رغم وعود الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أبان حملته الانتخابية في عام 2016 بأنه سيملئ معتقل غوانتانامو بـ “الأشرار”، إلا أنه تراجع عن ذلك عندما كان داخل البيت الأبيض.
وفي عام 2019، أعرب ترامب عن استيائه من التكلفة المادية للإبقاء على السجن المثير للجدل، مؤكدا أن إدارته تدرس إغلاق معتقل غوانتانامو.
في المقابل، يعتزم الرئيس الأميركي جو بايدن، إغلاق معتقل غوانتانامو في نهاية فترته الرئاسية حسبما أعلن البيت الأبيض، الجمعة، وهو تعهد سبق أن أطلقه الرئيس الأسبق باراك أوباما لأكثر من مرة دون أن يتحقق فعليا.
وفي تفاصيل نقلتها وكالة رويترز، بدأت إدارة بايدن مراجعة رسمية حول مستقبل السجن العسكري الأميركي في خليج غوانتانامو بهدف إغلاقه بصفة نهائية.
وقال مصدران مطلعان على الأمر إن المساعدين المشاركين في المناقشات الداخلية ينظرون في إجراء تنفيذي يوقعه الرئيس خلال الأسابيع أو الأشهر المقبلة، فيما يعد إشارة على جهد جديد لإزالة المعتقل الذي أضر بسمعة الولايات المتحدة أمام المدافعين عن حقوق الإنسان.
الأصل والقصة
يقع سجن غوانتانامو في قاعدة عسكرية تابعة للولايات المتحدة بخليج غوانتانامو جنوب شرق كوبا التي كانت في يوم من الأيام حليفا وثيقا لأميركا، إذ استخدمته واشنطن في عهد الرئيس الجمهوري جورج دبليو بوش لإيواء السجناء الأجانب بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 الإرهابية التي تعرضت لها الولايات المتحدة.
واستعمل المعتقل الشهير الذي يبعد عن ولاية فلوريدا 145 كيلومترا، للمرة الأولى عام 2002 من خلال سجن المشتبه بقيامهم أعمال إرهابية، إذ احتجز فيه مئات المعتقلين من جنسيات مختلفة بعضهم يحملون جنسيات عربية.
في عام 1903، قامت كوبا بتأجير الولايات المتحدة قاعدة غوانتانامو مقابل 200 دولار سنويا، إذ استمرت واشنطن في دفع قيمة الإيجار المترتب على استئجار القاعدة العسكرية، على الرغم من رفض كوبا استلام قيمة الإيجار منذ الثورة الكوبية وأزمة الصواريخ في ستينات القرن الماضي.
وانتقدت المنظمات الحقوقية والمدافعين عن حقوق الإنسان المعتقل الشهير مرارا، إذ طالبت بإغلاق سجن غوانتانامو بصفة نهائية لوجود انتهاكات بداخله ضد السجناء.
وعود لم تتحقق
أعلن الرئيس الأسبق أوباما أنه سيغلق المعتقل المثير للجدل في نوفمبر من عام 2008، فيما جدد وعوده بذلك في عام 2012، مرجعا ذلك إلى أن غوانتانامو أضر بشراكة بلاده مع الدول التي تساعد واشنطن في الحرب على الإرهاب.
لكن تلك الوعود التي أطلقها أوباما لم تتحقق على أرض الواقع بشكل فعلي.
وواجه أوباما صراعا بين الجمهوريين والديمقراطيين في الكونغرس، حيث رفض الأخير قرار الرئيس بإغلاق المعتقل بسبب سيطرة الجمهوريين على الكونغرس في ذلك الوقت والذين يساندون قرار الإبقاء على هذا السجن.
وعلى مدى السنوات العديدة الماضية، سن الكونغرس الأميركي تشريعا يمنع نقل المعتقلين في غوانتانامو إلى الولايات المتحدة لمحاكمتهم.
أحد أهداف هذا التشريع هو إجبار الحكومة على محاكمة المتهمين بالإرهاب أمام اللجان العسكرية في غوانتانامو وليس في المحاكم الفيدرالية.
في حين أن القواعد التي تحكم اللجان العسكرية تحسنت منذ أن أصبح باراك أوباما رئيسا، فإن النظام في غوانتانامو لا يزال تشوبه بعض العيوب، مما يحول دون إجراء محاكمات عادلة.
وفي الوقت نفسه، كانت المحاكم الفيدرالية أكثر فعالية بكثير في مقاضاة المتهمين بالإرهاب.
أبرز المعتقلين
ويضم غوانتنامو مئات المعتقلين المتهمين بأعمال إرهابية، إذ أطلق سراح البعض منهم خلال سنوات سابقة، لكن آخرين لا يزالون موجودين بداخل هذا السجن.
ومن بين المعتقلين في السجن الشهير أشخاص يحملون جنسيات عديدة منها دول كأفغانستان واليمن والسعودية الذين شكلوا ما نسبته 60 في المئة من إجمالي عدد السجناء، كما أن هناك جنسيات أخرى تشمل دول عربية وبعض الأشخاص الذي يحملون جنسيات آسيوية وغربية أيضا.
ويعد خالد شيخ محمد أحد عملاء تنظيم القاعدة، والذي ينظر إليه على أنه العقل المدبر لعمليات 11 سبتمبر 2001، أبرز المعتقلين في كوبا حتى الآن.
في مارس 2003 تم إلقاء القبض على شيخ محمد بباكستان، حيث ظل معتقلا في سجن سري في بولندا قبل أن ينقل إلى غوانتانامو عام 2006.
كما يصنف المعتقل اليمني رمزي بن الشيبة من أبرز نزلاء السجن، حيث اتهم بالمشاركة في تسهيل هجمات 11 سبتمبر من مقر إقامته في ألمانيا.
وقبض على بن الشيبة في باكستان أيضا عام 2002، حيث احتجز من قبل وكالة الاستخبارات المركزية في المغرب قبل نقله إلى غوانتانامو في سبتمبر 2006.
وليد محمد بن عطاش الذي شارك في المعارك الدائرة بأفغانستان خلال الحرب ضد القوات الروسية يعد أيضا من أشهر المحتجزين في غوانتانامو، باعتباره متهم رئيسي في قضية تفجير سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا عام 1998.
اعتقل بن عطاش في باكستان أيضا عام 2003، وهي الدولة ذاتها التي قتل فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن في عملية للولايات المتحدة.
المغربي عبداللطيف الناصر، أيضا من المعتقلين البارزين في غوانتانامو، حيث تم القبض عليه في أفغانستان بعد الحملة الأميركية على القاعدة وطالبان في عام 2001، حيث اتهم بالقتال لصالح الجماعتين.
ورغم إطلاق سراحه من المعتقل عام 2006، إلا أن إبراهيم الربيش، عاد إلى الانضمام لتنظيم القاعدة في اليمن، لكن قتل بغارة أميركية بدون طيار عام 2015.
محمد مانع القحطاني، وهو سعودي الجنسية، أيضا من أشهر المعتقلين في السجن المثير للجدل، وهو المتهم في أحداث 11 سبتمبر أيضا، إذ اعتقل القحطاني في أفغانستان عام 2001.
وقد يتطلب إخلاء المعتقل مفاوضات مطولة من أجل نقل بعض هؤلاء المعتقلين لدولهم الأم، ولم يتم الإعلان بعد عن خطة واضحة لمصيرهم حال إغلاق المعتقل.
كورونا وغوانتنامو
في نهاية الشهر الماضي، علق البنتاغون خطة لمنح المحتجزين في معتقل غوانتانامو اللقاح المضاد لفيروس كورونا المستجد، وذلك بعد أن أثار إعلان منح النزلاء تطعيم كوفيد-19 استياء كبير في الولايات المتحدة.
وتأتي منح المعتقلين في كوبا للقاح وذلك “للحفاظ على سلامة قوات الولايات المتحدة”، كما تقول وزارة الدفاع الأميركية، قبل أن تعلق تلك الخطة.
ورفض المشرعون الجمهوريون في الكونغرس منح السجناء في غوانتانامو اللقاح المضاد للفيروس التاجي، في وقت تكافح فيه الولايات المتحدة للتطعيم ضد الوباء باعتبارها الدولة الأكثر تضررا من الفيروس.
وكان بايدن تعهد بتطعيم 100 مليون مواطن أميركي في أول 100 يوم له في البيت الأبيض.
الحرة – دبي