أرشيف الوسم : السجون

التعذيب بسيارات الترحيلة

الانقلاب العسكرى ) . 

كانت سيارات الترحيلة الغير صالحة للنقل الادمى احدى وسائل التعذيب التى يعانيها المعتقلون باستمرار حيث كانت تلك السيارت الحديدية الضخمة المحكمة الغلق ذات النوافذ الصغيرة التى تتخللها قضبان الحديد وتكسوها الشباك الحديدية  من الخارج والداخل غير صالحة لنقل البضائع و الجمادات فكيف بالبشر وكيف بالمعتقلين وهم مقيدون بعضهم الى بعض بالاغلال والسيارة تكون فى حرّ الصيف كأتون مشتعل نغلى نحن فيه من الداخل خاصة حينما كانوا يتركونا لبضع ساعات تحت اشعة الشمس المكشوفة والسيارة تشوينا فى الداخل كانت السيارة الحديدية خالية من الداخل من المقاعد تماما ولم يكن فيها اى شىء نستطيع التعلق به والاستناد عليه  من مطبات الطريق والفرامل السيئة دوما لقائدى سيارات التراحيل ولم يكن لنا وسيلة تشبث الا شباك الحديد على النوافذ نتخللها باطراف اصابعنا وتكاد شباك الحديد الحادة تمزقها وكانت المعاناة الاكبر التى تقابلنا والهم الاول كيف سنقوم بالقاء الوريقات الصغيرة التى كنا نلقيها للمارة فى الطريق نكتب لهم فيها ارقام ذوينا التليفونية ونخبرهم فيها رسائل صغيرة مثل انا تم ترحيلى لمعتقل كذا او انا ذاهب الان الى لاظوغلى وساعود للمعتقل بعد عّدة ايام اذ كانت هذه هى وسيلة الاتصال الوحيدة لنا باسرنا فى ظل غلق الزيارة لسنوات   فكانت هناك بعض سيارات الترحيلة القليلة ذات النوفذ القضبانية الخاليه من الشباك نستطيع ان نخرج منها ايدينا فنلقى للمارة فى الطريق بالورقات الصغيرة وكان الغالبية العظمى من اهل مصر الطيبين يتهافتون على رسائلنا ليلتقطوها وغالبهم  كان يقوم فعلا بالاتصال باهالينا وتوصيل الرسالة اليهم واحيانا كنا نضع فى ورقة التليفون مبلغا من المال بسيطا حتى نرفع عن المتصل حرج نفقة المكالمة واذكر العديد من المرات كان بعضاالناس الطيبون يجرون وراء سيارة الترحيلة على اقدامهم ليلتقطوا الاوراق التى نلقيها وكان بعضهم فى بعض الاحيان يتعرض للاهانة  من ضابط الترحيلة واذكر فى احد المرات اوقف ضابط الترحيلة السيارة ونزل يضرب احد الشاب الذى كان يلتقط منا الرسائل ولكم كانت تخفق قلوبنا وتدمع اعيننا ونحن نرى مثل هذه المواقف وهذه الروح الطيبة لاهل مصر الطيبين وهم يشاهدون اصحاب الجلاليب البيضاء المصلون وحافظى القران ينقلون فى سيارات المجرمين ليتم حشرهم فى السجون لا لشىء الا انهم يقولوا ربنا الله

كان يتم حشرنا فى سيارة الترحيلة باعداد كبيرة تزيد كثيرا عن حمولتها القصوى اذكر فى احدى المرات كنا عائدين فى سيارة الترحيلة من لاظوغلى الى معتقل دمنهور وكنا 6 من الاخوة وكان معنا اخ من حدائق القبة حاصل على دكتوراة فى الهندسة وكان على علم بالعلوم الشرعية وعلى قدر من الفهم والوعى الراقى والاخلاق العالية وكان مرهقا جدا ونحن فى سيارة الترحيلة واذ بضابط الترحيلة يتوقف عند قسم الخليفة بالقاهرة ويدخل الى القسم وبعد نصف ساعة يخرج وهو يجر خلفه اربعين مسجونا جنائيا ويحشرهم معنا فى سيارة الترحيلة فاصبحت السيارة كعلبة السردين  فسالناهم عن وجهتهم فاذا هى سجن وادى النطرون فاسقط فى ايدينا وعلمنا اننا سنلقى العذاب طوال ساعتين حتى نصل لسجن وادى النطرون وكان الوقت صيفا والحرّ داخل سيارة الترحيلة كانه فرن مشتعل ونقف بالكاد على قدم واحدة فى سيارة الترحيلة واغلب المساجين الجنائيون من حولنا يحاولون اشعال السجائر  مرة واحدة فطلبنا منهم برفق ان لا يقوموا باشعال السجائر لاننا لن نحتمل وسنختنق لان عددنا كان 46 فى السيارة وكانت نوافذ السيارة محكمة الغلق بالقضبان والشباك لم تفلح محاولاتنا معهم فى عدم التدخين فاتفقنا معهم على ان يقوموا مجموعة تلو الاخرة ويقفوا عند نوافذ السيارة حتى يخرج الدخان معظمه للخارج ولا نختنق ولقد كانت حياة المساجين الجنائى تختلف تماما عن حياتنا رغم اشتراكنا معهم فى كوننا مساجين فلقد كانت حياتهم ومعيشتهم غالبها بلا نظافة او طهارة ويدخنون بشراهة  وتنهال من السنتهم سيول الكلمات البذيئة والالفاظ الفاحشة فكانت حياتهم بالنسبة لنا لا تطاق لان مجتمع الاسلاميين فى المعتقلات كان مجتمعا نظيفا طاهرا عفيفا تحيطه اخلاق الاسلام من كل جانب وتحفه العبادات من صلاة وصيام ونوافل وذكر وقيام وحب فى الله واخوة ايمانية وايثار وكرم وتضحية كل هذه الاجواء كانت بمثابة الهواء الذى نتنفسه ولولا تلك الاجواء ما استطعنا تحمل كل تلك السنوات فى ظروف المعتقلات الصعبة هذه.

ومن الاشياء الجميلة التى كانت تهوّن علينا الطريق فى سيارة الترحيلة اخواننا المنشدون اصحاب الاصوات العذبة والاناشيد الاسلامية الرائعة الكلمات والتى كانت ترفع روح الواحد منا حتى تكاد تناطح السحاب فاذكر اخى ابو يوسف وكان شابا فى العشرين من عمره وقد ولد وتربى فى ارض الحرمين وعاد لمصر بلده وتعرض للاعتقال بعد فترة وجيزة وكان صوته عذبا رائقا تحب سماعه وكذلك الاخ  المنشد محمد ابو نضال من حدائق القبة  وكان طالبا فى كلية الطب وتم اعتقالة لما يقارب ال12 عاما وكذلك الاخ محمد عثمائنلى من اسوان وقد مكث ما يزيد على ال14 عاما فكان الاخوة ينشدون لنا فى السيارة يهونون علينا كثيرا صعوبة الوضع وكانت هذه الاناشيد وتلك الاشعار تلامس قلوبنا بقوة وتتخللها لان الظروف التى كنا فيها كانت تطابق تماما ظروف الشعراء الذين كتبوا هذه الكلمات

فكانوا ينشدون لنا امثال هذا النشيد من كلمات الشهيد –كمانحسبه- سيد قطب والتى كتبها وهو فى سجون الطاغية عبد الناصر قبل اعدامه

أخي أنت حرٌّ وراء السدود ….. أخي أنت حرٌّ بتلك القيود

إذا كنت بالله مستعصما …. فماذا يضيرك كيد العبيد؟!!

أخي هل تُراك سئمت الكفاح ؟ …. وألقيتَ عن كاهليك السلاح

فمن للضحايا يواسي الجراح ؟….. ويرفع راياتها من جديد

أخي: إنني اليوم صلب المراس … أدكُّ صخور الجبال الرواسي

غدا سأشيحُ بفأسي الخلاص … رؤوس الأفاعي إلى أن تبيد

قد اختارنا الله ف دعوته .. و إنا سنمضي على سُنته

و لا تلتفت ههنا أو هناك .. و لا تتطلع لغير السماء

فلسنا بطير مهيض الجناح .. و لن نستذل .. و لن نستباح

أخي: إن ذرفت عليَّ الدموع … وبللت قبري بها في خشوع

فأوقد لهم من رفاتي الشموع … وسيروا بها نحو مجد تليد

أخي: إنْ نمتْ نلقَ أحبابنا …. فروضات ربي اُعدَّت لنا

وأطيارها رفرفت حولنا … فطوبى لنا في ديار الخلود

أخي إنني ما سئمتُ الكفاح … ولا أنا ألقيتُ عني السلاح

فإنْ انا متُّ فإني شهيد ….. وأنت ستمضي بنصر مجيد

ساثار ولكن لرب ودين … وأمضي على سنتي في يقينفإما إلى النصر فوق الأنام … وإما إلى الله في الخالدين

حول الأوضاع الكارثية والانتهاكات الحقوقية التي يكابدها السجناء داخل معتقلات المغرب

بعد إجراء لعملية تحقيق دقيق وميداني دام 6 شهور حول وضعية السجناء داخل المؤسسات السجنية  الوطنية.. استخلصنا هذا التقرير المفصل والحامل للأرقام والمعطيات التي كان بعضها صادما والبعض الآخر كارثي..

يبلغ عدد المعتقلين داخل المؤسسات السجنية بالمغرب 84.990 الف سجين  بزيادة 7.97% منذ 2016 من بينهم 38 الف سجين في الاعتقال الاحتياطي ويمثلون  45% من العدد الإجمالي دون إصدار حكم وبدون مراعاة لمبدأ قرينة البراءة!!! حيث تساهم هذه النسبة في ارتفاع نسبة الاكتظاظ التي تتراوح حسب الجهات بين 124% و216%…

تبلغ نسبة السجناء الذكور  97.52 % في الإناث 2.48%

الفئة العمرية التي تشكل أكبر نسبة السجناء تتراوح ما بين 20 سنة إلى 30 سنة يعني الفئة النشطة

السجون المغربية مقسمة بين المركزي والمحلي والإصلاحي…

78 مؤسسة سجنية منها 66 سجنا محليا و 3 سجون مركزية 7 سجون فلاحية و 3 مراكز للإصلاح والتهذيب…

يعاني نزلاء هذه المؤسسات من مجموعة من الانتهاكات الحقوقية حيث يكابدون العناء والمشقات خلال يومياتهم والتي لا تحترم المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب فيما يخص حقوق السجين فما بالك بحقوق الإنسان..

حسب مجموعة من الشهادات الحية والشكايات العديدة التي تسلمناها من النزلاء القابعين داخل مجموع المؤسسات السجنية سجلنا ما يلي :

🔸اكتظاظ الزنازن بنسب تتراوح ما بين 124% و 216%

🔸انعدام التهوية وتفشي الرطوبة المسببة للعديد من الأمراض!

🔸انعدام النظافة داخل الفضاء السجني بما في ذلك المرافق الصحية من حمامات ومراحض

🔸تواجد صادم للكثير من الحشرات كالصراصير والذباب والبعوض أما الفئران والجرذان فقد صاروا هم كذلك نزلاء رسميون داخل تلك الجغرافيا البئيسة.. حيث أن أعدادهم تفوق عدد السجناء!!!!

🔸تغذية سيئة ومضرة بالصحة مع ارتفاع مهول في أسعار المواد الإستهلاكية المعروضة للبيع!!!!!

🔸بطاقات التعبئة للمكالمات يتم السمسرة فيها على شكل صفقة تجارية مبرمة بين إحدى شركات الاتصالات وإدارة السجون!!! حيث أن بطاقة 20 درهم تحتوي على نصف ساعة مكالمات فقط مما يضر بجيوب السجناء!!!!!

🔸انعدام النشاطات والترفيه داخل أغلبية المؤسسات السجنية!!!!

🔸حرمان السجناء من الاستفادة من التطبيب حيث أن هناك الكثير من ضحايا الإهمال الطبي!!!

🔸تواجد 4593 معتقلا يعانون من أمراض نفسية وعقلية لا يستفيذون من المتابعة الطبية!!!!

🔸حرمان بعض السجناء من استكمال الدراسة!!!!

🔸الزبونية والمحسوبية والانتقائية في المعاملة بين السجناء!!!!

عدم احترام تصنيف السجناء وذلك بوضع القاتل والمغتصب وسط سجناء قضايا بسيطة!!!

🔸المعاملة السيئة والاإنسانية التي يتعرض لها بعض السجناء!!!

🔸هناك 700 شكوى عن سوء المعاملة!!!

🔸التعذيب الجسدي والنفسي والحبس الانفرادي!!!

🔸حالات وفاة غامضة!!!

🔸تفشي تجارة الممنوعات والمخدرات!!!!

وعليه فهناك مسؤولية تقصيرية ومسؤولية عقدية تتحملها المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج. ..

🔺سأقوم غذا إنشاءالله بتوجيه رسالة مفتوحة إلى السيد محمد صالح التامك مدير المندوبية العامة للسجون..

ملحوظة :  يجب مراجعة المسطرة الجنائية والسياسة العقابية عن طريق إجراء عقوبات بديلة غير سالبة للحرية.. أضف إلى أن الاعتقال الاحتياطي يظل خرقا سافرا للمعاهدات والمواثيق الحقوقية الدولية.

                      ✍️ سعيدة العلمي

تأملاتُ سجينٍ في زنزانةِ التحقيقِ الانفراديةِ وَرَدُّ شُبُهاتٍ في قاعةِ الاستجوابِ الرَّسْمِيّة للشيخ : أبي يوسف الأردني

قصيدة شعرية
بعنـــــــوان

تأملاتُ سجينٍ في زنزانةِ التحقيقِ الانفراديةِ
وَرَدُّ شُبُهاتٍ في قاعةِ الاستجوابِ الرَّسْمِيّة

للشيخ : أبي يوسف الأردني – فك الله أسره –

انقذوا حياةالأسيرةابتسام الحوزي محكومة بالمؤبد بالسجون العراق

شبكة واإسلاماه الإخبارية

  توصلنا ببيان حقوقي عن حالة انسانية لاحدى المعتقلات المسلمات في سجون العراق  هذا نصه

انقذوا حياة المواطنة المغربية ابتسام الحوزي المعتقلة بالعراقتوصلت الرابطة العالمية للحقوق والحريات بالمغرب من عائلة المعتقلة المغربية بسجن الرصافة ببغداد في العراق السيدة ابتسام الحوزي المزدادة في يناير من سنة 1996، بمعطيات مقلقة عن حالتها الصحية التي تدهورت جراء الإهمال الطبي واللامبالاة، بعد محنة استمرت لأزيد من أربعة أشهر عانت خلالها من صداع شديد في الرأس وإلتهاب خطير على مستوى الأذن والفم. وقد ساءت حالتها الصحية حاليا لدرجة عجزت معها عن الأكل والشرب و حتى عن الكلام مع ما رافق ذلك من انتفاخ في الوجه والفم.وجدير بالذكر أن المعتقلة ابتسام الحوزي تعاني من مرض فقر الدم الحاد إضافة إلى بنيتها الجسمانية الضعيفة بسبب نقص التغذية.و قد أفادت عائلة المعتقلة أن إدارة سجن الرصافة ببغداد لم تتحرك وفق ما تمليه عليها خطورة الحالة، حيث اكتفى طبيب السجن المذكور باعطاء ابتسام دواء مسكنا فقط في غياب أي تشخيص أو فحص أو تدخل لعلاج الحالة وتتبعها.وللتذكير فإن المعتقلة ابتسام الحوزي حكم عليها بالسجن المؤبد في ظروف غابت خلالها شروط المحاكمة العادلة.أمام هذه الحالة الإنسانية تحتج الرابطة العالمية للحقوق والحريات بالمغرب على الإهمال الطبي الذي تعاني منه السيدة ابتسام ، والذي أصبح يهدد سلامتها البدنية و حتى حقها في الحياة.وتطالب الجهات ذات الاختصاص بالمغرب التدخل العاجل من أجل إنقاذ حياتها والإسراع في معالجتها ضمانا لحقها في التطبيب الذي تكفله المواثيق الدولية ذات الصلة، كما تحمّلها مسؤولية ما قد تؤول إليه وضعية ابتسام في حالة استمرار سياسة الإهمال واللامبالاة.وفي الأخير تلتمس الرابطة العالمية للحقوق والحريات بالمغرب من الجهات المسؤولة بالمغرب العمل على ترحيل ابتسام الحوزي إلى المغرب لقضاء عقوبتها، كما تهيب بالجمعيات الحقوقية الوطنية والدولية الوقوف لفائدة ابتسام الحوزي حتى نيل حقوقها وترحيلها إلى المغرب.د. محمد حقيقيالمدير التنفيذي للرابطة العالمية للحقوق والحريات و ممثلها بالمغرب

رواية عربة المجانين ( سيرة السجن ) – كارلوس ليسكانو

رواية عربة المجانين

( سيرة السجن )

تاليف : كارلوس ليسكانو

ترجمة : حسين عمر

الناشر : المركز الثقافي العربي

الطبعة الأولى : 2017م

عن السجن السياسي في الأوروغواي ، حيث كان المخاض الصعب والقاسي ، وحيث قمعت محاولات قلب النظام السياسي بكل قسوة، يكتب ليسكانو .

حين يقرأ القارئ العربي تجربة “كارلوس ليسكانو” مع السجن ، تحضره صورة السجن والسجين والسجّان ، وطرق التعذيب … كصور مألوفة ، تشبه مافي سجوننا .

لكن “كارلوس ليسكانو” يكتب عن السجن بطريقة أخرى ، مختلفة ، فهو عنده تجربة حياة ، وليس مجرّد مرحلة قاسية من العذاب والألم .

يتحدث عن التعذيب وحياة السجن بلغة وإحساس يجعل من تلك الفترة جزءاً مكوّناً أساسياً من حياته ، يكتب عنها بلغة الأدب ، ليس أدب السجون أو أدب التعذيب أو المأساة ، بل بلغة الأدب الجميل .

حين تنتهي من هذا الكتاب ، لايترك في نفسك تلك اللوعة أو ذلك الغضب الذي يميز ماتقرأه عن حياة السجون ، بل يترك فيك ذلك الإحساس بأنه رغم العذاب والألم ، ورغم سقوط ألوف الشهداء ، فإن عربة المجانين وصلت إلى مكان آمن .

سنوات  خلف الشمس مذكرات معتقل -1-

مذكرات معتقل  غابت عنه الشمس

شبكة وا اسلاماه

  توصلنا بوقفات  هي مزيج  بين الخواطر والمذكرات من الاسير الفلسطيني

عبد الكريم أبو حبل أبي بكر

نزيل احدى سجون النمسا ننشرها كما وصلتنا

  وقد كانت سلطات الاحتلال اعتقلت أبو حبل حين كان يبلغ 14 عاماً خلال اجتياحها لمنطقة “تل اقليبو

 حيث مكث في معتقلاتها  9 سنوات قضاها متنقلاً في عدة سجون للاحتلال.

وفي يوليو/ تموز 2017 اعترفت سلطات الاحتلال بشكل رسمي وعلني بوقوفها خلف عملية اعتقال الشاب عبد الكريم (27 عاماً) .

 بعد  ان وصل للنمسا عام 2016 محاولاً الإقامة فيها والبحث عن عمل، إلا أنه اعتقل بعد أشهر من وصوله، بزعم علاقته بـ”الإرهاب” من خلال التخطيط لهجمات ضد (إسرائيل)، انطلاقًا من أراضيها ما دفعها للحكم عليه بالسجن المؤبد.

شبكة وا اسلاماه   تنفرد  بنشر هذه الوقفات من الاسير القابع في سجون النمسا ….

الوقفة الأولى

الحلم أم الكابوس

قبل بضع أيام من الإعتقال الغاذر،رأى في المنام كما يرى الرائي  حلما   كأنما هو كابوس قاتل كاتم للصوت والنفس ،  لعله حلم من اللون الآخر حلم عجيب غريب

  تأمل بصمت هدوء المكان.. -كأنما هو السكون الذي يسبق العاصفة  – وهو يستعيد  تفاصيل الكابوس الحلم

تلابيب الحكاية

قال الصابر المحتسب أبو بكر فك الله بالعز أسره :

((بعد أن صليت فجر يوم الخميس فاستلقيت قليلا ،”فإذا بعدة حيات تلتف حولي..! ، حتى استيقظ من النوم فزعاً ورحت أبحث  في المكان  عنها ثم اختلط المنام عليه وظن أنها حقيقة ! وانه خارج الحلم  

 وقتذاك بالكاد كان لا يسمع في المكان إلا نباح كلابهم وصياح دجاجهم

فاستيقن انها لم تكن إلاّ أضغاث أحلام والناس نيام

  مكث برهة صامتا ثم  تململ  قليلا في  مكانه

قال  في شرود

{الإمام ابن قتيبة الدينوري رحمة الله  قال في تأويل :(الحية عدوٌمكاتم بالعداوة…..}”

  هكذا مكث في المكان  يترقب في صمت  وعلى محياه تفكير عميق..

فوكالة الأمن النمساوية عدو مكاتم  ،كانت تظهر الكثير من النفاق للشعب الفلسطني حتى تلقي في روع  الملأ من  الناس أنها ليس بعدو.ّ

لكن الحقيقة كان   تحمل الكثير من المفاجأت   والغصص الحرار

كان إعتقال المحتسب تعرية  لهم كشف سوءة العدو المكاتم الذي يدّعي الحيادية في القضية الفلسطنية

إنّ الأفاعي وإن لانت ملامسها….عند التقلب في أنيابها العطب

قد  صحت الرؤيا بداية المحنة

الوقفة الثانية

في يوم الأحداء من تاريخ ١٠١٦/٧/١٧قبل أن يُسفر نور الصباح صَدقت الرؤيا،  هذا تأويل   الرؤيا   قد  جاء كفلق الصبح

 تيقنت من  ذلك عندما جاءت عصابة  غاذرة تدين بغير دينه وتكره منه ما عمله هو وإخوته..

  جاؤوا بتفرعن  و عجب وكبرياء ،كل المُغير المُشين على أرض يتعقب بقايا أهلها، ظلوا هكذاحتى حاصروا الليث من الساعة الخامسةصباحا،  ظل معزولا بغير نصير أومعين ،  أه ولو كان معه من الأنصار  القليل لأراقوا البحيرات من الدماء النجسة،  رغم قوتهم  وحصارهم   ظلوا خائفين  مترددين   لم يحسموا أمرهم ..  لم يدخلوا عليه من شدة  الجبن ، وخشية  أن يكون مدججا بالعدة والسلاح ، من أجل ذلك حصنوا أنفسهم وتجهزوا  بكل أنواع الأسلحة  ليضيقوا الحلقة ويمعنوا في الحصار ويهاجموا  هذا العبد الضعيف

بعد لؤي اقتحموا المبنى وحاصروا الغرفة ..

وما هي الا ساعة من   زمن حتى أُسر الليث المهاب وأصبح كبش  فداء في أيدي ذئاب مسعورة

 حينها كان عقرب الساعة يشير إلى التاسعة والربع ،

لله الأمر من قبل ومن بعد

وَلِكُلِّ حالٍ مُعقِبٌ وَلَرُبَّما … أَجلى لَكَ المَكروهُ عَمّا يُحمَدُ

وَالحَبسُ ما لَم تَغشَهُ لِدَنِيَّةٍ … والحبس-مالمْ تغْشَةُ  المَنزِلُ المُتَوَرَّدُ.

ورغم الضغوطات و تجبُّر العدو ،الا ان نفسيته وعزيمته كانت قوية لم تتزعزع وإرادته مطلقه غير مقيدة ،كان أسد هصورا   يزأر  ويزمجر في وجوههم احتقرهم و قد رآهم  مثل الذباب بذلك التصرف الهمجي ..

في   عزم  وشموخ ظل يحلق   في فضاءات   رحبة   تحمله  الى   أسمى المعاني في لجظات الاضطرام  واحتدام الابتلاء..

تذكر مقولة عجيبة ظلت بين جوانحه من زمن   ثم   غمغم

 لله در ابن القيم حين قال

لا تخش كثرتهم فهم همج الورى ****وذبابه أتخاف من ذبان.

  بعد  انتهاء المداهمة   سحبوه بعيدا

ثم أنطلقوا به إلى أحد المباني التي تشبه الاطلال ،وألقوه في أعماق الجب ،فإذا هو بزنزانته وقد حال الزجاج بينه ورؤساء التحقيق  ،و هوفي عزلته كان سلاحه العزيمة والصمود واصالة الفهم ،و قد جعل من الله عضده وانيسه   بقلب راض مطمئن

يقينه بربه أنه سينصره ويجبر كسره

فجأة ضغط أحد الضباط على زر التسجيل وبدأ يملي ملاحظاته الصوتية

سأله أحدهم قائلا  :” هل تعلم لماذا أنت معتقل هنا “؟

 أجاب بعزيمة لاتفتر:”لا أعلم”؟

فاخبره  بخيلاء

  انت  متهم بأنك تنتمي لمنظمة حماس الارهابية ….”

 فردّعليه الاسير :

“امّا أنا فلست من أعضاء تنظيم أو أبناء جماعة“.

وبعد مدة اخذه بعض الجنود  إلى وكر من اوكارهم الخبيثة ..

مكث هناك  يوماً  طويلا  ، وقد شدّدوا عليه الحراسة و أصبحوا يراقبونه و يبثوا حوله جواسيس يتظاهرون بالبراءة   لعلهم يتمكنون منه  بانتزاع وشاية،ولكنه  بذكائه وحنكته علم أنهم في الحقيقة  فجار يمكرون به

ثم عادوا يستجوبونه  مرة أخرى  :

“عن أسباب الأعتقال وغيرها من الأسئلة المستفزة التي ثير الريبة في النفس “؟.

فأدرك مكرهم وخداعهم وردعليهم :

“كم دفع المحققون لكم  “؟

  وبعد جهد  منهم ومكر لم يتمكنوا من الإيقاع به بفضل الله تعالى

يتبع ……..

وفاة الضحية رقم 39 بالسجون المصرية خلال 2021

أفادت مصادر حقوقية مصرية، الأحد، بوفاة المعتقل المهندس “أحمد النحاس”، داخل سجن طرة، جنوبي العاصمة المصرية القاهرة.

وأصيب “النحاس” (62 عاما)، بفيروس “كورونا” ولم يتم عزله أو تقديم الرعاية الطبية له.

وبذلك يصبح “النحاس”، المعتقل منذ 12 يوليو/تموز الماضي، الضحية رقم 39 جراء الإهمال الطبي في السجون المصرية، خلال العام الجاري.

وجاءت وفاة “النحاس” بعد 3 وفيات لمعتقلين جراء الإهمال الطبي خلال الأسبوع الماضي، هم “محمود عبداللطيف” و”خالد عريشة” و”سلامة عبدالعزيز عاشور”، بحسب مركز الشهاب لحقوق الإنسان.

ونتيجة التكدس والتعذيب في السجون المصرية، والحرمان من الدواء والزيارة، تتدهور صحة العديد من المعتقلين، ويكونون أكثر عرضة للإصابة بأمراض عدة.

وشهد العام الماضي 2020 وحده 73 حالة وفاة نتيجة الإهمال الطبي في السجون ومقار الاحتجاز المختلفة في مصر.

الخرز اللامع رسالة ناذرة للشيخ المهندس عاصم عبد الماجد

شبكة وا اسلاماه

 نشرع في نشر  بعض اوثائق الناذرة للحركة الاسلامية وشيوخها  لتعين الدارسين على دراسة الحركة الاسلامية بعمق من خلال وثائقها السياسية والجهادية والحركية والتربوية  ورسائل قياداتها  ومؤسسيها ومنظريها  …..

  رسالة الخرز اللامع رسالة ناذرة للشيخ المهندس  عاصم عبد الماجد خطها فيرحلة السجون ويمكن ان تندرج  ضمن الادب  والرسائل التي  افرزتها المعتقلات…

  كانت المرابطون قد  نشرتها  من عشرين  سنة  في موقعها القديم…  ثم اختفت الى ان اصبحت من الوثائق الناذرة…

 كانت الرسالة بين اوراقي القديمة التي نجت من حملات التفتيش والاعتقالات  المتكررة   وهي من النزر اليسير   الذي نجا من الرسائل النفيسة

 نقدمها من خلال موقع شبكة وا اسلاماه…

  وقد كنت  تحدث للشيخ عاصم عبد الماجد عن رسالته  هذه   واخبرني انها كان يبحث عنها طويلا  وحالت بيننا وبين ايصالها له  اغلاق  صفحته الرسمية على الفيس…

  لعلها تصل اليه  ويعيد  قراءتها واخراجها  في نفس جديد  ومضمون قديم جديد …….

  زكرياء بوغرارة

 مشرف موقع ادب السجون

المعتقلين بين الثبات وسيكولوجيا الانحراف

المعتقلين بين الثبات وسيكولوجيا الانحراف

في ظل محنة الاعتقال والتعذيب وفي خضم التعرض لشتى ألوان ووسائل التعذيب الجسدي والنفسي والذي سبق ووضحاً معالمه يأتي دور المساومة للتنازل عن الثوابت والانحراف عن العقائد والمبادئ عبر دراسة نفسية متعمقة من قبل الجلادين يتحينون فيها زمان ومكان المساومة ويتدرجون فيها بزحف كزحف الأفاعي ومكراً كمكر الذئاب.

كانت المساومات تاتى بعد سنوات التعذيب والقهر التي لا يحتملها بشر لتكون التوبة او الإرشاد أو المبادرات التي فيها تذبح الثوابت والعقائد والمبادئ على مذبح تخفيف المعاناة أو انتهائها.

فإذا أردت أن تنهي معاناتك فما عليك سوى ان تضغط زر الإنهاء ولكن عليك حينها أن تدفع الثمن من دينك وثوابتك ومبادئك.

لن أقوم بالتكلم في هذا الموضوع بالتفصيل ولن أسقط على واقع التوبة والإرشاد والمبادرات لان ذلك يحتاج الى كتاب منفصل قائم بذاته لعلى اسطره قريبا ان شاء الله ، ولكن سنطرح القضية في إطار عام ومن أفضل من سمعت له فى موضوع مشابه  الدكتور/ إياد قنيبي حين كان يتحدث عن الحركات الإسلامية بين الثبات وسيكولوجيا الانحراف.

فوجدت طرحه أنسب لما يكون من واقع داخل أسوار المعتقل إذ تتشابه المنهجية التي يتعامل بها من يحاربون الإسلام داخل وخارج المعتقل

الالتزام والتوافق”

قصتنا تبدأ مع الأسرى الأمريكيين العائدين من معسكرات الاعتقال في الصين الشيوعية بعد الحرب الكورية التي اشتركت فيها الدولتان في الخمسينات من القرن الماضي، حيث تفاجأت القيادة الحربية الأمريكية بنجاح مقلق للمستجوبين الصينيين في تطويع الجنود الأمريكيين واستخراج المعلومات منهم بدون استخدام الأساليب الوحشية و التعذيب! فقد كان الأسرى متعاونين إلى أقصى الحدود في الإبلاغ عن محاولات الهروب لزملائهم، وكانوا يقدمون هذه المعلومات دون إكراه وبمجرد أن تُعرض عليهم مكافأة لا قيمة لها ككيس من الأرز

على إثر ذلك شكلت القيادة الحربية الأمريكية فريق التقييم النفسي و العصبي بقيادة الدكتور هنري سيغال الذي قام باستجواب أسرى الحرب العائدين بشكل مكثف للوقوف على طرق الصينيين في استمالتهم للتعاون معهم وتغيير قناعاتهم. فتبين أن الصينيين يعتمدون طريقةَ “انتزع تنازلا صغيرا ثم ابنِ عليه”، بحيث ينتزعون من الأسير الأمريكي أي تنازل يسير، ثم يوثقون هذا التنازل، ثم يستدرجون الأسير إلى الاعتراف بتبعات ولوازم هذا التنازل، فيلتزم الأسير هذه التبعات ويقرُّ بها، إلى أن يجد نفسه يغير نفسيته ليصبح منسجما مع موقفه الجديد، ومن ثم تتفاقم تنازلاته إلى أن يصبح في النهاية عميلا من حيث لا يشعر. هذه هي خلاصة أسلوب الالتزام والتوافق

(Commitment and Consistency).

بداية كان الصينييون يطلبون من الأسرى الأمريكيين أن يعطوا تصريحات تبدو في غاية البساطة وبدون أية تبعات تذكر، مثل: “الولايات المتحدة الأمريكية ليست كاملة” أو: “لا توجد مشكلة البطالة في الدولة الشيوعية”.ولكن ما أن تتم تلبية هذه الطلبات “البسيطة” حتى يطالب الأسرى باتخاذ موقف آخر يبدو نتيجة تلقائية للتصريح الأول، لكنه يمثل تنازلا أكبر وتلبية أقرب لمطالب العدو.

فمثلا الأسير الذي يوافق مع المستجوب الصيني على أن الولايات المتحدة ليست كاملة يطلب منه كتابة قائمة بالمشاكل في أمريكا التي تجعلها غير كاملة، ثم يوقع باسمه على القائمة. ثم بعد فترة يُطلب منه قراءة هذه القائمة في مجموعة نقاش مع الأسرى الآخرين. وقد يطلب منه بعدها أن يكتب مقالا يتوسع فيه بشرح تفصيلي للنقاط التي كتبها في قائمته و جوانب تلك المشاكل. ويقال له في ذلك كله: (أليس هذا ما تعتقده أنت بنفسك دون إجبار أحد؟ لا نطالبك بأكثر من أن تصرح بمعتقدك. إن كنت واثقا من معتقدك فأنت على استعداد أن تلتزم به. أليس كذلك؟)

وهذا ما نقصده بالالتزام (Commitment): صَرَّح الأسير تصريحا بسيطا لكنه التزم بتبعاته.

وكان الصينيون يُجرون مسابقات بين الأسرى الأمريكيين لأحسن مقال عن مقارنة نظام أمريكا بالشيوعية، وأحيانا يفوز مقال يمدح في عمومه الولايات المتحدة لكن يلين لوجهة النظر الصينية الشيوعية في موضع أو موضعين. المهم انتزاع أي تنازل بسيط

ثم إذا بالصينيين يبثون مقال الأسير الأمريكي مع اسمه على الراديو الموجه للقوات الأمريكية المقاتلة وكذلك في كل معسكرات الاعتقال، بحيث يسمعه الأسير نفسه. وفجأة يجد الأسير الأمريكي نفسه قد قام بتصرفات تخدم العدو، أي أنه أصبح بطريقة أو بأخرى “متعاونا مع العدو“.

والمهم جدا في الأمر أن الأسير يدرك في نفسه أنه قد كتب مقاله واتخذ مواقفه طواعية بدون تهديدات شديدة أو إكراه. فلو تم الأمر بالإكراه لوجد الأسير لنفسه عذرا لمواقفه هذه وكذلك الناس حوله، بل سيؤدي الإكراه إلى نفوره من المواقف التي اتخذها ورفضها وتبرؤه الداخلي منها. لكنه، في الواقع، فعل ما فعل دون إكراه.

فينتهي الأمر بالأسير إلى تغيير نظرته إلى نفسه حتى يصبح متوافقا و منسجما (consistent) مع الفعل الذي قام به ومع التعريف الجديد لنفسه كــ (متعاون مع العدو). بدأ الأمر بتصريحات تبدو تافهة و عديمة القيمة، لكن الأسير التزم بهذه التصريحات ثم استُدرج لخطوات أخرى غيرت من نفسيته، وهذا التغيير بدوره سمح له بتقديم تنازلات أكبر، وهكذا دواليك على مبدأ الحلقة الخبيثة (vicious cycle) إلى أن يكتب مقالا موسعا ينتقد فيه نظام الدولة التي كان يحارب من أجلها بل ويتعاون مع عدوها.

هذه خلاصة أسلوب الالتزام والتوافق

ضرورة أن يوثق الأسير الأمريكي موقفه أو تصريحه، حيث أن هذا التوثيق أقوى في تغيير انطباعه عن نفسه وانطباع زملائه عنه.

فالشخص يستحضر لاشعوريا مواقفه السابقة، وخاصة الموثقة منها، وكأنها المصدر الرئيسي لمعلوماته عن نفسه و تحديد شخصيته. وعليه فقد كان الصينيون حريصين على انتزاع موقف موثق منسجم مع رغباتهم، إلى درجة أن الأسير إذا رفض أن يكتب العبارات المذكورة أعلاه مثل”أمريكا ليست كاملة” أو “لا بطالة في الشيوعية” فإنه كان يُطلب منه نسخ سؤال وجواب مكتوبين له مسبقا فيهما هذه المعاني. فهذه الكتابة بخطه –كدليل ملموس- تستدرج الأسير إلى التغيير النفسي ولو بدأ قليلا، كما أن الصينيين كانوا يطلعون الأسرى الآخرين عليها لتتغير نظرتهم إلى زميلهم. والغريب في الأمر أن الآخرين، حتى وإن علموا بأن الكاتب لم يختر كتابة تلك السطور بدافعية ذاتية، إلا أنهم سيشعرون بأن تلك الكتابات تمثل حقيقة اعتقاد الأسير وإحساسه طالما أن صياغتها لا تُشعر بأنه كتبها مكرها. وهذه خلاصة دراسة لعالمي النفس إدوارد جونز وجيمس هاريس

الالتزام العلني:

فالذي يتخذ موقفا معلنا يكون أكثر التزاما به ودفاعا عنه ممن لا يعلن موقفه على الملأ.

لذا فقد كان الصينيون في المسابقات المذكورة يأتون بالمقال الذي يلين ولو قليلا للشيوعية وسط مديح كثير لنظام أمريكا، فيعلقونه في معسكر الاعتقال ويبثونه بالراديو، ليجد صاحب المقال نفسه مدفوعا إلى المحافظة على الموقف الذي اتخذه، مبررا للتصريح الذي صرح به، ليبدو كإنسان لديه مبدأ ثابت، كإنسان منسجم مع ذاته ومتوافق مع أفعاله. وهنا حبكة الموضوع

فالشخص الذي يتصرف بأشكال متناقضة يبدو في عيون الناس متقلبا غير واثق، مشتت الفكر, غير جدير بالثقة. و هذه الخصائص كلها مكروهة من المجتمع و من الشخص نفسه. بينما يبدو الشخص المتوافق الثابت في تصرفاته بأنه واثق سديد الرأي. ولذلك فإنك تجد الناس يسعون دائما لأن يكونوا متوافقين في تصرفاتهم و يتجنبوا كل ما يمكن اعتباره تضاربا في مواقفهم

3) الجهد الإضافي المبذول: فهو يؤدي إلى التزام أعلى.

في عام 1959 قام الباحثان إليوت أرونسون و جدسون ميلز بدراسة بينت أن الشخص الذي يخوض ألماً و عناءا شديدين في سبيل الحصول على شيء ما فإنه يعطي هذا الشيء أهمية أكبر بكثير ممن حصل على الشيء نفسه بجهد قليل. وفي حالة الأسرى الأمريكيين فإن كتابة مقال موسع سعيا للفوز في المسابقة لم تكن أمرا سهلا

العامل الرابع لنجاح استدراج الأسير بأسلوب التوافق والالتزام هو:

الاختيار الذاتي:

و هو العامل الأكثر أهمية!

ففي تجربة الأسرى الأمريكيين فإنه يتبادر إلى الذهن أنه حتى يتم تحفيز الأسير للفوز في مسابقة بكتابة مقال يلين للشيوعية فإن الجوائز مقابل ذلك يجب أن تكون ذات قيمة عالية. ولكننا نجد أن الجوائز كانت ذات قيمة قليلة، فمن بعض السجائر إلى القليل من الفواكه الطازجة، وليس جائزة كبيرة مثل ملابس دافئة في البرد القارص أو تسهيل الاتصال بالعالم الخارجي.

كان هدف حجب الجوائز الكبيرة هو أن يحس الأسير بأن كتاباته هي ملكه ونابعة من ذاته، بدون أن ينظر لنفسه على أنه كتب ما كتب من أجل جائزة كبيرة. والهدف من ذلك كله هو أن يتحمل الأسير أمام نفسه مسؤوليةً عما كتب.

فالهدف من هذه المحفزات هو تحفيز الأسرى للمشاركة في المسابقة، والحدُّ من قيمتها هو لئلا يشعروا بأنهم غيروا مبادئهم من أجلها. إذ أن المطلوب هو أن يقبل الأسرى المسؤولية الذاتية الداخلية عن عملهم وكتاباتهم ويشعروا بأنهم ملزمون به ومضطرون للدفاع عنه.

كانت هذه خلاصة تجربة الأسرى الأمريكيين الذين قدموا تنازلات تبدو عديمة التبعات في البداية لكنهم وصلوا في المحصلة إلى تغيير مبادئهم والتعاون مع العدو

اسقاط

فحتى لو قبل الاسرى الإسلاميون هذه الصفقة، فإنهم لن يقبلوا المسؤولية الداخلية عنها، ولن يروا التنازلات التي قدموها جزءا من كيانهم، ولن توافق نفسياتهم لتتناسب مع هذه التنازلات. إذ أنها سترى هذه التنازلات حينئذ شيئا منفصلا عن سلوكها ومنظومتها النفسية قامت به كحالة استثنائية من أجل تحصيل هدف مؤقت، ثم سترفضه وتتبرأ منه بمجرد تحصيل هذا الهدف.

وليس هذا هو الذي يريد الأعداء تحقيقه. بل هم يريدون لمنتسب الحركات الإسلامية ألا يحس بالاستدراج، بحيث إذا نظر إلى نفسه في المرآة مساءاً لا يحس أنه يرى صورة رجل غير مبادئه. فإذا قالت له نفسه: (أجبتَ أعداءك إلى ما طلبوه منك؟) رد عليها: (بل أنا صاحب القرار وأنا اخترت أن أفعل ما فعلت، بقناعة منبثقة من نفسي و ذاتي). وإن قالت له نفسه: (إنك تتنازل) رد عليها: (أتنازل من أجل ماذا؟ الذي يتنازل يُغرى عادة بشيء يحرص عليه. إنما أنا أتلمس فلتات العدو وسهواته ونقاطَ الضعف في نظامه وقانونه لأحقق منفعة لديني. والتصريح الذي صرحتُه والموقف الذي اتخذتُه لا يشكل خرقا كبيرا لمبادئي وعقيدتي).

إذن فهو يوهم نفسه بأنه يغافل العدو وينسلُّ من خلال ثغرات نظامه، لا أنه يساوَم على مبادئه.كان هذا فيما يتعلق بعامل الاختيار الذاتي، وهو –كما في كتاب التأثير وسيكولوجيا الإقناع- أهم عامل لإنجاح أسلوب الالتزام والتوافق

التعذيب بالضرب المبرح والزحف على الأرض

التعذيب بالضرب المبرح والزحف على الارض

تعددت وسائل الضرب سواءا فى استجوابات امن الدولة او فى المعتقلات بدءا من الضرب الشديد المتواصل بالايدى حيث كان الزبانية يتبادلون الادوار فى القيام بهذه المهمة ومرورا بالشوم والعصيان الغليظة وانتهاءا بالكرابيج وكابلات الكهرباء الغليظة كان الضرب يستمر فى الكثير من الاحيان ساعات طويلة حتى يحدث للاخ حالة من الاغماء من هول اللطمات ولسع الكرابيج والاسلاك والتى كانت تلتصق بها قطرات الدماء واجزاء الجلد المنسلخة من جسد المعتقل يحكى لى احد اخوانى ممن قابلتهم فى المعتقل وكان رجلا فى الاربعينات من عمره من اهل الصعيد الطيبين انه  فى اول مرة دخل فيها لغرفة التعذيب وكانت الغماية على عينه الا انه استطاع رؤية العديد من زجاجات البيبسى كولا الزجاجية الفارغة ملقاة على الارض والدماء تلطخ الزجاجات فاخبرنى انه تعجب بشدة من هذا المنظر حتى فهم ما يحدث حينما راى الاجساد العارية المعذبة المنهكة المغطاة بالدماء ملقاءة على الارض وحتى تعرض هو بنفسه لنفس ما تعرضوا له من التعذيب , اذكر حينما كنا جالسين على الارض فى اروقة لاظوغلى اثناء استجوابنا جاءت مجموعة من الشباب محوّلين من مكتب امن الدولة بمصر الجديدة اذ كانوا من سكان حدائق الزيتون  وجلسوا بجوارنا ملقون على الارض ولم نكن نرى شيئا لان الغماية كانت على اعيننا وكذلك هم ايضا ولكنى سمعت الشاب الذى كان بجوارى يئن من اثار الالم والتعذيب والذى عرفت بعد ذلك انه مورس عليه ايام طويلة كل انواع التعذيب الممكنة وفجاءة وجدت راس اخى هذا الذى يئن يقع على كتفى وهو فى حالة اعياء شديدة ويقول بوهن شديد( ميّه ميّه –اااااااه-اااااه- ميه ميه)  وكان الجلادون يجلسون فى نهاية الطرقة يشاهدون فيلما لسعاد حسنى كما كان يصل الصوت لمسامعى وكانوا فى حالة اندماج كما كان يظهر من تعليقاتهم سويا على الفيلم فاستغللت هذا الامر وهمست بصوت خفيض لاخى من حولى (مالك يا اخى انت حاسس بايه فاجابنى عطشان ميّه ميّه انا تعبان ميّه) فلم اتمالك نفسى فتجاسرت على رفع صوتى وقمت بمناداة الجلادين اطلب منهم المياه لاخى فلم يجيبونى فكررت الطلب فصاحوا بى وقالوا لى (خليك فى حالك مالكش دعوة بيه) فانتظرت قليلا ولا زالت انّات اخى مستمرة  حيث كان من الواضح انه تعرض لتعذيب شديد كررت طلبى مره اخرى حتى استجابوا واحضروا له زجاجة مياه وبعد عدة ساعات قاموا بنقل هؤلاء الشباب الى الحجز السفلى وبعد عدة ايام اخرى قاموا بانزالنا ايضا فقابلت الاخ وكان قد تعافى قليلا اثر رعاية اخواننا من المحتجزين والمعتقلين له وتعرفت عليه وكان اسمه احمد ولكن الطريف فى الامر انه كان اسمه احمد محمد محمد الاودن حفيد الشيخ محمد الاودن فمن هو  العالم الربانى محمد الاودن؟

ولد في عام 1894م وكان أستاذ الحديث بجامعة الأزهر وواحدا من خمسين عالما كان يضع دستور مصر في 13 يناير 1953م.

وفي أحداث عام 1965م كان قد تجاوز الثمانين عاما وقد اعتقل كل أبناءه وحينما طلب من النظام أن يخرج احد أبناءه ليخدمه أمر شمس بدران جلاد عبد الناصر باعتقاله أيضا ساخرا بقوله حتى يخدمه أبناءه فى السجن،

فإن الحقد والضغينة التي ملأت قلب شمس بدران علي الشيخ محمد الأودن جعلته يصمم علي قتله وافتعال الأقوال التي يستند عليها لتنفيذ جريمته ضد هذا الشيخ الكبير السن الذي كان يبلغ الثمانين من عمره في ذلك الوقت.

وادخلوه السجن ووضعوا معه كلابا جائعة كى تنهش لحمه، فماذا حدث قال شمس بدران لأحد جنوده اذهب ونظف الحجرة من دم الشيخ فعاد الجندي والعجب يملا وجهه فسأله بدران:

ما حدث له؟ قال والله لقد رأيت عجبا

رأيت الشيخ ساجدا والكلب واقف بجانبه يحرسه.

وصفه الدكتور القرضاوي بقوله: الشيخ محمد الأودن، الرجل الربَّاني، الذي كان يتدفق إيمانًا وروحانية، ولم يدرسني في الكلية، ولكني زرته في بيته في الزيتون، والتقيت به، واستمعت إليه، وهو يعطي جليسه شحنة روحية قوية؛ لأن كلامه يخرج من قلبه فيلامس القلوب.

فسبحان الله العظيم تدور السنين والعقود حتى يكتمل نصف قرن من الزمان ويتعرض الحفيد لما تعرض له الجد الاكبر ولنفس الاسباب وبايدى احفاد الجلادين وكان الحفيد احمد الاودن رغم مكثى معه ثلاثة اسابيع فقط الا انه كان طيبا جدا رقيق القلب حافظا للقران محبا لكتاب الله وكان ذا خلق رفيع تستشعر منه اخلاق الرجولة الحقيقة حيث تعرض للكثير من انواع التعذيب حتى يدلى باقوال كاذبة تدين زملائه وتورطهم وهو ثابت على ذكر الله يحتمل هذا التعذيب فى سبيل الله

مقتطفات من شهادة المعتقل السابق حسن على فى كتابه محنة الاسلاميين

وقد أصبحت هناك سمة عامة في السجون هو أن تقوم إدارة السجن بإعداد حفلة لاستقبال القادمين إلى السجن ولكنها ليست حفلة ترفيهية أو موسيقية طبعا بل هي حفلة يكون الموت أقرب إلينا من الحياة، فبمجرد أن ننزل من سيارة الترحيلات يبدأ الضرب وكان العساكر يقفون في تشكيلات ومجموعات مختلفة فبعضهم في شكل دوائر والبعض يقف صفين وآخرين يتحركون ذهابا وإيابا مع القادمين إلى السجن وفي يد كل واحد منهم أشياء مختلفة فبعضهم يمسك في يده خرزان وآخر عصى والبعض قطعة من الجلد أشبه بالكرباج وآخر الحزام الميري، فكل من يدخل بوابة السجن يقوم بخلع ملابسه حتى يكون الضرب على الجلد مباشرة ويأخذوا كل متعلقاته الشخصية ثم يذهب من ينتهي من ذلك إلى الحلاقة والتي تتم بصورة عشوائية فيحلق جزء ويترك الآخر كل ذلك والضرب والشتائم تنزل عليهم من كل جانب ثم تبدأ رحلة الدوران على كل مجموعة من العساكر تنتظر من يدخل في الوسط لكي يقوموا بضربه وكل مجموعة تسلم للأخرى فهذه بالعصي وهذه باليد وأخرى بالفلكة وهكذا.

وكانوا يطلبون أشياء تعجيزية بهدف السخرية وزيادة الضرب فكانوا على سبيل المثال يرسمون سلم على سور السجن من الداخل أو تليفزيون ويطلبون منهم أن يصعدوا السلم أو يفتحوا التليفزيون وأحيانا أخرى أن يبحثوا عن نملة عرجاء أونملة ذكر وغير ذلك وهم يستمرون في الضرب وسط هذه المهزلة وكل مجموعة تحاول أن تنفذ ما يطلب منها، فكان هناك من يسقط على الأرض مغشيا عليه فلا يتركونه بل يركلونه بأرجلهم إلى أن يعود إليه وعيه ثم يشتدوا عليه مرة أخرى، وكانوا يطلبون أيضا أن يهتفوا بحياة ضباط السجن وأن يسبوا بعض الدعاة المشهورين… أو أن يغنوا، كل ذلك وسط الصراخ من شدة الألم، وكان الضباط يشاركون في هذه الحفلة فيقوم بعضهم بالضرب بالفلكة وآخر بالعصا التي يمسك بها في يده وعندما سقط أحد الإخوة قام محمد فريد أحد الضباط بالوقوف فوق ظهره ووضع ضابط المباحث عماد حذائه فوق رأسه وأخذ خالد الديب ضابط السجن في ضربه وهو على هذه الحالة لا يستطيع أن يستغيث أو يتحرك وكان بعضهم يجلس ليشاهد الموقف من بعيد وكأنهم يشاهدون فيلما سينمائيا)

(ولقد علمنا بعد ذلك أن كثير من حالات التعذيب هنا قد تم تصويرها للإدارة العليا في الوزارة ليرفعوا بها تقرير بعد ذلك للوزير فكان البعض يشاهد كاميرات تصور من بعد، وقد تكرر هذا الأمر في سجون مختلفة.)

(لم يكن التعذيب والضرب يقتصر فقط على ذلك أثناء الدخول بل عند حدوث أي شيء تستغله الإدارة لمعاقبة الجميع فعندما وجدوا راديو في أحد العنابر فقاموا بإخراج كل من فى السجن عرايا مجردين من ملابسهم وقاموا بضربهم وتفليكهم (ضربهم على الفلكة) ثم أخذوا من كل عنبر بعض الأفراد لا ذنب لهم ولا يعلمون شيئا عن ذلك الراديو وضربوهم أيضا، وكانت عندما تأتي قوات مصلحة السجون للتفتيش كانت تقوم بضرب السجن كله.)

ويستمر حسن على فى شهادته على حفلات التعذيب فى استقبال سجن الوادى الجديد

توقفت السيارات أمام بوابة السجن بعدما يقرب من أربعة عشر ساعة من الإرهاق والتعب والزحام الشديد ثم فتحت البوابة وتحركت أول سيارة في اتجاه السجن وعندما تخطت حاجز البوابة أغلقت وكأنما ابتلعها السجن، كان الجميع في الخارج يترقب ويتطلع لعل أحد يستطيع أن يعرف مصير من في السيارة الأولى فهل ستتوقف مسيرة الحياة عند هذه البوابة أم ستعبر معهم نهر الحياة إلى داخل هذا المكان المجهول؟ كانت هذه أسئلة تدور في الأذهان في هذه اللحظات الحاسمة والتي كان السكون يلف المكان والصمت يضرب بأطنابه حولهم مما يزيد الأمر حيرة.

كان المشهد من الداخل يختلف تماما فكانت الصورة مرعبة فهناك أعداد كبيرة من القوات منتشرة في المكان في تشكيلات وأوضاع مختلفة وكان يوجد عدد كبير من الضباط والمخبرين يتوسطون تلك القوات، والذي كان بعضهم يقف أمام البوابة من الداخل في ساحة السجن وآخرين في داخل مبنى الإدارة وآخرين منتشرين في الطرق المؤدية إلى العنابر وقد وقفوا وكأنهم وحوش ضارية، ينتظرون الفريسة التي ستلقى إليهم ليفترسوها، فما أن تدخل السيارة وتغلق البوابة خلفها حتى يهرع إليها عدد من العساكر يلتفون حول السيارة ويضربون جوانبها بالعصي ليبثوا الرعب في قلوب من بداخلها مع الشتائم والسباب والتهديد والوعيد بما سيجدونه فما أن يفتح باب السيارة الخلفي حتى تصعد هذه الوحوش لتلتهم ضحيتها فلا ينتظرون أن تنزل إليهم بل كانوا يدفعونهم من أعلى السلالم ليسقط الجميع على بعض ثم يجلسون على الأرض بجانب السيارة لفك الكلابشات وأخذ جميع المتعلقات منهم كالمصحف والشباشب والساعات حتى إنهم لم يستجيبوا لتوسلات أحدهم عندما طلب منهم أن يتركوا له نظارته لأنه لا يستطيع أن يرى بدونها، كما كانوا يجردونهم من ملابسهم وكان يتم ذلك وسط صفعات بالأيدي وركلات بالأرجل والذي لا يعتبر شيء لما سيلاقونه بعد ذلك، وكان البعض من شدة الارتباك لا يدري ماذا يفعل هل يخلع ملابسه أم يحمي نفسه من ضربات العصي والتي تهوي على الرؤوس بدون رحمة وإذا تأخر أحد في خلع ملابسه كانوا يمزقونها وبعد أن أصبحوا مجردين من الملابس كان عليهم أن يمشوا على أربع اليدين والركبتين في صفوف خلف بعض في اتجاه مبنى الإدارة لأخذ بياناتهم، كان عليهم أن يسيروا بهذا الوضع المهين والضرب يلفح ظهورهم بالسياط وكان بعض العساكر يجلس فوق ظهر أحدهم ويضربه بقدمه في جبينه لكي يسير به وعندما يسقط على الأرض خاصة وهو لا يستطيع أن يصعد درجات السلم في مدخل الإدارة بهذا الحمل كان يضربه على رأسه، وفي داخل المبنى كان هناك أمرا آخر كانت الحركة سريعة فما أن ينتهي أحدهم من الحلاقة يذهب به إلى أحد المكاتب لأخذ بياناته ثم إلى مكتب آخر حتى ينتهي من تلك الإجراءات ثم بعد ذلك ومن أجل الخروج من المبنى كان لابد من الزحف على أرضية المبنى الرخام بل وتقبيل الأرض بصوت مرتفع كما كانوا يتعمدون إهانتهم فيأمرونهم أن يقلدوا أصوات القطط والماعز ولا مانع من أصوات الكلاب أيضا حتى يخرجوا من المبنى بهذا الوضع فيتم تجميع هذه الأعداد خارج المبنى لتبدأ رحلة الذهاب إلى العنابر، كانت المسافة طويلة ومجهدة وخاصة أنهم لا يقطعونها سيرا على الأقدام بل زحفا على الإسفلت بأجسادهم العارية وكانت السياط والكابلات تنهال عليهم أثناء الطريق لتنهش من ظهورهم وتتطاير قطع اللحم فتتناثر في الطريق وكان الإسفلت في نفس الوقت يمزق أجسامهم من أسفل فكانوا بين نار السياط من أعلى ولهيب الإسفلت من أسفل، كان عليهم أن يقطعوا مسافة بهذا الوضع ثم يسيرون مرة أخرى على أيديهم وركبهم حتى كاد العظم أن يظهر عند بعضهم بعدما تآكلت جلودهم وتمزقت أجزاء من لحومهم ثم يعودون إلى الحالة الأولى وكان يقف أحد العساكر في منتصف الطريق وهم بهذه الحالة على ظهر أحدهم ويأمره أن يزحف وعندما يعجز عن ذلك ينهال عليه سبا وضربا بكابلات الكهرباء كل ذلك كان يتم وسط صرخات الألم واستغاثات الرحمة والتي كانت تضيع بين ضجيجهم وصخبهم وأصوات السياط التي تنهال عليهم وكانوا يقولون لا جدوى من تألمكم أو صراخكم، كانت الدماء وقطع اللحم والجلد المتناثرة منتشرة على طول الطريق، وكان عليهم أن يقطعوا هذه المسافة والتي تقدر في هذه الظروف بالأميال إلى أن يتوقفوا عند مدخل العنبر.

كانت تدخل سيارة إثر أخرى تفرغ حمولتها من الضحايا ثم تخرج وكانت المجموعات تنزل بالتتابع فما أن تنتهي مجموعة من مرحلة حتى تدخل الأخرى مكانها فكان التعذيب ممتدا من بوابة السجن إلى باب العنبر وكأن الناظر لهذا المشهد المأسوي والممتد لهذه المسافة الطويلة وصور التعذيب المختلفة التي تقشعر منها الأبدان والدماء المتساقطة وقطع اللحم المتناثرة وكأنه يشاهد فيلم وثائقي عن معسكرات التعذيب النازي بل إن مشاهد الفيلم لا تنقطع عند مدخل العنبر بل هي ممتدة لما بعد ذلك، فعند باب كل عنبر يقف أحد الضباط وفي يده عصى يضرب بها كل من يزحف من بين قدميه، كان على الجميع أن يقبل مدخل العنبر أثناء الزحف قبل الدخول إلى العنبر كما كان

عليهم ألا يرفع أحد رأسه إلى أعلى منذ لحظة دخوله السجن حتى لا يرى أحد ولا ما يحدث حوله وعندما اخطأ أحدهم ورفع رأسه فلمحه الضابط فما كان من العسكري الذي يقف بجواره إلا أن ضربه على رأسه فاصطدمت بالأرض فتدفق الدم منه بغزارة يملأ الأرض ثم كان جزاؤه على ما فعله أن يقبل الحذاء الميري للضابط وكان هذا ما أمر به فركله العسكري بقدمه بقوة على فمه المصاب ليقبل حذائه والدماء تتساقط عليها ثم أكمل مسيرة الزحف بين قدمي الضابط إلى داخل العنبر وعندما وصل بمنتصف جسمه بين قدميه أغلقهما عليه وأخذ ينهال عليه بالعصي التي كانت في يده ثم تركه بعد ذلك ليواصل الزحف إلى داخل العنبر ليجد أمين الشرطة ومجموعة من العساكر يتلقون من يأتي إليهم بالضرب والزحف على الأرض مع وضع أيديهم خلف ظهورهم حتى باب الزنزانة ثم يتم دفعهم إلى الداخل وغلق الباب عليهم.

وقد لخص أحد الزبانية فلسفة السجن عندما كان يقف وسط هذه المجزرة ويقول مفتخرا “إن الله عندما خلق جهنم نسي جزء منها، هذا السجن هو ذلك الجزء الذي نسيه الله من جنهم”، قال ذلك حتى يقطع عليهم أي أمل في رحمة أو شفقه أو أن ترق لهم قلوب أحد منهم في هذا المكان.

لا يشك أحد منذ أن وطئت قدماه السجن ورأى ما رأى أن الحياة فيه ستكون سهلة بل قاسية ولكن لم يكن يتصور أن تكون بهذا الحجم من القسوة، فعندما كانت تأتي كل مجموعة يتم دفعهم داخل الزنزانة فبعضهم لم يجد شيء في الزنزانة والبعض الآخر وجد بدلة لكل واحد وبطانية،

وقد باتوا ليلتهم وقد بلغ بهم من الإعياء والجهد مبلغ فقد اجتمع عليهم عذاب السفر بلا نوم أو طعام مع الإجهاد والإرهاق نتيجة رحلة العذاب من باب السجن إلى باب الزنزانة والتي استغرقت من آذان الظهر إلى آذان المغرب ولم يمنعهم من مواصلة المسيرة إلا أن تركوهم بهذه الحالة بلا طعام أو شراب وذهبوا ليتناولوا طعام إفطارهم لأنه كان يوم من أيام شهر رمضان وكأن هؤلاء الأسرى هم من اليهود وليسوا مسلمين لم تكن جريرتهم إلا أن وقفوا ضد الظلم و الطغيان ثم عادوا مرة أخرى بعد صلاة العشاء ليكملوا معهم مسلسل التعذيب، وقد باتوا ليلتهم وهم منزوون في أحد الزوايا منكمشون على أنفسهم من شدة البرد يفترشون الأرض ويلتحفون بجلودهم ولا يجدون ما يسد به رمقهم من شدة الجوع فباتوا ولا يعرف أحد ما مصيره ولا كيف ستسير بهم حياتهم ولا ما تخبئ لهم الأيام في باطنها.)

ثم يتحدث عن التعذيب فى استقبال معتقل الفيوم قائلا

وفى الطريق الى سجن الفيوم

كنا ندعو الله أثناء الطريق وعندما توقفت السيارات أمام السجن أن يكلأنا برحمته وأن يخفف عنا ما نحن مقدمون عليه، عندما دخلت السيارة إلى السجن كان هناك عدد من العساكر تتسابق أيهم يلتهم فريسته أولا وأخذوا يضربون بالعصي التي في أيديهم السيارة من الخارج وعندما فتح الباب اندفعنا

في أول مجموعة من السيارة حتى لا نعذب مرتين مرة عند سماع أصوات التعذيب لمن سبقنا ونحن في انتظار ما سيحدث لنا ومرة عند وقوعه علينا ففضلنا أن يكون مرة واحدة فقط وليقضي الله أمرا كان مفعولا، عندما اندفعنا إلى أسفل أخذوا منا كل ما نملك من أمتعة وملابس والمصاحف وغيرها حتى الشباشب والأحذية لم يتركوها لنا ثم انهالوا علينا بالضرب إلى مبنى الإدارة لأخذ بيانات الدخول فكنا ننتقل من مكتب إلى آخر بسرعة من الضرب والشتائم وكانوا يأمرونا أن نجري بسرعة ثم نتوقف فجأة فيسقط بعضنا على بعض، وبعدها قاموا بتجميعنا خارج مبنى الإدارة في الطريق المؤدي إلى العنابر فكنا نسير ونحن منحنيي الظهر والعساكر لا تتوانى عن الضرب فوق ظهورنا العارية حتى وصلنا إلى العنابر فتم توزيعنا على الزنازين وكانت الساعة الثانية ليلا فحمدنا الله فكنا نتوقع أكثر من ذلك، كان لكل واحد بطانية وبدلة فقط وكان لا يوجد أطباق فكنا نضع الطعام على الأرض عند استلامه .

ثم يتحدث عن التعذيب اثناء الاستحمام الجماعى الاجبارى

فعندما كانوا يأتون إلينا للخروج للاستحمام كنا نعلم ذلك من خلال الصخب والضجيج الذي يحدثه عبد العال وزبانيته في الصباح والعساكر التي تنتشر في طرقات العنبر لتنظر من نافذة الباب حتى يلاحظوا من يخالف التعليمات فعلى الجميع أن يخلع ملابسه ويظل واقفا رافعا يده إلى أعلى في انتظار الدور وكانت تخرج كل زنزانة على حدة فتبدأ معاناتهم من لحظة خروجهم وهم معصوبي الأعين يضع كل منهم يده على كتف من أمامه في طابور طويل في هذه الطرقة الضيقة وكان يقف على جنبات الطريق عدد من العساكر يضربون كلمن يمر عليهم، أحدهم بقدمه وآخر بيده وثالث بصفعة إلى أن يصل الجميع إلى مكان الاستحمام في نهاية العنبر ليجدوا في انتظارهم عبد العال ومعه عدد من العساكر فكانت تدخل كل مجموعة تحت الماء ثم تخرج والضرب ينهال عليهم أثناء الاستحمام ثم تدخل مجموعة أخرى إلى أن يتم تجميعهم في الخارج فكل مجموعة تخرج عليها أن تقف ووجوههم إلى الحائط رافعين أيديهم في انتظار باقي المجموعات وعندما يكتمل العدد ثم يبدأ الضرب مرة أخرى على ظهورنا والماء يتساقط منا ثم تبدأ رحلة العودة إلى الزنزانة والتي تكون أشد من الذهاب لأننا في أثناء الاستحمام كان أحدهم يقوم بنشر حبات الرابسو على الأرض وتكون أرجلنا مبللة بالماء وأجسادنا يتساقط منها الماء أيضا وكان علينا أن نجري بسرعة في هذا المكان لكي نتفادى الضرب الذي كان يأتينا من جنبات الطريق فكنا نسقط على الأرض من الرابسو الذي وضع لنا في الطريق ولا يكاد البعض يقف حتى يتوقف الضرب عليه حتى يسقط مرة أخرى وكان البعض يهيم على وجهه فهو لا يرى أحد ولا يسمع غير الصراخ والصخب الشديد فكان منا من يصطدم بالحائط أو أن يسقط بعض الأفراد على بعض نتيجة الاندفاع وسقوط أ؛دهم وهكذا وأحيانا يكون السقوط متعمدا من قبل العسكري الذي يقف في الطريق بأن يضع قدمه حتى ينهال عليه بالضرب ويستمر الوضع هكذا بين سقوط ومحاولة للقيام بسرعة لتفادي الضرب إلى أن يصل الجميع باندفاع إلى الزنزانة والذي كان يقف بجوار الباب مجموعة من العساكر وكانوا قد وضعوا عند مدخل الزنزانة بعض المراهم حتى يمر عليها من يأتي مندفعا فيسقط داخل الزنزانة ويأتي الآخر وهكذا يسقط الجميع فوق بعض وهم يقفون يضحكون من هذا المشهد الكوميدي ولكنها الكوميديا السوداء، كان هذا المشهد يكاد يتكرر كل أسبوع أو أسبوعين وخاصة في السنوات الأولى، لم يكن هذا الأمر من أجلنا فهم يعلمون إننا أ؛رص الناس على النظافة ويوجد حمام في كل زنزانة ولكن من أجل أن نتجرع صنوف العذاب فكنا نعود في كل مرة وقد مسحنا الأرض بأجسادنا )