خطاب العرض والتأثير
بدءا يتجارب بيكاتور ومن ثم بريخت فبيتر فايس، رسخ مفهوم المسرح السياسي ليأخذ له شكلا مستقلا في اسلوب عروضه ومعالجاته، وشهدت حركة المسرح العربي في ما بعد هذا النوع من المسرح خصوصا في منتصف عقد الستينيات فكانت اعمال سعد الله ونوس وعلي سالم ويوسف العاني وقاسم محمد ودريد لحام جزءا من ذلك التوجه الذي اتخذ شكل موجة صاحبت احداثا سياسية كبيرة عرفها الشارع العربي.
اتخذ اسلوب المسرح السياسي على صعيد التأليف الوثيقة والشواهد والشخوص الحقيقية مادة رئيسية لمجمل اعماله، متأثرا بالتجارب الغربية وخصوصا اعمال الكاتب (بير فايس) في اعماله التسجيلية والوثائقية وماراصاد، وموكنبوت قد وجدت طريقها للعرض على خشبات المسرح العربي، وبانت مؤثراتها على جيل كامل من المسرحيين، وحينما وجد المؤلف المسرحي نفسه بعيدا عن هذا النوع من المسرح، بدأت محاولاته الاولى بكتابة نصوص مسرحية تتخذ من الوثيقة ومجريات الاحداث السياسية مادة درامية لها، واحتفظت ذاكرة المسرح العراقي بأعمال سارت على ذلك الاسلوب، ابرز من يمثلها مسرحية (أي ـ بي ـ سي) للمؤلف الراحل معاذ يوسف، و(الخرابة) ليوسف العاني، و(فيت روك) لجعفر علي، وقد اتخذت تلك المسرحيات فضاءات جديدة للعرض لم تكن سائدة وقتذاك حيث عرضت في الهواء الطلق او في المجمعات السكانية المزدحمة او في مواقع اثرية وصاحبت العروض الاغاني والاناشيد والملصقات الجدارية، ومع توالي تلك العروض اكتسبت ملامح جديدة في شكل العرض الامر الذي آثره النقاد المسرحيون العرب واطلقوا عليه (مسرح السخط) كتعبير عن احتجاج واستنكار اشبه ما يكون على شكل تظاهرة تتخذ من المسرح ميدانا لها.
اكتسب (المسرح السياسي) اهميته بكونه ارتبط كثيرا بالاحداث المحتدمة فكان صدى مدويا لها وانعكاسا حقيقيا لمجرياتها وحتى زمن قريب فقد ذلك المسرح فاعليته وتأثيره وسبب ذلك يعود بالدرجة الاولى الى انفتاح اذهان المسرحيين العرب نحو تجارب جديدة وادراك مهمة المسرح ليس بوصفه وسيلة اعلامية بقدر ما يحمل من خطاب يمكن ان يسخر لخدمة اهداف كبيرة فاختفى نتيجة ذلك شعار المسرح السياسي ليظهر من جديد شكل آخر يعتمد اساليب جديدة في طرح اية موضوعة يمكن ان تكون متنا حكائيا لعرض مسرحي ينشد التأثير في المتلقي.
علاء حسن