أرشيف الوسم : المغرب

حوار ماتع مع الأديب السوري عبد الرحمن مطر – ادب السجون الوجه والواجهة هموم وقضايا-2

حوار ماتع مع الأديب السوري عبد الرحمن مطر

ادب السجون  الوجه والواجهة  هموم  وقضايا

الحلقة الثانية

  حاوره الأستاذ  :زكرياء بوغرارة

يشكّل أدب السجون في العالم العربي أقوى أنشغال للكتاب الأحرار الذين خاضوا  تجارب دامية و  أليمة في غيابات السجون  من أجل الكلمة الحرة والرأي والموقف والاصطفاف ومعارضة الأنظمة الوظيفية الشمولية…  لهذايجد  هذا الأدب الإنساني   القه  وبريقه من  تلك  الأقلام الثائرة المتحررة من ربقة السلطة القمعية…

  تصوير  ونقل المعاناة    في  متاهات السجون  وإماطة اللثام عن المسكوت عنه في الأماكن الضيقة المغلقة المعتمة ..  مهمة شاقة وعسيرة لهذا لايضطلع  بهذه المهمات النبيلة إلا القلة من   الكتاب والأدباء الذين عايشوا  العتمة وعاشوها ورووا عنها ما لم يرى الآخرون…..

  هذا الأدب الماتع    كالجمر الكامن تحت الرماد.. كلما   هبت عليه الريح  زاد  توهجا واشتعالا  هو  ما يشغلنا  ونحن نفتح ملف ادب السجون الوجه والواجهة   في   وطننا العربي الكبير أو السجن الأكبر   الذي يتسع ليضم بين جوانحه كافة  الأحرار من  عشقوا الكلمة  الحرة وآمنوا بالحلم ..  وتطلعوا للحرية  في زمن العبيد

  من أجل   ذلك   سعينا للحوار مع الأديب السوري  عبد الرحمان مطر  احد  اظهر من كتبوا عن تلك العتمة الباهرة   من خلال تجربة قاهرة …

    نظرا لأنشغالاته العديدة   المتصلة بالأدب والفكر والمعرفة أنتظرنا طويلا إلى ان أنجزنا هذا الحوار الماتع  عن أدب السجون    وقضاياه ومهمومه  .. هموم الانسان الحر   في زمن السجون والقهر …

بطاقة تعريفية بالأديب عبدالرحمن مطر

كاتب وصحفي من سوريا ، مقيم/ لاجئ  في كندا منذ عام 2015 ، شاعر وروائي. عمل في الثقافة والإعلام في سوريا وليبيا. وهو باحث في العلاقات الأورو-متوسطية ، وقضايا حقوق الإنسان ، وناشط في قضايا الحريات والمجتمع المدني. مؤسس ومدير مركز دراسات المتوسط، والمنتدى الثقافي السوري المتوسطي – SEEGULL.

مدير تحرير ” اوراق ” مجلة رابطة الكتّاب السوريين.

ينشر البحوث والمقالات في الصحافة العربية.

نشر خمسة كتب، هي:

 الدم ليس أحمر (قصص مشتركة 1983) ، أوراق المطر – شعر 1999 ، وردة المساء – شعر 2000 ، دراسات متوسطية 2001 ، سراب بري – رواية 2015 ،

يصدر له بالانجليزية قريبا

–          رواية سراب بري – ترجمت بدعم من PEN Canada

–          – الطريق الى الحرية – مع آخرين – قصص الكتّاب في المنفى ، بمبادرة من PEN Canada

–          اعتقل خمس مرات وأمضى حوالي 10 سنوات في السجن بسبب الرأي وحرية التعبير

تتناول روايته “سراب بري”  تجربته في السجن السياسي والتعذيب والحرمان وسوء المعاملة والقمع.

 عضو رابطة الكتاب السوريين (عضو المكتب التنفيذي) وجمعية الصحفيين.

عضو “رابطة القلم الكندية” / PEN Canada.

عضو اتحاد الكتاب في كندا TWUC .

عضو الرابطة الكندية للصحفيين Caj

حائز على جائزة تمكين المجتمعات: الالتزام بالفنون، مهرجان متعدد الثقافات 2021 /  تورنتو – كندا

إلى الحوار……….

  برأيكم لماذا  الروائيون العلمانيون  هم الأكثر انتاجا في ادب السجون بينما الإسلاميون وهم اكثر مكوثا في المحن  والسجون  لم  يكن لهم الا النزر اليسير في هذا الادب ؟؟؟؟

هذه ملاحظة مهمة، ولكن قبل الإجابة، دعني اختلف معك، في هذا الطرح. الانظمة الاستبدادية المتسلطة، لا تنظر بمعيار إسلامي وعلماني، الى معارضي سلطتها القمعية، حسب اعتقادي. السلطة تنظر الى جميع المثقفين من سياسيين، وقادة احزاب وأصحاب رأي، وإعلاميين، يساريين، قوميين او إسلاميين، كأعداء رئيسيين لها، بدون اي نقاش او تفضيل. المعيار الأساسي لديها: ان تكون معنا، او ضدّنا. لذلك، فالجميع هم في السجن، او خارج السجن، غير مرغوب فيهم لدى الأنظمة، يحاربون، ويلاحقون ويعتقلون ويُقتلون.

مرّت فترات تاريخية معروفة، مثلاً في مصر او سوريا، او بلدان المغرب العربي، كانت تشنّ فيها الأنظمة حملات اعتقال ضد تيار معين، ثم تاتي فترة لاحقة تطال تياراً آخر. وبالفعل، مرّة العلمانيين هم الضحايا، ومرّة الإسلاميينن وهكذا. ويقضي جميع اولئك احكاماً او فترات طويلة في السجن، والمعيار الوحيد للسلطة في ذلك هو الانتقام والمعاقبة، وليس لكونه إسلامياً او علمانياً.

فيما يتصل بجوهر السؤال، فأنت محقٌ تماماً في رأيك. نعم، نجد أن غالبية ادب السجون قد انتجه كتّاب غير إسلاميين. هذه مسألة مهمة ينبغي في الحقيقة دراستها، بشكل علمي. وان نطرح السؤال على الكتّاب الاسلاميين ممن تعرضوا الى تجربة السجن: لماذا ؟ وهل يحول الالتزام الديني- مثلاً – دون الإبداع الادبي، أو انهم يجدون الانشغال بالأدب، قد يُضعف التزامهم الديني ؟

هنا، يجب الإشارة الى أن ادب السجون بصورة عامة، ليس مبنياً على انتماء كاتبه الاجتماعي والسياسي، وانه فوق مثل هذا التصنيف، مع ان كثير من أدب السجون، يشير الى الاسلاميين، والعلمانيين بوضوح تام، كضحايا للأنظمة القمعية.

7

نلاحظ كثيراً أن عدة ألقاب تسبق بعض الأسماء، فهذا “القاص والكاتب والشاعر”، وذلك “الناقد والمسرحي والروائي”.. إلَخ. فهل أنتم مع “احتراف” الأديب لفنٍّ واحد؟ وما مدى تأثير عدم الاحترافية والتخصص على المشهد الإبداعي؟

لكل كاتب أتجاه إبداعي رئيس، خاصة في البدايات التي يذهب إليها، وينطلق منها، كجنس ادبي. هذا امر طبيعي جدا. ومن الطبيعي ايضاً – مع تطور التجربة الإبداعية – أن يُجرب الكتابة، او ان ينتقل للكتابة في جنس ادبي آخر، او ان يجمع بينها. الإبداع عالم مفتوح على التجارب، على التطور، وعلى توليد الأفكار والنصوص، دون أي قوانين، أو اشتراطات تضع له حدوداً او قيوداً وإلا فإن جوهر الإبداع سوف يكون معطلاً او معاقاً. للكاتب حريته التامة في اختيار الشكل الأدبي كوسيلة تعبير، بالصورة التي يراها ملائمة له.

عدم الاحترافية، لن يؤثر على المشهد الإبداعي سلباً. والنص الإبداعي الجيّد هو ما يفرض نفسه. ثمة كتّاب نجحوا في الشعر، وهم روائيون.. والعكس. لقد بدأتُ بالشعر، وأصدرت كتابين شعريين، وما تزال لدي عشرات النصوص الغير منشورة. وما كنتُ يوماً اتصور أن اكتب الرواية. لكن تجربة السجن، هي التي دفعتني بقوة لأكتب روايتي ” سراب بري ” لأنني شعرتُ بأن الشعر، لا يمكنه أن يعبر عما أردت قوله والتعبير عنه، مما عشته في الاعتقال والسجن.

8

من هو الأديب الحق؟ ومن هو الناقد الحق؟

لا أستطيع، أن أطلق رأياً معيارياً أصف فيه، بصورة قطعية من هو الأديب الحق، من عدمه. هناك ادب جاد وملتزم، إذا كان لي أن أقول ذلك. ليست هناك مواصفات جاهزة، هناك معايير أدبية ذات طابع علمي. انما هناك، أدباء ملتزمون بقضايا مجتمعاتهم، واكثر قرباً من الناس، وفي التعبير عنهم، عن مشكلاتهم، وعن عوالمهم. من يكتبون أدب السجون، هم من أولئك الذين تشكل مسائل الحريات والحقوق والمعتقلين، قضايا جوهرية بالنسبة لهم.

اما الناقد، فهو الذي يعتمد الطرائق العلمية، في نتاجه النقدي، في دراسته للنصوص الإبداعية ، ونحن نتحدث عن الأدب، وأدب السجون بصورة خاصة. الناقد الموضوعي، هو الذي لا يُخضع جهده النقدي، والنصّ الذي يتناوله، لمعيار مزاجه الشخصي، أو المزاج العام.

9

ما مستقبل ادب السجون في ظل  قمع ثورات الربيع العربي وارتداد الكثير من الأنظمة الى   ماضي التعذيب والانتهاكات،  الحالة السورية نموذجا؟؟

ثمة سياقين هنا: أمر جيد، أن نقول بأن مستقبل أدب السجون – إذا جاز لنا استخدام تعبير “مستقبل” – هو مبشر جدا، فنحن نشهد مزيداً من النتاج الإبداعي، في الرواية والشعر تحديداً. وقد كان للربيع العربي ولا يزال، دوراً كبيراً، فاعلاً ومؤثراً، في الإبداع الأدبي، ومحركاً على الكتابة في ادب السجون. وقد شهدنا بالفعل، ظهور كتّاب جدد في عالم الرواية العربية، ومنهم  من بات يُعرف اليوم بروايته الأولى في أدب السجون.

السياق الثاني، انه من المؤسف حقاً، ان المنطقة العربية، تشهد استمرار الأنظمة المستبدة، على الرغم من انهيار بعضها، بتأثير ثورات الربيع العربي. غير ان قمع هذه الثورات، والذي يأتي في سياق الردة عنها، او في ظل سياسات إجهاضها، من قبل قوى إقليمية ودولية، سوف يجعل المنطقة مرشحة لتشهد مزيداً من القمع ، وانتهاكات متواصلة للحقوق والحريات، وفي مقدمتها حرية التعبير، وحرية التجمع، وحرية تكوين الجمعيات  المدنية، والأحزاب السياسية.

المنطقة مرشحة لمزيد من انتهاكات حقوق الإنسان، وهو ما يترافق مع استخدام العنف المفرط من قبل الأنظمة بصورة خاصة، وكذلك التنظيمات المسلحة،  أيّاً كان اتجاهها السياسي، قومياً ام دينياً. أي أننا نشهد اليوم، وغداً استمرار الملاحقة والاعتقال، والقمع. خاصة وان الأنظمة الإستبدادية، لم تجد في المجتمع الدولين وفي القانون الدولي، من يفرض عليها، وقف انتهاك الحريات والحقوق، وإلزامها بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، ومعرفة المصير المجهول لعشرات الآلاف منهم. سوريا مثال واضح وقريب جدا.

10

ما دور ادب السجون في فضح  انتهاكات الأنظمة الوظيفية  من خلال تجربة ادب السجون في سوريا، وهل استطاع أن يُظهر مظلومية الأسرى، كما فعل أدب السجون الفلسطيني، حيال القهر الصهيوني ؟

يلعب الأدب –  عامة – دوراً مهماً ، في تكوين الأفكار، وفي تشكيل وجهات النظر، أو في لفت انتباه الرأي العام الى قضية ما. هو دور قد لايظهر تأثيره إلا مع مرور الوقت، ببطئ شديد، غير منظور. غير أن أعمالاً أدبية، في أدب السجون، قد تُحدث تأثيراً مختلفاً ومغايراً للسائد. هذا ما لمستُه وخبرتُه خلال السنوات الماضية من عمر الثورة السورية، إذ ساهمت بعض الروايات التي تنتمي الى ادب السجون، مثل رواية خليفة مصطفى ” القوقعة “،  في تقديم الوجه القمعي الحقيقي لنظام الاستبداد الأسدي، من خلال رواية قصص التعذيب والقمع والقتل داخل السجون والمعتقلات. وأدى ذلك الى تغيير جذري في مواقف البعض مما يجري في سوريا، لجهة كشف الحقيقة التي تغيب عن الكثيرين لأسباب كثيرة.

نعم، إن أدب السجون، يقوم بدور مهم، في فضح الانتهاكات الجسيمة، لأنظمة الاستبداد أينما كانت، وخاصة في سوريا. من خلال تناول ما لايعرفه الناس عامةً عما يحدث خلف الأسوار وفي الزنازين المظلمة: اي حياة القهر والتعذيب والحرمان التي يعيشها المعتقل، أو السجين.

ماصدر خلال السنوات العشر الأخيرة من كتب في ادب السجون السوري، يعدّ شهادة مهمة حول الانتهاكات المنظمة التي يقوم بها النظام الأسدي، لدينا كتاب بسام يوسف” حجر الذاكرة”، ورواية راتب شعبو “ماذا وراء هذه الجدران” وكتاب ياسين الحاج صالح ” بالخلاص ياشباب”، وكتاب محمد برمو ” ناجٍ من المقصلة”، ورواية معبد الحسون ” قبل حلول الظلام”. وجميعها، على درجة كبيرة من الأهمية، من حيث توثيق جرائم النظام، وفي فضح جرائمه، التي تعدّ وفق القانون الدولي: جرائم ضد الإنسانية. وهي – إضافة لذلك، ذات قيمة أدبية عالية، كنصوص إبداعية متميزة، حتى في تلك المؤلفات التي تأخذ سياقاً سياسياً في الكتابة. ونلاحظ هنا، أن جميع أولئك الكتّاب، هم سجناء سياسيون سابقون، وهذا ايضاً مؤشر مهم. واسمح لي هنا، ان اضيف إلى تلك الأعمال، روايتي ” سراب بري “

11

بنظرة شمولية نجد أنَّ هناك تبايناً في النتاج الإسلامي للأجناس الأدبية: فالشعر يتصدر المشهد دائماً، ثم تأتي القصة والرواية، ثم المسرح. فهل لذلك أسبابٌ ترونها؟ وهل تتحقق هنا أهمية “الكمّ”؟

كان الشعر،  كما أشرت في سؤالك، هو الذي يتصدر المشهد الأدبي، حقيقة. سواء كان على صعيد الادب العربي، أم الإسلامي. إلا أن الصورة اليوم، قد تغيرت كثيرا، وخاصة خلال العقود الثلاثة الأخيرة، وبصورة أكثر، خلال عشرية الربيع العربي، حيث بدأت الرواية تتصدر المشهد، وكتب السيرة، الأقرب الى النص السردي الروائي، ومن ثم شهدنا تطوراً ملحوظاً في مجال البحوث والدراسات الاجتماعية والسياسية. وانخفض بصورة ملحوظة، صدور اعمال شعرية. ولكن – أيضاً – ثمة مؤشر خلال السنوات الثلاث الأخيرة، الى استعادة الشعر بعض عافيته، بإقبال بعض دور النشر، على نشر الشعر، وبصدور أعمال جديدة، مميزة.

12

 هل انت راض عن مسيرتك الأدبية و  وهل حققتم  كل ماكنتم تطمحون له  في هذه الرحلة الأدبية   متعكم الله بالصحة والعافية

دون تردد، لا. مايزال لدي الكثير مما يجب أن أقوله وأكتبه، خاصة في أدب السجون. أنا مقلّ بطبيعتي، ومقصّرٌ أيضاً ، ومتمهلٌ في النشر. وآمل أن أحقق بعض ذلك، إذا كان في العمر بقيّة.

ممتن وشاكر لكم إتاحة هذه الفرصة الثمينة، للحديث عن ادب السجون.

 

السجين -السجن والقرآن

  • و أنا في السجن دخلونا غرف اسمها غرف الإيراد الجديد، الغرف دي مصممة لتكدير المساجين عن طريق إنهم بيقعدوا لمدة 12 ساعة قعدة اسمها القعدة الميرية ممنوع أبداً انك تفك رجلك منها لمدة 12 ساعة.

كمان كان ممنوع دخول الحمام غير مرة واحدة بس في اليوم، أما التبول فهو مرة كل ساعتين، و شرب الماية ممنوع إلا بردو كل ساعتين.

أما عن النوم فكنا بننام على البلاط لإن مكانش فيه سراير علماً بإننا كنا وقتها في الشتا يعني البرد كان بيفتك بأجسادنا يومياً، و كان الطريقة الوحيدة اللي احنا المساجين ندفي بيها بعض اننا كنا بننام ملزقين في بعض علشان نتدفى.

و كان ممنوع التقلب في النوم، انت بتنام على جنب واحد إما الجنب اليمين أو اليسار و أول ما بتمدد على جنب منهم ممنوع تقلب على جنب تاني.

خلاص كده؟

وسط كل ده، وسط كل هذا البؤس، وسط كل هذا الألم، كان بيسمحولنا نقرأ القرآن و بيعطوا مصحف للي عايز يقرأ قرآن، و كان القرآن هو السند الوحيد، كنت بقرأ قول الله عز و جل :-

{ إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ }

كان جسمي كله بيترعش و بحس إن اللي أنا فيه هو منحة ربانية ينقيني بيها أكثر منها محنة، كنت بغرق في آيات القرآن الكريم لدرجة إني كنت أول ما بصحى من نومي أمسك المصحف لحد العصر و أنا ناسي نفسي تماماً.

لحد ما عدى عليا 10 أيام من غير ما أحسهم، و كنت طول الـ10 أيام بضحك و بهزر مع نبطشي الغرفة رغم اللي أنا كنت فيه.

عدى الـ10 أيام و دخلت غرف السكن، و للأسف رغم إني كنت متهم بقضية سياسية إلا إنهم دخلوني عنبر المخدرات، قعدت مع مساجين كلهم يا إما كانوا تجار يا إما متعاطين، و للمفاجأة كانوا غاية في الجدعنة والله، و شالوني من على الارض بمجرد ما دخلت ليهم، وقتها الكل شاف أدبي و تديني و أخلاقي ساعتها فضلوا ينصحوني إني أحلق لحيتي، و ضغطوا عليا بشكل عاطفي جداً

كانوا كلهم بيقولولي و هما بيبوسوا دماغي انهم مش عايزين شاب زيي يدخل السجن تاني، فاحلق دقنك و متخليهومش يشكوا فيك.

قالولي كمان إني لو محلقتش دقني ممكن أدخل السجن تاني، و فضلوا يخوفوني كتير أوي، ساعتها وسط الضغط ده كله معرفتش اعمل إيه، أتنازل عن تمسكي بالسنة و أحلق دقني؟ ولا أفضل متمسك بالسنة و عايش في الخوف من السجن؟

متلقيتش غير القرآن، والله ساعتها مسكت المصحف و أقسم بالله قبل ما أفتحه دعيت ربنا و قلت “يا رب قولي أعمل إيه”

و فتحت المصحف عشوائي تماماً فأذا بها أول آية عيني تقع عليها هي قول الله عز و جل:-

( قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه )

ساعتها جسمي كله اتنفض و ابتسمت و رفعت راسي للسما و قلت “و إلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن و أكن من الجاهلين”.

و فعلاً بمجرد ما دعيت الدعاء ده نزلت تاني يوم جلسة في النيابة أخدت إخلاء سبيل و رجعت لأهلي.

هو ده القرآن.

القرآن لا يؤثر في قلب قاسي كصاحب الاسكرين.

القرآن فقط لمن هم قلوبهم حية

Muslim Soliman

 

مناقشة هادئة مع من بيده الملفات الخاصة مجموعة أطلس إسني نموذجا ؟؟؟؟ الجزء الأول بقلم زكرياء بوغرارة

مناقشة هادئة مع من بيده الملفات الخاصة

مجموعة أطلس إسني نموذجا

28 سنة سجنا … الى أين ؟؟؟؟

الجزء الأول

بقلم زكرياء بوغرارة

+++++++++++++

لاتزال ملفات مجموعة معتقلي أطلس أسني معلّقة منذ عقود.. وكان جديرا بمن يهمهم الأمر على الأقل حلحلت الملفات بإخراج المعتقلين من ظلمات الإعدامات والمؤبدات عقب وفاة الحسن الثاني … إذ تحسب هذه الملفات على مرحلة حكمه التي شهدت الكثير من الإعتقالات والسجون والمعتقلات سرية وعلانية لم يجد بعد انكشاف هول إنتهاكاتها غضاضة في تدشين منعطف العفو عن معظمهم سنوات قبل رحيله سواء بفعل الضغط الحقوفي الذي لاحق مرحلة ما سمي بسنوات الجمر والرصاص أو افتضاح المعتقلات السرية التي كانت رائجة في عهده..

لكن شيئا من هذا لم يحدث وتم إستثناء هذه المجموعة المعروفة إعلاميا من أي عفو .. أسوة بالملفات المماثلة لهم التي شمل عناصرها العفو على دفعات وفترات…

منعطفات ومحطات

عام 1999 وعند وفاة الحسن الثاني ومع بداية العهد الجديد تم اصدار عفو عن عدد من المعتقلين الإسلاميين ممن تم إستثناؤهم في عفو 1994م

وكان من ضمنهم بعض من ذوي المحكوميات بالاعدام

وظل الاستثناء … معمولا به إذ تم الإبقاء على مجموعات أخرى في السجون….

عام 2004م ومع انطلاق -ماسمي حينها- بالإنصاف والمصالحة تم اطلاق سراح معظم من تم استثناؤهم عامي 94 و99 من المعتقلين الإسلاميين و بقي الاستثناء شاملا لمجموعة معتقلي العدل والإحسان ومجموعة اطلس اسني الأقدم على الإطلاق في السجون المغربية

وفتحت أبواب السجون لمن تبقى من المجموعات الإسلامية ومجموعة حسن إغيري { التيار الرسالي}

وظل بعض معتقلي حركة المجاهدين -لايتجاوز- عددهم وقتها الاثنين او الثلاثة .. من بينهم الأخ عبد الوهاب النابت الذي خرج من السجن تقريبا بعد إتمام مدة محكوميته…..بعد أن قضى 18 سنة من أصل 20سنة

الواجهة الجديدة

مع بداية فتح السجون لاستقبال التيار السلفي الجهادي عقب تفجيرات الدار البيضاء 2003م تم إغلاق ملف مجموعة أطلس إسني تماما وأعيد ترحيلهم من عزلتهم في سجن سلا إلى حي الإعدام بالسجن المركزي القنيطرة

وبعد أن فتح باب العفو لمعتقلي السلفية الجهادية من العام 2005م الى مشارف العام الحالي … لم يستفد معتقلو مجموعة اطلس إسني إلا في عفو جزئي أنهى محكوميات الإعدام ليظل حالهم كما هو في متاهة السجن التي لا يكاد يبين له أفق محدد أو نهاية محتملة …..

إنها الحقيقة وليست مبالغة فمما لاشك فيه أن المعتقلين رضوان حمادي وسعيد إستيفان أيت يدر من مجموعة أطلس أسني هما الآن الأقدم على الإطلاق ضمن المعتقلين الإسلاميين والسياسيين في المغرب..

وهما أيضا الأكثر حظا في التعذيب الذي طالهما أثناء مرحلة الاعتقال والاستنطاق في أجواء مشحونة للغاية العام 1994م يكفي التأمل في الصور المنشورة لهما في تلك المرحلة للوقوف على ذلم و لإدراك مدى ما أصابهما من التعذيب الرهيب …

ثم في مرحلة السجن نالهما الحظ الأوفر والأكبر والأقسى على الإطلاق من العنت والتعذيب المادي والجسدي والعزل والتغريب وانعدام الزيارة والإنقطاع عن الأهل ….

غربة في المكان واللسان

وقد ظلا في السجون 28 سنة دونما غطاء حقوقي يواكب معاناتهما سواء من المنظمات الحقوقية في الداخل أوالخارج علمانية وإسلامية…

انتهاكات

بعيد إعتقالهما ومحاكمتهما في ظروف الاستثناء في التسعينيات من القرن الماضي تم ترحيلهما معا إلى السجن المركزي القنيطرة ولحي الإعدام على وجه التحديد بينما كان المعتقلون الإسلاميون في حي -دال- بالسجن المركزي القنيطرة الشاسع والقليل العدد اذ كان يتواجد فيه أقل من عشرين معتقلا

ولعدم إلحاقهما بمهاجع المعتقلين الإسلاميين قصص وغصص واعتبارات واصطفافات وحسابات

وقد ظلا سنوات يخوضان إضرابات طاحنة من اجل تحقيق مطلب الالحاق بمهاجع المعتقلين الإسلاميين بلا جدوى

أما غربة اللسان فهما لايتقنان العربية ولغتهمات الحوارية هي الفرنسية – ففي فرنسا كانت الولادة والنشأة- وازادهما البعد عن الاهل انقطاعهما بالعالم خارج السجن كان من نتائجه تراكم غبار النسيان على قضيتهم مافتئ أن تحول غبار النسيان إلى كثبان من رمال انهالت عليهما معا فدفنتهما وهما احياء…..

رحم الله القائل عن مثل حالهما في عتمات السجون

خَرَجنا مِنَ الدُنيا وَنَحنُ مِنَ اَهلِها

خَرَجنا مِنَ الدُنيا وَنَحنُ مِنَ اَهلِها

فَلَسنا مِنَ الأَمواتِ فيها وَلا الأَحيا

إِذا دَخَلَ السَجّانُ يَوماً لِحاجَةٍ

عَجِبنا وَقُلنا جاءَ هَذا مِنَ الدُنيا

وَنَفرَحُ بِالرُؤيا فَجُلُّ حَديثِنا

إِذا نَحنُ أَصبَحنا الحَديثُ عَنِ الرُؤيا

فَإِن حَسُنَت كانَت بَطيئاً مَجيئُها

وَإِن قَبُحَت لَم تَنتَظِر وَأَتَت سَعيا

محطات سجنية

بعد سنتين تقريبا من مكوثهما في حي الاعدم بالسجن المركزي تم إختلاق حادثة نشرت الصحف في التسعينيات من القرن الماضي بعض شذراتها التي كانت تبدو أوهن وأهون من بيت العنكبوت ومفادها أنهما حاولا القيام بعملية فرار من السجن المركزي العتيد ولحسابات سجنية تم ترحيلهما معا إلى السجن المحلي الزاكي بسلا في عزلة دامت قرابة 14 سنة حسب ما ما تسرب عنهما … وقتذاك

عزلة شاملة كاملة لأزيد من عقد لم ترفع إلا بعد سنوات من اعتقالات 16ماي ..2003م اضطرت فيها إدارة السجون لفك زنار الحصار والعزل عنهما واعادتهما سويا لحي الإعدام بالسجن المركزي القنيطرة …..

ولم يختلف الوضع في شيء الا في أسماء الأمكنة .. اما العزل فظلت جداراته عالية هائلة في الضخامة

يتبع ….

جدران العزلة مع سن قلم”.. لماذا يجب أن نقرأ في أدب السجون؟

لا نعرف تحديدا متى ظهر مفهوم السجن في تاريخ البشر، لكن يبدو وكأنه أينما ظهرت الحضارة الإنسانية ظهرت معها مفاهيم السجن والحرمان من الحرية بوصفها عقوبة. أقدم الإشارات التي وصلتنا عن عقوبة السجن تعود للحضارة الفرعونية وبلاد ما وراء النهرين، وكانت السجون في ذلك الوقت تقبع تحت الأرض، حيث يقضي المذنبون عقوباتهم حتى تنتهي حياتهم بالعبودية أو الإعدام.

ويبدو أن انتزاع الحرية وانقباض الظلمة على الروح في السجون قد ارتبط برغبة دائمة في التسجيل والتدوين والحكي، حيث يتسرَّب الزمن في السجن، وتتبدَّى الأيام متشابهة بلا فارق، لتصبح الكتابة وكأنها الوسيلة الأخيرة للتشبُّث بالزمن ومقاومة العزلة. وفي أحيان أخرى تصبح وسيلة لفضح ما يجري من انتهاكات غير إنسانية خلف جدران بُنيت كي ينسى العالم مَن احتُجِزوا خلفها، لتصبح الكتابة محاولة أخيرة لمقاومة النسيان.

ولعل واحدا من أوائل الكتب التي يمكن إدراجها تحت مظلة أدب السجون هو كتاب “عزاء الفلسفة”، الذي كتبه السياسي والمفكر أنيكيوس بوئثيوس خلال فترة السجن التي سبقت تنفيذ حكم إعدامه عام 524م، وقد ترجم الكتاب إلى العربية عادل مصطفى.

كان أنيكيوس مانليوس سيڤيرينوس بوئثيوس واحدا من أهم رجال الحكم في إيطاليا، تقلَّد الكثير من المناصب، فعمل رئيسا لمستشاري البلاط، وكبير مسؤولي المحكمة، وقائد حرس القصر، وقنصلا وعضوا في مجلس الشيوخ. لكن سطوع نجمه لم يدُم، إذ سُجن عام 523م بتهمة الخيانة بأمر من الملك ثيودوريك الكبير، وفي الأشهر القليلة التي قضاها خلف القضبان بانتظار لحظة إعدامه خطَّ كتابه الأشهر على الإطلاق “عزاء الفلسفة” الذي كان واحدا من أهم الأعمال في العصور الوسطى، وقد تناول فيه العديد من المسائل الفلسفية التي شغلت الفلاسفة والمفكرين على مر العصور، حيث يصف ظهور امرأة جليلة في سجنه، ما نلبث أن ندرك أنها تُمثِّل تجسيدا للفلسفة التي تأتي لزيارته ومواساته. ومن خلال هذا التجسُّد يستعرض العديد من التساؤلات والأفكار والمسائل الفلسفية الكبرى.

عرف الأدب عموما، وفي جميع الثقافات واللغات تقريبا، كتابات يمكن إدراجها تحت بند أدب السجون، لكن المنطقة العربية تشهد غزارة في هذا النوع، في ظل أنظمة سلطوية تُحكِم قبضتها على رقاب الجميع، ومع احتشاد السجون العربية في مختلف الأزمنة بالمعارضين للسلطة نتج عن ذلك غزارة الأعمال الأدبية التي تتناول تجربة السجن. ولا تنتمي تلك الأعمال للعصر الحديث فقط، بل يمكننا إيجاد العديد من الإشارات للسجن والأسر حتى في نصوص صادرة في مختلف عصور الدولة الإسلامية. ربما يكون أحد أهم الأعمال الأدبية وأولها التي تناولت تجربة السجن في القرن الأخير هي رواية “وراء القضبان” للكاتب والسياسي المصري ومؤسس حزب “مصر الفتاة” أحمد حسين التي صدرت عام 1949.

“سيطول الانتظار أيها المسافر، ستموت قبل أن تسمع الكلمات التي تنتظرها، شاطئ المتوسط الشرقي لا يلد إلا المسوخ والجراء… وأنت تنتظر الخيول والسيوف! سيظل ذاك الشاطئ يقذف كل يوم عشرات الجراء، مئات الجراء، وحتى لو وصلت أعدادهم إلى الآلاف فستظل جراء تعوي في السراديب أو تموت في المزابل لأنها تريد ذلك”.

(عبد الرحمن منيف)

دعنا الآن نبدأ في عرض مجموعة من أهم الأعمال في أدب السجون، ولنبدأ برواية يعتبرها الكثيرون الرواية العربية المؤسِّسة لأدب السجون. نُشرت رواية “شرق المتوسط” في السبعينيات، وتناول فيها الكاتب السعودي الأثر النفسي لتجربة السجن السياسي من خلال حكاية رجب إسماعيل المحبوس في سجن لم يُحدَّد موقعه، لكننا نفهم من السياق أنه يقع في دولة عربية في “شرق المتوسط”، لتتسع المأساة شاملة كل سجون الشرق الأوسط تقريبا.

طالب جامعي شاب، من بين آلاف الطلبة العرب الذين قبعوا ولا يزالون حتى اليوم خلف قضبان السجون العربية، يتعرَّض للسجن والتعذيب على مدار 5 خمس سنوات تحطَّمت فيها روحه. لكن السجن الحقيقي في رواية منيف لم يكن سجن الجدران قدر ما كان سجن لحظة الضعف التي نالت منه وحرَّرته من سجن الجسد، لتُسقطه إلى الأبد في سجن ضميره.

التعليق من السقف، إطفاء السجائر في الجسد وموت الأم تحت ضربات الجنود، سلسلة من الأحداث الموجعة المُصمَّمة لكسر الروح والإرادة، التي تنتهي باللحظة التي يوقِّع فيها على ورقة الاعتراف وخيانة مبادئه، أخرج هذا التوقيع جسده من خلف أسوار السجن، لكنه حبس روحه للأبد في سجن طويل ومُمتد لا ينتهي إلا بالموت.

تلك العتمة الباهرة

تلك العتمة الباهرة

الرواية مُستلهَمة من التجربة الواقعية لعزيز بنبين، الذي اعتُقل لمدة عشرين عاما قضى منها ثمانية عشر عاما في سجن تزمامرت المغربي الواقع على ارتفاع 2000 متر فوق منحدرات جبال أطلس، بعد اتهامه وزملائه بمحاولة الانقلاب على الملك الحسن الثاني عام 1971.

على لسان عزيز بنبين، يصف الروائي الطاهر بن جلون زنزانة سجن تزمامرت بأنها أشبه بقبر، طولها 3 أمتار وعرضها متر ونصف، ويتراوح ارتفاع السقف بين 150-160 سنتيمترا بحيث لا يتمكَّن السجين من الوقوف مُنتصبا داخلها، ويروي كيف يقضي السجين اليوم داخلها يأكل ويشرب ويقضي حاجته ولا يرى الضوء أبدا.

يصف الكاتب الأهوال التي تعرَّض لها المساجين، المرض والطعام غير الآدمي، والعقارب التي يتعمَّد مأمور السجن نشرها للتخلُّص من المساجين وقتلهم واحدا تلو الآخر. وقد سُجن في هذه القضية ثمانية وعشرون شخصا دخلوا إلى السجن ولم يخرج منهم أحياء سوى أربعة فقط، يصف الكاتب كذلك كيف أصبح موت أحدهم ودفنه هو فرصته الوحيدة للخروج إلى الشمس.

تأتي واحدة من أكثر اللحظات إيلاما بعد خروج الراوي من السجن عندما أتت لحظة تمكَّن فيها للمرة الأولى بعد مرور 20 عاما من رؤية وجهه في المرآة، فيقول: “وللمرة الأولى منذ ثمانية عشر عاما أقفُ قبالة صورتي، أغمضت عيني، أحسست بالخوف. خفت من عينيّ الزائغتين، من تلك النظرة التي أفلتت بمشقة من الموت، من ذلك الوجه الذي شاخ وفقد سيماء إنسانيته”.

القوقعة: يوميات متلصص

القوقعة يوميات متلصص

الرواية تدور حول شاب درس السينما في فرنسا، وحين قرَّر العودة إلى وطنه اعتُقِل في المطار ليقضى ثلاثة عشر عاما من عمره في سجن تدمر الصحراوي الذي اشتهر بفداحة وسائل التعذيب خلف جدرانه، وذلك بتهمة العمل مع جماعة إسلامية رغم كونه شابا مسيحيا. تعرض الرواية تفاصيل التعذيب في سجون النظام السوري في ذلك الوقت، ما بين الضرب والكهرباء إلى إجبار السجناء على ابتلاع الفئران والحشرات والسحالي والشرب من مياه الصرف الصحي، وغيرها من الوسائل المهينة التي تكسر الأرواح.

يروي البطل كيف انحبس في عزلة مضاعفة بعد أن عرف زملاؤه في السجن أنه مسيحي، فتجنَّبوه داخل المعتقل، معتقدين أنه جاسوس للنظام أو ﻹدارة السجن، وهو ما يجعله ينسحب إلى داخل قوقعة داخلية، ويتلصَّص من داخلها على ما يدور حوله، لكن المؤلم أن هذه القوقعة تبدو وكأنها التصقت به حتى بعد خروجه من السجن، حيث لم يستطع استعادة تواصله مع الآخرين ومع العالم خارج سجنه، لتُفرَض عليه عزلة لا تنتهي أبدا داخل قوقعته، يسترق من خلفها النظر إلى العالم دون أن يشتبك معه. يُذكر أن الكاتب قد تعرَّض لتجربة الاعتقال بالفعل عند عودته من الخارج على خلفية تقرير كتبه أحد زملائه في فرنسا، وقد أشار إلى أن الرواية مزيج بين تجربته الشخصية وتجربة أحد أصدقائه.

أعمال صنع الله إبراهيم

تعرَّض الكاتب صنع الله إبراهيم للسجن في عهد الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر، حيث حُكم عليه بالسجن سبع سنوات على خلفية اتهامه بالانتماء للحزب الشيوعي، وذلك ضمن حملة اعتقالات واسعة جرت في أواخر الخمسينيات وشملت العديد من وجوه النخبة الفكرية في ذلك الوقت، ومن بينهم عبد الحكيم قاسم، ويوسف إدريس، وشهدي عطية، وسامي خشبة، ومحمود أمين العالم، ولويس عوض، وغيرهم، وقد سجَّل أغلبهم تجربته في السجن، ما أثمر غزارة في الإنتاج الأدبي الذي يتتبع تجربة السجون المصرية في تلك الفترة.

يصف الكاتب المصري صنع الله إبراهيم السجن بأنه جامعته، وقد ظهر تأثير تجربة السجن جليا في العديد من أعماله الأدبية، بداية من روايته الأولى “تلك الرائحة”، ومرورا برواية “شرف”، وحتى كتابه “يوميات الواحات”.

تلك الرائحة و قصص أخرى لصنع الله إبراهيم

في مقدمة هذه الأعمال المجموعة القصصية الشهيرة “تلك الرائحة وقصص أخرى”، نُشرت المجموعة عام 1966، وصودرت في العام نفسه، وصدرت منها طبعات أخرى ناقصة، بعدما حُذفت منها بعض المقاطع، ولم تنشر كاملة مرة أخرى حتى عام 1986، أي بعد مرور نحو 20 عاما على النشر الأول. كان صنع الله إبراهيم قد أعاد اكتشاف نفسه في السجن، حيث اعتاد تسجيل يومياته وممارسة الترجمة والكتابة، وهو ما استمر في فعله بعد الخروج من السجن. تضم المجموعة أيضا قصص “الثعبان” و”أرسين لوبين” و”أغاني المساء” التي خطَّها الكاتب في سجن المحاريق في الواحات الخارجية عندما كان معتقلا.

تدور القصة الرئيسية التي حملت المجموعة عنوانها “تلك الرائحة” حول يوميات الكاتب بعد خروجه من السجن حينما كان خاضعا للرقابة القضائية التي تستلزم وجوده في المنزل من غروب الشمس حتى شروقها، وقد جاء فيها قوله: “لماذا يتعيَّن علينا عندما نكتب ألا نتحدَّث إلا عن جمال الزهور وروعة عبقها بينما الخراء يملأ الشوارع ومياه الصرف تغطي الأرض، والجميع يشمون الرائحة النتنة ويشتكون منها؟”.

شرف

شرف لصنع الله ابراهيم

الرواية المنشورة عام 1997 لا تدور أحداثها هذه المرة حول السجون السياسية، فبطلها أشرف، أو “شرف” كما اعتادت أمه تدليله، يُسجَن بسبب دفاعه عن نفسه ضد محاولة أحد السائحين الأجانب انتهاكه جنسيا. يدخل شرف إلى السجن وتبدأ الرواية في تسليط الضوء على أوضاع السجون الجنائية، وما يحدث فيها. كما يتناول الكاتب صنع الله إبراهيم بأسلوبه التوثيقي الأثير الجرائم التي ترتكبها شركات الأدوية تجاه شعوب دول العالم الثالث، وكيف تتحكَّم في رؤوس أموال الدول وتُحوِّل مواطنيها إلى حقول تجارب، وهي حقائق يكشفها عبر مذكرات سجين آخر هو الدكتور رمزي. وعلى الرغم من أن تهمة البطل هنا ليست سياسية، فإن السجون يبدو وكأنها تتشابه بشكل أو آخر في البؤس الذي تنزله بأصحابها.

يوميات الواحات

يوميات الواحة صنع الله ابراهيم

في عام 2003، طلبت إحدى المجلات من الكاتب صنع الله إبراهيم الكتابة عن العوامل التي ساهمت في تكوينه الأدبي، فقرَّر اختيار بعض اليوميات التي كان يكتبها في السجن لنشرها في المجلة، ومن هنا جاءت فكرة إعادة تجميع اليوميات ونشرها، حيث وجد الكاتب أنها قد تكون مفيدة في إلقاء الضوء على أحداث تلك الفترة، وكذلك على ظروف تكوينه بوصفه كاتبا، وهو ما حدث بالفعل حيث نُشرت “يوميات الواحات” عام 2005.

في القسم الأول من الكتاب الذي حمل عنوان “مدخل”، استعرض الكاتب أحداث نشأته وعلاقته بأسرته وبدايات اهتمامه بالقضايا السياسية والعمل السياسي المنظم بعد التحاقه بتنظيم “حدتو”، وهي الأحرف الأولى من “الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني”، أما الجزء الثاني فهو اليوميات التي كتبها خلال فترة اعتقاله في سجن الواحات، وقد كُتبت هذه اليوميات في شذرات على أوراق لف السجائر، وخُبِّئت وهُرِّبت خارج السجن، ومن خلالها تمكَّن القارئ من التعرُّف إلى بواكير تكوين صنع الله إبراهيم، وكيف استطاع استكشاف هويته كاتبا خلال فترة السجن، حيث بدأ في كتابة فصول من روايات لم تُنشر، وقصص قصيرة، وترجمة بعض الأعمال الأدبية والنقدية، إضافة إلى تسجيله أعمال التعذيب الوحشية التي تعرَّض لها المعتقلون السياسيون في ذلك الوقت، وكيف أدَّت إحدى حوادث التعذيب إلى مقتل المناضل البارز في ذلك الوقت “شهدي عطية”.

بعد العديد من المواجهات بين المعتقلين وإدارة السجن ورضوخ الإدارة لبعض متطلباتهم، تحسَّنت الأمور بعض الشيء، فسُمِح بدخول الكتب والجرائد وعمل ما يشبه المسرح، وقد قرَّر المعتقلون إقامة معرض للكتب الصادرة داخل السجن، وشارك صنع الله إبراهيم بترجمة جانب من مذكرات الشاعر الروسي يفتوشنكو، إضافة إلى مساهمته مع عبد العظيم أنيس في ترجمة دراسة عن همنغواي.

مذكراتي في سجن النساء

مذكراتي في سجن النسا نوال السعداوي

“لا يموت الإنسان في السجن من الجوع أو من الحر أو البرد أو الضرب أو الأمراض أو الحشرات، لكنه قد يموت من الانتظار، الانتظار يُحوِّل الزمن إلى اللا زمن، والشيء إلى اللا شيء، والمعنى إلى اللا معنى”.

(نوال السعداوي)

في السادس من سبتمبر/أيلول عام 1981، أُلقي القبض على الطبيبة المصرية الراحلة نوال السعداوي، حيث اقتحمت قوات الأمن منزلها واقتادتها إلى سجن القناطر لتلتقي بمجموعة كبيرة من الناشطات اللاتي أُلقي القبض عليهن في موجة اعتقالات واسعة عقب ما عُرف بقرار التحفُّظ الذي أصدره الرئيس المصري السابق محمد أنور السادات في الشهور الأخيرة من حكمه.

صوَّرت الكاتبة واقع السجن، وكيف تدبَّرت أمرها بين جدرانه كي تقاوم ظروف الحبس السيئة، وكيف كانت تكتب داخل السجن على أوراق المحارم الورقية أو أوراق لف السجائر، ولم تتوقف السعداوي عند تسليط الضوء على تجربة السجن السياسي، لكنها تُسلِّط الضوء أيضا على قصص بعض السجينات من غير السياسيات.

حرز مكمكم

حرز مكمكم أحمد ناجي

هذا الكتاب يختلف تماما عن أدب السجون المعروف، فطبقا للكاتب أحمد ناجي فإن “غالبية كتابات أدب السجون العربية سُجن أصحابها بسبب نشاطهم السياسي، وبالتالي فالسجن هنا استمرار للنضال السياسي. إنه يحافظ على عقله من الجنون، وعلى روحه من التعفُّن من أجل مستقبل أفضل يصنعه مع حزبه أو جماعته حينما يخرج”.

في عام 2016، فجَّر الحكم على الكاتب المصري أحمد ناجي بالسجن لمدة عامين موجات واسعة من الغضب في الأوساط الأدبية والصحفية، وجاءت تهمة أحمد ناجي “خدش الحياء العام” بسبب نشر فصل من روايته “استخدام الحياة” في جريدة أخبار الأدب المصرية. قضى أحمد ناجي عاما في السجن قبل أن تُوقف محكمة النقض الحكم ويُفرج عنه، لتُعاد محاكمته ويُعاقب بالغرامة.

يختلف الكتاب بالفعل عن جميع كتب أدب السجون، فهو يُركِّز على التجربة الذاتية للكاتب، دون تحميلها أي مضامين سياسية أو أيديولوجية، التهمة هنا هي اللغة، يقبض الكاتب على لغته، ويلاعبها ويشتبك معها ومع أفكار مختلفة ومتنوعة حول القراءة والكتابة داخل السجن، التي تتخذ أبعادا أخرى عنها خارج السجن.

فكما يصفها ناجي، تصبح القراءة والكتابة بمنزلة طوق نجاة للجميع، حتى هؤلاء الذين لم يلقوا لها بالا قبل دخول السجن، كونها واحدة من الوسائل النادرة لتزجية الوقت الثقيل خلف الأسوار. يُسجِّل الكاتب أيضا أحلامه وشذرات يومية عن تجربة السجن وعلاقته بالمسجونين، ووسائل النجاة التي اتخذها للبقاء والنجاة خلف الجدران.

تصف هذه الروايات، بأقلام مختلفة، ومن زوايا متباينة، طبيعة الحياة داخل السجن، وما تفعله الأسوار بنفوس القابعين في الظلام داخلها، وكيف تظل تحبس أنفسهم حتى بعد خروجهم إلى عالم النور. هي تخبرنا أيضا، بأوضح الطرق الممكنة، أن السجن هو أقسى العقوبات التي تفتَّقت عنها قريحة البشر، وأنه ما من بريء يستحق أن تُسلب روحه في ذلك العالم المظلم من أجل رأي مخالف أو كلمة حق، أو لحظة خالصة من التمرُّد على الطغيان والظلم.

المصدر : الجزيرة

ربح البيع يا شيخ شعيب ربح البيع

ربح البيع يا شيخ شعيب ربح البيع

 بقلم زكرياء بوغرارة

 مشرف موقع ادب السجون

إنها الأخوة في الله حين تزهر وتونع وتورق وتثمر أعظم نعمة من الباري سبحانه وتعالى جل وعلا..يقول حسان بن ثابت شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلمأخلاءُ الرخاءِ همُ كثيرٌ * وَلكنْ في البَلاءِ هُمُ قَلِيلُفلا يغرركَ خلة ُ من تؤاخي * فما لك عندَ نائبَة خليلُوكُلُّ أخٍ يقولُ : أنا وَفيٌّ * ولكنْ ليسَ يفعَلُ ما يَقُولُسوى خلّ لهُ حسبٌ ودينٌ * فذاكَ لما يقولُ هو الفعولُانها الاخوة الصادقة .. ولاتبرز في مكان بروزها في المحن والبلاءات

شدني الشوق لرجل عرفته في السجن كان كلما فتحت ابواب منفرداتنا ونحن في عزلة السجن المركزي القنيطرة الا وهرول نحو منفردتي مبتسما باشّا ينتظر الحارس لفتح قبوي تفتح الباب فيعانقني بود كأنما كانت بيننا غيبة السنوات وليس الساعات ويجرني من يدي في رفق وحب الى منفردته لأتناول معه الغداء أو أحتسي الشاي ونتبادل سويا اطراف حديث ذو شجون .. عرفته في كل حالاته رقيق القلب لازلت اذكر يوم وصلنا خبر غير مؤكد عن وفاة الشيخ محمد الفزازي الأب وجدته حزينا يكفكف دمعه مكثت ارقبه وهو يمنع دمعه حتى هوت دمعات وقال لي لقد كان اخي وصاحب ودي…. واثنى عليه جميل الثناءوذات يوم دخلت منفردته ووجدته يمسح دمعه فسألته فكتم عني ولم ازل ألحّ عليه حتى قال لي يا ولدي جائني الاخ فلان … واخبرني عن حال زوجته وأبناءه بعد قدومه من الزيارة فبكيت لما اصاب المسلمات من الضيق …

وان أمكث اذكر ذكرياتي معه ما كففت لكنها الذكرى …انه الشيخ شيبة الحمد شعيب أرقيبة.. ما سرني شيء في هذا العيد مثل خبر الافراج عنه بعد قرابةالعشرين سنة من السجون والمعتقلات كانت تغص بالابتلاءات الثقيلة… اتصلت به اليوم مهنئا له.. فلم أجد تلك العاطفة الاخوية الا في قمة وهجها وذلك اللسان الحلو الطيب يقطر حلاوة وطلاوة لاتمل وجدته رغم كرور سنوات الابتلاء حاضر الذهن .. عميق الثبات صادق المشاعر حاتمي الكرم… ودودا طيبا خلوقا نعمت بتواصلي معه شيئا يسيرا من الزمنفلله أنت ايها الشيخ المبارك الصابر المحتسب… كنت تقول لنا ونحن في السجن سأخرج عندما يأذن الله ويعفو … وكان خروجه من السجن فضلا ومنة من الله تعالى ….. من حيث لايدري…فقدت بصرك في العتمات وتقدم بك العمر فيه فبشراك بما قدمت من غير منّ بل بصبر وقرة عين…ان احيا ماحييت فلن انساك وان تقول لي ذات يوم في حديث دار بينناأَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ ٱلْعِزَّةَ فَإِنَّ ٱلْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًاما تذوقت معانيها الرائقة الا في تلك العتمة….آن ل ايها الشيح ان ترتاح بعد طول رحلة الى الله كانت بداياتها مزهرة ونهاياتها مثمرة.. ليست نهايات بل بدايات جديدة مع الله تعالى اطال الله في عمرك وبارك في ذريتك وعقبك ..وجعل ما قدمته من نفسك وما اصابك من بلاءات في السجون في مزيان حسناتكقال الإمام إبن القيم رحمه الله :” كُلَّ مُصِيبَةٍ دُونَ مُصِيبَةِ الدِّينِ فَهَيِّنَةٌ ، وَأَنَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ نِعْمَةٌ ، وَالْمُصِيبَةُ الْحَقِيقِيَّةُ مُصِيبَةُ الدِّينِ” .[ مدارج السالكين – ٣٠٦/١ ]بتلك العزمة التي لم تزل متوهجة عرفتك ولاتزال …..

بدايات أدب السجون تحت أعواد المشانق..يوليوس فوتشيك

رائد الحواري
يعتبر هذا الكتاب من أوائل الأعمال الأدبية الإنسانية التي تحدثت عن الاعتقال السياسي عالميا، وقد أخذ في الانتشار عندما عملت الأحزاب الشيوعية العربية والعالمية على تدريسه لأعضائها، وبدون شك أنه كتاب يستحق التوقف عنده، لما فيه من مواقف إنسانية قبل أن تكون حزبية، ومن هنا تكمن أهمية الكتاب، فهو يتجاوز مكان الأحداث جمهورية التشيك ليصل إلى كل إنسان يواجه ويحارب الاحتلال والحرب والقهر.

هناك هدف لأي الكتاب وهدف كتاب “تحت أعواد المشانق” يتمثل في هذه المسألة: ” أريد أن يعرف كل الناس أن ليس هناك أبطلا مجهولين قد صنعوا التاريخ، كانوا بشرا، لهم اسماء ووجوه، ورغبات وآمال، … أريد ان يكون كل هؤلاء قريبين منكم دائما كأناس عرفتموهم جيدا، كأعضاء في أسرتكم، كأنهم أنتم ذاتكم” ص55، تأكيد رائع على إنسانية الشهداء الذي قدموا حياتهم في سبيل حريتنا نحن، في سبيل خلاصنا من ظلم المحتل، وعندما نقوم بهذا الوفاء فأن مردوده/انعكاسه يكون لنا نحن قبل أن يكون للشهداء، لأننا من خلال هذا الوفاء نؤكد على تواصلنا الوطني والقومي والإنساني.
في حالة الاحتلال يفقد العدو كل القيم الإنسانية ويتعامل مع الشعب الخاضع له بل صلافة وعنجهية، فيعمل على اعتقال للأشخاص الوطنيين غير المتفقين معه، من هنا يطال هذا الاعتقال المقاومة الوطنية والسياسية لقوات الاحتلال، فيتم اعتقال كل من لا يكون/يدعم القوات المحتلة، من هنا سيطال أي معارض أو غير متفق مع نهج القوات الغازية، يلخص لنا “يوليوس فوتشيك” عقلية القوات المحتلة بهذه العبارة: “إذا كان العدو قويا ومتوحشا فهو لا يجيد سوى التدمير” ص73، وكأن الكاتب من خلال هذه الفقرة يريدنا أن لا نتوقع من المحتل سوى الخراب والتدمير والقتل، من هنا علينا مواجهته، فلا سبيل للعيش معه أو تحت حرابه.
من المشاهد الإنسانية التي تجعل الكتاب عالمي هذا الموقف: “وحدها زوجتي لم تعرف عني شيئا، كانت وحيدة في زنزانة في الطابق الأسفل، على بعد ثلاث أو أربع زنزانات مني، تعيش فريسة القلق واليأس” ص34، تأكيد من الكاتب على العلاقة الإنسانية التي تجمعه بزوجته، فهو يحمل همها ويتألم لألمها، متجاهلا ما يمر فيه من عذاب جسدي ونفسي.
وهناك مشهد يبين لنا تشبث هؤلاء المعتقلين في الحياة، فهم عشاقها ولم يخلقوا ليموتوا بطريقة غير طبيعية/غير إنسانية، من خلال اعدامهم لأنهم يرفضون ويقاومون المحتل: “لا حياة بدون أغان، كما لا حياة دون شمس، ونحن هنا، بحاجة إلى الغناء أكثر من غيرنا بمرتين، لأن الشمس لا تصل إلينا” ص35، هل يعقل ان يفكر إنسان يخضع لأشرس أنواع التعذيب وينتظر تنفيذ حكم الاعدام بالغناء والشمس؟ بالتأكيد المقصود من وراء هذا المشهد هو اصرار وتشبث الإنسان بالحياة، بالحياة البهية وليس تلك القاسية، وأيضا يقدمنا هذا الكلام من ضرورة تجاوز الألم والقهر والانتقال إلى الحياة وما فيها من هناء، فنحن وجدنا فيها للفرح وليس للشقاء.
من اشكال تجاوز السجن وما فيه من ألم هذا القول: “المساجين والوحشة، لفظتان لا تنفصلان، وهذا خطأ فادح، فالسجين ليس وحده، لأن السجن هو مجموعة كبيرة لا يمكن أن تنتزع منها العزلة الاقسى شخصا أن لم يقص نفسه هو ذاته، وأخوة المضطهدين هنا هي عرضة لضغط يكثفها، يقسها، ويجعلها أيضا أرهف حسا، فهي تحترق الجدران التي تحيا، تتكلم، وتكتب الرسائل، وتعانق زنزانات نفس الرواق المرتبطة بهموم مشتركة” ص49، وكأن الكاتب يؤكد على ضرورة التمسك بالحياة، رغم وقع السجن، فهو يعتبر الحياة أهم وأرقى وضرورة للإنسان، من هنا نجده يقدم هذه الرؤية للحياة متجاوزا الجدران والألم.

الأسير المحرر أحمد الغول يروي تفاصيل مروعة عن تعذيبه لدى الأجهزة الأمنية: يعاملون العملاء باحترام

جنين – خاص قدس الإخبارية: بعد أكثر من 50 يومًا من اعتقاله لدى اللجنة الأمنية في نابلس، أفرجت الأجهزة الأمنية عن الأسير المحرر أحمد الغول من مخيم جنين، والذي اعتقل في نوفمبر ٢٠٢١ خلال “حملة أمنية” نفذتها السلطة الفلسطينية داخل محافظة جنين ومخيمها. 

خلال فترة اعتقاله، يروي الأسير المحرر الغول عن تعرضه للضرب الشديد والشبح والتقييد، ويضيف: “وضعوا على رأسي “كيس خيش” خلال اعتقالي ونقلي من سجن الجنيد إلى اللجنة الأمنية في نابلس، وسحبوا منّي البطانية والفراش في بعض الليالي، وتركوني في البرد الشديد خلال ساعات الليل، كما حاولوا حرماني من النوم، وتعمدوا سب الذات الإلهية أمامي”.

 ويتابع الغول في حديث خاص لـ “شبكة قدس”: “بينما كنت أتعرض للتعذيب والضرب، كنت أشاهد بعض العملاء الذين نعرفهم جيدًا في جنين وهم يعامَلون أحسن معاملة”، مشيرًا إلى أن التحقيق معه تمحور حول علاقته بحركة الجهاد الإسلامي.  

وردًا على تصريحات محافظ محافظة جنين أكرم الرجوب بأن الحملة الأمنية في جنين لم تستهدف مناضلين بل “زعران” وخارجين عن القانون، يعقّب الأسير المحرر: “أقول للرجوب بأننا نحن من حمينا المخيم، وسهرنا الليالي ونحن نحميه من قوات الاحتلال، ولا يحق للرجوب الذي تم جلبه لهذه المدينة كمحافظ لها وهو ليس ابنها أن يعيب على أهلها نضالهم.”

ويستكمل الغول حديثه:” يقولون إنهم يريدون حماية مخيم جنين وأننا خارجون عن القانون، أوجه سؤالي للأجهزة الأمنية أين كانت الأجهزة الأمنية حين اعتقلني جيش الاحتلال أنا وزوج أختي في شهر فبراير ٢٠٢١، حين انهالوا علينا بالضرب على باب بيتنا قبل اعتقالنا؟، إذا كانت الأجهزة الأمنية تريد مقاومة الاحتلال في مخيم جنين دعوها تأتي، ونحن سنجلس ونراقبهم حينها”.

ومن الجدير بالذكر، أن مدينة جنين شهدت حملة أمنية واسعة، وصفها رئيس أركان جيش الاحتلال، أفيف كوخافي، بأن “الجيش كان على وشك تنفيذ عملية عسكرية واسعة في جنين قبل شهور لكن الأجهزة الأمنية الفلسطينية نفذت المهمة بطلب من إسرائيل”

35 ناشطاً يخضعون للمحاكمة في رام الله اليوم

رام الله – قُدس الإخبارية: نظم نشطاء وقفة أمام محكمة رام الله، اليوم، احتجاجاً على استمرار محاكمة عدد منهم على خلفية مشاركتهم في الوقفات الاحتجاجية عقب اغتيال المناضل نزار بنات.

وارتدى النشطاء ملابس “الإعدام” البرتقالية احتجاجاً على استمرار محاكمتهم وهو ما اعتبروه جزء من قمع الحريات السياسية.

وقالت مجموعة “محامون من أجل العدالة”، إن محكمة صلح رام الله تعقد جلسة اليوم ل35 ناشطاً وهم: حمزة زبيدات، وماهر الأخرس، وسالم عبد الرحمن، وباسل حمدة، وأمير سلامة، وكوثر محمد، وضحى المعدي، وموسى أبو شرار، وغسان السعدي، وعماد البرغوثي، ويوسف الشرقاوي، ومحمد عبدو، وجهاد عبدو، ونايف الهشلمون، وإبراهيم أبو حجلة، ويوسف عمرو، وعمر صافي، ومعين البرغوثي.

كما يخضع النشطاء أبي عابودي، ومحمد العطار، وخلدون بشارة، وعبد الحميد هارون، وأحمد أبو ناصر، طارق خضيري، وضياء زلوم، وعيسى شحادة، ومعاذ عاروري، ومحمد أطرش، وأحمد ملحم، وعامر حمدان، وجميل أبو الكباش، وفايز السويطي، ومحمد عزام، وأسامة خليل، وفراس بريوش للمحاكمة أيضاً.

وقال المحاضر في جامعة بيرزيت، خلدون بشارة أحد الذين تعرضوا للمحاكمة والاعتقال: المحكمة من أصلها باطلة لأننا نعتقد أن حرية الرأي والتعبير مكفولة في القانون الأساسي الفلسطيني، للمرة الثانية يغيب الشاهد الذي لم يشاهد أي شيء، لأننا أصلاً لم نثر النعرات الطائفية، ونعلم أننا في النهاية سنخرج براءة من القضية لأننا لم نفعل أي شيء خاطئ.

وأضاف في لقاء مع “شبكة قدس”: نحن طالبنا بالعدالة لنزار بنات ويوجد 14 شخصاً يحاكمون بتهمة المشاركة في قتله، لو كنا مخطئين لماذا يحاكم هؤلاء الأشخاص؟ يجب على المحكمة أن تطلب من النيابة عدم الاستمرار في المماطلة بعرضنا على الجلسات.

ونفذت الأجهزة الأمنية الفلسطينية مئات الاعتقالات والاستدعاءات، وفقاً للمنظمات الحقوقية الفلسطينية والدولية، منذ مقتل بنات.