتينة. يخضع أحياناً لـ “العلاج بالمقلوب”، حيث يعلّق نفسه بالمقلوب كي يسترخي ويركز أفكاره. ويقول صاحب رواية “ملائكة و شياطين”  أن هذه الطريقة هي التي كانت تلهمه وتساعده على التركيز في الكتابة. ولعل هذه الطقوس هي التي جعلته يقول ان “الجسد البشري مذهل ، إن حرمته من إحدى حواسه تقوم الحواس الأخرى على الفور بملء الفراغ” .

ومن خلال هذه النماذج التي عرضناها والتي تمثل مدارس بحد ذاتها في فن الكتابة الروائية والقصصية تختلف كل واحدة عن الأخرى في طريقة السرد وظروفه، الا أن شيئا مشتركا يجمع هؤلاء المبدعين ويضعهم في قالب” واحد” وهو الهروب الى “النص” من خيبات الواقع. بطقوس قد نراها نحن القراء غريبة ومجنونة الا أنها هي التي خلفت بدون شك عوالم الانبهار فينا!.

الكاتب: أحمد لعلوي

سوبرنوفا

رمضان وتفتيشات السجون ..

شهر رمضان هو شهر الرحمة.. رحمة للفقراء.. رحمة للمعتقلين.. رحمة للناس أجمعين.

لقد كان شهر رمضان كله رحمة على المعتقلين.. فحينما يهل الشهر الكريم تتوقف تفتيشات مصلحة السجون.. وما أقسى هذه التفتيشات وأشدها على نفوس المعتقلين.

فهو ليس تفتيشا ً بالمعنى الدقيق إذ لم يكن لدى المعتقلين الإسلاميين أي شيء سوى بطانيتين قديمتين ينام بهما على الأرض فلا يغنيانه شيئا ً من برد الشتاء فلا يدري أينام عليهما ليحول بين جسده ورطوبة البلاط أم يتغطى بهما ليتوقى البرد.

لقد كان التفتيش عبارة عن تكدير وإهانة وإهدار للكرامة الدينية والإنسانية للمعتقلين.. وفي فترة التسعينات كانت التفتيشات في كل أسبوع أو أسبوعين من المصلحة.. وبين الحين والآخر من السجن نفسه.. وكانت التفتيشات تبث الرعب في قلوب المعتقلين من الجنائيين والإسلاميين على السواء.

وكان الإخوة يمكثون كل يوم مستيقظين بعد صلاة الفجر يدعون الله ويلجأون إليه ويستجيرون بحوله وقوته سبحانه أن ينجيهم من هول التفتيشات.. وأن يمر اليوم بسلام.. ولا يغمض لهم جفن حتى تأتي الثامنة صباحا ً ويفتح الشاوشية العنابر دون تفتيش.

وكانت قوات مصلحة السجون تسبق المخبرين وضباط المباحث في التفتيش بنصف ساعة تقريبا ً تصيح خلالها صيحات مدوية داخل السجن: “هو.. هو.. هو.. هو..” في صوت واحد كالرعد يجعل دقات قلب المعتقلين تتسارع في الدق.. يصاحبها نباح فظيع من الكلاب البوليسية الخاصة بمصلحة السجون.. مع كل نبحة كلب تزداد دقات القلوب.. ويدب الرعب في النفوس.

ثم تأتي لحظة دخول القوات للعنابر وفتح الغرف.. واصطفاف المعتقلين بوجوههم إلى الحائط وهم يرفعون أيديهم كالأسرى.. وقد يضربون تنفلا ً من الجنود والمخبرين حتى لو لم يأمروا بذلك.. فهو كالكلأ المستباح.

ثم يتم بعثرة كل شيء: السكر على المنظفات.. والشاي على الرابسو.. والعسل على الدقيق.. وهكذا يتم خلط المتناقضات مع بعضها حتى لا يستفيد المعتقل من أي شيء فيها.

ويتم استلاب ما يمكن استلابه إن كان المعتقل غنيا ً أو ثريا ً.. أو تلطيش المعتقلين في نهاية التفتيش.

أما لو وجد كتاب أو قلم أو كراسة فهي المصيبة التي لا تغتفر.. وأذكر في مرة من المرات أن ضرب عنبر كامل في سجن العقرب لأنهم وجدوا في إحدى غرفه أنبوبة قلم جاف.. ومعظم الذين ضربوا في العنبر كانوا مهندسين وأطباء وعلماء وخريجي جامعات ومن أسر فاضلة.

وكانوا يصادرون كل شيء بحجة أنه ممنوع.. وكان هناك رئيس مباحث غريب الأطوار في ليمان طرة اسمه “هشام”.. وكان مولعا ً بمصادرة الحلل وأطباق الألمونيوم وأكواب الشاي الزجاجية والملاعق من المعتقلين السياسيين الإسلاميين الذين لم يستخدموا هذه الأدوات أبدا ً للإخلال بأمن السجن.

وكنا نمزح دائما ً بعد التفتيش ونقول:

إن لديه عقده من هذه الأشياء.. ولا ندري ماذا تفعل زوجته.. هل تخفي منه حلل المطبخ أم ماذا؟

وتفتيشات التسعينات هذه كانت تنتهي دوما ً بإلقاء قنبلة غاز تفاريح على العنبر بعد نهاية التفتيش.. وكان يفعل ذلك قائد القوات.. وكان اسمه “عمر بيه” وكان جبارا ً عنيدا ً.

والحمد لله ضبط متلبسا ً مع سكرتيرته في وضع مخل.. وضبط وقد استولى على المرتبات التي تعطى للجنود في نهاية خدمتهم بعد أن كان يجبرهم على التوقيع على الكشوف.. فطرد بعد ذلك من الداخلية.

وقد كان الجميع يدعو على هذا الرجل باستمرار دون انقطاع.. لأنه كان حرامي ولص.. وفي الوقت نفسه كان جبارا ً ومجرما ً.. وكنا نقول لأنفسنا:

ما دمت لصا ً وعلى رأسك بطحة.. فكن رحيما ً حتى لا تجمع بين السوأتين.

وهذه التفتيشات المستمرة أدت إلى حالات من الاكتئاب والقلق المرضي واضطراب ضربات القلب بين المعتقلين.. فآه .. ثم آه.. ثم آه من قهر الرجال الذي استعاذ منه الرسول (صلى الله عليه وسلم) في دعائه المعروف.  

حتى أن كثيرا ً من المعتقلين الجنائيين كان يعالج عندي من هذه الأمراض.. وبعضهم كان يقول لي:

“عندما اسمع ضربة المفتاح في الباب تزداد ضربات قلبي من الخوف من المجهول”.

وبعضهم أصيب بالرهاب النفسي.

فإذا جاء شهر رمضان تنفس المعتقلون الصعداء.. وقالوا جميعا ً:

جاء شهر الفرج.. لن نسمع الكلاب ونباحها.. ولا الجنود وصيحات: “هو.. هو”.. ولا: “وشك للحيط”.. ولا قنابل عمر بيه.. ولا مصادرة كل شيء حتى الحلة الصغيرة أو السخان البسيط.

ويبدأ الشعور بالأمن والأمان والسكينة وفتح الزنازين لقيام الليل وتوزيع الطعام للفقراء والمسكين وتغمر السكينة الجميع.

إنه شهر رمضان شهر الرحمة.. الرحمة لكل أحد حتى المعتقلين

السبت الموافق

27-9-1432هـ

27-8-2011