قمَطَ الأَسِيرَ : جَمَعَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ بِحَبْلٍ
قمط يقمط ويقمط ، قمطا ، فهو قامط ، والمفعول مقموط• قمط المولود : ضم أعضاءه إلى جسده ، ولفه بالقماط . • قمط الثوب : ضيق وسطه أو أسفله حتى يلتصق بالجسم .
قمط يقمط ، تقميطا ، فهو مقمط ، والمفعول مقمط• قمطت الأم المولود : قمطته ، ضمت أعضاءه إلى جسده ولفته بالقماط .
°°°°°°
انصت يا صديقي لقصتي.. أنها موجعة..
من تلك اللحظة الفارقة بالنسبة لي أصبح أسمي …
تقمّط قهرا …
لاتعجب.. إنه اختصار لحالة قهر لاتزال متواصلة كالسلسلة
في تلك اللحظة.. فقدت القدرة على الحركة والتركيز ..
كان ذهني مشتّتا .. كأنما هو فخار يكسر بعضه ..
لا أدري من أين خرجوا ؟؟
هل كانوا يتخفّون سرا في مكان ما ..
أم أنّ الأرض انشقت عنهم ليبرزوا فجأة ..
كأنما هم أشباح لا ترى منهم إلا لون السواد وتلك العيون المقتدة شررا المتحفزة لشيء ما …
كنت لحظتها أجهل سبب خروجهم… شككت للحظة انني حضرت العفاريت وعجزت عن صرفهم
كان كبيرهم يضع على رأسه قبعة الكايبوي.. ويخفي عينيه وراء نظارة سوداء مظلمة… في يديه سيجارته…
لم يمهلوني سوى لحظات قصيرة جدا لاتكاد تبين ..
كأنما هي لمح البصر..
إندفعوا نحوي بقوة ثم إختفيت…
بعد أن بتلعتني تلك السيارة البيضاء من نوع لوندروفر كبيرة الحجم ….
كان في حلقي شيء مثل المرارة وأنا أحاول أن استوعب ما يجري من حولي .. وأنني صرت مشروع انسان محذوف …
لحظتها شعرت بالأسى وبعجزي كإنسان… قليل الحيلة وبمرارة الزمن المرّ في حلقي..
أمام قوى هائلة هائلة جدا
كنت افكر .. في تلك الخمسة دقائق التي سبقت لحظة ارتطامهم بي أو إرتطامي بهم…
قبل خمسة دقائق فقط كنت حرا ..
أخال نفسي وكأنني أطير في الفضاء البعيد كاليعاسيب..
هكذا تخيلت حريتي وقتذاك وهي تسحب مني وانا انسحب بدوري من الحياة ومن هذا الكون لأختفي في المكان القصي المجهول….
حاولت عبثا أن اشم كمية من الهواء .. لأملئ بها رئتي ..
لكن شيئا ما كان يرشح في أعماقي غير الهواء الذي لم يصبح له أي معنى
أنها الخيبة .. الخيبة الكبرى
حاولت وأنا في قبضتهم كالعصفور الذي قص جناحاه.. أحاول أن أتبين أي طريق سيسلكونه…
كانت مرارة الإحساس بأني صرت أسيرا… قاتلة
لا ادري متى تنتهي تلك الحالة التي اعترتني…
كما لا ادري الى متى ستظل تنتابني مع كل الأحاسيس المتبانية .. هي مزيج من الخوف والقلق والترقب والضجر والانقباض والحيرة ….
قبل أن يزجوا بي في السيارة اللوندروفر البيضاء
دنا مني الحاج قال بصوت فيه بحة خشنة.. إنها مميزة خلته كقرصان عينه اليسرى منطفئة يضع حولها عصابة سوداء كابن غوريون … ثم وهو يحتسى الخمر بشراهة
فهو يتأرحج بين الصحو والثمالة…
هكذا كان في مخيالي في تلك الهنيهات من الزمن التي وقفت امامه جسدا بلا حراك
كان صوتا كريها… أو ربما هو إحساسي بالكره إتجاههم هو من جعلني أشعر بالكراهية له
إنه لايزال عاللقا في ذاكرتي…
{ أنتم إعتديتم علينا ….
نحن لا نعتدي على أحد}
بعدها….
سقطت قهرا داخل السيارة
لحظتها فقط تبيّن لي أنني قد سقطت مقمّطا
تبين لي أنهم قمّطوني بعناية فائقة
خلت نفسي كطفل رضيع يستسلم بين يدي أمه وهي تقمّطه
انها ايدي ناعمة صديقة ..
أما هؤلاء فأيدي معتدية …
مسافة هائلة تدير الرؤوس بين التقميطتين
ثم بعد التقميطة العصية وضعوني في شيء كالكيس…
كنت أشم بصعوبة بالغة تلك الرائحة وذلك العفن الهائل
سحبتني اللحظة إلى الوراء .. أوغلت في الغوص في عمق الذاكرة لتصل بي إلى البدايات.. عندما قال لي العياشي
ذات نقاش مرّ كان بيننا
كانت مرارته في صدر كل واحد منّا..
{إنهم يراقبون التراب }
قلت بمرارة { وما فوق التراب}
كنّا لحظتها على طرف نقيض.. وفي مفترق طرق…
قبل أن يختفي أحدنا قال
{ سيختطفونك.. ذات يوم أراه وشيكا.. ثم سيضعونك في كيس خشن ثم تختفي في لمح البصر }
لكنه أختفى بعدها .. كان كمن يرى مصيره من خلف سجف الغيب… أو ربما خلته هكذا… ظل مقمطا.. تقميطة مغربية طويلة الأمد.. بعيدة الصدى.. ممتدة المدى ..
لكن ها قد تحققت نبوءته وجاء دوري لأصير مقمّطا..
كأن من قدرنا أن نقمط مرتين
داخل السيارة ألقوا بي كما يلقى بكيس ممتلئة بالأشياء التافهة .. سقطت مقمّطا على بطني ووجهي المكدود مرتطم بأرضية السيارة القذر… ويداي مقيدتان الى الوراء…
يرسفان تحت نير المينوط الأمريكي… العتيد.
كلما تحركت قليلا إلا ونهشت الأصفاد يدي ّوكادت أن تخترق العظم…
بعد زمن… قطعت السيارة شوطا كبيرا.. كانت تأكل الطريق كأكل أشعب الطماع لقصعة من طعام…..
كانوا يقدون السيارة في لذة عجيبة كأنما كانوا في عزوة وعادوا بالغنيمة….
لا ادري متى انتبه الحاج إلى وضعيتي تلك
قال بصلف{ قلبوه على ظهره…}
بعدها صرت ممدّدا كالميت في نعشه….
لكن الحاج إرتأى لحظتها أن يزيدني رهقا
وضع حذاءه الغليظ فوق صدري بقوة
كنا قد غاذرنا مدينة وجدة شرقا
كان معتقل تمارة السري في انتظارنا……
عندما نطقت كلمة
معتقل تمارة السري
تقيء صاحبي لا إراديا.. ظل هكذا يستخرج كل ما في بطنه
وفي مخياله صورة الضحية مقمّطا